الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَسْتَبِنْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْل الأَْوَّل:
لِلشَّافِعِيَّةِ، إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَلْقَتْ مُضْغَةً أَوْ عَلَقَةً خَفِيَتْ عَلَى غَيْرِ الْقَوَابِل، وَقَال الْقَوَابِل: إِنَّهُ مُبْتَدَأُ خَلْقِ آدَمِيٍّ - فَالدَّمُ الْمَوْجُودُ بَعْدَهُ نِفَاسٌ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَوْ أَلْقَتْ دَمًا اجْتَمَعَ لَا يَذُوبُ بِصَبِّ الْمَاءِ الْحَارِّ عَلَيْهِ، تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَمَا بَعْدَهُ نِفَاسٌ (1) .
الْقَوْل الثَّانِي:
وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ، فَقَالُوا: إِنَّهُ إِنْ لَمْ يَسْتَبِنْ مِنْ خَلْقِهِ شَيْءٌ فَلَا نِفَاسَ لَهَا (2) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَثْبُتُ حُكْمُ النِّفَاسِ بِوَضْعِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهِ خَلْقُ الإِْنْسَانِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فَلَوْ وَضَعَتْ عَلَقَةً، أَوْ مُضْغَةً لَا تَخْطِيطَ فِيهَا - لَمْ يَثْبُتْ بِذَلِكَ حُكْمُ النِّفَاسِ، نَصَّ عَلَيْهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَالْفَائِقُ.
وَعَنْهُ يَثْبُتُ - أَيْ حُكْمُ النِّفَاسِ - بِمُضْغَةٍ، وَعَنْهُ: وَعَلَقَةٍ.
وَقِيل: يَثْبُتُ لَهَا حُكْمُ النُّفَسَاءِ إِذَا وَضَعَتْهُ لأَِرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (3) .
(1) الْخُرَشِيُّ 4 / 143، وَالدُّسُوقِيُّ 2 / 474، وَرَوْضَةُ الطَّالِبِينَ 1 / 174، وَالْمُغْنِي لاِبْنِ قُدَامَةَ.
(2)
الْعِنَايَةُ بِهَامِشِ فَتْحِ الْقَدِيرِ 1 / 165.
(3)
الإِْنْصَافُ 1 / 383، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ 1 / 219.
وُجُوبُ الْغُسْل عِنْدَ انْقِطَاعِ دَمِ النِّفَاسِ:
16 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْغُسْل عَلَى الْمَرْأَةِ بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِ النِّفَاسِ، وَدَلِيل وُجُوبِ الْغُسْل مِنْهُ الإِْجْمَاعُ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَرِدْ نَصٌّ مِنْ قُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ عَلَى وُجُوبِهِ (1) .
17 -
وَإِذَا عَرِيَتِ الْوِلَادَةُ أَوْ خَلَتْ عَنْ دَمٍ، بِأَنْ خَرَجَ الْوَلَدُ جَافًّا - فَهِيَ طَاهِرٌ لَا نِفَاسَ لَهَا؛ لأَِنَّ النِّفَاسَ هُوَ الدَّمُ، وَلَمْ يُوجَدْ.
وَفِي وُجُوبِ الْغُسْل وَعَدَمِهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ:
الرَّأْيُ الأَْوَّل:
يَرَى عَدَمَ وُجُوبِ الْغُسْل، ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لأَِنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ، وَلَا يَبْطُل الصَّوْمُ بِالْوِلَادَةِ الْعَارِيَةِ عَنْ دَمٍ، وَلَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ.
وَلأَِنَّ الْوُجُوبَ بِالشَّرْعِ، وَلَمْ يَرِدْ بِالْغُسْل هَاهُنَا، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِدَمٍ وَلَا مَنِيٍّ، وَإِنَّمَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِهَذَيْنِ الشَّيْئَيْنِ، إِلَاّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ يَرَوْنَ نَدْبَ الْغُسْل.
وَالرَّأْيُ الثَّانِي:
يَجِبُ الْغُسْل، ذَهَبَ إِلَى هَذَا الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ، وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ
(1) فَتْحُ الْقَدِيرِ 1 / 165، وَحَاشِيَةُ الدُّسُوقِيِّ 1 / 130، وَمُغْنِي الْمُحْتَاجِ 1 / 69، وَرَوْضَةُ الطَّالِبِينَ 1 / 81، وَالْمُغْنِي لاِبْنِ قُدَامَةَ 1 / 210.