الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفَرَّقَ الشَّافِعِيَّةُ بَيْنَ كَوْنِ الْحَيَوَانِ مَأْكُول اللَّحْمِ أَوْ غَيْرَ مَأْكُوْلِهِ.
فَقَرَّرُوا أَنَّ مَالِكَ الْحَيَوَانِ مَأْكُول اللَّحْمِ إِذَا امْتَنَعَ مِنَ الإِْنْفَاقِ عَلَيْهِ لَزِمَهُ أَحَدُ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: بَيْعُهُ، أَوْ عَلْفُهُ وَالإِْنْفَاقُ عَلَيْهِ، أَوْ ذَبْحُهُ؛ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ وَإِبْقَاءً لِمَلِكِهِ وَعَدَمِ إِضَاعَةِ مَالِهِ.
وَأَمَّا مَالِكُ غَيْرِ مَأْكُول اللَّحْمِ فَيَلْزَمُهُ بَيْعُهُ أَوِ الإِْنْفَاقُ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَبْحُهُ، لأَِنَّهُ غَيْرُ مَأْكُول اللَّحْمِ يَحْرُمُ ذَبْحُهُ.
فَإِنْ أَبَى ذَلِكَ تَصَرَّفَ الْحَاكِمُ فِيمَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً حَسَبَ مَا يَقْتَضِيهِ الْحَال نِيَابَةً عَنْهُ مِنْ إِجَارَةِ الدَّابَّةِ أَوْ بَيْعِهَا، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا فِي بَيْتِ الْمَال، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي بَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ مِنَ الأَْمْوَال مَا يُنْفِقُ الْحَاكِمُ مِنْهَا عَلَيْهَا، وَجَبَ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ كِفَايَتُهَا، وَقَال الأَْذْرُعِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: وَيُشْبِهُ أَلَاّ يُبَاعَ مَا أَمْكَنَ إِجَارَتُهُ، وَحَكَى ذَلِكَ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ الشَّافِعِيَّةِ (1) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنِ امْتَنَعَ مَالِكُ الْبَهِيمَةِ مِنَ الإِْنْفَاقِ عَلَيْهَا أُجْبِرَ عَلَى ذَلِكَ، لأَِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ كَمَا يُجْبَرُ عَلَى سَائِرِ الْوَاجِبَاتِ، فَإِنْ أَبَى
(1) المهذب 2 / 169، وروضة الطالبين 9 / 120، ومغني المحتاج 3 / 462 - 463، ونهاية المحتاج 7 / 241، 242.
الإِْنْفَاقَ عَلَيْهَا أَوْ عَجَزَ عَنْهُ أُجْبِرَ عَلَى بَيْعٍ أَوْ إِجَارَةٍ أَوْ ذَبْحِ مَأْكُولٍ، لأَِنَّ بَقَاءَهَا فِي يَدِهِ بِتَرْكِ الإِْنْفَاقِ عَلَيْهَا ظُلْمٌ، وَالظُّلْمُ تَجِبُ إِزَالَتُهُ، فَإِنْ أَبَى فَعَل الْحَاكِمُ الأَْصَحَّ مِنْ هَذِهِ الأُْمُورِ الثَّلَاثَةِ أَوِ اقْتَرَضَ عَلَيْهِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا، كَمَا لَوِ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ، وَيَجِبُ عَلَى مُقْتَنِي الْكَلْبِ الْمُبَاحِ وَهُوَ كَلْبُ صَيْدٍ وَمَاشِيَةٍ وَزَرْعٍ أَنْ يُطْعِمَهُ وَيَسْقِيَهُ أَوْ يُرْسِلَهُ، لأَِنَّ عَدَمَ ذَلِكَ تَعْذِيبٌ لَهُ، وَلَا يَحِل حَبْسُ شَيْءٍ مِنَ الْبَهَائِمِ لِتَهْلَكَ جُوعًا أَوْ عَطَشًا (1) .
نَفَقَةُ الْعَارِيَةِ:
73 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْعَيْنِ الْمُعَارَةِ زَمَنَ الاِنْتِفَاعِ بِهَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:
الْقَوْل الأَْوَّل:
إِنَّ نَفَقَةَ الْعَيْنِ الْمُعَارَةِ عَلَى مَالِكِهَا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ قَوْل أَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (2) .
وَاسْتَدَلُّوا فِي ذَلِكَ إِلَى: أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لَكَانَ كِرَاءً، وَرُبَّمَا كَانَ عَلَفُهَا أَكْثَرَ مِنَ الْكِرَاءِ، فَتَخْرُجُ الْعَارِيَةُ إِلَى الْكِرَاءِ.
(1) كشاف القناع 5 / 594 - 595.
(2)
حاشية العدوي وشرح الخرشي 6 / 125، 129، والتاج والإكليل بهامش مواهب الجليل 5 / 273، ومغني المحتاج 2 / 267، وأسنى المطالب 2 / 329، ومعونة أولي النهى 5 / 235.