الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(161) بَابُ الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ
(1)
===
" إذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه"، رواه المؤلف.
قلت: لا معارضة بينهما، فإن معنى قوله: إذ سجد فرج بين فخذيه، أي باعد بين فخذيه وبين بطنه، ثم أكده بقوله:"غير حامل بطنه على شيء من فخذيه"، ويؤيده ما قال في "البحر الرائق" (2): قوله: وجافى بطنه عن فخذيه لحديث أبي داود في صفة صلاته عليه السلام: "وإذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه".
وأما قول الشوكاني: قوله: فرج بين فخذيه، أي فرق بين فخذيه وقدميه وركبتيه، انتهى.
قلت: فلو سلم أن الحديث يدل على تفريق بين الفخذين إحداهما من الأخرى، فليس فيه تفريج القدمين والركبتين.
وكذلك قولى: والحديث يدل على مشروعية التفريج بين الفخذين في السجود ورفع البطن عنهما، ولا خلاف في ذلك.
قلت: لا خلاف في رفع البطن عنهما، وأما التفريج بين الفخذين في السجود فليس بمجمع عليه، ولم أره صرح به أحد إلَّا بعض الشوافع (3)، وأما الأحناف والمالكية فما رأيته في كتبهم، والله أعلم.
(161)
(بَابُ الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ)
أي: في ترك تفريج اليدين عن الجنبين
(1) زاد في نسخة: "للضرورة".
(2)
(1/ 559).
(3)
فقد صرَّح في "التوشيح" باستحباب التفريق قدر شبر، وكذا في "نيل المأرب"(1/ 160)، وذكر الشامي إلصاق الكعبين في الركوع والسجود سنة، لكن ردَّه في "الفتاوى السعدية". (ش).
901 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، نَا اللَّيْثُ، عن ابْنِ عَجْلَانَ، عن سُمَيٍّ، عن أَبِي صَالِحٍ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: اشْتَكَى أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَشَقَّةَ السُّجُودِ عَلَيْهِمْ إِذَا انْفَرَجُوا فَقَال: "اسْتَعِينُوا بِالرُّكَبِ". [ت 286، حم 2/ 417، حب 1918، ك 1/ 229، ق 2/ 117]
===
901 -
(حدثنا قتيبة بن سعيد، نا الليث، عن ابن عجلان، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: اشتكى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم مشقة السجود عليهم إذا انفرجوا) وفي رواية الترمذي: إذا تفرجوا، أي يشق عليهم السجود إذا باعدوا بين اليدين والجنبين، وبين البطن والفخذين.
(فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استعينوا بالركب)(1) أي استعينوا بوضع المرفقين على الركب، فإذا وضع مرفقيه على الركب لم يكن مباعدًا كثيرًا بين اليدين عن الجنبين، ولا بين البطن والفخذين.
أخرج هذه الرواية الترمذي، وقال: لا نعرف من حديث أبي صالح عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم إلَّا من هذا الوجه، وقد روى هذا الحديث سفيان بن عيينة وغير واحد عن سمي، عن النعمان بن أبي عياش، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا، وكان رواية هؤلاء أي سفيان بن عيينة، وغير واحد أصح من رواية الليث.
حاصل ما قال الترمذي: أن رواية الليث عن ابن عجلان، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة موصولًا شاذ غير معروف، وأما ما روى هذا
(1) قال ابن رسلان: بوب عليه ابن حبان (5/ 246)"ذكر الإباحة للمرء أن يستعين بالركب في الاعتماد بالمرفقين عليهما عند ضعف أو أكبر سن"، انتهى، ثم قال: هذا للمرء، وأما المرأة فتضم بعضها إلى بعضها بدون العذر، والحديث أخرجه أحمد في "مسنده" (2/ 240) زاد في آخره: قال ابن عجلان: وذلك أن يضع مرفقيه على ركبتيه إذا أطال السجود وأعيى. (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الحديث سفيان بن عيينة وغير واحد عن سمي، عن النعمان بن أبي عياش، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، فرواية هؤلاء أصح من رواية الليث، لأن الليث وإن كان ثقةً حافظًا ولكن سفيان وغيره مع كونهم ثقات حفاظًا متعددين.
فأما ما قال الحافظ (1): وأخرج الترمذي الحديث المذكور، ولم يقع في روايته "إذا انفرجوا" فترجم له:"ما جاء في الاعتماد إذا قام من السجود"، فجعل محل الاستعانة بالركب بمن يرفع من السجود طالبًا للقيام، واللفظ محتمل لما قال، لكن الزيادة التي أخرجها أبو داود تُعَيِّنُ المراد.
قلت: لعل النسخة التي عند الحافظ خالية عن هذه الزيادة، وأما نسخ الترمذي الموجودة عندنا ففيها هذه الزيادة "إذا تفرجوا" موجودة، وكذلك لفظ الترجمة في النسخ الموجودة عندنا "باب ما جاء في الاعتماد في السجود"، ولم أرَ ما زاده الحافظ في الترجمة من لفظ:"إذا قام" في نسخة.
ثم أقول: فيما ادعى الترمذي من أن الحديث موصولًا غير معروف لا نعرفه إلَّا من هذا الوجه، نظر، فإن الطحاوي أخرج هذه الرواية في "شرح معاني الآثار" (2) في "باب التطبيق في الركوع": حدثنا ربيع الجيزي قال: ثنا أبو زرعة قال: أخبرنا حيوة قال: سمعت ابن عجلان يحدث، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة [أنه قال: ] اشتكى الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم التفرج في الصلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"استعينوا بالركب"، فهذا حيوة بن شريح وهو ثقة ثبت فقيه زاهد، يوافق الليث في وصله، فلم يبق في وصله شذوذ.
قلت: نقل صاحب "العون"(3) عن المنذري بأنه أخرجه الترمذي، وذكر
(1)"فتح الباري"(2/ 294).
(2)
(1/ 230).
(3)
"عون المعبود"(3/ 170).