الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقُبِل إِذْنُهَا لِوَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُجْبَرَةً، وَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى حُضُورِ شَاهِدَيْنِ لأَِنَّهُ إِذْنٌ مِنَ الْوَلِيِّ فِي التَّزْوِيجِ فَلَا يَفْتَقِرُ التَّوْكِيل إِلَى إِذْنِ الْمَرْأَةِ وَلَا الإِْشْهَادِ عَلَيْهِ كَإِذْنِ الْحَاكِمِ.
وَيَثْبُتُ لِلْوَكِيل مَا يَثْبُتُ لِلْمُوَكِّل حَتَّى فِي الإِْجْبَارِ لأَِنَّهُ نَائِبُهُ، وَكَذَا الْحَاكِمُ وَالسُّلْطَانُ يَأْذَنُ لِغَيْرِهِ فِي التَّزْوِيجِ.
وَلَا يَمْلِكُ الْوَلِيُّ تَوْكِيلاً فِي تَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ إِنْ وَكَّلَتْ غَيْرَهُ - كَمَا لَوْ وَكَّلَتْ مَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُ - وَلَوْ كَانَ تَوْكِيلُهَا لِلْبَعِيدِ بِإِذْنِهِ، فَلَوْ وَكَّل فِي هَذِهِ الْحَال لَمْ يَصِحَّ تَوْكِيلُهُ، لأَِنَّهُ إِنْ صَحَّ بِدُونِ إِذْنِهَا لَكِنْ صِحَّةُ تَصَرُّفِ وَكِيل الْوَلِيِّ مَوْقُوفَةٌ عَلَى اسْتِئْذَانِهَا وَقَدْ سَبَقَ صُدُورُ الإِْذْنِ مِنْهَا لِغَيْرِهِ فَلَمْ يَصِحَّ تَوْكِيلُهُ لِذَلِكَ.
وَلَوْ وَكَّل وَلِيُّ غَيْرِ مُجْبَرَةٍ فِي تَزْوِيجِهَا بِلَا إِذْنِهَا، ثُمَّ أَذِنَتْ لِوَكِيل وَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِهَا فَتَزَوَّجَهَا صَحَّ النِّكَاحُ وَلَوْ لَمْ تَأْذَنْ لِلْوَلِيِّ فِي التَّزْوِيجِ أَوِ التَّوْكِيل، لِقِيَامِ وَكِيلِهِ مَقَامَهُ.
وَيُشْتَرَطُ فِي وَكِيل الْوَلِيِّ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَلِيِّ مِنَ الذُّكُورَةِ وَالْبُلُوغِ وَالْعَقْل وَالْعَدَالَةِ وَاتِّحَادِ الدِّينِ وَالرُّشْدِ، لأَِنَّهَا وِلَايَةٌ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُبَاشِرَهَا غَيْرُ أَهْلِهَا، وَلأَِنَّهُ إِذَا لَمْ يَمْلِكْ تَزْوِيجَ مُوَلِّيَتِهِ أَصَالَةً فَلأََنْ لَا يَمْلِكَ تَزْوِيجَ مُوَلِّيَةِ غَيْرِهِ بِالتَّوْكِيل أَوْلَى.
وَيَصِحُّ تَوْكِيل الْوَلِيِّ فِي إِيجَابِ النِّكَاحِ
تَوْكِيلاً مُطْلَقًا، وَيَصِحُّ قَوْل الْوَلِيِّ لِوَكِيلِهِ: زَوِّجْ مَنْ شِئْتَ أَوْ مَنْ تَرْضَاهُ، رُوِيَ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الْعَرَبِ تَرَكَ ابْنَتَهُ عِنْدَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَقَال: إِذَا وَجَدْتَ كُفْئًا فَزَوِّجْهُ وَلَوْ بِشِرَاكِ نَعْلِهِ، فَزَوَّجَهَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، فَهِيَ أُمُّ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ فَلَمْ يُنْكَرْ، وَكَالتَّوْكِيل فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ.
وَيَتَقَيَّدُ الْوَلِيُّ إِذَا أَذِنَتْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَأَطْلَقَتْ بِالْكُفْءِ، وَكَذَلِكَ وَكِيلُهُ الْمُطْلَقُ يَتَقَيَّدُ بِالْكُفْءِ، وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ، لأَِنَّ الإِْطْلَاقَ يُحْمَل عَلَى مَا لَا نَقِيصَةَ فِيهِ.
وَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ مُقَيَّدًا، كَزَوِّجْ فُلَانًا بِعَيْنِهِ، أَوْ زَوِّجْ هَذَا، فَلَا يُزَوِّجُ غَيْرَهُ لِقُصُورِ وِلَايَتِهِ (1) .
الْوَصِيُّ فِي النِّكَاحِ:
111 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِثْبَاتِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ لِلْوَصِيِّ، فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ لَا تُسْتَفَادُ وِلَايَةُ النِّكَاحِ بِالْوَصِيَّةِ.
قَال الْحَنَفِيَّةُ: لَيْسَ لِلْوَصِيِّ وِلَايَةُ الإِْنْكَاحِ، لأَِنَّهُ يَتَصَرَّفُ بِالأَْمْرِ فَلَا يَعْدُو مَوْضِعَ الأَْمْرِ كَالْوَكِيل، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ قَدْ أَوْصَى إِلَيْهِ لَا يَمْلِكُ أَيْضًا لأَِنَّهُ أَرَادَ بِالْوِصَايَةِ نَقْل وِلَايَةِ
(1) كشاف القناع 5 / 56 - 59، ومطالب أولي النهى 5 / 68، 72، والإنصاف 8 / 82، 83.
الإِْنْكَاحِ إِلَيْهِ، وَإِنَّهَا لَا تَحْتَمِل النَّقْل حَال الْحَيَاةِ كَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ، فَلَوْ عَيَّنَ الْمُوصِي فِي حَيَاتِهِ رَجُلاً فَزَوَّجَ الْوَصِيُّ الْمَرْأَةَ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُل فِي حَيَاةِ الْمُوصِي فَهُوَ وَكِيلٌ لَا وَصِيٌّ، وَإِنْ زَوَّجَهَا مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَقَدْ بَطَلَتِ الْوَكَالَةُ بِالْمَوْتِ وَانْتَقَلَتِ الْوِلَايَةُ لِلْحَاكِمِ عِنْدَ عَدَمِ قَرِيبٍ، نَعَمْ لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ قَرِيبًا أَوْ حَاكِمًا فَإِنَّهُ يَمْلِكُ التَّزْوِيجَ بِالْوِلَايَةِ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَوْلَى مِنْهُ.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ أَنَّ وِلَايَةَ النِّكَاحِ تُسْتَفَادُ بِالْوَصِيَّةِ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ:
فَقَال الْمَالِكِيَّةُ: وَصِيُّ الأَْبِ عِنْدَ عَدَمِهِ لَهُ الْجَبْرُ فِيمَا لِلأَْبِ فِيهِ جَبْرٌ.
وَقَدْ سَبَقَ تَفْصِيل ذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي وِلَايَةِ الإِْجْبَارِ (فِقْرَة: 83) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: وَصِيُّ كُل وَاحِدٍ مِنَ الأَْوْلِيَاءِ فِي النِّكَاحِ بِمَنْزِلَتِهِ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ، فَتُسْتَفَادُ وِلَايَةُ النِّكَاحِ بِالْوَصِيَّةِ إِذَا نَصَّ لَهُ عَلَى التَّزْوِيجِ مُجْبِرًا كَانَ الْوَلِيُّ أَوْ غَيْرَ مُجْبِرٍ كَأَخٍ لِغَيْرِ أُمٍّ وَكَذَا عَمٌّ وَابْنُهُ، لأَِنَّهَا وِلَايَةٌ ثَابِتَةٌ لِلْوَلِيِّ فَجَازَتْ وَصِيَّتُهُ بِهَا كَوِلَايَةِ الْمَال، وَلأَِنَّهُ
يَجُوزُ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِيهَا فِي حَيَاتِهِ وَيَكُونَ نَائِبُهُ فِيهَا قَائِمًا مَقَامَهُ فَجَازَ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِيهَا بَعْدَ مَوْتِهِ.
وَصِفَةُ الإِْيصَاءِ أَنْ يَقُول الأَْبُ لِمَنِ اخْتَارَهُ: وَصَّيْتُ إِلَيْكَ بِنِكَاحِ بَنَاتِي، أَوْ جَعَلْتُكَ وَصِيًّا فِي نِكَاحِ بَنَاتِي، فَيَقُومُ الْوَصِيُّ مَقَامَهُ مُقَدَّمًا عَلَى مَنْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْمُوصِي، فَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ لَهُ الإِْجْبَارُ كَأَبِي الْبِكْرِ فَذَلِكَ الإِْجْبَارُ لِوَصِيِّهِ، فَيُجْبِرُ وَصِيُّ الأَْبِ مَنْ يُجْبِرُهُ الأَْبُ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى لِقِيَامِهِ مَقَامَ الأَْبِ، وَإِنْ كَانَ الأَْبُ لَيْسَ مُجْبِرًا كَأَبِي ثَيِّبٍ تَمَّ لَهَا تِسْعُ سِنِينَ، وَأَخِيهَا وَعَمِّهَا وَنَحْوِهِ مِمَّنْ يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنِهَا فَوَصِيُّهُ كَذَلِكَ يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنِهَا كَوَكِيلِهِ.
وَلَا خِيَارَ لِمَنْ زَوَّجَهُ الْوَصِيُّ - ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى - إِذَا بَلَغَ، لأَِنَّ الْوَصِيَّ قَامَ مَقَامَ الْمُوصِي فَلَمْ يَثْبُتْ فِي تَزْوِيجِهِ خِيَارٌ كَالْوَكِيل.
وَإِذَا أَوْصَى إِلَيْهِ بِالنَّظَرِ فِي أَمْرِ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ لَمْ يَمْلِكْ تَزْوِيجَ أَحَدِهِمْ.
وَعَنْ أَحْمَدَ لَا تُسْتَفَادُ وِلَايَةُ النِّكَاحِ بِالْوَصِيَّةِ إِذَا كَانَ لِلْمُوصِي عَصَبَةٌ، حَكَاهَا الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ (1) .
(1) كشاف القناع 5 / 56 - 59، ومطالب أولي النهى 5 / 1 7، 72، والإنصاف 8 / 85، 86.