الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَامْرَأَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُل مِنْهُ شَيْءٌ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَا يَجِبُ عَلَى الْفَرْعِ الْمُعْسِرِ التَّكَسُّبُ لِيُنْفِقَ عَلَى وَالِدَيْهِ، وَهُوَ مُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَال الْحَلْوَانِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: إِذَا كَانَ الاِبْنُ فَقِيرًا كَسُوبًا وَكَانَ الأَْبُ كَسُوبًا لَا يُجْبَرُ الاِبْنُ عَلَى الإِْنْفَاقِ عَلَيْهِ لأَِنَّهُ كَانَ غَنِيًّا بِاعْتِبَارِ الْكَسْبِ فَلَا ضَرُورَةَ فِي إِيجَابِ النَّفَقَةِ عَلَى الْغَيْرِ (1) .
ج - اتِّحَادُ الدِّينِ بَيْنَ الْمُنْفِقِ وَالْمُنْفَقِ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّ النَّفَقَةَ مُوَاسَاةٌ عَلَى سَبِيل الْبِرِّ وَالصِّلَةِ، فَلَمْ تَجِبْ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ، كَنَفَقَةِ غَيْرِ عَمُودَيِ النَّسَبِ، وَلأَِنَّهُمَا غَيْرُ مُتَوَارِثَيْنِ فَلَمْ يَجِبْ لأَِحَدِهِمَا عَلَى الآْخَرِ نَفَقَةٌ بِالْقَرَابَةِ (2) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ: اتِّحَادُ الدِّينِ لَيْسَ شَرْطًا لِوُجُوبِ نَفَقَةِ الأَْصْل عَلَى الْفَرْعِ، فَتَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ وَإِنِ اخْتَلَفَ دِينُهُمَا، لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَال فِي حَقِّ الأَْبَوَيْنِ الْكَافِرَيْنِ:{وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا (3) } .
(1) حاشية الدسوقي 2 / 522، وتبيين الحقائق 3 / 64.
(2)
المغني بأعلى الشرح الكبير 9 / 259.
(3)
سورة لقمان / 15
وَلأَِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الإِْحْسَانِ وَلَا مِنَ الْمَعْرُوفِ أَنْ يَعِيشَ الإِْنْسَانُ فِي نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَتْرُكَ أَبَوَيْهِ يَمُوتَانِ جُوعًا لِوُجُودِ الْمُوجِبِ وَهُوَ الْبَعْضِيَّةِ (1) .
مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الأُْصُول:
53 -
تَجِبُ نَفَقَةُ الأُْصُول عَلَى الْوَلَدِ، لأَِنَّ لِلأَْبَوَيْنِ تَأْوِيلاً فِي مَال الْوَلَدِ بِالنَّصِّ، وَلأَِنَّهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْهِمَا، فَكَانَ أَوْلَى بِاسْتِحْقَاقِ نَفَقَتِهِمَا عَلَيْهِ.
وَهِيَ عِنْدُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى الذُّكُورِ وَالإِْنَاثِ بِالسَّوِيَّةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، لأَِنَّ الْمَعْنَى يَشْمَلُهُمَا (2) .
وَتَجِبُ أَيْضًا عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ وَإِنْ نَزَل عَلَى رَأْيِ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِلْمَالِكِيَّةِ، فَلَا تَجِبُ عِنْدَهُمْ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ (ر: ف 50) .
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الأُْصُول إِنْ تَعَدَّدَتِ الْفُرُوعُ.
فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: إِنِ اتَّحَدَتْ دَرَجَةُ الْقَرَابَةِ
(1) حاشية رد المحتار 2 / 683 ط بولاق، وتبيين الحقائق 3 / 63، وشرح منح الجليل 2 / 448، وحاشية الدسوقي 2 / 522، ومغني المحتاج 3 / 447، وحاشية الشرواني وابن القاسم على تحفة المحتاج 8 / 344، 345، والمغني بأعلى الشرح الكبير 9 / 259.
(2)
فتح القدير 4 / 417 ط دار الفكر.
كَابْنَيْنِ أَوْ بِنْتَيْنِ، كَانَتِ النَّفَقَةُ بَيْنَهُمْ بِالتَّسَاوِي، لِلتَّسَاوِي فِي الْقُرْبِ وَالْجُزْئِيَّةِ دُونَ النَّظَرِ إِلَى الْمِيرَاثِ، حَتَّى إِنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ أَخٌ شَقِيقٌ وَبِنْتُ بِنْتٍ، كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى بِنْتِ الْبِنْتِ، وَإِنْ كَانَ مِيرَاثُهُ لأَِخِيهِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ دَرَجَةُ الْقَرَابَةِ، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ بِنْتٌ وَابْنُ ابْنٍ وَجَبَتِ النَّفَقَةُ عَلَى الأَْقْرَبِ، فَتَكُونُ عَلَى الْبِنْتِ خَاصَّةً وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا لِقُرْبِ الْبِنْتِ (1) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي الْمَشْهُورِ أَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ عَلَى الْحُرِّ الْمُوسِرِ كَبِيرًا كَانَ أَوْ صَغِيرًا، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا، مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا لِلْوَالِدَيْنِ أَيِ الأُْمِّ وَالأَْبِ الْمُبَاشِرَيْنِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ النَّفَقَةَ تُوَزَّعُ عَلَى الأَْوْلَادِ الْمُوسِرِينَ بِقَدْرِ يَسَارِ كُلٍّ مِنْهُمْ (2) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ مَنِ اسْتَوَى فَرْعَاهُ فِي قُرْبٍ وَإِرْثٍ أَوْ عَدَمِهِمَا أَنْفَقَا عَلَيْهِ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الذُّكُورَةِ وَعَدَمِهَا كَابْنَيْنِ أَوْ بِنْتَيْنِ، أَوِ ابْنٍ وَبِنْتٍ، وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي قَدْرِ الْيَسَارِ، أَوْ أَيْسَرَ أَحَدُهُمَا بِالْمَال وَالآْخَرِ بِالْكَسْبِ، لأَِنَّ عِلَّةَ إِيجَابِ النَّفَقَةِ تَشْمَلُهُمَا، فَإِنْ غَابَ أَحَدُهُمَا أُخِذَ قِسْطُهُ مِنْ مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اقْتَرَضَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ إِنْ أَمْكَنَ، وَإِلَاّ أَمَرَ
(1) فتح القدير 4 / 419 ط دار الفكر - بيروت.
(2)
مواهب الجليل 4 / 209 ط دار الفكر، ومنح الجليل 2 / 448.
الْحَاكِمُ الْحَاضِرَ بِالإِْنْفَاقِ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ عَلَى الْغَائِبِ أَوْ مَالِهِ إِذَا وَجَدَهُ (1) وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الْقُرْبِ، فَالأَْصَحُّ أَقْرَبُهُمَا تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ، وَارِثًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، لأَِنَّ الْقُرْبَ أَوْلَى بِالاِعْتِبَارِ (2) .
فَإِنِ اسْتَوَى قُرْبُهُمَا فَبِالإِْرْثِ تُعْتَبَرُ النَّفَقَةُ فِي الأَْصَحِّ لِقُوَّتِهِ.
وَإِنْ تَسَاوَى الْفَرْعَانِ فِي أَصْل الإِْرْثِ دُونَ غَيْرِهِ كَابْنٍ وَبِنْتٍ، فَهَل يَسْتَوِيَانِ فِي قَدْرِ الإِْنْفَاقِ أَمْ يُوَزَّعُ الإِْنْفَاقُ عَلَيْهِمَا بِحَسَبِ الإِْرْثِ؟ وَجْهَانِ: وَجْهُ التَّوْزِيعِ: إِشْعَارُ زِيَادَةِ الإِْرْثِ بِزِيَادَةِ قُوَّةِ الْقُرْبِ، وَوَجْهُ الاِسْتِوَاءِ فِي قَدْرِ الإِْنْفَاقِ اشْتِرَاكُهُمَا فِي الإِْرْثِ (3) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِنِ اتَّحَدَتْ دَرَجَةُ الْقَرَابَةِ كَابْنٍ وَبِنْتٍ فَالنَّفَقَةُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا كَالْمِيرَاثِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْل ذَلِكَ (4) } .
فَإِنَّهُ رَتَّبَ النَّفَقَةَ عَلَى الإِْرْثِ، فَيَجِبُ أَنْ تَتَرَتَّبَ فِي الْمِقْدَارِ عَلَيْهِ.
(1) مغني المحتاج 3 / 450.
(2)
مغني المحتاج 3 / 451.
(3)
مغني المحتاج 3 / 450، 451.
(4)
سورة البقرة / 233