الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ الْمَرِيضَةِ:
20 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَةَ إِذَا كَانَتْ مَرِيضَةً قَبْل الاِنْتِقَال إِلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَبَذَلَتْ لَهُ تَسْلِيمَ نَفْسِهَا تَسْلِيمًا كَامِلاً، أَوْ بَذَل هَذَا التَّسْلِيمَ وَلِيُّ الزَّوْجَةِ وَالزَّوْجَةُ مِمَّنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا، وَتَسَلَّمَهَا الزَّوْجُ فِعْلاً، أَنَّ النَّفَقَةَ تَكُونُ وَاجِبَةً لَهَا عَلَيْهِ وَلَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا لِمَرَضِهَا (1) .
كَمَا ذَهَبُوا إِلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهَا عَلَيْهِ إِذَا زُفَّتْ إِلَيْهِ وَهِيَ صَحِيحَةٌ ثُمَّ مَرِضَتْ عِنْدَهُ، لأَِنَّ الاِسْتِمْتَاعَ بِهَا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ مُمْكِنٌ وَلَا تَفْرِيطَ مِنْ جِهَتِهَا (2) ، وَلأَِنَّ الاِحْتِبَاسَ قَائِمٌ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِسُ بِهَا وَيَمَسُّهَا وَتَحْفَظُ الْبَيْتَ، وَالْمَانِعُ عَارِضٌ فَأَشْبَهَ الْحَيْضَ.
21 -
وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرِيضَةِ الْمَدْخُول بِهَا مَرَضًا شَدِيدًا يَمْنَعُهَا مِنْ الاِنْتِقَال إِلَى مَنْزِل الزَّوْجِيَّةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْل الأَْوَّل:
لَهَا النَّفَقَةُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَبِهِ قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (3) .
(1) البدائع 4 / 19، وحاشية الدسوقي 2 / 508، ومغني المحتاج 3 / 437، وشرح منتهى الإرادات 3 / 353.
(2)
شرح منتهى الإرادات 3 / 353، ومغني المحتاج 3 / 473.
(3)
البدائع 4 / 19، والمدونة 2 / 252، ومغني المحتاج 3 / 437، والمغني 9 / 284.
وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِأَنَّ الاِسْتِمْتَاعَ بِهَا مُمْكِنٌ وَلَا تَفْرِيطَ مِنْ جِهَتِهَا وَإِنْ مُنِعَ مِنَ الْوَطْءِ.
وَلأَِنَّ التَّسْلِيمَ فِي حَقِّ التَّمْكِينِ مِنَ الْوَطْءِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ، فَقَدْ وُجِدَ فِي حَقِّ التَّمْكِينِ مِنْ الاِسْتِمْتَاعِ وَهَذَا يَكْفِي لِوُجُوبِ النَّفَقَةِ كَمَا فِي الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالصَّائِمَةِ صَوْمَ رَمَضَانَ (1) .
الْقَوْل الثَّانِي:
لَا نَفَقَةَ لَهَا قَبْل النُّقْلَةِ فَإِذَا نُقِلَتْ وَهِيَ مَرِيضَةٌ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا، وَبِهِ قَال أَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَسَحْنُونٌ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ (2) .
فَقَدْ جَاءَ فِي الْبَدَائِعِ: رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا قَبْل النُّقْلَةِ، فَإِذَا نُقِلَتْ وَهِيَ مَرِيضَةٌ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا، لأَِنَّهُ لَمْ يُوجَدِ التَّسْلِيمُ الَّذِي هُوَ تَخْلِيَةٌ وَتَمْكِينٌ، وَلَنْ يَتَحَقَّقَ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الْمَانِعِ، وَهُوَ الْمَرَضُ، فَلَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ كَالصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تَحْتَمِل الْوَطْءَ.
وَلأَِنَّ التَّسْلِيمَ الَّذِي أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ - وَهُوَ التَّسْلِيمُ الْمُمَكِّنُ مِنَ الْوَطْءِ - لَمَّا لَمْ يُوجَدْ كَانَ لَهُ أَنْ لَا يَقْبَل التَّسْلِيمَ الَّذِي لَمْ يُوجِبْهُ الْعَقْدُ (3) .
(1) البدائع 4 / 19.
(2)
المرجع السابق، والمدونة 2 / 252.
(3)
البدائع 4 / 19.