الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَصْحِيفٍ فَلَمْ تَكُنْ حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا لِعَدَمِ الْعَلَاقَةِ بَل غَلَطًا، فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ أَصْلاً.
لَكِنْ لَوِ اتَّفَقَ قَوْمٌ عَلَى النُّطْقِ بِهَذِهِ الْغَلْطَةِ، وَصَدَرَتْ عَنْ قَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ مِنْهُمْ كَانَ ذَلِكَ وَضْعًا جَدِيدًا، وَقَدْ أَفْتَى بِجَوَازِ انْعِقَادِ النِّكَاحِ بِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ شَيْخُ الإِْسْلَامِ أَبُو السُّعُودِ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَحَاصِل كَلَامِ الدُّرِّ: أَنَّهُمْ إِنِ اتَّفَقُوا عَلَى اسْتِعْمَال التَّجْوِيزِ فِي النِّكَاحِ بِوَضْعٍ جَدِيدٍ قَصْدًا يَكُونُ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً، مِثْل الْحَقَائِقِ الْمُرْتَجَلَةِ، وَمِثْل الأَْلْفَاظِ الأَْعْجَمِيَّةِ الْمَوْضُوعَةِ لِلنِّكَاحِ، فَيَصِحُّ بِهِ الْعَقْدُ لِوُجُودِ طَلَبِ الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِ وَإِرَادَتِهِ مِنَ اللَّفْظِ قَصْدًا (1) وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ أَلْفَاظَ الْكِنَايَةِ فِي النِّكَاحِ كَالْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ وَالصَّدَقَةِ وَالْبَيْعِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ النِّيَّةِ مَعَ قَرِينَةٍ أَوْ تَصْدِيقِ الْقَابِل لِلْمُوجِبِ وَفَهْمِ الشُّهُودِ الْمُرَادِ أَوْ إِعْلَامِهِمْ بِهِ.
وَالأَْصْل أَنَّ كُل لَفْظٍ مَوْضُوعٍ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ إِنْ ذَكَرَ الْمَهْرَ، وَإِلَاّ فَالنِّيَّةُ، وَمَا لَيْسَ بِمَوْضُوعٍ لَهُ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ، وَاخْتَلَفُوا فِي انْعِقَادِهِ بِلَفْظٍ لَا يَعْلَمَانِ أَنَّهُ نِكَاحٌ فَلَوْ لُقِّنَتِ
(1) الدر المختار وحاشية ابن عابدين 2 / 269، 270.
الْمَرْأَةُ زَوَّجْتُ نَفْسِي بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَا تَعْلَمُ مَعْنَاهُ وَقَبِل الزَّوْجُ، وَالشُّهُودُ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ أَوْ لَا يَعْلَمُونَ صَحَّ كَالطَّلَاقِ، وَقِيل: لَا كَالْبَيْعِ. وَمِثْل هَذَا فِي جَانِبِ الرَّجُل (1) .
49 -
وَقَسَّمَ الْمَالِكِيَّةُ الأَْلْفَاظَ بِالنِّسْبَةِ لِلنِّكَاحِ - بِمَا فِي ذَلِكَ لَفْظَيِ الإِْنْكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ - إِلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:
الأَْوَّل:
مَا يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ سَمَّى صَدَاقًا أَوْ لَا، وَهُوَ: أَنْكَحْتُ وَزَوَّجْتُ.
الثَّانِي:
مَا يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ إِنْ سَمَّى صَدَاقًا وَإِلَاّ فَلَا، وَهُوَ لَفْظُ وَهَبْتُ، مِثْل: وَهَبْتُ لَكَ ابْنَتِي بِكَذَا، فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ صَدَاقًا لَمْ يَنْعَقِدْ.
الثَّالِثُ:
مَا فِيهِ التَّرَدُّدُ بَيْنَ انْعِقَادِ النِّكَاحِ بِهِ وَعَدَمِ انْعِقَادِهِ، وَهُوَ كُل لَفْظٍ يَقْتَضِي الْبَقَاءَ مُدَّةَ الْحَيَاةِ مِثْل بِعْتُ، وَمَلَكْتُ وَأَحْلَلْتُ، وَأَعْطَيْتُ وَمَنَحْتُ، فَقِيل: يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ إِنَّ سَمَّى صَدَاقًا، وَهُوَ قَوْل ابْنِ الْقَصَّارِ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ فِي الإِْشْرَاقِ وَالْبَاجِيِّ وَابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِهِ.
وَقِيل: لَا يَنْعَقِدُ بِهِ مُطْلَقًا، أَيْ وَلَوْ سَمَّى صَدَاقًا، وَهُوَ قَوْل ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ.
الرَّابِعُ:
مَا لَا يَنْعَقِدُ بِهِ اتِّفَاقًا مُطْلَقًا، وَهُوَ
(1) حاشية ابن عابدين 2 / 269، وتبيين الحقائق 2 / 98، والاختيار 3 / 83، وفتح القدير 2 / 349.