الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأَْنْبِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " (1)، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَمَا قَال الْقُرْطُبِيُّ - أَنَّهُ كَانَ يَقُول: إِنِّي لأََتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَمَا لِي فِيهَا حَاجَةٌ، وَأَطَؤُهَا وَمَا أَشْتَهِيهَا، قِيل لَهُ: وَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَال: حُبِّي أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنِّي مَنْ يُكَاثِرُ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم النَّبِيِّينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَأَضَافَ السَّرَخْسِيُّ قَوْلَهُ: وَسَبَبُهُ تَعَلُّقُ الْبَقَاءِ الْمَقْدُورِ بِهِ إِلَى وَقْتِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَكَمَ بِبَقَاءِ الْعَالَمِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، وَبِالتَّنَاسُل يَكُونُ هَذَا الْبَقَاءُ، وَهَذَا التَّنَاسُل يَحْصُل عَادَةً بِالْوَطْءِ، فَجَعَل الشَّرْعُ طَرِيقَ ذَلِكَ الْوَطْءِ النِّكَاحَ؛ لأَِنَّ فِي التَّغَالُبِ فَسَادًا، وَفِي الإِْقْدَامِ بِغَيْرِ مِلْكٍ اشْتِبَاهَ الأَْنْسَابِ وَهُوَ سَبَبٌ لِضَيَاعِ النَّسْل، وَهَذَا الْمِلْكُ عَلَى مَا عَلَيْهِ أَصْل الآْدَمِيِّ مِنَ الْحُرِّيَّةِ لَا يَثْبُتُ إِلَاّ بِطَرِيقِ النِّكَاحِ، فَهَذَا مَعْنَى أَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ الْبَقَاءُ الْمَقْدُورُ إِلَى وَقْتِهِ (2) .
(1) حديث: " تزوجوا الودود. . . ". أخرجه الإمام أحمد (3 / 158 ط الميمنية) من حديث أنس بن مالك، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (4 / 258 ط القدسي) وقال: أخرجه أحمد والطبراني في الأوسط وإسناده حسن
(2)
العناية بهامش فتح القدير 3 / 98 - 99، والمبسوط 4 / 192 - 193 - ط دار المعرفة - بيروت، وتفسير القرطبي 9 328.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ النِّكَاحَ تَجْرِي عَلَيْهِ الأَْحْكَامُ التَّكْلِيفِيَّةُ، فَيَكُونُ وَاجِبًا - أَوْ فَرْضًا - أَوْ مُسْتَحَبًّا أَوْ مُبَاحًا أَوْ مَكْرُوهًا أَوْ حَرَامًا، وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ:
أَوَّلاً: الْوُجُوبُ:
8 -
قَال الْحَنَفِيَّةُ: النِّكَاحُ يَكُونُ وَاجِبًا عِنْدَ التَّوَقَانِ، أَيْ شِدَّةِ الاِشْتِيَاقِ بِحَيْثُ يَخَافُ الْوُقُوعَ فِي الزِّنَا لَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ؛ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنَ الاِشْتِيَاقِ إِلَى الْجِمَاعِ الْخَوْفُ الْمَذْكُورُ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَكَذَا فِيمَا يَظْهَرُ لَوْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ مَنْعُ نَفْسِهِ عَنِ النَّظَرِ الْمُحَرَّمِ أَوْ عَنِ الاِسْتِمْنَاءِ بِالْكَفِّ، فَيَجِبُ التَّزَوُّجُ وَإِنْ لَمْ يَخَفِ الْوُقُوعَ فِي الزِّنَا.
وَيَكُونُ النِّكَاحُ فَرْضًا إِنْ تَيَقَّنَ الزِّنَا إِلَاّ بِهِ، بِأَنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ الاِحْتِرَازُ عَنِ الزِّنَا إِلَاّ بِهِ؛ لأَِنَّ مَا لَا يُتَوَصَّل إِلَى تَرْكِ الْحَرَامِ إِلَاّ بِهِ يَكُونُ فَرْضًا.
وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ النِّكَاحِ أَوْ فَرْضِهِ أَنْ يَمْلِكَ مَنْ قَامَتْ بِهِ حَالَةُ الْوُجُوبِ أَوِ الْفَرْضِ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَزَادَ فِي الْبَحْرِ شَرْطًا آخَرَ فِيهِمَا وَهُوَ: عَدَمُ الْجَوْرِ أَيِ الظُّلْمِ، فَإِنْ وُجِدَتِ الشُّرُوطُ كَانَ الْحُكْمُ، وَإِلَاّ فَلَا إِثْمَ بِتَرْكِ النِّكَاحِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجِبُ النِّكَاحُ عَلَى الرَّاغِبِ