الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(198) بَابٌ: إِذَا صَلَّى خَمْسًا
1019 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، الْمَعْنَى. قَالَ حَفْصٌ: نَا شُعْبَةُ، عن الْحَكَمِ، عن إِبْرَاهِيمَ، عن عَلْقَمَةَ، عن عَبْدِ اللهِ قَالَ:"صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ خَمْسًا، فَقِيلَ لَهُ: أَزِيدَ في الصَّلَاةِ؟ قَالَ: "وَمَا ذَاكَ؟ " قَالَ (1): صَلَّيْتَ خَمْسًا، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَمَا سَلَّمَ". [خ 404، م 572، ت 392، ن 1240، جه 1203، حم 1/ 376]
===
وقد خرج الجواب عن أحد معنى الشافعي أن الجابر يحصل في محل الجبر لما مر أنه لا يؤتى به في محل الجبر بالإجماع، بل يؤخر عنه لمعنى يوجب التأخير عن السلام.
وأما قوله: إن الجبر لا يتحقق إلَّا حال قيام أصل الصلاة، فنعم، لكن لِم قلتم: إن سلام من عليه السهو قاطع لتحريمة الصلاة؟ وقد اختلف مشايخنا في ذلك، فعند محمد وزفر لا يقطع التحريمة أصلًا، فيتحقق معنى الجبر، وعند أبي حنيفة وأبي يوسف لا يقطعها على تقدير العود إلى السجود، أو يقطعها ثم يعود بالعود إلى السجود، فيتحقق معنى الجبر.
(198)
(بَابٌ: إِذَا صَلَّى خَمْسًا)
أي: سها في الصلاة الرباعية فزاد فيها ركعة خامسة
1019 -
(حدثنا حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم المعنى، قال حفص: نا شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله) بن مسعود (قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر خمسًا) ولم يشك في الزيادة والنقصان (فقيل له: أزيد في الصلاة؟ قال: وما ذاك؟ قال: صليت خمسًا) أي خمس ركعات (فسجد سجدتين بعد ما سلم).
(1) وفي نسخة: "قالوا".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال الشوكاني في "النيل"(1): والحديث يدل على أن من صلَّى خمسًا ساهيًا ولم يجلس في الرابعة أن صلاته لا تفسد (2)، وقال أبو حنيفة والثوري: إنها تفسد وإن لم يجلس في الرابعة، وقال أبو حنيفة: فإن جلس في الرابعة، ثم صلى خامسة، فإنه يضيف إليها ركعة أخرى وتكون الركعتان له نافلة، والحديث يرد ما قالاه، وإلى العمل بمضمونه ذهب الجمهور.
قلت: الحديث لا يدل على أن من صلى خمسًا ساهيًا، ولم يجلس في الرابعة لا تفسد صلاته، فإن الحديث ساكت على جلوس النبي صلى الله عليه وسلم بعد الرابعة، ولم يذكر حكمه، فعدم الذكر في الحديث لا يدل على عدم الفساد، بل حمل فعل النبي صلى الله عليه وسلم على ما هو أقرب إلى الصواب أولى.
قال في "العناية" في شرح "الهداية"(3): وإن سها عن القعدة الأخيرة حتى قام إلى الخامسة في الرباعية، والرابعة في الثلاثية، والثالثة في الثنائية، فلا يخلو من أن يكون بعد ما قعد على الرابعة أو لا يكون، فإن لم يكن فلا يخلو إما أن يقيد الخامسة بالسجدة أو لا.
فإن كان الثاني رجع إلى القعدة، لأن إصلاح الصلاة به ممكن، وكل ما كان كذلك وجب عمله احترازًا عن البطلان، وإنما قلنا: إنه ممكن، لأن ما دون الركعة بمحل الرفض لكونه ليس بصلاة ولا له حكمها، ولهذا لو حلف لا يصلي لا يحنث بما دون الركعة، وألغى الخامسة لأنه رجع إلى شيء محله قبلها، وكل من رجع من فعل من أفعال الصلاة إلى شيء محله قبله يرتفض ذلك الفعل المرجوع عنه، كما إذا قعد قدر التشهد ثم تذكر السجدة الصلبية أو التلاوة
(1)"نيل الأوطار"(3/ 145).
(2)
بل يرجع إلى القعدة كلما تذكر سواء قبل الركوع أو بعده، سواء قعد للتشهد أو لا، وبه قال الأئمة الثلاثة، بسطه ابن رسلان. (ش).
(3)
(2/ 743).
1020 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثنَا جَرِيرٌ، عن مَنْصُورٍ، عن إِبْرَاهِيمَ، عن عَلْقَمَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (1) - قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَلَا أَدْرِي زَادَ (2) أَمْ نَقَصَ-
===
فسجد لهما ارتفضت القعدة لما أن محلها قبل القعدة الأخيرة، وسجد للسهو لأنه أخر واجبًا، وهو إصابة لفظ السلام، وقيل: واجبًا قطعيًّا وهو القعدة الأخيرة.
وإن كان الأول بطل فرضه عندنا خلافًا للشافعي، لأنه روي أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمسًا، ولم ينقل أنه قعد في الرابعة ولا أنه أعاد صلاته.
ولنا أنه استحكم شروعه في النافلة قبل إتمام أركان المكتوبة، لأنه أتى بما هو صلاة أخرى حقيقة لاشتمالها على الأركان وحكمًا لأنه حكم الشرع بوجودها، وأوجب الحنث على من حلف لا يصلي فصلى ركعة، وكل من استحكم شروعه في النافلة قبل إكمال أركان المكتوبة خرج عن الفرض للمنافاة بين الفرض والنفل، وقد تحقق أحد المتنافيين، فينتفي الآخر ضرورة.
وتأويل الحديث أنه عليه السلام كان قعد قدر التشهد في الرابعة بدليل قول الراوي: صلى الظهر خمسًا، والظهر اسم لجميع أركان الصلاة، ومنها القعدة، وإنما قام إلى الخامسة على ظن أنها الثالثة حملًا لفعله عليه السلام على ما هو أقرب إلى الصواب، وتحولت صلاته نفلًا عند أبي حنيفة وأبي يوسف خلافًا لمحمد على ما مر، فيضمّ إليها ركعة سادسة ولو لم يضم لا شيء عليه، لأنه مظنون، والمظنون غير مضمون، انتهى ملخصًا.
1020 -
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: قال عبد الله: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال إبراهيم: فلا أدري زاد أم نقص) أي فلا أدري قال علقمة بالزيادة أو بالنقصان.
(1) وفي نسخة: "صلَّى بنا رسول الله".
(2)
وفي نسخة: "أزاد".
فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحَدَثَ في الصَّلَاةِ شَيءٌ؟ قَالَ:"وَمَا ذَاكَ؟ " قَالُوا: صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا، فَثَنَى (1) رِجْلَهُ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَسَجَدَ (2) سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، فَلَمَّا انْفَتَلَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "إِنَّهُ لَوْ حَدَثَ في الصَّلَاةِ شَيْءٌ أَنْبَأتُكُمْ بِهِ،
===
قال الحافظ (3): والمراد أن إبراهيم شك في سبب سجود السهو المذكور هل كان لأجل الزيادة أو النقصان؟ لكن سيأتي في الباب الذي (4) بعده من رواية الحكم عن إبراهيم بإسناده هذا "أنه صلى (5) خمسًا" وهو يقتضي الجزم بالزيادة، فلعله شك لما حدث منصورًا، وتيقن لما حدث الحكم. وقد تابع الحكم على ذلك حماد بن أبي سليمان وطلحة بن مصرف وغيرهما، وعين في رواية الحكم أيضًا عن حماد أنها الظهر، ووقع للطبراني من رواية طلحة بن مصرف عن إبراهيم أنها العصر، وما في الصحيح أصح، انتهى.
(فلما سلم قيل له: يا رسول الله، أَحَدث في الصلاة شي؟ ) بفتحات على صيغة الماضي، ومعناه السؤال عن حدوث شيء من الوحي يوجب تغيير حكم الصلاة عما عهدوه (قال: وما ذاك؟ ) فيه إشعار بأنه لم يكن عنده شعور بما وقع منه من الزيادة (قالوا: صليت كذا وكذا، فثنى رجله) أي عطفها (واستقبل القبلة) وهذا يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سلم على الخامسة انصرف عن القبلة، فلما أخبره الناس بالزيادة استقبل القبلة (فسجد سجدتين ثم سلم، فلما انفتل) أي انصرف من الصلاة (أقبل علينا بوجهه صلى الله عليه وسلم فقال: إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به)، وفيه دليل على عدم تأخير البيان عن وقت الحاجة.
(1) وفي نسخة: "قال: فثنى".
(2)
وفي نسخة: "فسجد بهم".
(3)
"فتح الباري"(1/ 504).
(4)
أي في البخاري فإنه كلام الحافظ. (ش).
(5)
ويؤيده أنه صلى الله عليه وسلم سجد ولم يصل الباقي، فلو كان ناقصًا لأتمه. (ش).
وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي". وَقَالَ: "إِذَا شَك أَحَدُكُمْ في صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ،
===
(ولكن إنما أنا بشر) هذا حصر في البشرية باعتبار من أنكر ثبوت ذلك ونازع فيه عنادًا وجحودًا، وأما باعتبار غير ذلك بما هو فيه فلا ينحصر في وصف البشرية إذ له صفات أخر، ككونه جسمًا حيًّا متحركًا نبيًّا رسولًا بشيرًا نذيرًا سراجًا منيرًا وغير ذلك، قاله الشوكاني (1).
(أنسى كما تنسون (2)، فإذا نسيت فذكِّروني)، فيه أمر التابع بتذكير المتبوع، وظاهر الحديث يدل على الوجوب على الفور.
(وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر) بالحاء المهملة والراء المشددة أي فليقصد (الصواب)، ولمسلم من طريق مسعر عن منصور:"فأيكم شك في صلاته فلينظر أحرى ذلك إلى الصواب"، وله من طريق شعبة عن منصور:"فليتحر أقرب ذلك إلى الصواب"، وله من طريق فضيل بن عياض عن منصور:"فليتحر الذي يرى أنه الصواب".
واختلف في المراد بالتحري (3)، فقال الشافعية: هو البناء على اليقين لا على الأغلب، لأن الصلاة في الذمة بيقين فلا تسقط إلَّا بيقين، وقيل: التحري الأخذ بغالب الظن، وهو ظاهر الروايات التي عند مسلم.
وقال ابن حبان في "صحيحه": البناء غير التحوي، فالبناء أن يشك في
(1)"نيل الأوطار"(3/ 140).
(2)
بسطه ابن رسلان في جواز النسيان عليه صلى الله عليه وسلم فارجع إليه، وأبسط منه في "الإكمال"(2/ 264). (ش).
(3)
قال ابن رسلان: فيه دليل لأبي حنيفة وموافقيه أن من شك في صلاته في عدد الركعات فإنه يبني في ذلك على غالب ظنه، قال القرطبي: والجمهور ردوا هذا إلى حديث أبي هريرة
…
إلخ، وحجة الشافعية حديث أبي سعيد:"فليطرح الشك وليبن علي ما استيقن"، وحملوا التحري في هذا الحديث على البناء على اليقين. (ش).
فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ ثُمَّ لِيُسَلِّمْ، ثُمَّ لِيَسْجُدْ (1) سَجْدَتَيْنِ". [خ 401، م 572، ن 1240، جه 1203، حم 1/ 376]
1021 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِى، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بِهَذَا قَالَ:«فَإِذَا نَسِىَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» ثُمَّ تَحَوَّلَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ. [م 572، جه 1203، حم 1/ 424]
===
الثلاث أو الأربع مثلًا، فعليه أن يلغي الشك، والتحري أن يشك في صلاته فلا يدري ما صلى، فعليه أن يبني على الأغلب عنده.
وقال غيره: التحري لمن اعتراه الشك مرة بعد أخرى فيبني على غلبة ظنه، وبه قال مالك وأحمد.
وعن أحمد في المشهور: التحري يتعلق بالإمام، فهو الذي يبني على ما غلب على ظنه، وأما المنفرد فيبني على اليقين دائمًا، وعن أحمد رواية أخرى كالشافعية، وأخرى كالحنفية، وقال أبو حنيفة: إن طرأ الشك أولًا استأنف، وإن كثر بني على غالب ظنه، وإلَّا فعلى اليقين، انتهى ما قاله الحافظ في "الفتح"(2) ملخصًا.
(فليتم عليه) أي فليتم الصلاة على ما تحرى من الصواب بغلبة ظنه (ثم ليسلم) أي لسجود السهو (ثم ليسجد سجدتين) أي للسهو، ثم ليسلم للخروج عن الصلاة كما تقدم في رواية عمران بن حصين.
1021 -
(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، نا أبي، نا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بهذا) أي بالحديث المتقدم، وزاد فيه:(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإذا نسي أحدكم) في الصلاة (فليسجد سجدتين، ثم تحول) أي النبي صلى الله عليه وسلم (فسجد سجدتين) للسهو.
(1) وفي نسخة: "يسجد".
(2)
"فتح الباري"(3/ 95).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ حُصَيْنٌ نَحْوَ (1) الأَعْمَشِ.
===
(قال أبو داود: رواه حصين نحو الأعمش) وحاصل هذا الكلام أن الروايات اختلفت في أن هذا الكلام وقع في بعضها قبل السجود للسهو، وفي بعضها بعد السجود، ففي رواية منصور عن إبراهيم بعد السجود والسلام، وكذلك فيما يأتي من رواية الحسن بن عبيد الله، عن إبراهيم بن سويد بعد السجود والسلام، وفي رواية الأعمش قبل السجود، ثم قواه المصنف برواية حصين فقال: رواه حصين نحو الأعمش، يعني بتقديم الكلام على السجدتين، ولم أجد رواية حصين في الكتب الموجودة، ولم أقف على تعيين الحصين وترجمته (2).
قلت: ورجح البيهقي (3) حديث منصور الذي فيه تقديم السجود على حديث الأعمش الذي فيه تقديم الكلام، فقال: قال الشيخ: وذلك إنما ذكر السهو بعد الكلام (4) فسأل، فلما استيقن أنه قد سها سجد سجدتي السهو، قال الشيخ رحمه الله: وذلك بُيِّنَ في حديث الحكم بن عتيبة، عن إبراهيم بن يزيد النخعي، ثم في رواية إبراهيم بن سويد النخعي عن علقمة، ثم في رواية الأسود عن عبد الله، وقد أخبرنا أبو عبد الله، أبنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، ثنا يحيى بن محمد، ثنا منجاب بن الحارث التميمي، ثنا علي بن مسهر، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فزاد أو نقص- قال إبراهيم: والوهم مني- فقيل: يا رسول الله
(1) وفي نسخة: "نحو حديث الأعمش".
(2)
قلت: أما حصين فهو حصين بن عبد الرحمن السلمي، أبو الهذيل الكوفي، ثقة تغير حفظه في الآخر، مات سنة 136 هـ "التقريب"(1/ 182).
أخرج روايته الطبراني في "الكبير"(10/ 33) رقم (9834)، والبزار في "مسنده"(5/ 11) رقم (1565)، والدارقطني في "العلل"(5/ 124).
(3)
"السنن الكبرى"(2/ 342 - 343).
(4)
وذلك لأن ذلك الكلام منافٍ للصلاة عند الكل، وأجاب عنه ابن رسلان بأنه لو صحَّ لا يكون لفظ "ثم" للترتيب، بل لمجرد عطف الجملة على الجملة. (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
أزيد في الصلاة شيء؟ فقال: "إنما أنا بشر أنسى كما تنسون، فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس"، ثم تحول رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد سجدتين، رواه مسلم في "الصحيح" عن منجاب بن الحارث.
وفي هذا وفي حديث الأسود عن عبد الله أن سجوده كان بعد قوله: "إنما أنا بشر"، وقد مضى في رواية منصور عن إبراهيم ما دل على أنه صلى الله عليه وسلم سجد أولًا، ثم أقبل على القوم، وقال ما قال، وقد مضى في هذا الباب عن إبراهيم بن سويد عن علقمة مثل ذلك، وهو أولى أن يكون صحيحًا من رواية من ترك الترتيب في حكايته، انتهى.
وأيضًا رجح الحافظ (1) رواية منصور فقال: "تنبيه": روى الأعمش عن إبراهيم هذا الحديث مختصرًا، ولفظه:"أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد سجدتي السهو بعد السلام والكلام"، أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود وابن خزيمة وغيرهم، قال ابن خزيمة: إن كان المراد بالكلام قوله: "وما ذاك" في جواب قولهم: "أزيد في الصلاة"، فهذا نظير ما وقع في قصة ذي اليدين، وسيأتي البحث فيه فيها، وإن كان المراد به قوله:"إنما أنا بشر أنسى كما تنسون"، فقد اختلف الرواة في الموضع الذي قالها فيه، ففي رواية منصور أن ذلك كان بعد سلامه من سجدتي السهو، وفي رواية غيره أن ذلك كان قبل، ورواية منصور أرجح، والله أعلم، انتهى.
قلت: وأبعد صاحب "العون"(2) فحمل الاختلاف الواقع بين حديث الأعمش وحصين عن إبراهيم، وبين رواية منصور عن إبراهيم بأنهما لم يذكرا هذه الجملة:"إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه"، وذكرها منصور عن إبراهيم، فإن هذه الجملة في رواية منصور أيضًا مختلف فيها، قال
(1) انظر: "فتح الباري"(3/ 95).
(2)
انظر: (3/ 327).
1022 -
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِىٍّ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ. (ح): وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، وَهَذَا حَدِيثُ يُوسُفَ، عَن الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمْسًا، فَلَمَّا انْفَتَلَ تَوَشْوَشَ (1) الْقَوْمُ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ:«مَا شَأْنُكُمْ؟ » . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ زِيدَ فِى الصَّلَاةِ؟ قَالَ: «لَا» ، قَالُوا: فَإِنَّكَ صَلَّيْتَ خَمْسًا، فَانْفَتَلَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ قَالَ:«إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ» . [انظر تخريج الحديث السابق]
===
البيهقي (2): ورواه مسعر بن كدام وفضيل بن عياض وعبد العزيز بن عبد الصمد، عن منصور فلم يذكروا لفظ التسليم وكلمة التحري.
1022 -
(حدثنا نصر بن علي، أنا جرير (3)، ح: ونا يوسف بن موسى، نا جرير، وهذا حديث يوسف)، أي: لفظ هذا الحديث لفظ يوسف بن موسى لا لفظ نصر، (عن الحسن بن عبيد الله، عن إبراهيم بن سويد) النخعي، ثقة، لم يثبت أن النسائي ضعفه، (عن علقمة قال: قال عبد الله: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسًا، فلما انفتل) أي انصرف عن الصلاة (توشوش (4) القوم بينهم) أي تكلموا فيما بينهم بصوت خفي، والوشوشة كلام مختلط خفي لا يكاد يفهم، وروي بسين مهملة، كذا نقل عن "فتح الودود".
(فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما شأنكم؟ قالوا: يا رسول الله هل زيد (5) في الصلاة؟ قال: لا، قالوا: فإنك قد صليت خمسًا، فانفتل) أي انصرف إلى القبلة واستقبلها (فسجد سجدتين ثم سلم، ثم قال: إنما أنا بشر أنسى كما تنسون)
(1) وفي نسخة: "توسوس".
(2)
"السنن الكبرى"(2/ 336).
(3)
بالفتح. (ش).
(4)
روي بالمهملة، هو كلام خفي، والوشوشة بالمعجمة صوت في اختلاط. "ابن رسلان". (ش).
(5)
فرع عليه ابن رسلان نسيان الأصل في الحديث، وذكر خلاف الأئمة في قبول رواية الفرع. (ش).
1023 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ - يَعْنِى ابْنَ سَعْدٍ -، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ، أَنَّ سُوَيْدَ بْنَ قَيْسٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ
===
وهذا تأييد لحديث منصور عن إبراهيم، فإن فيه أيضًا هذا الكلام وقع بعد السجدتين والسلام.
وأخرج الإِمام أحمد في "مسنده"(1): حدثنا يحيى بن آدم، ثنا أبو بكر بن عبد الله النهشلي قال: ثنا عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود قال:"صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسًا، فلما انصرف قيل له: يا رسول الله أزيد في الصلاة؟ قال: لا، قالوا: فإنك صليت خمسًا؟ قال: فسجد سجدتي السهو، ثم قال: "إنما أنا بشر أذكر كما تذكرون وأنسى كما تنسون".
ولكن خالفه مسلم في سياق هذا الحديث، فأخرج في "صحيحه" (2) عن عون بن سلام الكوفي قال: نا أبو بكر النهشلي، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبد الله قال:"صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: يا رسول الله أزيد في الصلاة؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: صليت خمسًا، قال: إنما أنا بشر مثلكم أذكر كما تذكرون، وأنسى كما تنسون، ثم سجد سجدتي السهو".
ويؤيد رواية مسلم ما أخرجه البيهقي (3) من طريق موسى بن عبد الله عن أبي بكر النهشلي، وما أخرجه النسائي (4) من طريق عبد الله عن أبي بكر النهشلي، فإن هاتين الروايتين وقعتا في الكتابين على ترتيب سياق مسلم.
1023 -
(حدثنا قتيبة بن سعيد، نا الليث - يعني ابن سعد -، عن يزيد بن أبي حبيب، أن سويد بن قيس أخبره، عن معاوية بن
(1)(1/ 420) رقم (3983).
(2)
"صحيح مسلم"(93/ 572).
(3)
"السنن الكبرى"(2/ 342).
(4)
"سنن النسائي"(1259).
حُدَيْجٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى يَوْمًا، فَسَلَّمَ، وَقَدْ بَقِيَتْ مِنَ الصَّلَاةِ رَكْعَةٌ، فَأَدْرَكَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: نَسِيتَ (1) مِنَ الصَّلَاةِ رَكْعَةً، فَرَجَعَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ وَأَمَرَ بِلَالاً فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى لِلنَّاسِ رَكْعَةً، فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ النَّاسَ، فَقَالُوا لِى: أَتَعْرِفُ الرَّجُلَ؟ قُلْتُ: لَا، إلَّا أَنْ أَرَاهُ، فَمَرَّ بِى، فَقُلْتُ: هَذَا هُوَ، فَقَالُوا (2):
===
حديج) بمهملة ثم جيم مصغرًا، الكندي، أبو عبد الرحمن أو أبو نعيم، صحابي (3) صغير، وقد ذكره يعقوب بن سفيان في التابعين:(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يومًا، فسلم، وقد بقيت من الصلاة ركعة، فأدركه) أي لحقه ووصل إليه (رجل فقال: نسيت من الصلاة ركعة، فرجع فدخل المسجد وأمر بلالًا فأقام الصلاة، فصلى للناس (4) ركعة، فأخبرت بذلك الناس) أي بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو في حياته بعد الواقعة.
(فقالوا لي: أتعرف الرجل؟ قلت: لا، إلَّا أن أراه) أي لا أعرف اسمه وأعرف صورته، فإذا رأيت صورته أعرفه (فمر بي) أي ذلك الرجل (فقلت: هذا هو) الذي أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال له: نسيت من الصلاة ركعة (فقالوا: )
(1) وفي نسخة: "نسيت يا رسول الله".
(2)
زاد في نسخة: "هذا".
(3)
أسلم قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بشهرين، توفي سنة 52 هـ، وحديثه هذا أخرجه النسائي وابن ماجه والبخاري في كتاب الأدب وابن حبان في كتاب الصلاة. "ابن رسلان". [وانظر ترجمته في:"أسد الغابة"(4/ 152) رقم (4981)]. (ش).
(4)
وكانت الصلاة المغرب، وكذا في رواية ابن حبان، وحمله الطحاوي على النسخ، وأول ابن رسلان لفظ: أقام الصلاة، أي دخل فيها، قال: إن قواعد المذهب أنه يعود إلى الصلاة بلا إقامة، وقال أيضًا: إنها غير قصة عمران، فإن الصلاة فيها العصر وهاهنا المغرب، وهناك المخبر خرباق وهاهنا طلحة، فقصة ذي اليدين وعمران وهذه ثلاث قصص، قاله ابن خزيمة في "صحيحه"(2/ 129)، وتابعه على ذلك أبو حاتم بن حبان. (ش).
طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ". [ن 664، حم 6/ 401، خزيمة 1053، طح 1/ 448، ك 1/ 261، ق 2/ 359، حب 2674]
(199)
بَابٌ إِذَا شَكَّ في الثِّنْتَيْنِ وَ (1) الثَّلاثِ، مَنْ قَالَ: يُلْقِي الشَّكَّ
1024 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِى صَلَاتِهِ فَلْيُلْقِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ، فَإِذَا اسْتَيْقَنَ التَّمَامَ
===
هذا (طلحة بن عبيد الله).
(199)
(بَابٌ إِذَا شَكَّ) أي: المصلي (في الثِّنْتَيْنِ وَالثَّلاثِ، مَنْ قَالَ: يُلْقِي الشَّكّ) أي: يطرح الشك ويبني على اليقين
1024 -
(حدثنا محمد بن العلاء، نا أبو خالد) الأحمر سليمان بن حيان، (عن) محمد (بن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا شك أحدكم) حمله علماؤنا على ما إذا لم يغلب ظنه على شيء، وإلا فعند غلبة الظن لم يبق شك، فمعنى إذا شك أحدكم أي إذا بقي شاكًّا ولم يترجح له أحد الطرفين بالتحري، وغيرهم حملوا الشك على مطلق التردد في النفس وعدم اليقين، قاله السندي على ابن ماجه.
(في صلاته) أي شك في اثنتين أو ثلاث مثلًا (فليلق الشك)(2) أي المشكوك فيه وهو الأكثر، ولا يأخذ به في البناء (وليبن علي اليقين) أي على الأقل (فإذا استيقن التمام) أي في آخر صلاته على بنائه على اليقين
(1) في نسخة: "أو".
(2)
قال ابن العربي: هذا الحديث مطلق يبني على المقيد إذا شك ثلاثًا صلَّى
…
إلخ، وقيل في المستنكح [انظر:"عارضة الأحوذي"(2/ 184)]. (ش).
سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ تَامَّةً كَانَتِ الرَّكْعَةُ نَافِلَةً وَالسَّجْدَتَانِ، وَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً كَانَتِ الرَّكْعَةُ تَمَامًا لِصَلَاتِهِ وَكَانَتِ السَّجْدَتَانِ مُرْغِّمَتَىِ الشَّيْطَانِ». [م 571، ن 1238، جه 1210، دي 1495، حم 3/ 72 - 83]
===
(سجد سجدتين) للسهو، (فإن كانت صلاته تامة) أي إن كانت الركعات التي صلاها تامة عند الشك، ولكن لعروض الشك بني على الأقل منها، مثلًا شك في ثنتين وثلاث، وكان في الواقع صلى ثلاثًا، فبعروض الشك جعلها اثنتين (كانت الركعة نافلة والسجدتان) أيضًا كانتا نافلتين.
(وإن كانت ناقصة) أي لما شك في صلاته في ثنتين وثلاث وكانت صلاته ركعتين (كانت الركعة تمامًا لصلاته) فيما إذا بقيت عليه ركعة، وركعتان فيما إذا بقيت عليه ركعتان (وكانت السجدتان) اللتان للسهو (مرغمتي الشيطان) أي سببًا لإغاظته له وإذلاله، فإنه تكلف في التلبيس، فجعله الله له طريق جبر بسجدتين، فأضل سعيه حيث جعل وسوسته سببًا للتقرب بسجدة استحق هو بتركها الطرد، كذا في "المجمع"(1).
اختلف العلماء في مسألة الشك في الصلاة، فقال بعضهم: من دخل عليه الشك في صلاته فلم يدر أزاد أم نقص؟ سجد سجدتين وهو جالس، ثم يسلم، ليس عليه غير ذلك، حكاه الطحاوي، وحكاه النووي عن الحسن البصري وطائفة من السلف.
واستدلوا بحديث أبي هريرة مرفوعًا: "إذا صلى أحدكم فلم يدر أثلاثًا صلى أم أربعًا؟ فليسجد سجدتين وهو جالس"، فعملوا بهذا الحديث، وأهملوا الأحاديث التي فيها ذكر الاستئناف وذكر التحري وذكر البناء على الأقل.
وقال بعضهم: يبني على اليقين وهو الأقل، قال النووي: وإليه ذهب الشافعي والجمهور.
(1)"مجمع بحار الأنوار"(2/ 346).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
واستدلوا بحديث أبي سعيد هذا، وهم تركوا أحاديث الاستئناف، وتكلموا فيها، وقالوا: إنها ضعاف، وتأولوا في التحوي، وقالوا: إن معنى التحري هو القصد، فالمراد القصد إلى ما فيه اليقين.
قال بعضهم: من شك في ركعة وهو مبتدئ بالشك لا مبتلى به استأنف الصلاة، ومعنى قوله: مبتدئ بالشك أن السهو لم يصر عادة له لا أنه لم يسه في عمره قط.
واستدلوا على هذا بما ثبت عندهم ما روى عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا شك أحدكم في صلاته أنه كم صلى؟ فليستقبل الصلاة"، وكذا روي عن ابن عباس وابن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص أنهم قالوا هكذا، كذا في "البدائع"(1).
قال الحافظ في "الدراية": "إذا شك أحدكم في صلاته كم صلى؟ فليستقبل الصلاة"، لم أجده (2) مرفوعًا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر في الذي لا يدري صلى ثلاثًا أو أربعًا؟ قال: يعيد حتى يحفظ، وأخرج نحوه عن سعيد بن جبير وشريح وابن الحنفية، ثم قالوا: إذا كان السهو عادة له ينظر المصلي إلى أكبر رأيه في ذلك، فيعمل على ذلك، ثم يسجد سجدتي السهو بعد التسليم، وإن كان لا رأي له في ذلك بني على الأقل، حتى يعلم يقينًا أنه قد صلى ما عليه، وذهب إلى ذلك أبو حنيفة، وحكي عن ابن عمر وأبي هريرة وجابر بن يزيد والنخعي، قاله الشوكاني في "النيل"(3).
(1)(4/ 404).
(2)
وقد ذكره في "المنهل"(6/ 151) عن الشوكاني عن الطبراني عن عبادة وميمونة بنت سعد مرفوعًا. [انظر: "المعجم الكبير" (25/ 67)]. (ش).
(3)
"نيل الأوطار"(3/ 137).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
واحتجوا بحديث التحري وحديث البناء على الأقل، والحاصل أنه قد ثبت عندهم أحاديث مختلفة في السهو، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:"إذا شك أحدكم في صلاته فليستقبل"، وهو غريب، وان كانوا هم يعرفونه، ومعناه في "مسند ابن أبي شيبة" عن ابن عمر، وأخرج نحوه عن سعيد بن جبير وابن الحنفية وشريح، وما في الصحيح:"إذا شك أحدكم فليتحر الصواب فليتم"، وما أخرجه الترمذي وابن ماجه عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال:"سمعت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سها أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلَّى أم ثنتين؟ فليبن علي واحدة"، الحديث، وصححه الترمذي.
ولما ثبت عندهم الكل سلكوا فيها طريق الجمع يحمل كل منها على محمل يتجه حمله عليه، قاله ابن الهمام في "فتح القدير"(1).
قلت: أما الاستئناف فلأنه لو استقبل أدى الفرض بيقين كاملًا، ولو بني على الأقل ما أداه كاملا، لأنه ربما يؤدي زيادة على المفروض، وإدخال الزيادة في الصلاة نقصان فيها، وربما يؤدي إلى فساد الصلاة بأن كان أدى أربعًا وظن أنه أدى ثلاثًا، فبنى على الأقل، وأضاف إليها أخرى قبل أن يقعد، وبه تبين أن الاستقبال ليس إبطالاً للصلاة، لأن الإفساد ليؤدي أكمل لا يعد إفسادًا، وحديث الحمل على الأقل محمول على ما إذا وقع ذلك مرارًا، ولم يقع التحري على شيء بدليل ما روينا من حديث الاستقبال.
وأما التحري فلأنه تعذر عليه الوصول إلى ما اشتبه عليه بدليل من الدلائل، والتحري عند انعدام الأدلة مشروع كما في أمر القبلة ولا وجه للاستقبال؛ لأنه عسى أن يقع ثانيًا وكذا الثالث والرابع إلى ما يتناهى، ولا وجه للبناء على الأقل؛ لأنه ربما يؤدي زيادة على المفروض، وهي نقصان في الصلاة، وربما يؤدي إلى إفساد الصلاة، وما رواه الشافعي محمول على ما إذا
(1)(1/ 452 - 453).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
تحرى ولم يقع تحريه على شيء، وعندنا إذا تحرى ولم يقع تحريه على شيء يبني على الأقل، وعلى هذا جمعوا الأحاديث، وحملوا كل واحد منها على محمله، وعملوا على جميعها، ولم يهملوا منها شيئًا.
والقائلون بالتحري اختلفوا فيه، فقال أبو حنيفة ومالك (1) في طائفة: هذا لمن اعتراه الشك مرة بعد أخرى وصار مبتلى به، وأما غيره فيبني على اليقين، وقال آخرون: هو على عمومه، وقال بعضهم بوجوب الإعادة مرة بعد أخرى حتى يستيقن، حكاه العراقي عن ابن عمر وسعيد بن جبير وشريح القاضي وابن الحنفية وميمون بن مهران وعبد الكريم الجزري والشعبي والأوزاعي.
وقال الشيخ ابن القيم في "زاد المعاد"(2): قال الإِمام أحمد: الشك على وجهين: اليقين والتحري، فمن رجع إلى اليقين ألغى الشك، وسجد سجدتي السهو قبل السلام على حديث أبي سعيد الخدري، وإذا رجع إلى التحري وهو أكثر الوهم، سجد سجدتي السهو بعد السلام على حديث ابن مسعود.
والفرق عنده بين التحري واليقين، أن المصلي إذا كان إمامًا بني على غالب ظنه وأكثر وهمه، وهذا هو التحري، فيسجد له بعد السلام على حديث ابن مسعود، وإن كان منفردًا بني على اليقين، وسجد قبل السلام على حديث أبي سعيد، هذه طريقة أكثر أصحابه في تحصيل ظاهر مذهبه.
وعنه: روايتان أخريان: إحداهما: يبني على اليقين مطلقًا، والأخرى على
(1) كذا قاله الشوكاني (3/ 145)، والأوجه عندي أن فيه وهمًا لما أن الذي حمل عليه الإِمام مالك على المستنكح هو حديث أبي هريرة لا حديث التحري، كما في "بداية المجتهد"(1/ 199). (ش).
(2)
(1/ 282).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
غالب ظنه مطلقًا، وظاهر نصوصه إنما يدل على الفرق بين الشك وبين الظن الغالب القوي، فمع الشك يبني على اليقين، ومع أكثر الوهم والظن الغالب يتحرى، وعلى هذا مدار أجوبته، وعلى الحالين حمل الحديثين، انتهى مختصرًا.
ثم اعلم أن الحنفية قالوا: إن سبب وجوب سجود السهو هو ترك الواجب الأصلي في الصلاة أو تغييره أو تغيير فرض ساهيًا.
قال في "البدائع"(1): وأما بيان سبب الوجوب فسبب وجوبه ترك الواجب الأصلي في الصلاة أو تغييره أو تغيير فرض منها عن محله الأصلي ساهيًا؛ لأن كل ذلك يوجب نقصانًا في الصلاة، فيجب جبره بالسجود، والحديث أناط سجدتي السهو إما بالسلام على ركعتين في الظهر أو العصر والمغرب، وبما إذا صلى خمسًا، وبما إذا قام من ثنتين ولم يتشهد، وبما إذا صلى العصر ثلاث ركعات، وبما إذا شك في صلاته، ففي الصور الأربع يصدق أنه وقع فيها تأخير الفرض وترك الواجب، وأما في صورة الشك فلا يتحقق في جميع صورها ترك الواجب ولا تغيير الواجب أو الفرض عن محله، فقيدوها بما إذا شك في صلاته وطال تفكره حتى شغله عن أداء الفرض في محله.
قال في "البدائع"(2): أما إن طال تفكره بأن كان مقدار ما يمكنه أن يؤدي [فيه] ركنًا من أركان الصلاة كالركوع والسجود، أو لم يطل، فإن لم يطل تفكره فلا سهو عليه؛ لأنه إذا لم يطل لم يوجد سبب الوجوب الأصلي، وهو ترك الواجب أو تغيير فرض أو واجب عن وقته الأصلي، ولأن الفكر القليل مما لا يمكن الاحتراز عنه، فكان عفوًا دفعًا للحرج، انتهى ملخصًا.
والحديث وإن كان مطلقًا لكنه مخصوص ببعض الصور، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم
(1)"بدائع الصنائع"(1/ 401).
(2)
"بدائع الصنائع"(1/ 402).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، عَنْ زَيْدٍ (1) ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم (2). وَحَدِيثُ أَبِى خَالِدٍ أَشْبَعُ.
===
أنه لبس الخميصة التي لها أعلام، فشغلته هذه الأعلام، فقال:"اذهبوا بها إلى أبي جهم وائتوني بأنبجانيته، فإنها ألهتني عن صلاتي"، وفي بعضها:"شغلتني"، وروي عن عمر بن الخطاب عند البيهقي: إني لأحسب جزية البحرين وأنا قائم في الصلاة، فوقع السهو في هذه الصور، ولم يثبت أنهما سجدا، فدل ذلك على أن مطلق السهو لا يوجب السجود.
وكذلك إذا وقع السهو في الأذكار، مثلًا إذا ترك تسبيحات الركوع أو السجود سهوًا، أو تكبيرات الصلاة غير العيدين، فإنه لو سها عنها لا يلزم عليه السجود، ولا يلزم السجود في الأذكار إلَّا في صورة ترك الواجب، مثلًا يلزم السجود في ترك القنوت والتشهد وتكبيرات العيدين، وفي القراءة في المخافتة في محل الجهر، والجهر في محل المخافتة، ففيها يجب السجود، فعلم بذلك أن السجدة تجب في ترك الواجب أو تغييره وتغيير الفرض، والله تعالى أعلم.
(قال أبو داود: ورواه هشام بن سعد ومحمد بن مطرف، عن زيد) بن أسلم، (عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم) مثل ذلك (وحديث أبي خالد أشبع)، وقد أخرج الطحاوي حديث هشام بن سعد في "شرح معاني الآثار" (3) بعد تخريج حديث ابن عجلان عن زيد فقال: فذكر بإسناده مثله غير أنه قال: "ثم يسجد سجدتين [وهو جالس] قبل التسليم"، وعلى تخريجه حديث هشام بن سعد أشبع من حديث ابن عجلان.
(1) وفي نسخة: "زيد بن أسلم".
(2)
زاد في نسخة: "قال أبو داود".
(3)
(1/ 433)، وأخرجه أيضًا ابن خزيمة في "صحيحه"(2/ 110) رقم (1023)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 331).
1025 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِى رِزْمَةَ، أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:"أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم سَمَّى سَجْدَتَىِ السَّهْوِ الْمُرْغِمَتَيْنِ". [ك 1/ 261]
1026 -
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِىُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
===
وأما حديث محمد بن مطرف عن زيد فقد أخرجه الإِمام أحمد في "مسنده"(1)، ولفظه: حدثنا عبد الله، ثني أبي، ثنا علي بن عياش، ثنا محمد بن مطرف، ثنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا شك أحدكم في صلاته فليلق الشك، وليبن علي اليقين، وليصل سجدتين، فإن كانت خمسًا شفع بهما، وإن كانت صلَّى أربعًا كانتا ترغيمًا للشيطان".
1025 -
(حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة) بكسر الراء وسكون الزاي، اسمه غزوان بفتح المعجمة وسكون الزاي، (أنا الفضل بن موسى، عن عبد الله بن كيسان، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى سجدتي السهو المرغمتين) لأنهما سبب ذله وهوانه.
1026 -
(حدثنا القعنبي، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم)، قال الزرقاني في "شرح الموطأ" (2): مرسلًا عند جميع الرواة، وتابع مالكًا على إرساله الثوري وحفص بن ميسرة ومحمد بن جعفر وداود بن قيس في رواية، ووصله الوليد بن مسلم ويحيى بن راشد المازني كلاهما عن مالك، عن زيد عن عطاء، عن أبي سعيد الخدري، وقد وصله مسلم من طريق سليمان بن بلال وداود بن قيس كلاهما عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد به، وله طرق في النسائي وابن ماجه عن زيد
(1)(3/ 87).
(2)
"شرح الزرقاني"(1/ 198).
قَالَ: «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِى صَلَاتِهِ فَلَا يَدْرِى (1) كَمْ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا؟ ! فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً وَليَسْجُدْ (2) سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، فَإِنْ كَانَتِ الرَّكْعَةُ الَّتِى صَلَّى خَامِسَةً شَفَعَهَا بِهَاتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ رَابِعَةً فَالسَّجْدَتَانِ تَرْغِيمٌ لِلشَّيْطَانِ» . [م 571، ن 1239، ط 1/ 95/ 62]
===
موصولًا، ولذا قال أبو عمر (3): هذا الحديث وإن كان الصحيح فيه عن مالك الإرسال، فإنه متصل من وجوه ثابتة من حديث من تقبل زيادته، لأنهم حفاظ، فلا يضره تقصير من قصر في وصله، وقد قال الأثرم لأحمد بن حنبل: أتذهب إلى حديث أبي سعيد؟ قال: نعم، قلت: إنهم يختلفون في إسناده، قال: إنما قصر به مالك، وقد أسنده عدة، منهم ابن عجلان وعبد العزيز بن أبي سلمة (4)، انتهى.
(قال: إذا شك أحدكم في صلاته فلا يدري كم صلَّى ثلاثًا أو أربعًا؟ فليصلِّ ركعة) أي فليجعله ثلاثًا ثم ليصل ركعة إتمامًا للأربع على اليقين (وليسجد سجدتين) للسهو (وهو جالس قبل التسليم (5)، فإن كانت الركعة التي صلَّى) أي في آخر صلاته بعدما شك في الثالثه والرابعة (خامسة شفعها) أي جعل المصلي الركعة الخامسة شفعًا (بهاتين) السجدتين (وإن كانت) الركعة التي صلَّى بعد الشك (رابعة فالسجدتان ترغيم) أي إغاظة وإذلال (للشيطان).
(1) وفي نسخة: "فلم يدر".
(2)
وفي نسخة: "ويسجد".
(3)
"التمهيد"(5/ 21).
(4)
قلت: رواية ابن عجلان سبقت عند المصنف (1024) ورواية عبد العزيز بن أبي سلمة أخرجها النسائي (3/ 27)، والبيهقي في "سننه"(2/ 331)، وابن عبد البر في "التمهيد"(5/ 21).
(5)
قال ابن رسلان: وقال مالك في هذه الصورة على الصحيح من مذهبه: إنه يسلم بعد السلام، وأجاب أصحابهم عن هذا الحديث أنه مرسل، ويعارضه حديث ذي اليدين، وغير ذلك من الأجوبة، ذكرها ابن رسلان. (ش).
1027 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ (1) بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِىُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِإِسْنَادِ مَالِكٍ
===
وهذا الحديث يدل على أن المصلي يسجد للسهو إذا صلَّى الركعة بعد الشك في الثالثة أو الرابعة، فإن كانت هذه الركعة خامسة كانت الركعة نافلة، والسجدتان تجعلانها شفعًا، فلا حاجة إلى ضم الثالثة كما تقوله الحنفية، فإنهم يقولون: إذا كان ذلك في الظهر أو العشاء، فالأولى أن يضيف إليه ركعة أخرى لتصيرا له نفلًا.
قلت: والجواب عنه: أن الحديث يدل على أن المصلي إذا شك في صلاته وبنى على الأقل فزاد ركعة خامسة ولم يتذكر وسجد للسهو، فهذا السجود يشفع الركعة، وليس له أن يضم معها سادسة، ولكن ها هنا صورة أخرى وهي إذا صلَّى خامسة وتذكر أنها هي الخامسة، فحينئذٍ لا دليل في الحديث أن في هذه الصورة أيضًا تشفعان الركعة، ولم يبين حكمها في الحديث.
فقال الحنفية في هذه الصورة: أن يشفعها بسادسة، لأن التنفل بركعة واحدة لا يجوز لما قال ابن مسعود رضي الله عنه: والله ما أجزأت ركعة قط، وما روي عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن البتيراء، ولم يوجبوا ضم السادسة لضعف الدليل، فإن المحدثين قالوا في قول ابن مسعود: إن إبراهيم لم يدركه، وتكلموا في حديث أبي سعيد بأن محمد بن عثمان ضعيف.
وأيضًا المصلي الشاك ما صلَّى الخامسة نفلًا بتحريمة مستقلة بل صلاها بظن الفوض، ثم تبين له أنها ليست بفرض، فليس عليه أن يضم إليها ركعة أخرى، لأنها كانت مظنونة، ولهذا لا يجب القضاء بقطعها، والله تعالى أعلم.
1027 -
(حدثنا قتيبة، نا يعقوب بن عبد الرحمن القاريُّ) بالقاف والراء المهملة المكسورة وتشديد ياء النسبة غير مهموزة، هذه النسبة إلى بني قارة، وهم بطن معروف من العرب، (عن زيد بن أسلم بإسناد مالك) أي على الإرسال
(1) زاد في نسخة: "يعني".
قَالَ: إِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِى صَلَاتِهِ فَإِنِ اسْتَيْقَنَ أَنْ قَدْ صَلَّى ثَلَاثًا، فَلْيَقُمْ فَلْيُتِمَّ رَكْعَةً بِسُجُودِهَا، ثُمَّ يَجْلِسْ فَيَتَشَهَّدْ، فَإِذَا فَرَغَ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ ثُمَّ يُسَلِّمُ» (1) ، ثُمَّ ذَكَرَ مَعْنَى مَالِكٍ. [انظر الحديث السابق]
===
(قال) أي عطاء: (إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا شك أحدكم في صلاته فإن استيقن) أي بعد الشك حصل له اليقين بـ (أن قد صلَّى ثلاثًا، فليقم) إلى الرابعة (فليتم ركعة) رابعة (بسجودها، ثم يجلس) أي بعد سجود هذه الركعة الرابعة (فيتشهد، فإذا فرغ) من التشهد (فلم يبق إلَّا أن يسلم فليسجد سجدتين)(2) أي للسهو (وهو جالس ثم يسلِّم) للخروج من الصلاة (ثم ذكر معنى مالك) أي ثم ذكر معنى حديث مالك المتقدم.
والحاصل على هذا أن حديث يعقوب بن عبد الرحمن يشتمل على أمرين: أولهما: أن المصلي إذا شك ثم بعد الشك استيقن بأنها ثالثة، والثاني: أنه شك ولم يستيقن ثم مع الشك بني على اليقين، وأما حديث مالك فليس فيه إلَّا ذكر الأمر الثاني، ولهذا ذكر المؤلف في حديث يعقوب الأمر الأول، ثم أحال الأمر الثاني على حديث مالك.
ويؤيده ما قال الشوكاني في "النيل"(3) في شرح حديث أبي سعيد الخدري الذي أخرجه أحمد ومسلم وغيرهما، فقال: وظاهر الحديث أن مجرد حصول الشك موجب للسجود، ولو زال وحصلت معرفة الصواب وتحقق أنه لم يزد شيئًا، وإلى ذلك ذهب الشيخ أبو علي والمؤيد بالله، وذهب المنصور بالله وإمام الحرمين أنه لا يسجد لزوال التردد، ويدل للمذهب الأول ما أخرجه أبو داود
(1) وفي نسخة: "ليسلم".
(2)
قال ابن رسلان: المرفوع منه ختم على سجدتين، والباقي تفسير بعضه لعطاء، وبعضه لزيد، وذكر عن مالك أنه قال لهم:(كذا في الأصل، والظاهر أنه قال لهم: اطرحوه من "الموطأ" واعلم ذلك). (ش).
(3)
"نيل الأوطار"(3/ 139).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ وَحَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَدَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ: وَهِشَامِ بْنِ سَعْدٍ (1) إلَّا أَنَّ هِشَامًا بَلَغَ بِهِ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ.
===
عن زيد بن أسلم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا شك أحدكم في صلاته فإن استيقن أنه قد صلَّى ثلاثًا، فليقم وليتم ركعة بسجودها"، الحديث.
ويحتمل أن يكون معنى قوله في رواية يعقوب بن عبد الرحمن: "فإن استيقن أن قد صلَّى ثلاثًا" أنه فإن بني على اليقين، وقُدِّرَ أن قد صلَّى ثلاثًا، فعلى هذا لا يكون في حديث يعقوب بن عبد الرحمن ذكر الأمرين المتقدمين، بل يكون موافقًا لحديث ابن عجلان ومالك وغيرهما، والله تعالى أعلم.
(قال أبو داود: وكذلك) أي كما رواه يعقوب بن عبد الرحمن (رواه ابن وهب عن مالك وحفص بن ميسرة وداود بن قيس وهشام بن سعد) كلهم رووه عن زيد بن أسلم عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا (2)(إلَّا أنَّ هشامًا بلغ به) أي بهذا الحديث (أبا سعيد الخدري) أي ذكر أبا سعيد فلم يرسله، بل رواه موصولًا.
وقد أخرج مسلم في "صحيحه"(3) ما رواه ابن وهب عن داود بن قيس عن زيد بن أسلم، ثم قال: بهذا الإسناد وفي معناه، والإسناد المتقدم ما روى سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على أن حديث داود بن قيس ليس بمرسل، ولعل لداود بن قيس روايتين: إحداهما موصولة، والأخرى مرسلة، كما أشار إليه الزرقاني، ولم نقف على الرواية المرسلة.
(1) زاد في نسخة: "قال ابن وهب".
(2)
هو ما أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 331)، وفي "معرفة السنن والآثار"(3/ 87)(3/ 263) رقم (4507).
(3)
"صحيح مسلم"(571). وانظر: "السنن الكبرى"(2/ 331).
(200)
بَابُ مَنْ قَالَ: يُتِمُّ عَلَى أَكْثَرِ (1) ظَنِّهِ
1028 -
حَدَّثَنَا النُّفَيْلِىُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ أَبِى عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا كُنْتَ فِى صَلَاةٍ فَشَكَكْتَ فِى ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ، وَأَكْبَرُ (2) ظَنِّكَ عَلَى أَرْبَعٍ، تَشَهَّدْتَ ثُمَّ سَجَدْتَ سَجْدَتَيْنِ وَأَنْتَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ تُسَلِّمَ، ثُمَّ تَشَهَّدْتَ أَيْضًا ثُمَّ تُسَلِّمُ» . [حم 1/ 429]
===
(200)
(بَابُ مَنْ قَالَ: يُتِمُّ عَلَى أكْثَرِ (3) ظَنَّهِ)
أي إذا شك في صلاته في عدد الركعات يتم على أكثر ظنه
1028 -
(حدثنا النفيلي) عبد الله بن محمد بن علي، (نا محمد بن سلمة، عن خصيف) بن عبد الرحمن، (عن أبي عبيدة بن عبد الله، عن أبيه) أي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كنت في صلاة فشككت في ثلاث أو أربع) أي شككت في أنك صليت ثلاث ركعات أو أربع ركعات (وأكبر ظنك على أربع) أي غالب ظنك أنك صليت أربع ركعات (تشهدت ثم سجدت سجدتين) للسهو (وأنت جالس قبل أن تسلِّم، ثم تشهَّدت أيضًا ثم تسلِّم)، ظاهر هذا الكلام يدل على أن التسليمتين بعد سجدتي السهو وبينهما تشهد، ولم يقل به أحد.
وقد أخرج الإِمام أحمد في "مسنده" هذا الحديث من طريق محمد بن فضيل: ثنا خصيف، ثنا أبو عبيدة بن عبد الله، عن عبد الله بن مسعود قال:"إذا شككت في صلاتك وأنت جالس، فلم تدر ثلاثًا صليت أم أربعًا، فإن كان أكبر ظنك أنك صليت ثلاثًا، فقم فاركع ركعة، ثم سلِّم، ثم اسجد سجدتين، ثم تشهَّد، ثم سلِّم، وإن كان أكبر ظنك أنك صليت أربعًا، فسلِّم، ثم اسجد سجدتين، ثم تشهَّد، ثم سلِّم".
(1) وفي نسخة: "أكبر".
(2)
وفي نسخة: "أكثر".
(3)
وفي "ابن رسلان" بالباء الموحدة أي أقوى. (ش).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ (1) عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ خُصَيْفٍ وَلَمْ يَرْفَعْهُ، وَوَافَقَ عَبْدَ الْوَاحِدِ أَيْضًا سُفْيَانُ وَشَرِيكٌ وَإِسْرَائِيلُ، وَاخْتَلَفُوا فِى الْكَلَامِ فِى مَتْنِ الْحَدِيثِ
===
وهذا الحديث يدل على خلاف ما دلَّ عليه حديث محمد بن سلمة عن خصيف، فإن هذا يدل على أن السلام الذي للسجود هو قبل سجدتي السهو، ويحتمل أن يكون معنى قوله في هذا الحديث: قبل أن تسلم، أي تسلِّم للخروج، والمراد به السلام الذي ذكر في آخر الحديث وهو قوله: ثم تسلِّم، فعلى هذا يكون السلام المذكور في الحديث هو السلام الواحد، والله أعلم.
ويؤيد حديث محمد بن فضيل غالب ما رواه المتقنون عن ابن مسعود رضي الله عنهما، فإن فيها ذكر سجود السهو بعد السلام، وكذلك ما روي عن عبد الله بن جعفر يؤيد ذلك، وقد أخرج البيهقي (2) حديث عبد الله بن مسعود هذا من طريق محمد بن سلمة عن خصيف عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بلفظ ما رواه أبو داود، ثم قال: وهذا غير قوي، ومختلف في رفعه (3) ومتنه.
(قال أبو داود: رواه عبد الواحد عن خصيف، ولم يرفعه) لم أجد رواية عبد الواحد عن خصيف فيما عندي من الكتب (ووافق عبدَ الواحد أيضًا سفيانُ وشريكٌ وإسرائيلُ، واختلفوا في الكلام في متن الحديث)، لم يذكر المصنف (4) الاختلاف الواقع في ألفاظ متن الحديث، ولم أجد روايتهم في كتب الحديث (5)، ولعلَّ المراد من الاختلاف في متن الحديث
(1) وفي نسخة: "وكذا رواه".
(2)
"السنن الكبرى"(2/ 356).
(3)
وفي ابن رسلان: رفعه ووقفه، وخصيف ضعفه أحمد، وقال أبو حاتم: تكلم في سوء حفظه. (ش).
(4)
ذكر شيئًا منه في "المنهل"(6/ 157). (ش).
(5)
قلت: رواية الثوري وصلها عبد الرزاق في "مصنفه"(2/ 312) رقم (3491)، ومن =
وَلَمْ يُسْنِدُوهُ.
1029 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِىُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا عِيَاضٌ. (ح): وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِلَالِ بْنِ عِيَاضٍ،
===
هو ما تقدم في رواية محمد بن فضيل عن خصيف (ولم يسندوه) أي لم يرفعوه، وقول البيهقي: وهذا غير قوي لأجل أن خصيفًا ضعيف.
قلت: في "الخلاصة": ضعفه أحمد، ووثقه ابن معين وأبو زرعة، وقال الحافظ في "تهذيب التهذيب": قال ابن معين: ليس به بأس، وقال مرة: ثقة، وقال ابن عدي: ولخصيف نسخ وأحاديث كثيرة، وإذا حدث عن خصيف ثقة فلا بأس بحديثه ورواياته، إلَّا أن يروي عنه عبد العزيز بن عبد الرحمن، فإن رواياته عنه بواطيل، والبلاء من عبد العزيز لا من خصيف، وقال ابن سعد: كان ثقة، مات سنة 137 هـ، وكذا قال البخاري، وقال الساجي: صدوق، وقال يعقوب بن سفيان: لا بأس به، وقال ابن حبان: تركه جماعة من أئمتنا واحتج به آخرون، وكان شيخًا صالحًا فقيهًا عابدًا، إلَّا أنه كان يخطئ كثيرًا فيما يروي، ويتفرد عن المشاهير بما لا يتابع عليه، وهو صدوق في رواياته، إلَّا أن الإنصاف فيه قبول ما وافق الثقات في الروايات، وترك ما لم يتابع عليه، وهو ممن استخير الله تعالى فيه.
1029 -
(حدثنا محمد بن العلاء، نا إسماعيل بن إبراهيم) المعروف بابن علية، (نا هشام الدستوائي، نا يحيى بن أبي كثير، نا عياض) بن هلال، (ح: وحدثنا موسى بن إسماعيل، نا أبان، نا يحيى) بن أبي كثير المتقدم، واجتمع عليه الإسنادان (عن هلال بن عياض) وقد تقدَّم في "باب كراهية الكلام عند الخلاء" بيان الاختلاف فيه، وأن عياض بن هلال أرجح.
= طريقه ابن المنذر في "أوسطه"(3/ 315) رقم (1710)، وأخرجها الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 441) ، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 345) من طرق عن الثوري.
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (1) صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلَمْ يَدْرِ زَادَ أَمْ نَقَصَ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ قَاعِدٌ، فَإِذَا أَتَاهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ (2): إِنَّكَ قَدْ أَحْدَثْتَ، فَلْيَقُلْ: كَذَبْتَ، إلَّا مَا وَجَدَ رِيحًا بِأَنْفِهِ أَوْ صَوْتًا بِأُذُنِهِ» . وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ أَبَانَ. [ت 396، جه 1204، حم 3/ 12]
قالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَالَ مَعْمَرٌ وَعَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ: عِيَاضُ بْنُ هِلَالٍ (3)،
===
(عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلَّى أحدكم فلم يدرِ زاد أم نقص) أي زاد في الصلاة ركعة أم نقص منها (فليسجد سجدتين وهو قاعد، فإذا أتاه الشيطان فقال: إنك قد أحدثت) أي صرت محدثًا (فليقل: كذبت) أي يكذبه ولا يقبل قوله (إلَّا ما) أي فيما (وجد ريحًا بأنفه) فيدرك نتنه (أو صوتًا بإذنه) فيسمع حسه بأذنه، والمراد بإدراك الريح بأنفه أو الصوت بأذنه التيقن بخروجه، فإذا حصل له اليقين بأي وجه كان بخروج الريح تيقن الحدث، وأما بدون التيقن في حالة الشك فلا، فإن اليقين لا يزول بالشك.
(وهذا لفظ حديث أبان)، أي اختلف هشام وأبان في لفظ الحديث، فهذا الذي أوردناه في الكتاب هو لفظ أبان.
(قال أبو داود: وقال معمر وعلي بن المبارك (4): عياض بن هلال،
(1) وفي نسخة: "النبي".
(2)
وفي نسخة: "فقال له".
(3)
زاد في نسخة: "قال أبو داود".
(4)
أخرج رواية معمر عبد الرزاق في "مصنفه"(2/ 304)، وأحمد في "مسنده"(3/ 37)، وابن حبان في "صحيحه"(6/ 389) رقم (2666)، والحاكم في "مستدركه"(1/ 135)، ورواية علي بن المبارك أخرجها أحمد في "مسنده"(3/ 54)، وأبو يعلى في "مسنده"(1/ 376) رقم (1141)، وابن خزيمة في "صحيحه"(1/ 19) رقم (29)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 134).
وَقَالَ الأَوْزَاعِىُّ: عِيَاضُ بْنُ أَبِى زُهَيْرٍ.
1030 -
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِىُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّى (1) جَاءَهُ الشَّيْطَانُ فَلَبَسَ عَلَيْهِ، حَتَّى لَا يَدْرِى كَمْ صَلَّى، فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ» . [خ 1232، م 389، ت 397، ن 670، جه 1216، حم 2/ 214، دي 1204]
===
وقال الأوزاعي (2): عياض بن أبي زهير) قال في "الخلاصة": عياض بن هلال أو عكسه، وقيل: عياض بن أبي زهير (3) عن أبي سعيد، وعنه يحيى بن أبي كثير، قال ابن حبان في الثقات: عياض بن هلال هو الصحيح (4).
1030 -
(حدثنا القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أحدكم إذا قام يصلي جاءه الشيطان (5). فَلَبَّسَ عليه) أي أمر صلاته بإلقاء الوسوسة في قلبه (حتى لا يدري كم صلَّى، فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين) للسهو (وهو جالس)، وهذا عندنا (6) محمول على ما إذا شك في صلاته فتفكر فأبطأ في التفكر حتى تأخر الركن.
(1) وفي نسخة: "إلى الصلاة".
(2)
أخرج روايته النسائي في "الكبرى"(1/ 308) رقم (592 - 593).
(3)
وفرق بينهما علي بن المديني. (ش).
(4)
قلت: اختلف تلاميذ يحيى بن أبي كثير في اسم شيخه، فقال هشام الدستوائي: عياض، ولم ينسبه، وقال أبان: هلال بن عياض، وقال معمر وعلي بن المبارك: عياض بن هلال، وخالفهم الأوزاعي فقال: عياض بن أبي زهير، ورجَّح الأئمة: البخاري ومسلم وأبو حاتم الرازي وابن حبان والخطيب البغدادي أنه: عياض بن هلال. انظر: "التاريخ الكبير"(7/ 21)، و"الوحدان"(ص 159)، و"الجرح والتعديل"(6/ 408)، و"الثقات"(5/ 265)، و"الجمع والتفريق"(2/ 310).
(5)
اسمه "خنزب" كما في مسلم، وهو غير شيطان الآدمي. "ابن رسلان". (ش).
(6)
وبسط ابن رسلان الكلام عليه أشد البسط، وذكر اختلافهم في الفرض والنفل. (ش).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَمَعْمَرٌ وَاللَّيْثُ.
1031 -
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ (1) بْنُ أَبِى يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِى الزُّهْرِىِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ بِإِسْنَادِهِ: زَادَ: «وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ التَّسْلِيمِ» . [ق 2/ 339]
1032 -
حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ (2) ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، أَخْبَرَنَا أَبِى، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الزُّهْرِىُّ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، قَالَ:«فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ لْيُسَلِّمْ» . [ن 1249، ق 2/ 336]
===
(قال أبو داود: وكذا رواه ابن عيينة (3) ومعمر (4) والليث) (5) أي عن ابن شهاب كما رواه مالك عنه بدون ذكر قبل التسليم.
1031 -
(حدثنا حجاج بن أبي يعقوب، نا يعقوب) بن إبراهيم، (أنا ابن أخي الزهري) هو محمد بن عبد الله بن مسلم، (عن محمد بن مسلم) الزهري (بهذا الحديث بإسناده) و (زاد) أي محمد بن عبد الله بن مسلم على حديث مالك وغيره:(وهو جالس قبل التسليم).
1032 -
(حدثنا حجاج) بن أبي يعقوب، (نا يعقوب) بن إبراهيم، (أنا أبي، عن ابن إسحاق) محمد (حدثني محمد بن مسلم الزهري بإسناده ومعناه، قال) ابن إسحاق في حديثه: (فليسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم ليسلِّم).
وخلاصة القول في هذا الحديث: أن مالكًا وابن عيينة ومعمرًا والليث
(1) وفي نسخة: "الحجاج".
(2)
وفي نسخة: "حجاج بن أبي يعقوب".
(3)
أخرج روايته أحمد (2/ 241)، ومسلم (389)، وابن خزيمة (2/ 109) رقم (1020)، وأبو يعلى (10/ 368) رقم (5958).
(4)
أخرج روايته عبد الرزاق (2/ 305) رقم (3465)، وأحمد (2/ 283 - 284).
(5)
أخرخ روايته مسلم (389)، والترمذي (397).