الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(146) بَابُ مَا جَاءَ في مَا يَقْولُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرّكُوع
845 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ كُلُّهُمْ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ قال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ (1) اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، مِلْءَ السَّمَوَاتِ
===
المحققين منهم البيهقي والقاضي عياض وآخرون، قال القاضي: وقد روي عن جماعة من الصحابة والسلف أنهم كانوا يفعلونه، قال: وكذا جاء مفسرًا عن ابن عباس: "من السنة أن تمس عقبيك أليتيك"، فهذا هو الصواب في تفسير حديث ابن عباس.
وقد ذكرنا أن الشافعي نص على استحبابه في الجلوس بين السجدتين، وله نص آخر وهو الأشهر: أن السنة فيه الافتراش، وقد علمت أن الإقعاء على كلا نوعيه مكروه عند الحنفية.
(146)
(بَابُ مَا جَاءَ فِيما يَقُول إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ)
أي: في القومة
845 -
(حدثنا محمد بن عيسى، نا عبد الله بن نمير وأبو معاوية ووكيع ومحمد بن عبيد كلهم عن الأعمش، عن عبيد بن الحسن) أبو الحسن الكوفي (قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع يقول: سمع الله لمن حمده، اللَّهم ربنا لك الحمد مِلءَ السموات) بالنصب، وهو الأكثر على أنه صفة مصدر محذوف، وقيل على نزع الخافض أي بملء السماوات، وبالرفع على أنه صفة الحمد، والمِلء بالكسر اسم ما يأخذه الإناء إذا امتلأ، وهو مجاز عن الكثرة، قال المظهر: هذا تمثيل
(1) وفي نسخة: "النبي".
وَمِلْء الأَرْضِ وَمِلْء مَا شِئْت مِنْ شَئءٍ بَعْد" (1). [م 476، جه 478، حم 4/ 353]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِىُّ وَشُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ عُبَيْدٍ أَبِى الْحَسَنِ: هَذَا (2) الْحَدِيثِ لَيْسَ فِيهِ "بَعْدَ الرُّكُوعِ".
===
وتقريب إذ الكلام لا يقدر بالمكاييل ولا تسعه الأوعية، وإنما المراد تكثير العدد حتى لو قدر أن تلك الكلمات تكون أجسامًا تملأ الأماكن لبلغت من كثرتها ما تملأ السماوات والأرضين (3).
(ومِلء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد) أي بعد ذلك أي ما بينهما أو غير ما ذكر كالعرش والكرسي وما تحت الثرى.
(قال أبو داود: وقال سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج (4) عن عبيد أبي الحسن) فخالفا سليمان الأعمش، فإنه قال: عبيد بن الحسن، وإنهما قالا: عبيد أبي الحسن، وكلاهما صحيحان، فإنه ابن الحسن وهو أبو الحسن (هذا الحديث ليس فيه بعد الركوع) أي لم يقل سفيان الثوري وشعبة في هذا الحديث الذي رويا عن عبيد أبي الحسن إن هذا الدعاء بعد الركوع كما ذكره الأعمش في حديثه أنه بعد الركوع، وهو قوله:"إذا رفع رأسه من الركوع".
(1) قلت: ذكر المزي هذا الحديث بهذا الإسناد في "تحفة الأشراف"(4/ 161) ح (5173)، ثم ذكر له إسنادًا آخر فقال:
"وعن محمد بن رافع، عن يحيى بن آدم، عن سفيان، عن الأعمش بهذا الحديث بمعناه"، ثم ذكر مقولة سفيان الآتية، ثم قال المزي: حديث محمد بن رافع في رواية أبي الحسن بن العبد، ولم يذكره أبو القاسم.
(2)
وفي نسخة: "بهذا".
(3)
انظر: "مرقاة المفاتيح"(2/ 312).
(4)
أخرج روايته أبو داود الطيالسي في "مسنده" رقم (817)، وأحمد في "مسنده"
(4/ 354)، ومسلم (476)، وأبو عوانة (2/ 177)، والبزار (8/ 291) رقم (3362)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(13/ 161) رقم (5166).
قَالَ سُفْيَانُ: لَقِينَا الشَّيْخَ عُبَيْدًا أَبَا الْحَسَنِ (1)، فَلَمْ يَقُلْ فِيهِ: بَعْدَ الرُّكُوعِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ أَبِى عِصْمَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُبَيْدٍ
===
وقد أخرج حديث شعبة عن عبيد أبي الحسن مسلم في "صحيحه"(2)، وليس فيه ذكر محل هذا الدعاء، وهكذا أخرج الإِمام أحمد هذا الحديث في "مسنده"(3) عن شعبة، وقد أخرج أحمد من طريق وكيع، حدثنا مسعر، حدثنا عبيد بن حسن، عن ابن أبي أوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك، ولم يقل: في الصلاة.
(قال سفيان: لقينا الشيخ عبيدًا أبا الحسن فلم يقل فيه: بعد الركوع) حاصله أن سفيان تلقى هذا الحديث أولًا عن عبيد بالواسطة (4)، وكان فيه بعد الركوع أو ما في معناه، ثم لقيه وأخذ منه الحديث بلا واسطة، فلم يقل في الحديث كلمة تدل على أنه بعد الركوع.
(قال أبو داود: ورواه شعبة (5) عن أبي عصمة) وهو نوح بن أبي مريم المشهور بالجامع، لأنه أخذ الفقه عن أبي حنيفة وابن أبي ليلى، والحديث عن الحجاج بن أرطاة وطبقته، والمغازي عن ابن إسحاق، والتفسير عن الكلبي ومقاتل، وكان مع ذلك عالمًا بأمور الدنيا فسمي الجامع، لكن كذبوه في الحديث، قال ابن المبارك: وكان يضع، وقال ابن حبان: نوح الجامع جمع كل شيء إلَّا الصدق.
(عن الأعمش عن عبيد) من غير ذكر ابن الحسن أو أبي الحسن
(1) زاد في نسخة: "بعد".
(2)
برقم (476).
(3)
(4/ 353).
(4)
وحاصل ما قال ابن رسلان أن عبيدًا ذكر أولًا هذا اللفظ، ثم لقيناه بعد فلم يقله، وفي روايته لفظ "بعد" موجود. (ش).
(5)
أخرج روايته أحمد في "مسنده"(4/ 354).
قَالَ "بَعْدَ الرُّكُوعِ".
846 -
حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِىُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، (ح): وَحَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ. (ح): وَحَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ. (ح): وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، كُلُّهُمْ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ قَزَعَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قال:"إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ حِينَ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاءِ». قَالَ مُؤَمَّلٌ: "مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَىْءٍ
===
(قال) عبيد: (بعد الركوع) وحاصل هذا الكلام أن تلاميذ الأعمش (1) اختلفوا في سند هذا الحديث وفي متنه، أما في سند الحديث فبعضهم قالوا: عن عبيد بن الحسن، وبعضهم قالوا: عن عبيد أبي الحسن، وبعضهم: عن عبيد، وقد تقدم أن كليهما صحيحان، وليس الاختلاف إلَّا في اللفظ، وأما الاختلاف في المتن فبعضهم ذكروا أن هذا الدعاء كان في الصلاة بعد الركوع، وبعضهم لم يذكروا ذلك، بل لم يذكروا لفظًا يدل على أن هذا الدعاء كان في الصلاة.
846 -
(حدثنا مؤمل) كمحمد (ابن الفضل الحراني، نا الوليد) بن مسلم، (ح: ونا محمود بن خالد، نا أبو مسهر) عبد الأعلى، (ح: ونا ابن السرح، نا بشر بن بكر، ح: ونا محمد بن مصعب، نا عبد الله بن يوسف كلهم) أي الوليد وأبو مسهر وبشر بن بكر وعبد الله رووا (عن سعيد بن عبد العزيز، عن عطية بن قيس، عن قزعة بن يحيى، عن أبي سعيد الخدري قال) أبو سعيد: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول حين يقول: سمع الله لمن حمده) أي: في القومة بعد التسميع حين انفراده:
(اللهم ربنا لك الحمد ملء السماء، قال مؤمل: ملء السموات) يعني قال مؤمل بصيغة الجمع، والباقون بالإفراد (وملء الأرض وملء ما شئث من شيء
(1) قوله: الأعمش، الظاهر بدله: تلاميذ عبيد. (ش).
بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ، وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ». زَادَ مَحْمُودٌ:«وَلَا مُعْطِىَ لِمَا مَنَعْتَ» - ثُمَّ اتَّفَقُوا (1) -: «وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» (2).
وَقَالَ بِشْرٌ: "رَبنا لَكَ الْحَمْدُ"(3)، لَمْ يَقُلْ مَحْمُود "اللَّهُمَّ "
===
بعد، أهل الثناء) بالرفع بتقدير أنت وهو الأنسب للسباق واللحاق، أو بتقدير هو، وبالنصب على المدح، أو بتقدير يا، يا أهل الثناء (والمجد) أي العظمة والكرم (أحق ما قال العبد)(4) بالرفع وما موصوفة أو موصولة، وأل للجنس أو للعهد، والمعهود النبي صلى الله عليه وسلم، أي أنت أحق بما قال العبد، لك من المدح من غيرك (وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت) لعبد شيئًا من العطاء.
(زاد محمود: ولا معطي) من أحد (لما منعت) أي للشيء الذي منعته من الأشياء، أو من إعطاء أحد، وهو مقتبس من قوله تعالى:{مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} (5).
(ثم اتفقوا: ولا ينفع ذا الجد منك الجد) المشهور فتح الجيم بمعنى الغناء، أي لا ينفع ذا الغنى منك الغناء، وإنما ينفعه العمل بطاعتك فمعنى منك عندك، ويحتمل وجهًا آخر أي لا يسلمه من عذابك غناه، وفيه توجيهات أخر.
(وقال بشر: ربنا لك الحمد) أي لم يقل: اللَّهم (لم يقل محمود اللَّهم،
(1) وفي نسخة: "اتفقا".
(2)
ذكر المزي في "تحفة الأشراف"(3/ 435) ح (4281) إسنادًا آخر لهذا الحديث: "عن محمد بن مصفى، عن بقية بن الوليد، عن سعيد بن عبد العزيز، به"، ثم قال المزي:"وحديث محمد بن مصفى في رواية أبي الحسن بن العبد، ولم يذكره أبو القاسم".
(3)
زاد في نسخة: "لم يقل: اللهم".
(4)
بسط ابن رسلان في تحقيقه لغة. (ش).
(5)
سورة فاطر: الآية 2.
قَالَ: "رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ"(1). [م 477، ن 1068، دي 1313، حم 3/ 87، خزيمة 113]
===
قال) محمود: (ربنا ولك الحمد) بزيادة الواو، قال الشوكاني (2): الواو في قوله: "ربنا ولك الحمد" ثابتة في أكثر الروايات، وهي عاطفة على مقدر بعد قوله:"ربنا"، وهو استجب كما قال ابن دقيق العيد، أو حمدناك كما قال النووي، أو الواو زائدة كما قال أبو عمرو بن العلاء، أو للحال كما قال غيره.
واحتج بهذا الحديث من قال: إنه يجمع بين التسميع والتحميد كل مصل من غير فرق بين الإِمام والمؤتم والمنفرد، وهو الشافعي ومالك وعطاء ومحمد بن سيرين وإسحاق وداود ولكنه أخص من الدعوى، لأنه حكايه لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم إمامًا كما هو المتبادر والغالب، إلَّا أن قوله صلى الله عليه وسلم:"صلوا كما رأيتموني أصلي" يدل على عدم اختصاص ذلك بالإمام.
وقال أبو يوسف ومحمد: يجمع بينهما الإِمام والمنفرد أيضًا، ورجحه الطحاوي.
وقال الإِمام أبو حنيفة: إن الإِمام والمنفرد يقول: سمع الله لمن حمده فقط، والمأموم: ربنا لك الحمد فقط، وحكاه ابن المنذر عن ابن مسعود وأبي هريرة والشعبي ومالك وأحمد، قال: وبه أقول، وحجتهم حديث أبي هريرة الآتي، وهو قوله:"وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا لك الحمد".
(1) زاد في نسخة: "رواه الوليد بن مسلم عن سعيد قال: [اللهم] ربنا لك الحمد، لم يقل: ولا معطي لما منعت أيضًا، قال أبو داود: لم يجئ به إلَّا أبو مسهر". (ش).
(2)
"نيل الأوطار"(2/ 290).
847 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَىٍّ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا قَالَ الإِمَامُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» . [خ 796، م 409، ت 267، ن 1063، حم 2/ 417، ق 2/ 96]
===
847 -
(حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن سمي، عن أبي صالح السمان) ذكوان، (عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قال الإِمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللَّهم ربنا لك الحمد، فإنه) ضمير شأن (من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) أي إذا قال الإِمام: سمع الله لمن حمده، يقول الملائكة: اللَّهم ربنا لك الحمد، فقولوا أنتم أيها القوم: اللَّهم ربنا لك الحمد، فإنه إذا وافق قولكم قول الملائكة غفر لكم ما تقدم من ذنبكم، والمراد غفران الصغائر، فإن غفران الكبائر منوط بالتوبة.
احتج بهذا الحديث الإِمام أبو حنيفة ومن معه من العلماء بأنه صلى الله عليه وسلم قسم التحميد والتسميع بين الإِمام والقوم، فجعل التحميد لهم والتسميع له، وفي الجمع بين الذكرين من أحد الجانبين إبطال هذه القسمة، وهذا لا يجوز، ولا يرد أنه صلى الله عليه وسلم قسم في قوله:"وإذا قال الإِمام: ولا الضالين، فقولوا: آمين" مع أن الإِمام يقولها، لأنه ورد في بعض الروايات بأن الإِمام يقولها، ولم يرد هاهنا مثله، ولأن هاهنا مانعًا ليس هناك، وهو أن إتيان التحميد من الإِمام يؤدي إلى جعل التابع متبوعًا والمتبوع تابعًا، وهذا لا يجوز.
ييان ذلك أن الذكر يقارن الانتقال، فإذا قال الإِمام مقارنًا للانتقال: سمع الله لمن حمده، يقول المقتدي مقارنًا له: ربنا لك الحمد، فلو قال الإِمام بعد ذلك لوقع قوله بعد قول المقتدي، فينقلب المتبوع تابعًا والتابع متبوعًا، وهو خلاف موضوع الإمامة، والحديث الذي استدلا به محمول على حالة الانفراد في صلاة التطوع.
848 -
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَامِرٍ قَالَ:"لَا يَقُولُ الْقَوْمُ خَلْفَ الإِمَامِ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَلَكِنْ يَقُولُونَ: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ".
===
848 -
(حدثنا بشر بن عمار، نا أسباط) بن محمد بن عبد الرحمن، (عن مطرف) بضم أوله وفتح ثانيه وتشديد الراء المكسورة، ابن طريف، (عن عامر) هو الشعبي (قال: لا يقول القوم خلف الإمام: سمع الله لمن حمده، ولكن يقولون: ربنا لك الحمد).
وهاهنا نقل صاحب "العون"(1) عن الخطابي: اختلف الناس فيما يقول المأموم إذا رفع رأسه من الركوع، فقال طائفة: يقتصر على "ربنا لك الحمد" لا يزيد عليه، وقال طائفة: يقول "سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد" يجمع بينهما، وهو قول ابن سيرين وعطاء وإليه ذهب الشافعي، وهو مذهب أبي يوسف ومحمد، انتهى.
قلت: هذا غلط في نقل المذهب فإنه ليس مذهب أبي يوسف ومحمد أن يجمع المؤتم بين الذكرين، بل مذهبهما أن يجمع بينهما الإِمام، وأما المؤتم فلا يأتي إلَّا بالتحميد.
فقد قال الطحاوي (2): فذهب قوم إلى أن "سمع الله لمن حمده" يقولها الإِمام دون المأموم، وأن "ربنا لك الحمد" يقولها المأموم دون الإِمام وممن ذهب إلى هذا القول أبو حنيفة ومالك، وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: بل يقول الإِمام: "سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد"، ثم يقول المأموم:"ربنا لك الحمد" خاصة، ثم قال: وبهذا نأخذ، وهو قول أبي يوسف ومحمد، وأما أبو حنيفة فكان يذهب في ذلك إلى القول الأول، وهكذا في جميع كتب الأحناف.
(1)(3/ 86).
(2)
"شرح معاني الآثار"(1/ 238).