المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(173) باب في تشميت العاطس في الصلاة - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٤

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(118) بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ

- ‌(119) بَابُ افْتَتِاحِ الصَّلَاةِ

- ‌(120) بَابٌ

- ‌(121) بَابُ مَنْ لَمْ يَذْكُرِ الرَّفْعَ عِنْدَ الرُّكُوعِ

- ‌(123) بَابُ مَا يُسْتَفْتَحُ بِهِ الصَّلَاةُ مِنَ الدُّعَاءِ

- ‌(124) (بَابُ مَنْ رَأَى الاستِفْتَاحَ بِـ: سُبْحَانَكَ)

- ‌(125) بَابُ السَّكْتَةِ عِنْدَ الافْتِتَاحِ

- ‌(126) بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ الجَهْرَ بِـ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

- ‌(127) بَابُ مَا جَاءَ منْ جَهَرَ بِهَا

- ‌(128) (باب تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ لِلأَمْرِ يَحْدُثُ)

- ‌(129) بَابُ مَا جَاءَ في نُقْصَانِ الصَّلَاةِ

- ‌(130) بابٌ: فِى تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ

- ‌(131) بَابُ مَا جَاءَ فِي القِرَاءَة في الظُّهْرِ

- ‌(132) بَابُ تَخْفِيفِ الأُخْرَيَيْنِ

- ‌(133) باب قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِى صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ

- ‌(134) بَابُ قَدْرِ الْقِرَاءَةِ في الْمَغْرِبِ

- ‌(135) (بَابُ مَنْ رَأَى التَّخْفِيفَ فِيهَا)

- ‌(136) بابُ الرَّجُلِ يُعِيدُ سُورَةً وَاحِدَةً فِى الرَّكْعَتَيْنِ

- ‌(137) بَابُ القِرَاءَةِ في الفَجْرِ

- ‌(138) بَابُ مَنْ تَرَكَ القِرَاءَةَ في صَلاتِهِ

- ‌(139) بَابُ مَنْ كَرِهَ القِراءَةَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ إِذَا جَهَرَ الإِمَامُ

- ‌(140) (بَابُ مَنْ رَأَى الْقِرَاءَةَ إِذَا لَمْ يَجْهَر)

- ‌(142) بَابُ تَمَامِ التَّكْبِيرِ

- ‌(143) بابٌ: كَيْفَ يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ

- ‌(144) بَابُ النُّهُوضِ في الفَرْدِ

- ‌(145) بَابُ الإِقْعَاءِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

- ‌(146) بَابُ مَا جَاءَ في مَا يَقْولُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرّكُوع

- ‌(147) بَابُ الدُّعَاءِ بَيْنَ السَّجدَتَيْنِ

- ‌(148) (بَابُ رَفْعِ النِّسَاءِ إِذَا كُنَّ مَعَ الإمَامِ رُؤوسَهُنَّ مِنَ السَّجْدَةِ)

- ‌(149) بَابُ طُولِ القِيامِ مِنَ الرُّكُوعِ وَبَيْنَ السَّجدَتَيْنِ

- ‌(150) بَابُ صَلَاةِ مَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ في الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌(153) بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ في رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ

- ‌(154) بَابٌ: في الدُّعَاءِ في الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌(155) بَابُ الدُّعَاءِ في الصَّلَاةِ

- ‌(156) بَابُ مِقْدَارِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌(157) (بَابُ الرَّجُلِ يُدْرِكُ الإِمَامَ سَاجِدًا كَيْفَ يَصْنَعُ

- ‌(158) بَابٌ: في أَعْضَاءِ السُّجُودِ

- ‌(159) بَابُ السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ وَالْجَبْهَةِ

- ‌(160) (بَابُ صِفَةِ السُّجُودِ)

- ‌(161) بَابُ الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ

- ‌(162) بَابٌ: في التَّخَصُّرِ وَالإِقْعَاءِ

- ‌(163) بَابٌ: في الْبُكَاءِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(164) بَابُ كَرَاهِيَّةِ الوَسْوَسَةِ وَحَدِيثِ النَّفْسِ في الصَّلَاةِ

- ‌(165) بَابُ الفَتْحِ عَلَى الإِمَامِ في الصَّلَاةِ

- ‌(166) بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّلْقِينِ

- ‌(167) بَابُ الالْتِفَاتِ في الصَّلَاةِ

- ‌(168) بَابُ السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ

- ‌(169) بَابُ النَّظَرِ في الصَّلَاةِ

- ‌(170) بَابُ الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ

- ‌(171) بَابٌ: في الْعَمَلِ في الصَّلَاةِ

- ‌(172) بَابُ رَدِّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(173) بَابٌ في تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ في الصَّلَاةِ

- ‌(174) بَابُ التَّأْمِينِ وَرَاءَ الإِمَامِ

- ‌(175) بَابُ التَّصْفِيقِ في الصَّلَاةِ

- ‌(176) بَابُ الإِشِارَةِ في الصَّلَاةِ

- ‌(177) بَابٌ: في مَسْحِ الْحَصَى في الصَّلَاةِ

- ‌(178) بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي مُخْتَصِرًا

- ‌(179) بَابُ الرَّجُلِ يَعْتَمِدُ في الصَّلَاةِ عَلَى عَصًا

- ‌(180) بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْكَلَامِ في الصَّلَاةِ

- ‌(181) بَابٌ: في صَلَاةِ القَاعِدِ

- ‌(182) بَابٌ كَيْفَ الْجُلُوسُ في التَّشَهُّدِ

- ‌(183) بَابُ مَنْ ذَكرَ التَّوَرُّكَ في الرَّابِعَةِ

- ‌(184) بَابُ التَّشَهُّدِ

- ‌(185) بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ التَّشَهُّدِ

- ‌(186) بَابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ

- ‌(187) بَابُ إِخْفَاءِ التَّشَهُّدِ

- ‌(188) بَابُ الإِشَارَةِ في التَّشَهُّدِ

- ‌(189) بَابُ كرَاهِيَّةِ الاعْتِمَادِ عَلَى الْيَدِ في الصَّلَاةِ

- ‌(190) بَابٌ: في تَخْفِيفِ القُعُودِ

- ‌(191) بَابٌ: في السَّلَامِ

- ‌(192) بَابُ الرَّدِّ عَلَى الإِمَامِ

- ‌(193) بَابُ التَّكْبِيرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ

- ‌(194) بَابُ حَذْفِ السَّلَامِ

- ‌(195) بَابٌ: إِذَا أَحْدَثَ في صَلاتِهِ

- ‌(196) بَابٌ: في الرَّجُلِ يَتَطَوَّعُ في مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْمَكْتُوبَةَ

- ‌(197) بَابُ السَّهْوِ في السَّجدتَيْنِ

- ‌(198) بَابٌ: إِذَا صَلَّى خَمْسًا

- ‌(201) بَابُ مَنْ قَالَ: بَعْدَ التَّسْلِيمِ

- ‌(202) بَابُ مَنْ قَامَ مِنْ ثِنْتَيْنِ وَلَمْ يَتَشَهَّدْ

- ‌(203) بَابُ مَنْ نَسِيَ أَنْ يَتَشهَّدَ وَهُوَ جَالِسٌ

- ‌(204) بَابُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ فِيهِمَا تَشَهُّدٌ وتَسْلِيمٌ

- ‌(205) بَابُ انْصِرافِ النِّسَاءِ قَبْلَ الرِّجَالِ مِنَ الصَّلاةِ

- ‌(206) بَابٌ: كيْفَ الانْصِرَافُ مِنَ الصَّلاةِ

- ‌(207) بَابُ صَلَاةِ الرَّجُلِ التَّطوُّعَ في بَيْتِهِ

- ‌(208) بَابُ مَنْ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ ثُمَّ عَلِمَ

الفصل: ‌(173) باب في تشميت العاطس في الصلاة

أُرَاهُ رَفَعَهُ. قَالَ: "لَا غِرَارَ في تَسْلِيمٍ وَلَا صَلَاةٍ". [2/ 261]

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ ابْنُ فُضَيْلٍ عَلَى لَفْظِ ابْنِ مَهْدِيٍّ وَلَمْ يَرْفَعْهُ (1)

(173) بَابٌ في تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ في الصَّلَاةِ

===

(أراه) أي سفيان (رفعه) أي رفع سفيان هذا الحديث، حاصله أن هذا الحديث روى عن سفيان ثلاثة رجال، أولهم عبد الرحمن بن مهدي فرفعه ولم يشك فيه، وثانيهم معاوية بن هشام فروى عن سفيان بالتردد في رفعه، وثالثهم ابن فضيل روى عن سفيان هذا الحديث فلم يرفعه بل وقفه على أبي هريرة.

(قال: لا غرار في تسليم ولا صلاة) وهذا السياق يدل على أن ما وقع في رواية عبد الرحمن بن مهدي من قوله: ولا تسليم هو بالجر عطفًا على قوله: صلاة.

(قال أبو داود: ورواه ابن فضيل على لفظ ابن مهدي) أي لا غرار في صلاة ولا تسليم، لا على لفظ معاوية بن هشام (ولم يرفعه) فخالف ابن فضيل عبد الرحمن بن مهدي في الرفع، ووافق في لفظ الحديث، وخالف معاوية في الشك ولفظ الحديث.

(173)

(بَابٌ في تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ في الصَّلاةِ)

هو بالمعجمة والمهملة، الدعاء بالخير والبركة، والمعجمة أعلاهما، شمته وشمت عليه تشميتًا، واشتق من الشوامت وهي القوائم، كأنه دعاء للعاطس بالثبات على الطاعة، وقيل: معناه أبعدك الله عن الشماتة وجنبك ما يشمت به عليك، وأما الذي بالمهملة فاشتقاقه من السمت، وهو الهيئة الحسنة، أي جعلك الله على سمت حسن، لأن هيئته تنزعج للعطاس

(1) هذا آخر الجزء الخامس، ويتلوه أول الجزء السادس من تجزية الخطيب.

ص: 424

930 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا يَحْيَى (1)، (ح): وَنَا عُثْمَانُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، الْمَعْنَى، عن حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عن هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عن عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عن مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَعَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهُ،

===

930 -

(حدثنا مسدد، نا يحيى) بن سعيد، (ح: ونا عثمان بن أبي شيبة، نا إسماعيل بن إبراهيم، المعنى) أي معنى حديث يحيى وإسماعيل واحد، (عن حجاج) بن أبي عثمان أبو الصلت (الصواف، حدثني يحيى بن أبي كثير، عن هلال (2) بن أبي ميمونة) واسم أبي ميمونة علي، (عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم السلمي (3) قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعطس) بفتح الطاء، وضبطه السيوطي بكسرها (رجل من القوم فقلت) وأنا في الصلاة:(يرحمك الله)(4) الظاهر أن العاطس قال بعد العطاس: الحمد لله، فأجابه بقوله: يرحمك الله، لأنه علم هذا كما سيأتي في الحديث اللاحق.

(فرماني القوم بأبصارهم) استعير من رمي السهم، أي أسرعوا في الالتفات وأشاروا إليَّ بأعينهم من غير كلام، ونظروا إليَّ نظر زجر كيلا أتكلم في الصلاة (فقلت: واثكل أمِّيَاه) بكسر الميم، والثكل بضم وسكون وبفتحهما، فقدان المرأة ولدها، والمعنى وافقد ولدها، والمراد نفسه، فإني هلكت

(1) زاد في نسخة: "عن حجاج الصواف".

(2)

ويقال هلال بن ميمونة." ابن رسلان". (ش).

(3)

له حديث واحد، لكن فرق في الأبواب. "ابن رسلان". (ش).

(4)

الجواب بـ "يرحمك الله" يفسد عندنا مطلقًا كما تقدم في "باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء"، وظاهر "المغني"(2/ 445) أنه لا يفسد عند أحمد، فتأمل، لكن في "نيل المآرب": قال: يفسدها كاف الخطاب، وقال ابن العربي: جعله النبي صلى الله عليه وسلم كلامًا، فمنعه منه فيبطلها، وفي "شرح الإقناع"(2/ 85) أيضًا يبطل. (ش).

ص: 425

مَا شَأنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟ قَالَ: فَجَعَلُوا يَضْرُبونَ بِأَيْدِيهِمْ (1) عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ يُصَمِّتُونِي- قَالَ عُثْمَانُ: فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُسَكِّتُونِي لَكِني سَكَتُّ- فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - بِأَبِي وَأُمي- مَا ضَرَبَني وَلَا كَهَرَنِي وَلَا سَبَّنِي، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَحِلُّ فِيهَا شَئٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ

===

(ما شأنكم) أي حالكم وأمركم (تنظرون إليَّ) نظر الغضب؟ (قال: فجعلوا) أي شرعوا (يضربون بأيديهم) زيادة في الإنكار عليّ (على أفخاذهم) وفيه دليل على أن الفعل القليل لا يبطل الصلاة (فعرفت) بنظرهم إليَّ غضبًا وضربهم أفخاذهم (أنهم يُصَمِّتوني) أي: يسكِّتونني.

(قال عثمان: فلما رأيت يُسَكِّتوني) غضبت وتغيرت، وهذا اللفظ مختص برواية عثمان ولم يذكره مسدد (لكنى (2) سكت) أي لم أعمل بمقتضى الغضب، ولم أسأل عن السبب؛ لأنهم أعلم مني.

(فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي فرغ عن الصلاة (بأبي وأمي) أي هو مفدّى بأبي وأمي (ما ضربني ولا كهرني) أي: ولا انتهرني (ولا سبني) وهذا جزاء لقوله: فلما صلى (ثم قال: إن هذه الصلاة) إشارة إلى جنس الصلاة (لا يحل (3) فيها شيء من كلام الناس).

قال القاضي: أضاف الكلام إلى الناس ليخرج منه الدعاء والتسبيح والذكر، فإنه لا يراد بها خطاب الناس وإفهامهم، وإطلاق الحديث دليل لنا في أن الكلام مطلقًا يبطل الصلاة، وأما قولهم: لو كان مبطلًا للصلاة لأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإعادة ولم يأمره به، وإنما علمه أحكام الصلاة، فالجواب عنه بأن عدم حكايته الأمر بالإعادة لا يستلزم العدم، وغايته أنه لم ينقل إلينا.

(1) وفي نسخة: "أيديهم".

(2)

وقيل: لكن لمجرد التأكيد. (ش).

(3)

وعلم منه أن الدعاء غير المناسب يسمى كلام الناس، ولذا قال الحنفية والحنابلة: إن الدعاء باللَّهم ارزقني جميلةً يفسدها. (ش).

ص: 426

هَذَا؛ إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ"، أَوَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم.

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا قَوْمٌ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، وَقَدْ جَاءَنَا اللَّهُ بِالإِسْلَامِ، وَمِنَّا رِجَالٌ يَأْتُونَ الْكُهَّانَ (1)!

===

(هذا) أي فعل الصلاة، وهكذا روى أحمد عن يحيى بن سعيد، عن حجاج الصواف: هذا إنما هو التسبيح، وفي رواية مسلم من طريق إسماعيل، عن حجاج الصواف وفيها: إنما هو التسبيح والتكبير.

(إنما هو) أي فعل الصلاة (التسبيح والتكبير وقراءة القرآن) أي هذا ونحوه، فإن التشهد والدعاء والتسليم من الصلاة وغير ذلك من الأذكار مشروع فيها.

استدل الشافعي رحمه الله صلى الله عليه وسلم على أن تكبير الإحرام جزء من الصلاة، قلنا: معناه إنما هي ذات التسبيح والتكبير.

واستدل أبو حنيفة على كون التحريمة شرطًا بقوله تعالى: {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} (2)، فإن العطف يفيد التغاير.

(أو كما (3) قال) شك من الراوي (رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: يا رسول الله! إنا قوم حديث عهد) أي قريب زمان (بجاهلية) متعلق بعهد، ويمكن أن يتعلق بحديث، وما قبل ورود الشرع يسمى جاهلية لكثرة جهالتهم، يعني انتقلت من الكفر إلى الإِسلام قريبًا، ولم أعرف بعد أحكام الدين (وقد جاءنا الله بالإسلام، ومنا رجال يأتون الكهان) ويسألونهم عن المخفيات والأمور الكائنة في المستقبل، والكهان بضم الكاف جمع كاهن.

(1) زاد في نسخة: "قال".

(2)

سورة الأعلى: الآية 15.

(3)

فيه إشارة إلى أن الرواية بالمعنى. "ابن رسلان". (ش).

ص: 427

قَالَ: "فَلَا تَأتِهِمْ"، قَالَ: قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ. قَالَ: "ذَلِكَ شَيءٌ يَجِدُونَهُ في صُدُورِهِمْ فَلا يَصُدَّهُمْ" قَالَ: قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ.

===

(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فلا تأتهم) وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما نزل على محمد"، رواه الإِمام أحمد (1) بسند صحيح عن أبي هريرة.

(قال) أي معاوية: (قلت) لرسول الله صلى الله عليه وسلم (ومنا رجال يتطيرون) في "النهاية"(2): الطيرة بكسر الطاء وفتح الياء وقد تُسَكَّن: هي التشاؤم بالشيء، وهو مصدر تَطَيَّر طِيرَةً كما تقول: تخير خيرة، ولم يجئ من المصادر غيرهما هكذا، قيل: وأصل التطير التفاؤل بالطير، واستعمل لكل ما يتفاءل به ويتشاءم، وقد كانوا يتطيرون بالصيد كالطير والظبي، فيتيمنون بالسوانح ويتشاءمون بالبوارح، والبوارح من الصيد ما مر من ميامنك إلى مياسرك، والسوانح ضدها، وكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم، ويمنعهم عن السير إلى مطالبهم، فنفاه الشرع وأبطله، ونهاهم عنه وأخبرهم أنه لا تأثير له.

(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ذاك) أي التطير (شيء يجدونه في صدورهم)(3) أي هذا وهم ينشأ من نفوسهم ليس له تأثير في اجتلاب نفع أو دفع ضرر، وإنما هو شيء يُسَوِّلُه الشيطان ويُزَيِّنُه حتى يعملوا بقضيته ليجرهم بذلك إلى اعتقاد مؤثر غير الله تعالى، وهو كفر صريح بإجماع العلماء (فلا يصدهم) أي لا يمنعهم التطير من السعي في مقاصدهم، لأنه لا يضرهم ولا ينفعهم ما يتوهمونه.

(قال) أي معاوية: (قلت) لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (ومنا رجال يخطون) ويستدلون بها على المغيبات ويعرفون بها الكوائن في المستقبل.

(1)"مسند أحمد"(2/ 429).

(2)

(ص 574).

(3)

قلت: ويحتمل أن يكون المعنى أن وجدانه في النفوس أمر طبيعي، لكن المأمور به أن لا يصدهم عن مقصدهم. (ش).

ص: 428

قَالَ: "كَانَ نَبيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ، فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ". قَالَ: قُلْتُ: إِنَّ جَارِيَةً لِي كَانَتْ تَرْعَى غُنَيْمَاتٍ قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ،

===

(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كان نبي من الأنبياء) قيل: هو إدريس أو دانيال عليهما السلام (1)(يخط) أي أعطي علم الخط، فيعرف بتوسط تلك الخطوط الأمورَ المغيبة (فمن وافق)(2) فيما يخطه (خطه) بالنصب أي خط ذلك النبي (فذاك) أي فذاك مصيب، وهو كالتعليق بالمحال.

قال الخطابي (3): إنما قال عليه الصلاة والسلام: فمن وافق خطه فذاك، على سبيل (4) الزجر، ومعناه: لا يوافق خط أحد خط ذلك النبي، لأن خطه كان معجزة، قال ابن حجر: ولم يصرح بالنهي عن الاشتغال بالخط لنسبته لبعض الأنبياء، لئلا يتطرق الوهم بما لا يليق بكمالهم، ومن ثم قال المحرمون لعلم الرمل وهم أكثر العلماء: لا يستدل بهذا الحديث على إباحته، لأنه علق الإذن فيه على موافقة خط ذلك النبي، وموافقته غير معلومة، إذ لا تعلم إلَّا من تواتر، أو نص منه عليه الصلاة والسلام، أو من أصحابه أن الأشكال التي لأهل علم الرمل كانت لذلك النبي، ولم يوجد ذلك، فاتضح تحريمه.

(قال) معاوية: (قلت) لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن جارية لي كانت ترعى (5) غنيمات قبل أحد والجوانيه) بفتح الجيم وتشديد الواو وبعد الواو نون مكسورة ثم ياء مشددة، والجوانية (6) بقرب أحد موضع في شمال المدينة.

(1) وقيل: إبراهيم، كذا في "الفتاوى الحديثية"(ص 160). (ش).

(2)

وذكر النووي الاختلاف في معناه ثم قال: وحصل من مجموع كلام العلماء فيه الاتفاق على النهي عنه الآن. [انظر: "شرح صحيح مسلم" (3/ 29)]. (ش).

(3)

انظر: "معالم السنن"(1/ 320).

(4)

كما بسطه ابن حجر في "الفتاوى الحديثية"(ص 159). (ش).

(5)

ولا بأس به إذا لم يكن مفسدة، ولا يدخل تحت النهي بالسفر وحدها. "ابن رسلان". (ش).

(6)

وما قال القاضي إنه من عمل الفرع لا يصح، لأن الفرع بين المدينة ومكة، وهذا قبل أحد. "ابن رسلان". (ش).

ص: 429

إِذِ اطَّلَعْتُ عَلَيْهَا اطِّلَاعَةً، فَإِذَا الذِّئْبُ قَدْ ذَهَبَ بشَاةٍ مِنْهَا، وَأَنَا مِنْ بَنِي آدم آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ، لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّة، فَعَظَّمَ ذَاكَ (1) عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: أَفَلَا أُعْتِقُهَا؟ قَالَ: "ائْتِنِي بِهَا"، فَجِئْتُ (2) بِهَا، فَقَالَ:"أَيْنَ اللَّهُ؟ " قَالَتْ: في السَّمَاءِ، قَالَ:"مَنْ أَنَا؟ " قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ:"أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ". [م 537، ن 1218، حم 5/ 447، ط 2/ 776]

931 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ النَّسَائيُّ، نَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ

===

قال النووي (3): فيه دليل على جواز استخدام السيد جاريته في الرعي وإن كانت تنفرد في المرعى، ومع هذا فإن خيف مفسدة من رعيها لريبة فيها أو لفساد ممن يكون في الناحية التي ترعى فيها أو نحو ذلك لم يسترعها، انتهى ملخصًا.

(إذا اطلعت عليها اطلاعة) أي أشرفت عليها وخرجت لأعلم حالها (فإذ الذئب قد ذهب بشاة منها، وأنا من بني آدم آسف)(4) بفتح السين أي أغضب (كما يأسفون لكني صككتها صكة) أي لطمتها لطمة (فعظم) من التعظيم (ذاك) أي صكتي إياها (علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت) أي توبة عنها: (أفلا أعتقها؟ قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ائتني بها، فجئت بها) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لها: (أين الله؟ (5) قالت: في السماء)، والمراد بها نفي الألوهية عن الأصنام، واعتقاد وجوده وعظمته وعلوه لا الجهة (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لها:(من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة)(6).

931 -

(حدثنا محمد بن يونس النسائي، نا عبد الملك بن

(1) في نسخة: "ذلك".

(2)

وفيها نسختان: "فجئته بها"، "فأتيت بها".

(3)

"شرح صحيح مسلم"(3/ 29).

(4)

بالمد "ابن رسلان". (ش).

(5)

وبسط الكلام عليه في "الفتاوى الحديثية"(ص 151). (ش).

(6)

لا خلاف في جواز عتق الكافر في التطوع، وإنما الخلاف في الكفارة. (ش).

ص: 430

عَمْرٍو، نَا فُلَيْحٌ، عن هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عن عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، مُعَاوِيةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ: لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم عُلِّمْتُ أُمُورًا مِنْ أُمُورِ الإِسْلَامِ، فَكَانَ فِيمَا عُلِّمْتُ أَن قِيلَ (1) لِي:"إِذَا عَطَسْتَ فَاحْمَدِ اللَّهِ، وَإِذَا عَطَسَ الْعَاطِسُ فَحَمِدَ الله فَقُلْ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ". قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا قَائِمٌ مَع رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في الصَّلَاةِ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ فَحَمِدَ اللَّهَ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، رَافِعًا بِهَا صَوْتِي، فرَمَانِي النَّاسُ بَأَبْصَارِهِمْ حَتَّى احْتَمَلَنِي ذَلِكَ، فَقُلْتُ: مَا لَكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ بِأعْيُنٍ شُزْرٍ؟ ، قَالَ: فَسَبَّحُوا، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصَلاة قَالَ:"مَنِ الْمُتَكَلِّمُ؟ "

===

عمرو، نا فليح، عن هلال بن علي) هو هلال بن أبي ميمونة المتقدم، (عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم السلمي قال: لما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم علمت) بصيغة المجهول من التعليم (أمورًا من أمور الإسلام) أي الفرائض وشرائع الإِسلام (فكان فيما علمت) بصيغة المجهول من التعليم، ويحتمل أن يكون على صيغة المعلوم من العلم (أن قيل لي) والقائل له إما رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بعض الصحابة (إذا عطست فاحمد الله، وإذا عطس العاطس فحمد الله، فقل: يرحمك الله، قال: فبينما أنا قائم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة إذ عطس رجل فحمد الله، فقلت: يرحمك الله رافعًا بها صوتي، فرماني الناس بأبصارهم حتى احتملني ذلك) أي: حتى أغضبني رميهم بأبصارهم.

(فقلت: ما لكم تنظرون إلى بأعين شزر؟ ) بضم الشين المعجمة وسكون الزاء في آخره راء، جمع شزراء من الشزر، وهو النظر عن اليمين والشمال، وليس بمستقيم النظر، وقيل: هو النظر بمؤخر العين، وأكثر ما يكون النظر الشزر في حال الغضب وإلى الأعداء (قال: فسبحوا) أي قالوا: سبحان الله.

(فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة قال: من المتكلم) في الصلاة؟

(1) وفي نسخة: "قال".

ص: 431