الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ب -
مَكَانُ النَّفْيِ فِي الْحِرَابَةِ:
14 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى عُقُوبَةِ النَّفْيِ فِي الْحِرَابَة، وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي مَكَانِهَا.
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: مَكَانُ النَّفْيِ هُوَ السِّجْنُ، فَيُحْبَسُ قَاطِعُ الطَّرِيقِ فِي بَلَدِهِ، لَا فِي غَيْرِهَا (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ النَّفْيَ فِي الْحِرَابَة كَالنَّفْيِ فِي الزِّنَا، وَهُوَ التَّغْرِيبُ وَالْحَبْسُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي غُرِّبَ إِلَيْهِ، عَلَى أَنْ يَكُونَ لِمَسَافَةِ قَصْرٍ (2) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ النَّفْيَ فِي الْحِرَابَةِ هُوَ بِالْحَبْسِ فِي السِّجْنِ أَوِ التَّغْرِيبِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ بِالتَّخْيِيرِ لِلإِْمَامِ، وَقِيل: يَتَعَيَّنُ التَّغْرِيبُ إِلَى حَيْثُ يَرَاهُ الْحَاكِمُ، وَأَيَّدَ ابْنُ سُرَيْجٍ الشَّافِعِيُّ مَذْهَبَ الإِْمَامِ مَالِكٍ وَقَال: الْحَبْسُ يَتَعَيَّنُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْمُحَارِبِينَ الْمَحْبُوسِينَ، لأَِنَّهُ أَحْوَطُ وَأَبْلَغُ فِي الزَّجْرِ وَالإِْيحَاشِ (3) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفْيِ فِي حَدِّ الْحِرَابَةِ هُوَ تَشْرِيدُ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ فِي
(1) حاشية ابن عابدين 4 / 114، وفتح القدير 4 / 268، وبدائع الصنائع 9 / 4293.
(2)
حاشية الدسوقي والشرح الكبير 4 / 349، والتاج والإكليل 6 / 296، وبداية المجتهد 2 / 493.
(3)
مغني المحتاج 4 / 183، والروضة 10 / 156.
الأَْرْضِ، وَعَدَمِ تَرْكِهِمْ يَأْوُونَ إِلَى بَلَدٍ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُمْ، لأَِنَّ النَّفْيَ هُوَ الطَّرْدُ وَالإِْبْعَادُ، وَالْحَبْسُ إِمْسَاكٌ، وَهُمَا يَتَنَافَيَانِ، فَمَكَانُ النَّفْيِ عِنْدَهُمْ لَا يَكُونُ بِالْحَبْسِ فِي سِجْنٍ، وَلَا فِي تَغْرِيبٍ إِلَى بَلَدٍ مُعَيَّنٍ، بَل هُوَ التَّشْرِيدُ وَالْمُلَاحَقَةُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى آخَرَ (1) .
ج -
مَكَانُ النَّفْيِ فِي التَّعْزِيرِ:
15 -
النَّفْيُ فِي التَّعْزِيرِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ تَغْرِيبًا وَإِبْعَادًا عَنِ الْوَطَنِ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ حَبْسًا فِي السِّجْنِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِالأَْمْرَيْنِ مَعًا.
وَأُتِيَ عُمَرُ رضي الله عنه بِرَجُلٍ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي رَمَضَانَ، فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ ثَمَانِينَ سَوْطًا، حَدًّا لِلْخَمْرِ، ثُمَّ سَيَّرَهُ إِلَى الشَّامِ لاِنْتِهَاكِهِ حُرْمَةَ رَمَضَانَ (2) ، وَكَانَ عُمَرُ إِذَا غَضِبَ عَلَى رَجُلٍ سَيَّرَهُ إِلَى الشَّامِ (3) ، وَكَانَ
(1) كشاف القناع 6 / 152، والمغني 12 / 482، والفروع 6 / 140.
(2)
أثر عمر: " أنه أتي برجل شرب الخمر في رمضان. . . ". عزاه ابن حجر في التلخيص (4 / 171 - ط العلمية) إلى سعيد بن منصور في سننه.
(3)
أثر عمر: " أنه كان إذا غضب على رجل سيره إلى الشام. . . ". عزاه ابن حجر في التلخيص (4 / 171 - ط العلمية) للبغوي في الجعديات.