الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
د - الاِنْقِطَاعُ: وَالاِنْقِطَاعُ الَّذِي لَهُ أَثَرُهُ هُوَ أَنْ لَا تُوجَدَ فِي السُّوقِ لَدَى التُّجَّارِ، وَإِنْ كَانَتْ تُوجَدُ لَدَى الصَّيَارِفَةِ، وَفِي الْبُيُوتِ (1) .
هـ - إِبْطَال التَّعَامُل بِالنُّقُودِ بِأَمْرِ الإِْمَامِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُحَرِّمَ الإِْمَامُ التَّعَامُل بِهَا، وَيَضْرِبَ نَقْدًا جَدِيدًا يُلْزِمُ النَّاسَ بِالتَّعَامُل بِهِ لِمَصْلَحَةٍ يَرَاهَا. قَال ابْنُ الْهَائِمِ: وَتَحْرِيمُ السُّلْطَانِ مُعْتَبَرٌ (أَيْ مُلْزِمٍ لِلنَّاسِ) فِي مِثْل هَذَا (2) ؛ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ (3) } .
و وَقَدْ يَعْتَرِيهَا التَّغْيِيرُ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ بِتَنْقِيصِ أَسْعَارِهَا، وَقَدْ قَال ابْنُ عَابِدِينَ فِي رِسَالَتِهِ: تَعَدَّدَ فِي زَمَانِنَا وُرُودُ الأَْمْرِ السُّلْطَانِيِّ بِتَغْيِيرِ سِعْرِ بَعْضِ النُّقُودِ الرَّائِجَةِ بِالنَّقْصِ (4) .
تَحَوُّل النُّقُودِ إِلَى سِلْعَةٍ بَعْدَ بُطْلَانِ التَّعَامُل بِهَا:
47 -
إِذَا بَطَل النَّقْدُ، سَوَاءٌ بِإِبْطَال الإِْمَامِ لَهُ، أَوْ بِتَرْكِ النَّاسِ التَّعَامُل بِهِ، فَإِنَّهُ يَعُودُ عَرْضًا
(1) حاشية ابن عابدين 4 / 24، ورسالته المسماة " تنبيه الرقود إلى أحكام النقود " ص 17، 18، نشر محمد سلامة جبر.
(2)
نزهة النفوس في أحكام التعامل بالفلوس لابن الهائم ص 63.
(3)
سورة النساء / 59
(4)
رسالة تنبيه الرقود ص 38.
لَا تَنْطَبِقُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ النُّقُودِ الْخَاصَّةِ بِهِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ النُّقُودِ الذَّهَبِيَّةِ وَالْفِضِّيَّةِ.
أَمَّا النُّقُودُ الذَّهَبِيَّةُ وَالْفِضِّيَّةُ فَإِنَّ أَحْكَامَهُمَا مِنْ حَيْثُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِمَا، وَجَرَيَانِ الرِّبَا فِيهِمَا، ثَابِتَةٌ سَوَاءٌ كَانَا نُقُودًا أَوْ نُقْرَةً.
وَهَذَا لأَِنَّ الْفُلُوسَ تَلْحَقُ بِالنَّقْدَيْنِ - عِنْدَ مَنْ أَلْحَقَهَا بِهِمَا - بِعِلَّةِ الثَّمَنِيَّةِ، فَإِذَا خَرَجَتْ عَنِ التَّعَامُل بَطَلَتْ ثَمَنِيَّتُهَا، فَبَطَل إِلْحَاقُهَا بِالنَّقْدَيْنِ، لِزَوَال الْعِلَّةِ الْجَامِعَةِ، وَرَجَعَتْ إِلَى أَصْلِهَا وَهُوَ كَوْنُهَا سِلْعَةً مِنَ السِّلَعِ (1) .
وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي النُّقُودِ الاِصْطِلَاحِيَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ فَلْسًا بِعَيْنِهِ بِفَلْسَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا. قَالُوا: لأَِنَّ الْفُلُوسَ صَارَتْ ثَمَنًا فِي حَقِّهِمَا بِاصْطِلَاحِهِمَا، فَتَبْطُل بِاصْطِلَاحِهِمَا. وَقَال مُحَمَّدٌ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ مَا دَامَتِ الْفُلُوسُ رَائِجَةً؛ لأَِنَّ ثَمَنِيَّتَهَا بِاصْطِلَاحِ الْعُمُومِ فَلَا تَبْطُل بِمُجَرَّدِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى إِبْطَالِهَا (2) .
مُحَافَظَةُ الإِْمَامِ عَلَى اسْتِقْرَارِ أَسْعَارِ النُّقُودِ:
48 -
مِنَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ لِلْمُسْلِمِينَ الَّتِي يَجِبُ عَلَى الإِْمَامِ رِعَايَتُهَا الْمُحَافَظَةُ عَلَى اسْتِقْرَارِ أَسْعَارِ النُّقُودِ مِنَ الاِنْخِفَاضِ؛ لِئَلَاّ
(1) تكملة فتح القدير 5 / 288 ط دار الفكر.
(2)
تكملة فتح القدير 7 / 20.