الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- أَيْ بَاطِلَانِ - وَالثَّانِي مُخَرَّجٌ مِنْ نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْجُمُعَتَيْنِ أَنَّهُ يُوقَفُ الأَْمْرُ حَتَّى يَتَعَيَّنَ، فَإِنْ رُجِيَ مَعْرِفَتُهُ وَجَبَ التَّوَقُّفُ (1) .
106 -
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِذَا زَوَّجَ وَلِيَّانِ مُسْتَوِيَانِ فِي الدَّرَجَةِ اثْنَيْنِ، وَعُلِمَ السَّابِقُ مِنْهُمَا، فَالنِّكَاحُ لَهُ وَعَقْدُ الثَّانِي بَاطِلٌ، لِحَدِيثِ سَمُرَةَ وَعُقْبَةَ مَرْفُوعًا:" أَيُّمَا امْرَأَةٍ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ فَهِيَ لِلأَْوَّل مِنْهُمَا "(2) ، وَلأَِنَّ الْعَقْدَ الأَْوَّل خَلَا عَنْ مُبْطِلٍ، وَالثَّانِي تَزَوَّجَ زَوْجَةَ غَيْرِهِ فَكَانَ بَاطِلاً كَمَا لَوْ عَلِمَ.
فَإِنْ دَخَل بِهَا الثَّانِي وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا ذَاتُ زَوْجٍ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا لِبُطْلَانِ نِكَاحِهِ، فَإِنْ كَانَ وَطِئَهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَهُوَ وَطْءُ شُبْهَةٍ، يَجِبُ لَهَا بِهِ مَهْرُ الْمِثْل، وَتُرَدُّ لِلأَْوَّل لأَِنَّهَا زَوْجَتُهُ، وَلَا تَحِل لَهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنْ وَطْءِ الثَّانِي لِلْعِلْمِ بِبَرَاءَةِ رَحِمِهَا مِنْهُ، وَلَا تَرُدُّ الصَّدَاقَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنَ الدَّاخِل بِهَا وَهُوَ الثَّانِي عَلَى الزَّوْجِ الأَْوَّل الَّذِي دَفَعَتْ إِلَيْهِ لأَِنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي بُضْعِهَا فَلَا يَمْلِكُ عِوَضَهُ، وَلَا يَحْتَاجُ النِّكَاحُ الثَّانِي إِلَى فَسْخٍ لأَِنَّهُ بَاطِلٌ.
وَإِنْ وَقَعَ النِّكَاحَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَهُمَا
(1) روضة الطالبين 7 / 88 - 89، ومغني المحتاج 3 / 16.
(2)
حديث: أيما امرأة زوجها. . ". سبق تخريجه ف (102)
بَاطِلَانِ مِنْ أَصْلِهِمَا، وَلَا يَحْتَاجَانِ إِلَى فَسْخٍ، لأَِنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُمَا وَلَا مُرَجِّحَ لأَِحَدِهِمَا عَلَى الآْخَرِ، وَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَى أَحَدِهِمَا وَلَا يَرِثَانِهَا وَلَا تَرِثُهُمَا، لأَِنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ، وَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ.
وَإِنْ جُهِل السَّابِقُ مِنْهُمَا، أَوْ جُهِل السَّبْقُ بِأَنْ جُهِل هَل وَقَعَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبَيْنِ، أَوْ عُلِمَ عَيْنُ السَّابِقِ مِنَ الْعَقْدَيْنِ ثُمَّ نُسِيَ، أَوْ عُلِمَ السَّبْقُ وَجُهِل السَّابِقُ مِنْهُمَا فَسَخَهُمَا حَاكِمٌ، لأَِنَّ أَحَدَهُمَا صَحِيحٌ وَلَا طَرِيقَ لِلْعِلْمِ بِهِ، وَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ يَقْتَرِعَانِ عَلَيْهِ، فَمَنْ خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ غَرِمَهُ، لأَِنَّ عَقْدَ أَحَدِهِمَا صَحِيحٌ، وَقَدِ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الزَّوْجَةِ قَبْل الدُّخُول فَوَجَبَ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ، وَكَذَا لَوْ طَلَّقَاهَا (1) .
الْوَكِيل فِي النِّكَاحِ:
الْوَكِيل فِي النِّكَاحِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ وَكِيلاً عَنِ الزَّوْجِ أَوِ الزَّوْجَةِ أَوِ الْوَلِيِّ.
أ - تَوْكِيل الزَّوْجِ غَيْرَهُ فِي النِّكَاحِ:
107 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ - الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - عَلَى صِحَّةِ التَّوْكِيل فِي عَقْدِ النِّكَاحِ مِنَ الرَّجُل.
وَقَدِ اسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ
(1) كشاف القناع 5 / 59، 60
وَكَّل أَبَا رَافِعٍ فِي تَزْوِيجِهِ مَيْمُونَةَ (1) وَوَكَّل عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ فِي تَزْوِيجِهِ أُمَّ حَبِيبَةَ (2) ، وَلأَِنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَجَازَ التَّوْكِيل فِيهِ كَالْبَيْعِ (3) .
108 -
وَلِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلٌ فِيمَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَكِيل: قَال الْحَنَفِيَّةُ: يُشْتَرَطُ فِي الْوَكِيل أَنْ يَكُونَ عَاقِلاً، فَلَا تَصِحُّ وَكَالَةُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِل.
وَأَمَّا الْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ فَلَيْسَا بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْوَكَالَةِ فَتَصِحُّ وَكَالَةُ الصَّبِيِّ الْعَاقِل وَالْعَبْدِ، مَأْذُونَيْنِ كَانَا أَوْ مَحْجُورَيْنِ، لِمَا وَرَدَ " أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا خَطَبَ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ: لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِي شَاهِدٌ، فَقَال صلى الله عليه وسلم: فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِكِ شَاهِدٌ وَلَا غَائِبٌ يَكْرَهُ ذَلِكَ، فَقَالَتْ لاِبْنِهَا عَمْرِو بْنِ أُمِّ سَلَمَةَ: يَا عَمْرُو قُمْ فَزَوِّجْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (4) ، وَكَانَ صَبِيًّا،
(1) حديث: " أنه وكل أبا رافع. . . ". سبق تخريجه (ف 65)
(2)
حديث: " وكل عمرو بن أمية في تزويجه. . . ". سبق تخريجه (ف 65) .
(3)
المغني 6 / 462 ط الرياض.
(4)
حديث: " لما خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة. . . ". أخرجه النسائي (6 / 81، 82 ط التجارية الكبرى) ، والحاكم (4 / 16، 17 ط دائرة المعارف) من حديث أم سلمة رضي الله عنها، وقال الحاكم: صحيح، ووافقه الذهبي
وَالاِعْتِبَارُ بِالْمَجْنُونِ غَيْرُ سَدِيدٍ، لأَِنَّ الْعَقْل شَرْطُ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَقَدِ انْعَدَمَ الْعَقْل فِي الْمَجْنُونِ، وَوُجِدَ هُنَا فِي الصَّبِيِّ الْعَاقِل، فَتَصِحُّ وَكَالَتُهُ كَالْبَالِغِ، إِلَاّ أَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ تَرْجِعُ إِلَى الْمُوَكَّل (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَصِحُّ لِلزَّوْجِ إِذَا وَكَّل مَنْ يَعْقِدُ لَهُ أَنْ يُوَكِّل ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، حُرًّا أَوْ رَقِيقًا، بَالِغًا أَوْ صَبِيًّا، مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا إِلَاّ الْمُحْرِمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَإِلَاّ ضَعِيفَ الْعَقْل أَوْ فَاقِدَهُ، فَلَا يَصِحُّ لِلزَّوْجِ تَوْكِيل أَيٍّ مِنْهُمْ لِمَانِعِ الإِْحْرَامِ وَضَعْفِ الْعَقْل أَوْ عَدَمِهِ (2) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّل الزَّوْجُ فِي النِّكَاحِ مَنْ يَصِحُّ لَهُ أَنْ يُبَاشِرَ النِّكَاحَ بِنَفْسِهِ، فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيل صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا مُغْمًى عَلَيْهِ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا مُحْرِمٍ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لأَِنَّ تَصَرُّفَ الشَّخْصِ لِنَفْسِهِ أَقْوَى مِنْ تَصَرُّفِهِ لِغَيْرِهِ فَإِنَّ تَصَرُّفَهُ لَهُ بِطَرِيقِ الأَْصَالَةِ، وَلِغَيْرِهِ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ، فَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الأَْقْوَى فَلَا يَقْدِرُ عَلَى الأَْضْعَفِ بِطَرِيقِ الأَْوْلَى (3) .
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يُوَكِّل مَنْ يَقْبَل لَهُ النِّكَاحُ، فَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَكَّل أَبَا رَافِعٍ فِي تَزْوِيجِهِ مَيْمُونَةَ، وَوَكَّل عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ فِي تَزْوِيجِهِ أُمَّ حَبِيبَةَ.
(1) البدائع 6 / 20، 21.
(2)
الشرح الصغير 2 / 372.
(3)
مغني المحتاج 2 / 218، 3 / 158.