الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(119) بَابُ افْتَتِاحِ الصَّلَاةِ
727 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَنْبَارِىُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ:"أَتَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فِى الشِّتَاءِ فَرَأَيْتُ أَصْحَابَهُ يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ فِى ثِيَابِهِمْ فِى الصَّلَاةِ". [حم 4/ 316]
728 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ. (ح): وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى - وَهَذَا حَدِيثُ أَحْمَدَ - قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ - يَعْنِى ابْنَ جَعْفَرٍ -،
===
(119)
(بَابُ افْتِتَاحِ (1) الصَّلاةِ)
727 -
(حدثنا محمد بن سليمان الأنباري، نا وكيع، عن شريك، عن عاصم بن كليب، عن علقمة بن وائل، عن وائل بن حجر قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في الشتاء فرأيت أصحابه) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (يرفعون أيديهم في ثيابهم في الصلاة) وهذا يشمل الرفع في الافتتاح، فيناسب ترجمة الباب، وتقدم هذا الحديث من رواية ابن أبي شيبة عن شريك، وكان فيها ذكر الرفع عند افتتاح الصلاة مصرحًا، فهذا الحديث محمول عليه، وإليه أشار المصنف بالترجمة.
728 -
(حدثنا أحمد بن حنبل، نا أبو عاصم الضحاك بن مخلد، ح: وثنا مسدد، نا يحيى، وهذا حديث أحمد) وهذا قول المؤلف، يقول: لفظ هذا الحديث المذكور لأحمد بن حنبل لا لمسدد.
(قال: أنا عبد الحميد -يعني ابن جعفر-) وثَّقه ابن معين، وقد نقم عليه
(1) لا تكرار في هذه الترجمة، فإن المذكور أولًا بمنزلة الكتاب، وما ذكر بعده من الرفع فهو قبل الصلاة في التحريمة، ومن هاهنا بدء الصلاة، ولذا ذكر المصنف بعض الروايات المذكورة في الباب السابق ها هنا أيضًا، لأنها ذكرت أولًا لأجل الرفع، وفي هذا الباب لبقية الأجزاء. (ش).
أَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِىَّ فِى عَشْرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (1) صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ أَبُو قَتَادَةَ، قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: "أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
===
الثوري وكان يضعفه، وقال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال علي بن المديني: كان يقول بالقدر، وكان عندنا ثقة.
قال: (أخبرني محمد بن عمرو بن عطاء) وثَّقه أبو زرعة والنسائي وأبو حاتم، وقد ضعفه يحيى في رواية، ووثَّقه في أخرى (قال: سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم (2) أبو قتادة).
وهذا الكلام يدل على سماع محمد بن عمرو عن أبي حميد حال كونه في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو قتادة، وقال الطحاوي: محمد بن عمرو بن عطاء لم يسمع ذلك الحديث من أبي حميد، ولا ممن ذكر معه في ذلك الحديث، بينهما رجل مجهول، قد ذكر ذلك العطاف بن خالد عنه عن رجل.
قلت: وأيضًا قد أخرج المؤلف بعد حديثين سندًا آخر لهذا الحديث: حدثنا علي بن حسين بن إبراهيم، نا أبو بدر، حدثني زهير أبو خيثمة، ثنا الحسن بن الحر، حدثني عيسى بن عبد الله بن مالك، عن محمد بن عمرو بن عطاء أحد بني مالك، عن عباس أو عياش بن سهل الساعدي، وهذا السند يدل على أن بين محمد بن عمرو بن عطاء وبين أبي حميد واسطة، وهو عباس أو عياش بن سهل.
(قال أبو حميد: أنا أعلمكم (3) بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم)، ودعواه هذه مبنية
(1) وفي نسخة: "النبي".
(2)
ومحمد بن مسلمة وأبو أسيد وسهل بن سعد، وسمي منهم أبو قتادة وأبو هريرة. "ابن رسلان". (ش).
(3)
وفيه المدح للإنسان نفسه ليكون كلامه أوقع ، كالافتخار في الجهاد. "ابن رسلان". (ش).
قَالُوا: فَلِمَ؟ فَوَاللَّهِ مَا كُنْتَ بِأَكْثَرِنَا لَهُ تَبَعةً (1) وَلَا أَقْدَمَنَا لَهُ صُحْبَةً. قَالَ: بَلَى، قَالُوا: فَاعْرِضْ.
قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِىَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ كَبَّرُ (2)
===
على ظنه، فإنه ظن أن ما راقبت من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يراقبه غيري.
(قالوا) أي الصحابة الموجودون: (فَلِمَ؟ ) أي تدعي هذه الدعوى (فوالله ما كنت بأكثرنا له) أي لرسول الله صلى الله عليه وسلم (تبعة) أي لم تكن بأكثرنا اتباعًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحرص منا عليه (ولا أقدمنا له) أي لرسول الله صلى الله عليه وسلم (صحبة) فكيف تدعي هذه الدعوى؟
(قال) أبو حميد: (بلى) لم أكن أكثر منكم تبعة ولا أقدم منكم صحبة، ولكن راقبت ما لم تراقبوه (قالوا: فاعرض) أي علينا، قال في "المجمع" عن الطيبي: قالوا: فاعرض، هو من عرضت عليه كذا أي أبرزته إليه، وقال علي القاري (3): بهمزة وصل، أي إذا كنت أعلم فاعرض.
(قال) أبو حميد: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما) أي بكفيه (منكبيه، ثم أكبر)، قال ابن حجر:"ثم" هاهنا بمعنى الواو (4) لرواية البخاري: "حين يكبر"، لأنها أصح وأشهر.
قلت: لا يبعد أن يكون لفظ "ثم" هاهنا في معناه في التراخي، وفي حديث البخاري:"حين يكبر" في معنى الاقتران، ويحمل على أنه صلى الله عليه وسلم فعل مرة هكذا، ومرة هكذا، وكل من أبي حميد وابن عمر روى ما رآه.
(1) وفي نسخة: "تبعًا".
(2)
وفي نسخة: "يكبر".
(3)
"مرقاة المفاتيح"(2/ 261).
(4)
وفي الأصل: "واو" منكَّرًا.
حَتَّى يَقِرَّ كُلُّ عَظْمٍ فِى مَوْضِعِهِ مُعْتَدِلاً ثُمَّ يَقْرَأُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْفَعُ (1) يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِىَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ يَرْكَعُ وَيَضَعُ رَاحَتَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ يَعْتَدِلُ فَلَا يَنصَبُّ (2) رَأْسَهُ
===
(حتى يقر)(3) حتى يستقر ويسكن (كل عظم منه) بعد الرجوع (في موضعه معتدلاً) أي مستويًا قائمًا، والاعتدال توسط أمر بين حالين.
(ثم يقرأ) أي بعد دعاء الاستفتاح، ولم يذكر الدعاء، لأنها لا تجهر، أو القراءة تشتمل الدعاء أيضًا (ثم يكبر) أي للركوع (فيرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يركع وبضع راحتيه) أي باطن كفيه (على ركبتيه).
قال القاري (4): ويفرج أصابعه كل التفريج، ولا يندب التفريج إلَّا في هذه الحالة، ولا الضم إلَّا حال السجود، وفيما سواهما وهو حال الرفع عند التحريمة والوضع في التشهد يترك على ما عليه العادة، كذا في "شرح المنية".
(ثم يعتدل) أي في الركوع بأن يسوي رأسه وظهره حتى يصيرا كالصفحة، وتفسيره قوله:(فلا ينصب)(5) بتشديد الباء الموحدة من الانصباب، فلا يميل ولا يخفض، وفي نسخة: فلا يصبي، وفي بعضها: لا يصوب (6)(7)(رأسه)
(1) وفي نسخة: "ويرفع".
(2)
وفي نسخة: "ولا يصب".
(3)
واستدل به المالكية على سنية الإرسال. (ش).
(4)
"مرقاة المفاتيح"(2/ 261).
(5)
وفي ابن رسلان: ولا يصب بفتح أوله وضم الصاد وتشديد الباء من صب الماء. (ش).
(6)
صوبه الأزهري "ابن رسلان". (ش).
(7)
قلت: هناك خمسة نسخ، الأول: يَنْصَبُّ من الانصباب كما ضبطه الشارح، والثاني: يَنْصُبُّ من نصب الرأس كما ضبطه الخطابي في "معالم السنن"(1/ 260)، والثالث: يَصُبُّ من الصَّبِّ كما في ابن رسلان وفي النسخ المطبوعة لـ "سنن أبي داود"، والرابع: يُصَبِّي من التصبية، يقال: صبَّى الرجل رأسه يصبيه إذا خفضه جدًّا، والخاص: لا يصوب كما أشار إليه الشارح.
وَلَا يُقْنِعُ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيَقُولُ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» .
ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِىَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ مُعْتَدِلاً ثُمَّ يَقُولُ «اللَّهُ أَكْبَرُ» ، ثُمَّ يَهْوِى إِلَى الأَرْضِ فَيُجَافِى يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَثْنِى رِجْلَهُ الْيُسْرَى، ويَقْعُدُ (1) عَلَيْهَا، وَيَفْتَحُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ إِذَا سَجَدَ، وَيَسْجُدُ ثُمَّ يَقُولُ:«اللَّهُ أَكْبَرُ» ، وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَثْنِى رِجْلَهُ الْيُسْرَى، فَيَقْعُدُ (2) عَلَيْهَا حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى مَوْضِعِهِ،
===
أي عن ظهره (ولا يقنع) من أقنع رأسه إذا رفع، أي: لا يرفعه حتى يكون أعلى من ظهره.
(ثم يرفع رأسه) أي إلى القومة (فيقول: سمع الله لمن حمده، ثم يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه معتدلًا، ثم يقول: الله أكبر، ثم يهوي) أي ينزل بعد شروعه في التكبير (إلى الأرض) ساجدًا وقاصدًا للسجود فيسجد (فيجافي) أي يباعد في سجوده (يديه) أي مرفقيه (عن جنبيه، ثم يرفع رأسه) أي من السجود (ويثني) بفتح الياء الأولى أي يعطف (رجله اليسرى، ويقعد عليها، ويفتخ) بالخاء المعجمة (أصابع رجليه إذا سجد) أي يثنيها ويلينها فيوجهها نحو القبلة، هكذا في النسخ الموجودة، ذكرت هذه الجملة هاهنا بعد قوله: ثم يرفع رأسه، وأما في "المشكاة" عن أبي داود (3) فذكرت قبل قوله: ثم يرفع رأسه، وليس فيه لفظ: إذا سجد، وهو الأولى.
(ثم يسجد) أي الثانية بعد التكبير (ثم يقول: الله أكبر، ويرفع رأسه) من السجدة الثانية (ويثني رجله اليسرى، فيقعد عليها حتى يرجع كل عظم إلى موضعه).
(1) وفي نسخة: "فيقعد".
(2)
وفي نسخة: "ويقعد".
(3)
وسيأتي في أبي داود أيضًا، في "باب من ذكر التورك في الرابعة". (ش).
ثُمَّ يَصْنَعُ فِى الأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ إِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِىَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ كَمَا كَبَّرَ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ (1) يَصْنَعُ ذَلِكَ فِى بَقِيَّةِ صَلَاتِهِ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ السَّجْدَةُ الَّتِى فِيهَا التَّسْلِيمُ أَخَّرَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَقَعَدَ مُتَوَرِّكًا عَلَى شِقِّهِ الأَيْسَرِ
===
قال القاري (2): قال ابن حجر (3): فيه ندب جلسة الاستراحة في كل ركعة لا تشهد فيها، انتهى، ويمكن حمله على العذر أو بيان الجواز للجمع بين الروايات.
(ثم يصنع في الأخرى) أي في الركعة الثانية (مثل ذلك) أي مثل ما صنع في الركعة الأولى إلَّا ما استثني (4)، (ثم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة).
قال القاضي: لم يذكر الشافعي الرفع عند القيام إلى الركعة الأخرى، لأنه بني قوله على حديث ابن شهاب عن سالم، وهو لم يتعرض له، لكن مذهبه اتباع السنة، فإذا ثبت لزم القول به.
(ثم يصنع ذلك) أي ما ذكر من الأحوال (في بقية صلاته) ثلاثية كانت أو غيرها (حتى إذا كانت السجدة) المراد بها هاهنا الركعة أو السجدة بنفسها (التي فيها) أي في عقبها (التسليم أخّر) أي أخرج (رجله اليسرى) أي من تحت مقعدته إلى الأيمن (وقعد (5) متروكًا على شقه الأيسر) أي مفضيًا بوركه اليسرى إلى الأرض غير قاعد على رجله، ثم سلَّم.
(1) وفي نسخة: "و".
(2)
"مرقاة المفاتيح"(2/ 262).
(3)
قال ابن رسلان: والعجب من الطحاوي إذ قال: ليس جلسة الاستراحة في حديث أبي حميد الساعدي. (ش).
(4)
وذكر ابن رسلان المستثنيات العديدة كالثناء والنية والتكبير وغيرها.
(5)
نص في التفريق بين الجلستين "ابن رسلان". (ش).
قَالُوا: صَدَقْتَ، هَكَذَا كَانَ يُصَلِّي صلى الله عليه وسلم. [خ 828، ت 304، ن 1039، جه 862]
===
(قالوا: صدقت، هكذا كان يصلي صلى الله عليه وسلم) قال الطحاوي (1): وحديث أبي عاصم عن عبد الحميد هذا ففيه: فقالوا جميعًا: صدقت، فليس يقول ذلك أحد غير أبي عاصم، انتهى، قال في "منتقى الأخبار" (2): رواه الخمسة إلَّا النسائي وصححه الترمذي ورواه البخاري مختصرًا.
قلت: وأُعِلَّ هذا الحديث بوجوهٍ:
أولها: أن عبد الحميد بن جعفر ضعيف.
وثانيها: أن محمد بن عمرو بن عطاء لم يسمع ذلك الحديث من أبي حميد، ولا ممن ذكر معه في ذلك الحديث، بل بينهما رجل مجهول، وفي بعض الروايات وقع بينهما عياش أو عباس بن سهل.
وثالثها: ذكر فيه أبو قتادة ولم يدركه محمد بن عمرو بن عطاء.
ورابعها: أن في هذا الحديث: قالوا جميعًا: صدقت، وهذا في حديث أبي عاصم عن عبد الحميد فقط ولم يذكر هذا اللفظ أحد غير أبي عاصم.
وأجاب عن بعضها الحافظ ابن حجر في "الفتح"(3) فقال: والجواب عن ذلك، أما الأول أي عدم الاتصال بين محمد بن عمرو، وأبي حميد، فلا يضر الثقة المصرح بسماعه أن يدخل بينه وبين شيخه واسطة، إما لزيادة في الحديث، وإما ليتثبت فيه، وقد صرح محمد بن عمرو المذكور بسماعه فتكون رواية عيسى عنه من المزيد في متصل الأسانيد، وأما الثاني أي ذكر أبي قتادة في الحديث أن أبا قتادة اختلف في موته، فقيل: مات سنة 54 هـ، وعلى هذا
(1)"شرح معاني الآثار"(1/ 228).
(2)
انظر: "نيل الأوطار"(2/ 215).
(3)
"فتح الباري"(2/ 307).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
فلقاء محمد له ممكن، وعلى الأول أي على أنه مات في خلافة علي وصلى عليه علي، فلعل من ذكر مقدار عمره أو وقت وفاته وهم، أو الذي سمى أبا قتادة في الصحابة المذكورين وهم في تسميته، ولا يلزم من ذلك أن يكون الحديث الذي رواه غلطًا؛ لأن غيره ممن رواه عن محمد بن عمرو بن عطاء أو عن عباس بن سهل قد وافقه، انتهى ملخصًا.
وقال العيني (1) في جواب الحافظ: وقد اعترض بعضهم بأنه لا يضر الثقة المصرح بسماعه أن يدخل بينه وبين شيخه واسطة، إما لزيادة في الحديث، وإما لتثبيت فيه، وقد صرح محمد بن عمرو بسماعه، وأن أبا قتادة اختلف في وقت موته، فقيل: مات سنة 54 هـ، وعلى هذا فلقاء محمد له ممكن، انتهى.
قلت: هذا القائل أخذ كلامه هذا من كلام البيهقي، فإنه ذكره في كتاب "المعرفة"، والجواب عن هذا أن إدخال الواسطة إنما يصح إذا وجد السماع، وقد نفى الشعبي سماعه وهو إمام في هذا الفن، فنفيه نفي، وإثباته إثبات، ومبنى نفيه من جهة تاريخ وفاته أنه قال: قتل مع علي كما ذكرناه، وكذا قال الهيثم بن عدي، وقال ابن عبد البر: هو الصحيح، انتهى.
قلت: لم أر هذا التصحيح لابن عبد البر في "الاستيعاب"، ولعله قال في غيره من الكتاب، ولكن ذكر قولًا ثالثًا فقال (2): وقال الحسن بن عثمان: ومات أبو قتادة سنة 40 هـ، وشهد أبو قتادة مع علي في مشاهده كلها في خلافته.
واختلف الفقهاء في كيفية الجلوس في التشهد الأخير، فالسنة عندنا أن يفترش رجله اليسرى في القعدتين جميعًا، وبين السجدتين، ويقعد عليها وينصب اليمنى نصبًا، وهذا قول الثوري، وقال الشافعي: السنة في القعدة الأولى
(1)"عمدة القاري"(4/ 576).
(2)
"الاستيعاب"(4/ 1731). وانظر: "أسد الغابة"(5/ 69)، رقم الترجمة (6174).
729 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ - يَعْنِى ابْنَ أَبِى حَبِيبٍ -، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْعَامِرِىِّ قَالَ: "كُنْتُ فِى مَجْلِسٍ عنْ (1) أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَذَاكَرُوا صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ، فَذَكَرَ بَعْضَ هَذَا الْحَدِيثِ،
===
كذلك، فأما في الثانية فإنه يتورك، وقال مالك: يتورك فيهما جميعًا، احتج الإِمام الشافعي بهذا الحديث.
ولنا ما روي عن عائشة قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة بالتكبير"، الحديث، وفيه: وكان يقول في كل ركعتين التحية، وكان يفرش رجله اليسرى، وينصب رجله اليمنى، عزاه في "منتقى الأخبار"(2) إلى أحمد ومسلم وأبي داود.
وحديث وائل بن حجر: "أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فسجد، ثم قعد فافترش رجله اليسرى"، وعزاه أيضًا إلى أحمد وأبي داود والنسائي.
وحديث رفاعة بن رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي: "إذا سجدت فمكن بسجودك، فإذا جلست فاجلس على رجلك اليسرى"، عزاه إلى أحمد.
وهذا عندنا في حق الرجال، وأما المرأة فتقعد كأستر ما يكون لها فتجلس متوركة.
729 -
(حدثنا قتيبة بن سعيد، ثنا ابن لهيعة (3)، عن يزيد- يعني ابن أبي حبيب-، عن محمد بن عمرو بن حلحلة، عن محمد بن عمرو العامري قال: كنت في مجلس عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتذاكروا صلاته صلى الله عليه وسلم، فقال أبو حميد، فذكر) أي: محمد بن عمرو بن حلحلة، وقائله المؤلف (بعض هذا الحديث) أي: الحديث الذي رواه عبد الحميد بن جعفر، عن محمد بن عمرو.
(1) وفي نسخة: "من".
(2)
"نيل الأوطار"(2/ 319).
(3)
بفتح اللام، "ابن رسلان". (ش).
وَقَالَ: فَإِذَا (1) رَكَعَ أَمْكَنَ كَفَّيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ غَيْرَ مُقْنِعٍ رَأْسَهُ وَلا صَافِحٍ بِخَدِّهِ. وَقَالَ: فَإِذَا قَعَدَ فِى الرَّكْعَتَيْنِ قَعَدَ عَلَى بَطْنِ قَدَمِهِ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْيُمْنَى، فَإِذَا كَانَ فِى الرَّابِعَةِ أَفْضَى بِوَرِكِهِ الْيُسْرَى إِلَى الأَرْضِ وَأَخْرَجَ قَدَمَيْهِ مِنْ نَاحِيَةٍ وَاحِدَةٍ". [خ 828]
===
وغرض المصنف عن هذا الكلام أن عبد الحميد ومحمد بن عمرو بن حلحلة كلاهما رويا هذا الحديث عن محمد بن عمرو بن عطاء، ولكن حديث محمد بن عمرو بن حلحلة مختصر، ثم بين الاختلاف بينهما فقال:
(وقال) محمد بن عمرو بن حلحلة: (فإذا ركع أمكن كفيه من ركبتيه) أي مكنهما من أخذهما والقبض عليهما (وفرج بين أصابعه) ولا يندب التفريج إلَّا في هذه الحالة، ولا الضم إلَّا في حال السجود (ثم هصر ظهره) أي ثناه وخفضه، وأصل الهصر أن تأخذ برأس الغصن وتثنيه إليك وتعطفه (غير مقنع رأسه) أي غير رافع رأسه عن ظهره (ولا صافح بخده) أي غير مبرز صفحة خده، ولا مائل له في أحد الشقين.
(وقال) أي محمد بن عمرو بن حلحلة: (فإذا قعد في الركعتين) أي بعد الركعتين (قعد على بطن قدمه اليسرى ونصب اليمنى، فإذا كان في الرابعة) أي في تمام الرابعة (أفضى) أي أوصل (بوركه اليسرى إلى الأرض وأخرج قدميه من ناحية واحدة) وهي اليمنى.
قال علي القاري (2): وإطلاق الإخراج على اليمنى تغليب، لأن المخرج حقيقة هو اليسرى لا غير، ذكره ابن حجر، انتهى.
قلت: اختلفت الروايات في صفة التورك، ففي رواية البخاري عن أبي حميد الساعدي: "فإذا جلس في الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى
(1) وفي نسخة: "إذا".
(2)
"مرقاة المفاتيح"(2/ 264).
730 -
حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمِصْرِىُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِىِّ وَيَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ نَحْوَ هَذَا. قَالَ:"فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلَا قَابِضِهِمَا وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ الْقِبْلَةَ". [انظر تخريج الحديث السابق]
===
ونصب الأخرى، وقعد على مقعدته"، وفي رواية أبي داود من طريق محمد بن عمرو بن حلحلة في حديث أبي حميد: "فإذا كان في الرابعة أفضى بوركه اليسرى إلى الأرض، وأخرج قدميه من ناحية واحدة".
فالحديث الذي أخرجه البخاري يدل على نصب اليمنى، وحديث أبي داود يقتضي إخراجها من غير نصبها.
ومذهب الحنفية في ذلك ما ذكره صاحب "البدائع"(1): وتفسير التورك أن يضع إليتيه على الأرض، ويخرج رجليه إلى الجانب الأيمن، ويجلس على وركه الأيسر، فالأولى أن يقال: إن إخراج القدمين محمول على معناه الحقيقي، والحديثان محمولان على اختلاف الأوقات بأنه صلى الله عليه وسلم فعل مرة هكذا ومرة هكذا.
وقد ذكر مسلم في "صحيحه" من حديث ابن الزبير صفة ثالثة لجلوس التشهد الأخير، وهي أنه صلى الله عليه وسلم كان يجعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه.
730 -
(حدثنا عيسى بن إبراهيم المصري) ثقة، (نا ابن وهب، عن الليث بن سعد، عن يريد بن محمد القرشي ويزيد بن أبي حبيب، عن محمد بن عمرو بن حلحلة، عن محمد بن عمرو بن عطاء نحو هذا) أي نحو الحديث الذي تقدم عن ابن أبي حبيب عن ابن عمرو بن حلحلة.
(قال) ابن عمرو بن حلحلة: (فإذا سجد وضع يديه غير مفترش) يديه على الأرض (ولا قابضهما) بأن يضمهما ويجمعهما إليه (واستقبل بأطراف أصابعه) أي أصابع رجليه، كما هو مصرح في رواية البخاري (القبلة).
(1)"بدائع الصنائع"(1/ 496).
731 -
حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ، حَدَّثَنِى زُهَيْرٌ أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ، حَدَّثَنِى عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ أَحَدِ بَنِى مَالِكٍ، عَنْ عَبَّاسٍ - أَوْ عَيَّاشِ - بْنِ سَهْلٍ (1) السَّاعِدِىِّ: أَنَّهُ كَانَ فِى مَجْلِسٍ فِيهِ أَبُوهُ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ (2) صلى الله عليه وسلم وَفِى الْمَجْلِسِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِىُّ وَأَبُو أُسَيْدٍ، بِهَذَا الْخَبَرِ
===
731 -
(حدثنا علي بن حسين بن إبراهيم، نا أبو بدر) شجاع بن الوليد، (حدثني زهير (3)) بن حرب بن شداد (أبو خيثمة) النسائي، (ثنا الحسن بن الحر، ثني عيسى بن عبد الله بن مالك، عن محمد بن عمرو بن عطاء أحد بني مالك) سيذكر المصنف هذه الرواية في "باب التورك في الرابعة"، ولم يذكر فيها واسطة محمد بن عمرو بن عطاء، ولعله سقط من النساخ.
(عن عباس أو عياش بن سهل الساعدي) لم أجد عياشًا بالياء المثناة من تحت والشين المعجمة، ابن سهل في كتب أسماء الرجال، بل ذكروا عباس بن سهل فقط، أي بالباء الموحدة والسين المهملة، ولعل الشك فيه من علي بن حسين شيخ المؤلف، كما يفهم من الرواية التي أخرجها البيهقي في "سننه" من غير طريق علي بن حسين بن إبراهيم، فإنه لم يذكر فيها الشك، بل ذكر عباس (4) بن سهل بالباء الموحدة من غير شك.
(أنه) أي عباس بن سهل (كان في مجلس فيه أبوه) أي أبو عباس وهو سهل (وكان) أي سهل (من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وفي المجلس) أي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (أبو هريرة وأبو حميد الساعدي وأبو أسيد، بهذا الخبر) أي روى
(1) وفي نسخة: "بن سعد".
(2)
وفي نسخة: "رسول الله".
(3)
وفي "المنهل"(1/ 112): زهير بن معاوية، ويؤيده أن ابن حرب من مشايخ أبي داود، وهاهنا بدرجتين فوقه، نبَّه عليه الحكيم محمد أيوب المظاهري. (ش).
(4)
وكذا في رواية "الصحيحين". (ش).
يَزِيدُ أَوْ يَنْقُصُ، قَالَ فِيهِ: ثُمَّ رَفَعَ (1) رَأْسَهُ - يَعْنِى مِنَ الرُّكُوعِ - فَقَالَ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ» ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ:«اللَّهُ أَكْبَرُ» ، فَسَجَدَ فَانْتَصَبَ عَلَى كَفَّيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَصُدُورِ قَدَمَيْهِ، وَهُوَ سَاجِدٌ، ثُمَّ كَبَّرَ، فَجَلَسَ فَتَوَرَّكَ وَنَصَبَ قَدَمَهُ الأُخْرَى، ثُمَّ كَبَّرَ
===
عيسى بن عبد الله بالخبر المتقدم (يزيد أو ينقص) هكذا في النسخ (2) الموجودة بلفظ الشك، أي قال الراوي: يزيد عيسى في حديثه على الحديث المتقدم أو ينقص منه.
(قال) عيسى بن عبد الله (فيه) أي في حديثه: (ثم رفع رأسه يعني من الركوع، فقال: سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد، ورفع يديه)(3) أي في القومة.
(ثم قال: الله أكبر، فسجد فانتصب) أي استوى (على كفيه وركبتيه وصدور قدميه) تفسير لقوله: فسجد، وبيان لكيفية السجود (وهو ساجد) جملة حالية، أي فعل ذلك في حالة السجود، ويخالف هذا اللفظ ما سيأتي من هذا الحديث في باب التورك من قوله:"وهو جالس"، والذي عندي أن قوله:"وهو جالس" في هذا الحديث مسخ من النساخ وغلط، والصواب ما في هذا الحديث من لفظ:"وهو ساجد"، كما هو الظاهر.
(ثم كبر) أي للرفع عن السجود (فجلس) أي بين السجدتين (فتورك)(4) أي أفضى بوركه إلى الأرض (ونصب قدمه الأخرى) أي اليمنى (ثم كبر)
(1) وفي نسخة: "يرفع".
(2)
وكذا في نسخة ابن رسلان. (ش).
(3)
جعله ابن رسلان للسجود، فقال: فيه دليل على أن رفع اليدين للسجود، وهو خلاف ما عليه الجمهور ثم بسطه. (ش).
(4)
فيه التورك بين السجدتين، ولم يقل به الشافعي. (ش).
فَسَجَدَ ثُمَّ كَبَّرَ فَقَامَ وَلَمْ يَتَوَرَّكْ، ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ.
قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى إِذَا هُوَ أَرَادَ أَنْ يَنْهَضَ (1) لِلْقِيَامِ قَامَ بِتَكْبِيرَةٍ، ثُمَّ رَكَعَ الرَّكْعَتَيْنِ الأُخْرَيَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرِ التَّوَرُّكَ فِى التَّشَهُّدِ. [دي 1307]
732 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، أَخْبَرَنِى فُلَيْحٌ، حَدَّثَنِى عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ: "اجْتَمَعَ أَبُو حُمَيْدٍ وَأَبُو أُسَيْدٍ وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَذَكَرُوا صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
===
أي للسجدة الثانية (فسجد ثم كبر) أي للرفع من السجدة الثانية (فقام ولم يتورك) أي لم يجلس متوركًا.
وهذا السياق يخالف ما تقدم من سياق حديث عبد الحميد بن جعفر، فإن فيه: ثم يرفع رأسه ويثني رجله اليسرى ويقعد عليها.
(ثم ساق الحديث. قال) أي عيسى بن عبد الله: (ثم جلس بعد الركعتين حتى إذا هو) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (أراد أن ينهض للقيام) أي يقوم (قام بتكبيرة، ثم ركع الركعتين الأخريين، ولم يذكر) أي عيسى بن عبد الله (التورك) كما ذكره عبد الحميد بن جعفر (في التشهد) أي الثاني كما لم يذكر في التشهد الأول.
732 -
(حدثنا أحمد بن حنبل، نا عبد الملك بن عمرو، أخبرني فليح) بن سليمان بن أبي المغيرة، أبو يحيى المدني، قال ابن معين وأبو حاتم والنسائي: ليس بالقوي، وقال الدارقطني: يختلفون فيه ولا بأس به، قال أبو داود: لا يحتج بفليح.
(حدثني عباس بن سهل قال: اجتمع أبو حميد وأبو أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن مسلمة فذكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم،
(1) وفي نسخة: "أنه يتهض".
فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ (1) صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ بَعْضَ هَذَا. قَالَ: ثُمَّ رَكَعَ فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ كَأَنَّهُ قَابِضٌ عَلَيْهِمَا، وَوَتَّرَ يَدَيْهِ فَتَجَافَى عَنْ جَنْبَيْهِ. وقَالَ: ثُمَّ سَجَدَ فَأَمْكَنَ أَنْفَهُ وَجَبْهَتَهُ وَنَحَّى يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ حَتَّى رَجَعَ كُلُّ عَظْمٍ فِى مَوْضِعِهِ، حَتَّى فَرَغَ،
===
فقال أبو حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر) فليح (بعض هذا) أي الحديث المتقدم.
(قال) فليح: (ثم ركع فوضع يديه على ركبتيه كأنه) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (قابض عليهما) أي على الركبتين (ووتر يديه) أي جعلهما كالوتر، شبه يدي الراكع إذا مدهما قابضًا على ركبتيه بالقوس إذا أوترت (فتجافى) هكذا في النسخ الموجودة بصيغة المفرد على الماضي، والمرجع مثنى، فيأول بكل واحد منهما، أي تباعد كل من يديه عن جنبيه، ولفظ رواية فليح في البيهقي (2):"ووتر يديه فنحاهما عن جنبيه".
والفرق بين لفظ أبي داود ولفظ البيهقي باعتبار المعنى أن لفظ أبي داود فتجافى (3) لازم يدل على أنه لما وتَّر يديه فَتَبَاعَد اليدان عن الجنبين بغير واسطة فعل الفاعل، وأما معنى نَحَّى أنه صلى الله عليه وسلم وتَّر يديه وبَعَّدَهما عن جنبيه، فيدل على أنه صلى الله عليه وسلم فعل الفعلين بالقصد.
(عن جنبيه. وقال) أي فليح: (ثم سجد فأمكن) أي أقَرَّ ووضع (أنفه وجبهته) أي على الأرض (ونحَّى يديه عن جنبيه) أي في حالة السجود (ووضع كفيه حذو منكبيه، ثم رفع رأسه) أي من السجود (حتى رجع كل عظم في موضعه) أي جلس بعد ما رفع رأسه من السجدة الأولى حتى رجع كل عظم في موضعه، ثم سجد السجدة الثانية (حتى فرغ) من السجدتين.
(1) وفي نسخة: "النبي".
(2)
وكذا في الترمذي، "ابن رسلان". (ش).
(3)
إلَّا أن متن ابن رسلان "يجافي" بالياء التحتانية، فلا فرق بينهما. (ش).
ثُمَّ جَلَسَ فَافْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَأَقْبَلَ بِصَدْرِ الْيُمْنَى عَلَى قِبْلَتِهِ، وَوَضَعَ كَفَّهُ الْيُمْنَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى، وَكَفَّهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ". [ت 260، جه 863، خزيمة 589، ق 2/ 73]
===
ويحتمل أن يكون السجدتان اللتان فرغ منهما من الركعة الأولى، فعلى هذا يكون ذكر الركعة الثانية محذوفًا، لأنها مثل الأولى، ويحتمل أن يكون المراد الفراغ من السجدتين اللتين في الركعة الثانية.
(ثم جلس) للتشهد (فافترش رجله اليسرى) وقعد عليها (وأقبل بصدر اليمنى على قبلته، ووضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى، وكفه اليسرى على ركبته اليسرى، وأشار بأصبعه) أي المسبحة.
قال علي القاري في "المرقاة"(1): قال ابن الهمام: وفي مسلم: "كان عليه السلام إذا جلس في الصلاة وضع كله اليمنى على فخذه اليمنى، وقبض أصابعه كلها، وأشار بأصبعه التي تلي الإبهام، ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى"، ولا شك أن وضع الكف مع قبض الأصابع لا يتحقق حقيقة، فالمراد - والله أعلم- وضع الكف، ثم قبض الأصابع بعد ذلك عند الإشارة، وهو المروي عن محمد في كيفية الإشارة، قال: يقبض خنصره والتي تليها، ويحلق الوسطى والإبهام، ويقيم المسبحة، وكذا عن أبي يوسف في "الأمالي"، وهذا فرع تصحيح الإشارة.
وعن كثير من المشايخ لا يشير أصلًا، وهو خلاف الدراية والرواية.
وعن الحلواني: يقيم الأصبع عند "لا إله" ويضعها عند "إلَّا الله"، ليكون الرفع للنفي، والوضع للإثبات، وينبغي أن تكون أطراف الأصابع على حرف الركبة لا مباعدة عنها.
قال ابن حجر: وفيه تفصيل بَيَّنَتْه بقية الروايات، وجرى عليه أئمتنا حيث قالوا: يُسَنُّ وضع بطن كفيه على فخذيه قريبًا من ركبتيه للاتباع، رواه مسلم.
(1)"مرقاة المفاتيح"(2/ 264).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِى حَكِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ (1) ، لَمْ يَذْكُرِ التَّوَرُّكَ،
===
واستفيد منه أنه يسن رفع مسبحته اليمنى لكن مع انحنائها قليلًا لخبر صحيح فيه إلى جهة القبلة لحديث فيه أيضًا عند قوله: لا إله إلَّا الله للاتباع، رواه مسلم وغيره، وبه يخص عموم خبر أبي داود:"كان يشير بأصبعه إذا دعا أو تشهد" على أن التشهد حقيقة النطق بالشهادتين.
ويسن أن ينوي بإشارته حينئذ التوحيد والإخلاص فيه للاتباع، رواه البيهقي بسند فيه مجهول.
ويسن أن لا يجاوز بصره إشارته للاتباع أيضًا رواه أبو داود بسند صحيح.
ويكره عندنا تحريك المسبحة، لأنه عليه السلام كان يتركه، وقيل: يسن لأنه عليه السلام كان يفعله. روى الخبرين البيهقي وصححهما، ثم قال: ويحتمل أن يكون المراد بتحريكها في خبره رفعها لا تكرير تحريكها، وهو احتمال ظاهر للجمع بين الحديثين، وأما خبر:"تحريك الأصابع مذعرة للشيطان"(2)، أي: منفرة له، فضعيف، انتهى كلام علي القاري.
(قال أبو داود: روى هذا الحديث عتبة بن أبي حكيم) صدوق يخطئ كثيرًا، (عن عبد الله (3) بن عيسى)، والصواب: عيسى بن عبد الله، قال في "تهذيب التهذيب" (4): قال بعضهم: عبد الله بن عيسى بن مالك، وهو وهم، (عن العباس بن سهل، لم يذكر) أي عتبة بن أبي حكيم في حديثه (التورك) أي لا في الجلسة الأولى ولا بين السجدتين
(1) زاد في نسخة: "الساعدي".
(2)
أخرجه البيهقي في "سننه"(2/ 123) والروياني في "مسنده"(2/ 423) رقم (1439).
(3)
وفي نسخة ابن رسلان: عبيد الله بن عيسى بن عبد الرحمن الأنصاري "ابن رسلان". (ش).
(4)
(8/ 217).
وَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ فُلَيْحٍ، وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ نَحْوَ جِلْسَةِ حَدِيثِ فُلَيْحٍ وَعُتْبَةَ.
===
ولا في الجلسة (1) الأخرى (وذكر نحو حديث فليح) في أنه أيضًا لم يذكر التورك مطلقًا.
والحاصل أنه وقع الاختلاف في الروايات في ذكر التورك، فأما عبد الحميد بن جعفر ومحمد بن عمرو بن حلحلة فذكرا التورك في حديثيهما في الجلسة الأخرى فقط، وأما الحسن بن الحر فذكر التورك في القعدة بين السجدتين، ولم يذكره في غيرها من الجلسة الأخرى والأولى، ولا في جلسة الاستراحة، وأما فليح وعتبة بن أبي حكيم فلم يذكرا التورك لا في الجلسة الأولى، ولا في الثانية، ولا بين السجدتين، ولا في جلسة الاستراحة، كما سنذكره مفصلًا.
(وذكر الحسن بن الحر) الجلسة للتشهد الثاني من غير ذكر التورك (نحو جلسة) التشهد الثاني المذكورة في (حديث فليح وعتبة).
وحاصل هذا الكلام أن عبد الحميد بن جعفر عن محمد بن عمرو بن عطاء ذكر التورك في الجلسة الثانية، كما ذكره محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو العامري، ولكن الحسن بن الحر وفليح وعتبة كلهم لم يذكروا هذه الجلسة الثانية بالتورك، كما ذكراه، فإن الحسن بن الحر ذكر في حديثه: ثم ركع الركعتين الأخريين، ولم يذكر التورك في التشهد، فإنه يدل على أن فيه ذكر التشهد والجلسة، وليس فيه ذكر التورك.
وفيما رواه الطحاوي في حديث الحسن بن الحر عن عيسى، قال: وحديث عيسى أن مما حدثه أيضًا في الجلوس في التشهد أن يضع يده
(1) قلت: بل لم يذكر الجلوس الأخير كما سيأتي في "باب من ذكر التورك في الرابعة". (ش).
733 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنِى عُتْبَةُ، حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ السَّاعِدِىِّ، عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ بِهَذَا (1) الْحَدِيثِ قَالَ:"وَإِذَا سَجَدَ فَرَّجَ بَيْنَ فَخِذَيْهِ غَيْرَ حَامِلٍ بَطْنَهُ عَلَى شَىْءٍ مِنْ فَخِذَيْهِ". [انظر تخريج الحديث السابق]
===
اليسرى على فخذه اليسرى، ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ثم يشير بالدعاء بأصبع واحدة.
وكذلك في حديث فليح فإنه قال في حديثه: ثم جلس فافترش رجله اليسرى وأقبل بصدر اليمنى على قبلته، ووضع كله اليمنى على ركبته اليمنى، وكفه اليسرى على ركبته اليسرى، وأشار بأصبعه.
وكذلك في حديث عتبة أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(2) وفيه: فإذا قعد للتشهد أضجع رجله اليسرى ونصب اليمنى على صدرها ويتشهد.
قلت: ولكن حديث الحسن بن الحر يخالف حديث عبد الحميد وفليح وعتبة في أنه ذكر التورك في جلسة بين السجدتين ولم يذكره أحد منهم، وما قال صاحب "عون المعبود"(3) في شرح هذا الكلام لا يلتفت إليه.
733 -
(حدثنا عمرو بن عثمان، نا بقية، حدثني عتبة، حدثني عبد الله بن عيسى، عن العباس بن سهل الساعدي، عن أبي حميد بهذا الحديث) المتقدم من حديث فليح عن عباس بن سهل (قال) عتبة، والقائل المصنف، وجه الاختصاص بذكر هذا القول أنه زيادة على حديث فليح (وإذا سجد فَرَّجَ بين فخذيه) أي لم يكن الفخذان متصلة إحداهما بالأخرى (غير حامل بطنه على شيء من فخذيه) بل الفخذان منفصلتان عن البطن.
(1) وفي نسخة: "في هذا".
(2)
(1/ 260).
(3)
(2/ 431).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: ورَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا فُلَيْحٌ، سَمِعْتُ عَبَّاسَ بْنَ سَهْلٍ يُحَدِّثُ فَلَمْ أَحْفَظْهُ فَحَدَّثَنِيهِ، أُرَاهُ ذَكَرَ عِيسَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ قَالَ: حَضَرْتُ أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِىَّ (1).
734 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ (2) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فِى هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: "فَلَمَّا سَجَدَ وَقَعَتَا
===
(قال أبو داود: ورواه ابن المبارك)(3) عبد الله، (أنا فليح، سمعت عباس بن سهل يحدث) بهذا الحديث (فلم أحفظه) أي نسيته (فحدثنيه) أي هذا الحديث (أراه) أي أظن فليحًا (ذكر عيسى بن عبد الله) مفعول لذكر، والفاعل ضمير يعود إلى فليح، أي بعد ما نسيت ما حدثني عباس بن سهل حدثني عيسى بن عبد الله، وقائل هذه الجملة: أي أراه ذكر عيسى بن عبد الله، عبد الله بن المبارك، وأما على النسخة التي ليس فيها لفظ ذكر بل فيها أراه عيسى، فحينئذ عيسى فاعل لقوله: فحدثنيه (أنه) أي عيسى بن عبد الله (سمعه) أي هذا الحديث (من عباس بن سهل قال: حضرت أبا حميد الساعدي).
734 -
(حدثنا محمد بن معمر) ولعله القيسي، أبو عبد الله البصري المعروف بالبحراني، ويحتمل أن يكون الحضرمي البصري، (نا حجاج بن منهال، ثنا همام، نا محمد بن جحادة، عن عبد الجبار (4) بن وائل، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث) أي في الحديث المتقدم في صفة الصلاة.
(قال) أي وائل بن حجر: (فلما سجد) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (وقعتا) هكذا في النسخ الموجودة إلَّا ما كتبت على الحاشية، فإن فيها: وقعت، أما ما في
(1) زاد في نسخة: "بهذا الحديث".
(2)
زاد في نسخة: "بن حجر".
(3)
أخرج روايته البخاري في "التاريخ الكبير"(6/ 390).
(4)
ضعفه ابن رسلان. (ش).
رُكْبَتَاهُ إِلَى الأَرْضِ قَبْلَ أَنْ تَقَعَا (1) كَفَّاهُ، فَلَمَّا سَجَدَ وَضَعَ جَبْهَتَهُ بَيْنَ كَفَّيْهِ وَجَافَى عَنْ إِبْطَيْهِ".
قَالَ حَجَّاجٌ: وَقَالَ هَمَّامٌ: وَحَدَّثَنَا شَقِيقٌ، حَدَّثَنِى عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ هَذَا. وَفِى حَدِيثِ أَحَدِهِمَا - وَأَكْبَرُ (2) عِلْمِى أَنَّهُ حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ -: وَإِذَا (3) نَهَضَ نَهَضَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَى فَخِذَيْهِ. (4).
===
المتن بصيغة التثنية فيكون (5) من قبيل قول الله تعالى: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} (6)، وقول العرب: أكلوني البراغيث (ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقعا كفاه) وهذا مثل قوله: وقعتا.
(فلما سجد وضع جبهته بين كفيه وجافى) أي باعد عضديه (عن إبطيه، قال حجاج: وقال همام: وحدثنا شقيق، حدثني عاصم بن كليب، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا) أي بمثل حديث وائل.
(وفي حديث أحدهما) أي محمد بن جحادة وشقيق، وقائل هذا الكلام إما همام أو المؤلف (وأكبر علمي أنه) أي ما يذكر فيما بعد من قوله: إذا نهض
…
إلخ، (في حديث محمد بن جحادة: وإذا نهض) أي قام (نهض على ركبتيه واعتمد) أي بيديه (على فخذيه)(7) والمراد أنه لم يعتمد بيديه على الأرض.
(1) وفي نسخة: "تقع".
(2)
وفي نسخة: "أكثر".
(3)
وفي نسخة: "فإذا".
(4)
وفي نسخة: "فخذه"، وزاد في نسخة:"قال أبو داود: رواه عفان عن همام، قال: ثنا شقيق أو الليث".
(5)
ذكر ابن رسلان له شواهد عديدة. (ش).
(6)
سورة الأنبياء: الآية 3.
(7)
وفي "ابن رسلان": فخذه، وقال: بالإفراد والمعنى التثنية، انتهى، قلت: وسيأتي بالإفراد "في باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه". (ش).
735 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ فِطْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:"رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْفَعُ إِبْهَامَيْهِ فِى الصَّلَاةِ إِلَى شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ". [حم 4/ 316، ن 882]
736 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِى أَبِى، عَنْ جَدِّى، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَبَّرَ لِلصَّلَاةِ جَعَلَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ،
===
وحديث كليب هذا مرسل، لأن كليبًا هذا هو كليب بن شهاب الجرمي، قال أبو عمر: له ولأبيه صحبة، وجزم أبو حاتم الرازي والبخاري وغير واحد بأن كليبًا تابعي، وكذا ذكره أبو زرعة وابن سعد وابن حبان في "ثقات التابعين"، قال الحافظ في "التقريب" في ترجمة كليب بن شهاب: ووهم من ذكره في الصحابة.
735 -
(حدثنا مسدد، نا عبد الله بن داود، عن فطر) بن خليفة المخزومي، (عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه قال) أي وائل: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع إبهاميه في الصلاة إلى شحمة أذنيه).
736 -
(حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث (1)، حدثني أبي، عن جدي، عن يحيى بن أيوب) الغافقي، (عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، عن ابن شهاب) الزهري، (عن أبي بكر (2) بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبي هريرة أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة) أي لافتتاحها (جعل يديه حذو منكبيه، وإذا ركع فعل مثل ذلك) أي رفع يديه
(1) ابن سعيد، "ابن رسلان". (ش).
(2)
قيل: اسمه المغيرة ولا يصح، بل الصواب اسمه أبو بكر، وكنيته أبو عبد الرحمن. "ابن رسلان". (ش).
وَإِذَا رَفَعَ لِلسُّجُودِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَإِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ". [خزيمة 694 - 695]
737 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِى هُبَيْرَةَ، عَنْ مَيْمُونٍ الْمَكِّىِّ "أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَصَلَّى بِهِمْ،
===
حذو منكبيه، (وإذا رفع) أي رأسه عن الركوع (1)(للسجود فعل مثل ذلك) أي رفع يديه (وإذا قام من الركعتين فعل مثل ذلك) أي يرفع يديه، انتهى.
737 -
(حدثنا قتيبة بن سعيد، نا ابن لهيعة) عبد الله، (عن أبي هبيرة)(2) عبد الله، وفي نسخة على الحاشية: ابن هبيرة، وكلاهما صحيح، فإنه عبد الله ابن هبيرة بن أسعد بن كهلان السبائي الحضرمي، أبو هبيرة المصري، قال في "تهذيب التهذيب" في ترجمة شيخه ميمون المكي: روى عن ابن الزبير وابن عباس، وعنه عبد الله بن هبيرة السبائي المصري، فما قال صاحب "عون المعبود" (3) في ترجمة أبي هبيرة: اسمه محمد بن الوليد بن هبيرة الهاشمي الدمشقي القلانسي، غلط فاضح، وكيف يمكن أن يكون المذكور في الرواية هو محمد بن الوليد، فإنه من الطبقة الحادية عشرة؟ فلا يمكن أن يكون أستاذًا لعبد الله بن لهيعة، وهو من السابعة، وتلميذ الميمون المكي وهو من الرابعة.
(عن ميمون المكي) قال في "الخلاصة"(4): ميمون المكي عن ابن عباس، وعنه عبد الله بن هبيرة، مجهول، وقال في "الميزان": ميمون المكي عن ابن عباس لا يعرف، تفرَّد عنه عبد الله بن هبيرة السبائي، وفي "التقريب": مجهول من الرابعة.
(أنه) أي ميمون المكي (رأى عبد الله بن الزبير، وصلَّى بهم) والواو
(1) قال ابن رسلان: وهذا يشمل إذا نهض من السجود للثانية والرابعة والتشهدين، ويشمل ما إذا قام للثالثة، قلت: وسيأتي في "باب عدم الرفع في غير الافتتاح" أن مذهبه بخلاف حديث الباب. (ش).
(2)
وقال ابن رسلان في "شرحه": هو خليفة بن خياط العصفري. (ش).
(3)
(2/ 435).
(4)
(ص 394).
يُشِيرُ بِكَفَّيْهِ حِينَ يَقُومُ، وَحِينَ يَرْكَعُ، وَحِينَ يَسْجُدُ، وَحِينَ يَنْهَضُ لِلْقِيَامِ، فَيَقُومُ فَيُشِيرُ بِيَدَيْهِ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ: إِنِّى رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ صَلَّى صَلَاةً لَمْ أَرَ أَحَدًا يُصَلِّيهَا، فَوَصَفْتُ (1) لَهُ هَذِهِ الإِشَارَةَ، فَقَالَ: إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاقْتَدِ بِصَلَاةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ". [حم 1/ 255]
738 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ، الْمَعْنَى،
===
حالية، والمعنى: والحال أن عبد الله بن الزبير صلَّى بهم، أي بميمون المكي وبمن معه (يشير (2) بكفيه حين يقوم) أي للصلاة حين افتتاح الصلاة (وحين يركع، وحين يسجد، وحين ينهض للقيام) من السجود (3)(فيقوم فيشير بيديه) أي يرفعهما.
(فانطلقت إلى ابن عباس، فقلت: إني رأيت ابن الزبير صلَّى صلاة لم أر أحدًا) من الصحابة وكبار التابعين (يصليها) أي بهذه الكيفية من رفع اليدين عند الركع والسجود والقيام منه (فوصفت له هذه الإشارة، فقال) أي عبد الله بن عباس: (إن أحببت أن تنظر إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقتد بصلاة عبد الله بن الزبير).
738 -
(حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن أبان، المعنى) أي معنى حديثهما
(1) وفي نسخة: "ووصفت".
(2)
قال ابن رسلان: يشبه أن يكون المراد بلفظ "يشير" الرفع، وعبره به، لأنه كان إمامًا، رفعهما إشارة للمقتدين أن يرفعوا، قلت: والظاهر أن ابن الزبير فعله اتباعًا في غاية المحبة، وإليه أشار ابن عباس، فإنه قد يفعل بالمنسوخ الإجماعي أيضًا، فقد أخرج أبو داود الطيالسي أن ابن الزبير صلَّى المغرب ركعتين، ثم استلم الحجر، ثم صلَّى ركعة، وقال ابن عباس: هو السنَّة. [انظر: "مسند أبي داود الطيالسي" (2780)، و "مسند أحمد" (3258)، و"مسند أبي يعلى" (2597)]. (ش).
(3)
أو التشهد "ابن رسلان". (ش).
قَالَا: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ كَثِيرٍ - يَعْنِى السَّعْدِىَّ - قَالَ: "صَلَّى إِلَى جَنْبِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ فِى مَسْجِدِ الْخَيْفِ، فَكَانَ إِذَا سَجَدَ السَّجْدَةَ الأُولَى فَرَفَعَ رَأْسَهُ مِنْهَا رَفَعَ يَدَيْهِ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ، فَقُلْتُ لِوُهَيْبِ بْنِ خَالِدٍ، فَقَالَ لَهُ وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ: تَصْنَعُ شَيْئًا لَمْ أَرَ أَحَدًا يَصْنَعُهُ؟ فَقَالَ ابْنُ طَاوُسٍ: رَأَيْتُ أَبِى يَصْنَعُهُ، وَقَالَ أَبِى: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَصْنَعُهُ، وَلَا أَعْلَمُ إِلَاّ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُهُ". [ن 1146]
739 -
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِىٍّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ "أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ فِى الصَّلَاةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَإِذَا رَكَعَ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَإِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ،
===
واحد (قالا: نا النضر بن كثير يعني السعدي) أبو سهل البصري، قال في "التقريب": ضعيف، وقال في "الميزان": قال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات.
(قال) أي النضر: (صلَّى إلى جنبي عبد الله بن طاوس في مسجد الخيف) أي بمنى (فكان) أي ابن طاوس (إذا سجد السجدة الأولى فرفع رأسه منها) أي من السجدة (رفع يديه تلقاء وجهه، فأنكرت ذلك، فقلت لوهيب بن خالد) أي ما رأيت من عبد الله بن طاوس وما أنكرته (فقال له) أي لابن طاوس (وهيب بن خالد: تصنع شيئًا) من رفع اليدين عند القيام من السجدة الأولى الم أرَ أحدًا) من العلماء (يصنعه؟ فقال ابن طاوس: رأيت أبي) طاوسًا (يصنعه، وقال أبي: رأيت ابن عباس يصنعه، ولا أعلم إلَّا أنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنعه).
739 -
(حدثنا نصر بن علي، أنا عبد الأعلى، نا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر أنه) أي عبد الله بن عمر (كان إذا دخل في الصلاة أكبر) للافتتاح (ورفع يديه وإذا ركع) أي رفع يديه (وإذا قال: سمع الله لمن حمده) رفع يديه (وإذا قام من الركعتين) أي بعد التشهد الأول (رفع يديه،
وَيَرْفَعُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم". [خ 739]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الصَّحِيحُ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَلَيْسَ بِمَرْفُوعٍ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى بَقِيَّةُ أَوَّلَهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَسْنَدَهُ، وَرَوَاهُ (1) الثَّقَفِىُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَوْقَفَهُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ، وَقَالَ فِيهِ:"وَإِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ يَرْفَعُهُمَا إِلَى ثَدْيَيْهِ" وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ.
قال أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَمَالِكٌ
===
ويرفع) أي عبد الله بن عمر (ذلك) أي الفعل من رفع يديه في المواطن الأربعة (إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم).
(قال أبو داود: الصحيح قول ابن عمر) أي موقوف عليه (ليس بمرفوع، قال أبو داود: وروى بقية أوله) أي أول الحديث من غير ذكر رفع اليدين إذا قام من الركعتين (عن عبيد الله وأسنده) أي رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وحاصله أن المرفوع من هذا الحديث حديث بقية، هو رفع اليدين في التحريمة والركوع والرفع منه، وأما في القيام من الركعتين فإنه ليس بمرفوع.
(ورواه) الحديث المتقدم (الثقفي) أي عبد الوهاب (عن عبيد الله) أخرجه البخاري في "جزء رفع اليدين"(2)(أوقفه على ابن عمر، وقال فيه) أي ذكر الثقفي في الحديث: (وإذا قام من الركعتين يرفعهما إلى ثدييه، وهذا) أي الذي رواه الثقفي موقوفًا (هو الصحيح)، قائل هذا الكلام المؤلف أبو داود.
(قال أبو داود: ورواه) أي هذا الحديث، (الليث بن سعد (3) ومالك (4)
(1) وفي نسخة: "وروى هذا الحديث".
(2)
برقم (80).
(3)
أخرج روايته البخاري في "جزء رفع اليدين"(51).
(4)
أخرج روايته المصنف في هذا الباب.
وَأَيُّوبُ، وَابْنُ جُرَيْجٍ مَوْقُوفًا، وَأَسْنَدَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَحْدَهُ، عَنْ أَيُّوبَ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَيُّوبُ وَمَالِكٌ الرَّفْعَ إِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَذَكَرَهُ اللَّيْثُ فِى حَدِيثِهِ
===
وأيوب وابن جريج (1) موقوفًا، وأسنده) أي رفع هذا الحديث (حماد بن سلمة (2) وحده عن أيوب) ذكره البخاري في "صحيحه" مختصرًا، وفي "جزء رفع اليدين" بتمامه، وليس فيه ذكر رفع اليدين إذا قام من الركعتين.
(ولم يذكر أيوب ومالك الرفع إذا قام من السجدتين (3)، وذكره) أي هذا الكلام، يعني إذا قام من السجدتين (الليث في حديثه)، فظهر بهذا الكلام أن الحديث عند أبي داود موقوف، ورفعه غير صحيح.
ولكن البخاري أخرج في "صحيحه" حديث عبد الأعلى هذا مرفوعًا، وأيَّد رفعه بقوله: ورواه حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الحافظ في شرحه في "الفتح"(4): قال أبو داود: رواه الثقفي يعني عبد الوهاب عن عبيد الله، فلم يرفعه وهو الصحيح، وكذا رواه الليث بن سعد وابن جريج ومالك يعني عن نافع موقوفًا، وحكى الدارقطني في "العلل" الاختلاف في وقفه ورفعه، وقال: الأشبه بالصواب قول عبد الأعلى، وحكى الإسماعيلي عن بعض مشايخه أنه أومأ إلى أن عبد الأعلى أخطأ في رفعه، قال الإسماعيلي: وخالفه عبد الله بن إدريس وعبد الوهاب الثقفي والمعتمر يعني عن عبيد الله، فرووه موقوفًا على ابن عمر.
(1) أخرج روايته عبد الرزاق في "المصنف"(2/ 68) رقم (2520).
(2)
أخرج روايته البخاري تعليقًا في "صحيحه"(739)، وفي "جزء رفع اليدين"(52)، وأحمد في "مسنده"(2/ 100)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(15/ 47) رقم (5832)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 70).
(3)
أي: الركعتين، حمله الخطابي على ظاهره فاستشكل. "ابن رسلان". (ش).
(4)
"فتح الباري"(2/ 222).
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فِيهِ: قُلْتُ لِنَافِعٍ: أَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَجْعَلُ الأُولَى أَرْفَعَهُنَّ؟ قَالَ: لَا، سَوَاءً. قُلْتُ: أَشِرْ لِى، فَأَشَارَ إِلَى الثَّدْيَيْنِ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ.
740 -
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِىُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ "أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا دُونَ ذَلِكَ". [انظر الحديث السابق]
===
قلت: وقفه معتمر وعبد الوهاب عن عبيد الله عن نافع كما قال، لكن رفعاه عن عبيد الله عن الزهري عن سالم عن ابن عمر، أخرجهما البخاري في "جزء رفع اليدين" وفيه الزيادة، وقد توبع نافع على ذلك عن ابن عمر، وهو فيما رواه أبو داود وصحَّحه البخاري في الجزء المذكور من طريق محارب بن دثار عن ابن عمر قال: كان النبي -صلي الله عليه وسلم- إذا قام في الركعتين كبَّر ورفع يديه، وله شواهد: منها حديث أبي حميد الساعدي، وحديث علي بن أبي طالب، أخرجهما أبو داود وصححهما ابن خزيمة وابن حبان.
وقال البخاري في الجزء المذكور: ما زاده ابن عمر وعلي وأبو حميد في عشرة من الصحابة من الرفع عند القيام من الركعتين صحيح، لأنهم لم يحكوا صلاة واحدة فاختلفوا فيها، وإنما زاد بعضهم على بعض، والزيادة مقبولة من أهل العلم، انتهى.
(قال ابن جريج فيه) أي زاد في هذا الحديث: (قلت لنافع: أكان ابن عمر يجعل الأولى) أي الرفع في المرة الأولى وهي افتتاح الصلاة (أرفعهن؟ ) أي أرفع من المرات الباقية (قال: لا) أي لا يجعلها أرفع بل يرفع في جميعها (سواء، قلت: أشر لي) أي بين لي با لإشارة (فأشار) أي برفع اليدين (إلى الثديين أو أسفل من ذلك) أي من الرفع إلى الثديين.
740 -
(حدثنا القعنبي، عن مالك، عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا ابتدأ الصلاة يرفع يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما دون ذلك).