الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَمَّا الْغَائِبُ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي انْعِقَادِ النِّكَاحِ بِالْكِتَابَةِ إِلَيْهِ.
فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِالْكِتَابِ كَمَا يَنْعَقِدُ بِالْخِطَابِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَكْتُبَ إِلَيْهَا يَخْطِبُهَا فَإِذَا بَلَغَهَا الْكِتَابُ أَحْضَرَتِ الشُّهُودَ وَقَرَأَتْهُ عَلَيْهِمْ وَقَالَتْ: زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْهُ أَوْ تَقُول: إِنَّ فُلَانًا كَتَبَ إِلَيَّ يَخْطُبُنِي فَاشْهَدُوا أَنِّي زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْهُ، أَمَّا لَوْ لَمْ تَقُل بِحَضْرَتِهِمْ سِوَى زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْ فُلَانٍ لَا يَنْعَقِدُ لأََنَّ سَمَاعَ الشَّطْرَيْنِ شَرْطُ صِحَّةِ النِّكَاحِ وَبِإِسْمَاعِهِمِ الْكِتَابَ أَوِ التَّعْبِيرَ عَنْهُ مِنْهَا قَدْ سَمِعُوا الشَّطْرَيْنِ، وَهَذَا إِذَا كَانَ الْكِتَابُ بِلَفْظِ التَّزَوُّجِ أَمَّا إِذَا كَانَ بِلَفْظِ الأَْمْرِ كَقَوْلِهِ زَوِّجِي نَفْسَكِ مِنِّي فَلَا يَشْتَرِطُ إِعْلَامُهَا الشُّهُودَ بِمَا فِي الْكِتَابِ لأَِنَّهَا تَتَوَلَّى طَرَفَيِ الْعَقْدِ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ.
وَقِيل إِنَّهُ تَوْكِيلٌ ضِمْنِيٌّ فَيَثْبُتُ بِشُرُوطِ مَا تَضَمَّنُهُ وَهُوَ الإِْيجَابُ وَمِنْ شُرُوطِهِ سَمَاعُ الشُّهُودِ.
وَلَوْ جَاءَ الزَّوْجُ بِالْكِتَابِ إِلَى الشُّهُودِ مَخْتُومًا فَقَال: هَذَا كِتَابِي إِلَى فُلَانَةَ فَاشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى يَعْلَمَ الشُّهُودُ مَا فِيهِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ، فَلَوْ جَحَدَ الزَّوْجُ الْكِتَابَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَشَهِدُوا بِأَنَّهُ كِتَابُهُ وَلَمْ يَشْهَدُوا بِمَا فِيهِ لَا تُقْبَل وَلَا يُقْضَى بِالنِّكَاحِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ تُقْبَل الشَّهَادَةُ وَيُقْضَى بِهِ.
أَمَّا الْكِتَابُ فَصَحِيحٌ بِلَا إِشْهَادٍ وَإِنَّمَا الإِْشْهَادُ لِتَمَكُّنِ الْمَرْأَةِ مِنْ إِثْبَاتِ الْكِتَابِ إِذَا جَحَدَ الزَّوْجُ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا كَتَبَ بِالنِّكَاحِ إِلَى غَائِبٍ أَوْ حَاضِرٍ لَمْ يَصِحَّ، وَقِيل: يَصِحُّ فِي الْغَالِبِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ لأَِنَّهُ كِنَايَةٌ وَلَا يَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَاتِ، وَلَوْ خَاطَبَ غَائِبًا بِلِسَانِهِ فَقَال: زَوَّجْتُكَ بِنْتِي، ثُمَّ كَتَبَ فَبَلَغَهُ الْكِتَابُ أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ وَبَلَغَهُ الْخَبَرُ فَقَال: قَبِلْتُ نِكَاحَهَا لَمْ يَصِحَّ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِذَا صَحَّحْنَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَشَرْطُهُ الْقَبُول فِي مَجْلِسِ بُلُوغِ الْخَبَرِ وَأَنْ يَقَعَ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيِ الإِْيجَابِ.
قَال النَّوَوِيُّ: لَا يَكْفِي فِي الْمَجْلِسِ بَل يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ (2) .
وَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ صِحَّةُ عَقْدِ النِّكَاحِ بِالْكِتَابَةِ مَعَ غَيْبَةِ الْعَاقِدِ (3) .
ج - الرَّسُول:
57 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ إِلَى صِحَّةِ إِرْسَال الرَّسُول فِي النِّكَاحِ، قَال الْكَاسَانِيُّ: النِّكَاحُ كَمَا يَنْعَقِدُ بِاللَّفْظِ بِطَرِيقِ الأَْصَالَةِ يَنْعَقِدُ بِهَا بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ بِالْوَكَالَةِ وَالرِّسَالَةِ لأَِنَّ كَلَامَ الرَّسُول كَلَامُ الْمُرْسِل، فَلَوْ أَرْسَل الرَّجُل إِلَى
(1) حاشية ابن عابدين 2 / 265.
(2)
الروضة 7 / 37، 38.
(3)
الإنصاف 8 50.