الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذِهِ الشُّرُوطَ تَعُودُ إِلَى مَعْنًى زَائِدٍ فِي الْعَقْدِ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ وَلَا يَضُرُّ الْجَهْل بِهِ فَلَمْ يُبْطِلْهُ، وَلأَِنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ مَعَ الْجَهْل بِالْعِوَضِ، فَجَازَ أَنْ يَنْعَقِدَ مَعَ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ كَالْعِتْقِ.
وَإِنْ تَزَوَّجَ رَجَلٌ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا مُسْلِمَةٌ فَبَانَتْ كِتَابِيَّةً، أَوْ قَال الْوَلِيُّ: زَوَّجْتُكَ هَذِهِ الْمُسْلِمَةَ فَبَانَتْ كَافِرَةً كِتَابِيَّةً فَلَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ، لأَِنَّهُ شَرَطَ صِفَةً مَقْصُودَةً فَبَانَتْ بِخِلَافِهَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَطَهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَةً.
وَإِنْ شَرَطَهَا كَافِرَةً فَبَانَتْ مُسْلِمَةً، أَوْ أَمَةً فَبَانَتْ حُرَّةً، أَوْ ذَاتَ نَسَبٍ فَبَانَتْ أَشْرَفَ، أَوْ عَلَى صِفَةٍ دَنِيَّةٍ فَبَانَتْ أَعْلَى مِنْهَا فَلَا خِيَارَ لَهُ لأَِنَّ ذَلِكَ زِيَادَةُ خَيْرٍ فِيهَا.
وَإِنْ شَرَطَهَا بِكْرًا فَبَانَتْ ثَيِّبًا، أَوْ جَمِيلَةً نَسِيبَةً أَوْ بَيْضَاءَ أَوْ طَوِيلَةً، أَوْ شَرَطَ نَفْيَ الْعُيُوبِ الَّتِي لَا يُفْسَخُ بِهَا النِّكَاحُ - كَالْعَمَى وَالْخَرَسِ وَالصَّمَمِ وَالشَّلَل وَنَحْوِهِ - فَبَانَتْ بِخِلَافِ مَا شَرَطَ فَلَهُ الْخِيَارُ نَصًّا، لأَِنَّهُ شَرَطَ وَصْفًا مَقْصُودًا فَبَانَتْ بِخِلَافِهِ، وَلَا يَصِحُّ فَسْخٌ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ إِلَاّ بِحُكْمِ حَاكِمٍ لأَِنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ (1) .
آثَارُ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ:
الآْثَارُ الَّتِي رَتَّبَهَا الشَّارِعُ الْحَكِيمُ عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، أَوْ خَاصَّةً بِكُلٍّ مِنْهُمَا.
(1) كشاف القناع 5 / 90 - 99.
أَوَّلاً: الْحُقُوقُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ:
أ - الْمُعَاشَرَةُ بِالْمَعْرُوفِ:
137 -
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمُعَاشَرَةَ بِالْمَعْرُوفِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُل وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ، فَيَلْزَمُ عَلَى كُل وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ مُعَاشَرَةُ الآْخَرِ بِالْمَعْرُوفِ مِنَ الصُّحْبَةِ الْجَمِيلَةِ، وَكَفِّ الأَْذَى، وَأَنْ لَا يُمَاطِل بِحَقِّهِ مَعَ قُدْرَتِهِ، وَلَا يُظْهِرَ الْكَرَاهَةَ لِبَذْلِهِ، بَل يَبْذُلُهُ بِبِشْرٍ وَطَلَاقَةٍ، وَلَا يُتْبِعَهُ مِنَّةً وَلَا أَذًى، لأَِنَّ هَذَا مِنَ الْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (1) } وَقَوْلِهِ {وَلَهُنَّ مِثْل الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ (2) } قَال أَبُو زَيْدٍ: تَتَّقُونَ اللَّهَ فِيهِنَّ كَمَا عَلَيْهِنَّ أَنْ يَتَّقِينَ اللَّهَ فِيكُمْ، وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: إِنِّي لأَُحِبُّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِلْمَرْأَةِ كَمَا أُحِبُّ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُول {وَلَهُنَّ مِثْل الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} ، وَحَقُّ الزَّوْجِ عَلَيْهَا أَعْظَمُ مِنْ حَقِّهَا عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلرِّجَال عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ (3) } .
وَيُسَنُّ لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَحْسِينُ الْخُلُقِ لِصَاحِبِهِ، وَالرِّفْقُ لَهُ، وَاحْتِمَال أَذَاهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا
(1) سورة النساء / 19.
(2)
سورة البقرة / 228.
(3)
سورة البقرة / 228.