المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(139) باب من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٤

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(118) بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ

- ‌(119) بَابُ افْتَتِاحِ الصَّلَاةِ

- ‌(120) بَابٌ

- ‌(121) بَابُ مَنْ لَمْ يَذْكُرِ الرَّفْعَ عِنْدَ الرُّكُوعِ

- ‌(123) بَابُ مَا يُسْتَفْتَحُ بِهِ الصَّلَاةُ مِنَ الدُّعَاءِ

- ‌(124) (بَابُ مَنْ رَأَى الاستِفْتَاحَ بِـ: سُبْحَانَكَ)

- ‌(125) بَابُ السَّكْتَةِ عِنْدَ الافْتِتَاحِ

- ‌(126) بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ الجَهْرَ بِـ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

- ‌(127) بَابُ مَا جَاءَ منْ جَهَرَ بِهَا

- ‌(128) (باب تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ لِلأَمْرِ يَحْدُثُ)

- ‌(129) بَابُ مَا جَاءَ في نُقْصَانِ الصَّلَاةِ

- ‌(130) بابٌ: فِى تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ

- ‌(131) بَابُ مَا جَاءَ فِي القِرَاءَة في الظُّهْرِ

- ‌(132) بَابُ تَخْفِيفِ الأُخْرَيَيْنِ

- ‌(133) باب قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِى صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ

- ‌(134) بَابُ قَدْرِ الْقِرَاءَةِ في الْمَغْرِبِ

- ‌(135) (بَابُ مَنْ رَأَى التَّخْفِيفَ فِيهَا)

- ‌(136) بابُ الرَّجُلِ يُعِيدُ سُورَةً وَاحِدَةً فِى الرَّكْعَتَيْنِ

- ‌(137) بَابُ القِرَاءَةِ في الفَجْرِ

- ‌(138) بَابُ مَنْ تَرَكَ القِرَاءَةَ في صَلاتِهِ

- ‌(139) بَابُ مَنْ كَرِهَ القِراءَةَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ إِذَا جَهَرَ الإِمَامُ

- ‌(140) (بَابُ مَنْ رَأَى الْقِرَاءَةَ إِذَا لَمْ يَجْهَر)

- ‌(142) بَابُ تَمَامِ التَّكْبِيرِ

- ‌(143) بابٌ: كَيْفَ يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ

- ‌(144) بَابُ النُّهُوضِ في الفَرْدِ

- ‌(145) بَابُ الإِقْعَاءِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

- ‌(146) بَابُ مَا جَاءَ في مَا يَقْولُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرّكُوع

- ‌(147) بَابُ الدُّعَاءِ بَيْنَ السَّجدَتَيْنِ

- ‌(148) (بَابُ رَفْعِ النِّسَاءِ إِذَا كُنَّ مَعَ الإمَامِ رُؤوسَهُنَّ مِنَ السَّجْدَةِ)

- ‌(149) بَابُ طُولِ القِيامِ مِنَ الرُّكُوعِ وَبَيْنَ السَّجدَتَيْنِ

- ‌(150) بَابُ صَلَاةِ مَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ في الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌(153) بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ في رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ

- ‌(154) بَابٌ: في الدُّعَاءِ في الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌(155) بَابُ الدُّعَاءِ في الصَّلَاةِ

- ‌(156) بَابُ مِقْدَارِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌(157) (بَابُ الرَّجُلِ يُدْرِكُ الإِمَامَ سَاجِدًا كَيْفَ يَصْنَعُ

- ‌(158) بَابٌ: في أَعْضَاءِ السُّجُودِ

- ‌(159) بَابُ السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ وَالْجَبْهَةِ

- ‌(160) (بَابُ صِفَةِ السُّجُودِ)

- ‌(161) بَابُ الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ

- ‌(162) بَابٌ: في التَّخَصُّرِ وَالإِقْعَاءِ

- ‌(163) بَابٌ: في الْبُكَاءِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(164) بَابُ كَرَاهِيَّةِ الوَسْوَسَةِ وَحَدِيثِ النَّفْسِ في الصَّلَاةِ

- ‌(165) بَابُ الفَتْحِ عَلَى الإِمَامِ في الصَّلَاةِ

- ‌(166) بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّلْقِينِ

- ‌(167) بَابُ الالْتِفَاتِ في الصَّلَاةِ

- ‌(168) بَابُ السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ

- ‌(169) بَابُ النَّظَرِ في الصَّلَاةِ

- ‌(170) بَابُ الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ

- ‌(171) بَابٌ: في الْعَمَلِ في الصَّلَاةِ

- ‌(172) بَابُ رَدِّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(173) بَابٌ في تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ في الصَّلَاةِ

- ‌(174) بَابُ التَّأْمِينِ وَرَاءَ الإِمَامِ

- ‌(175) بَابُ التَّصْفِيقِ في الصَّلَاةِ

- ‌(176) بَابُ الإِشِارَةِ في الصَّلَاةِ

- ‌(177) بَابٌ: في مَسْحِ الْحَصَى في الصَّلَاةِ

- ‌(178) بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي مُخْتَصِرًا

- ‌(179) بَابُ الرَّجُلِ يَعْتَمِدُ في الصَّلَاةِ عَلَى عَصًا

- ‌(180) بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْكَلَامِ في الصَّلَاةِ

- ‌(181) بَابٌ: في صَلَاةِ القَاعِدِ

- ‌(182) بَابٌ كَيْفَ الْجُلُوسُ في التَّشَهُّدِ

- ‌(183) بَابُ مَنْ ذَكرَ التَّوَرُّكَ في الرَّابِعَةِ

- ‌(184) بَابُ التَّشَهُّدِ

- ‌(185) بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ التَّشَهُّدِ

- ‌(186) بَابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ

- ‌(187) بَابُ إِخْفَاءِ التَّشَهُّدِ

- ‌(188) بَابُ الإِشَارَةِ في التَّشَهُّدِ

- ‌(189) بَابُ كرَاهِيَّةِ الاعْتِمَادِ عَلَى الْيَدِ في الصَّلَاةِ

- ‌(190) بَابٌ: في تَخْفِيفِ القُعُودِ

- ‌(191) بَابٌ: في السَّلَامِ

- ‌(192) بَابُ الرَّدِّ عَلَى الإِمَامِ

- ‌(193) بَابُ التَّكْبِيرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ

- ‌(194) بَابُ حَذْفِ السَّلَامِ

- ‌(195) بَابٌ: إِذَا أَحْدَثَ في صَلاتِهِ

- ‌(196) بَابٌ: في الرَّجُلِ يَتَطَوَّعُ في مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْمَكْتُوبَةَ

- ‌(197) بَابُ السَّهْوِ في السَّجدتَيْنِ

- ‌(198) بَابٌ: إِذَا صَلَّى خَمْسًا

- ‌(201) بَابُ مَنْ قَالَ: بَعْدَ التَّسْلِيمِ

- ‌(202) بَابُ مَنْ قَامَ مِنْ ثِنْتَيْنِ وَلَمْ يَتَشَهَّدْ

- ‌(203) بَابُ مَنْ نَسِيَ أَنْ يَتَشهَّدَ وَهُوَ جَالِسٌ

- ‌(204) بَابُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ فِيهِمَا تَشَهُّدٌ وتَسْلِيمٌ

- ‌(205) بَابُ انْصِرافِ النِّسَاءِ قَبْلَ الرِّجَالِ مِنَ الصَّلاةِ

- ‌(206) بَابٌ: كيْفَ الانْصِرَافُ مِنَ الصَّلاةِ

- ‌(207) بَابُ صَلَاةِ الرَّجُلِ التَّطوُّعَ في بَيْتِهِ

- ‌(208) بَابُ مَنْ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ ثُمَّ عَلِمَ

الفصل: ‌(139) باب من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام

(139) بَابُ مَنْ كَرِهَ القِراءَةَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ إِذَا جَهَرَ الإِمَامُ

825 -

حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِىُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ أُكَيْمَةَ اللَّيْثِىِّ،

===

بهذا، رواته كلهم ثقات، قلت: فأدخل بين محمود وعبادة رجلًا آخر وهو أبو نعيم فاضطرب إسناده، والاضطراب مورث للضعف.

(139)

(بَابُ مَنْ كَرِهَ القِراءَةَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ إِذَا جَهَرَ الإِمَامُ)(1)

وليست هذه الترجمة إلَّا في النسخة المجتبائية، وعلى الحاشية نسختان أخريان، الأولى: باب من ترك القراءة فيما جهر الإِمام، وهذه الترجمة مثل الترجمة السابقة، ولم توجد إلَّا على حاشية المجتبائية، والثانية: باب من رأى القراءة إذا لم يجهر، وهذه الترجمة موجودة في جميع النسخ الموجودة، واختارها صاحب "العون"(2) في شرحه، ولم يذكر غيرها، وهذه الترجمة لا يوافقها الأحاديث المذكورة إلَّا بالاستدلال والتكلف، وأما على الأوليين فالمطابقة واضحة.

825 -

(حدثنا القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن ابن أكيمة الليثي) ثم الجندعي، اسمه عمارة بضم العين وتخفيف الميم، وقيل: عمار بفتح العين وتخفيف الميم، قاله الزرقاني (3)، وقيل: عمرو، وقيل: عامر، قال في "الميزان" (4): قال أبو حاتم: صحيح الحديث، وقال ابن سعد: منهم من لا يحتج به، يقول: شيخ مجهول.

(1) قال ابن العربي (2/ 108): فيه ثلاثة مذهب، القراءة مطلقًا، وتركها مطلقًا، والتفريق بين الجهرية والسرية، وأورد على الإِمام الشافعي بأنه لا يجب على الإِمام السكوت عند أحد فلو لم يسكت؟ (ش).

(2)

"عون المعبود"(3/ 49).

(3)

شرح الزرقاني (1/ 178).

(4)

"ميزان الاعتدال"(3/ 173).

ص: 248

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةٍ جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ: «هَلْ قَرَأَ مَعِى أَحَدٌ مِنْكُمْ آنِفًا؟ » فَقَالَ رَجُلٌ: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «إِنِّى أَقُولُ: مَا لِى أُنَازَعُ الْقُرْآنَ؟ ». قَالَ:

===

وقال الحافط في "التقريب"(1): ثقة، وقال في "تهذيب التهذيب" (2): قال أبو حاتم: صالح الحديث مقبول، وقال ابن سعد: توفي سنة إحدى ومئة، وهو ابن 79 سنة، روى عنه الزهري حديثًا واحدًا، ومنهم من لا يحتج بحديثه، ويقول: هو مجهول، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الدوري عن يحيى بن سعيد: عمارة بن أكيمة ثقة، وقال يعقوب بن سفيان: هو من مشاهير التابعين بالمدينة، وقال أبو بكر البزار: ابن أكيمة ليس مشهورًا بالنقل، ولم يحدث عنه إلَّا الزهري، وقال الحميدي: هو رجل مجهول، وكذا قال البيهقي.

(عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف) أي توجه إلى الناس بعد ما فرغ (من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال: هل قرأ معي) أي مع قراءتي (أحد منكم آنفًا؟ ) أي قريبًا، ومدها هو المشهور، وقد يقصر، يقال: فعلته آنفًا، أي في أول وقت، وهذا الكلام بظاهره يدل على أن قراءتهم لم يكن بعلم منه- صلى الله عليه وسلم وأنها كانت سرًّا، فإنها لو كانت جهرًا لا يخفى عليه صلى الله عليه وسلم.

(فقال رجل) لم أقف على تسميته: (نعم، يا رسول الله) أي قرأت (قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني أقول) أي في نفسي (ما لي أنازع) بفتح الزاي (القرآن؟ ) بالنصب على أنه مفعول ثان، كذا نقل القاري (3) عن "الأزهار"، أي أداخل في القراءة وأشارك فيها وأغالب عليها، فكأنهم نازعوه، والأظهر حمله على قراءتهم سرًّا قبل فراغه من قراءة الفاتحة، أو على قراءتهم بعد فراغهم منها ما عدا الفاتحة سرًّا.

(قال) أبو هريرة، قاله ابن الملك، وهو الظاهر، لكن نقل ميرك

(1)(2/ 49).

(2)

(7/ 410).

(3)

"مرقاة المفاتيح"(2/ 302).

ص: 249

فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ الْقِرَاءَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فِيمَا جَهَرَ فِيهِ (1) النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بِالْقِرَاءَةِ مِنَ الصَّلَوَاتِ

===

عن ابن الملقن أن قوله: "فانتهى الناس

" إلخ هو من كلام الزهري لا مرفوعًا، قاله البخاري والذهبي وابن فارس وأبو داود وابن حبان والخطابي وغيرهم.

قلت: أخرجه مالك في "موطئه"(2) والإمام محمد أيضًا عن مالك في "موطئه"(3) والنسائي من طريق قتيبة عن مالك، وليس فيها لفظة "قال"، وهذا يدل على أن قوله: فانتهى الناس من كلام أبي هريرة لا من كلام الزهري، وفي رواية أبي داود والترمذي وابن ماجه بلفظة:"قال"، وهو محتمل بأن يكون مرجع الضمير الزهري أو أبا هريرة، والرواية الأولى يدفع هذا الاحتمال، فإن المتيقن قاض على المحتمل.

ويؤيده أيضًا ما أخرجه الهيثمي في "مجمع الزوائد"(4) عن ابن بحينة وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "هل أحد قرأ منكم معي آنفًا؟ "، قالوا: نعم، قال:"إني أقول: ما لي أنازع القرآن" فانتهى الناس عن القراءة معه حين قال ذلك، رواه أحمد والطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، ورجال أحمد رجال الصحيح، ويأتي الكلام عليه بعد هذا الحديث، انتهى، وليس فيه لفظ "قال"، ثم ذكر بعد هذا الحديث، وقال فيه: إلَّا أن البزار قال: أخطأ فيه ابن أخي ابن شهاب حيث قال: عن ابن بحينة، ورواه معمر وابن عيينة عن الزهري عن ابن أكيمة عن أبي هريرة.

(فانتهى الناس عن القراءة) أي امتنعوا عنها (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه النبي- صلى الله عليه وسلم بالقراءة من الصلوات) ومفهومه أنهم كانوا يسرون بالقراءة فيما كان يخفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مذهب الأكثر، وعليه الإِمام محمد من أئمتنا.

(1) وفي نسخة: "به".

(2)

"موطأ مالك"(1/ 36).

(3)

"موطأ الإِمام محمد مع التعليق الممجد"(1/ 403) رقم الحديث (111).

(4)

رقم الحديث (2639).

ص: 250

حِينَ (1) سَمِعُوا ذَلِكَ من رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم. [ت 312، ن 919، جه 848، ط 1/ 86/ 44، حم 2/ 284، حب 1843]

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى حَدِيثَ ابْنِ أُكَيْمَةَ هَذَا مَعْمَرٌ، وُيونُسُ، وَأُسَامَةُ بْنُ زيدٍ، عن الزُّهْرِيِّ، عَلَى مَعْنَى مَالِكٍ.

===

قلت: وهذا المفهوم تدفعه العلة المذكورة في الحديث وهي المنازعة، فإنها كما تحققت في الجهرية فتحققها في السرية أولى وأقوى.

(حين سمعوا ذلك) أي ما ذكر (من رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال ابن الملك: ومن قال بقراءتها خلف الإِمام في الجهرية حمله على ترك رفع الصوت خلفه، انتهى، وهو خلاف ظاهر قوله عليه السلام:"هل قرأ معي أحد منكم"، قال الترمذي: هذا حديث حسن، قال النووي: وأنكر الأئمة على الترمذي تحسينه، واتقفوا على ضعف هذا الحديث، لأن ابن أكيمة مجهول، على أنَّ جملة "فانتهى الناس عن القراءة" ليست من الحديث، بل هي من كلام الزهري مدرجة فيه، هذا متفق عليه عند الحفاظ المتقدمين والمتأخرين، منهم الأوزاعي ومحمد بن يحيى الذهلي والبخاري وأبو داود والخطابي وغيرهم، كذا قال القاري (2)، ثم قال: قال ميرك نقلًا عن ابن الملقن: قال الترمذي: حسن، وصحَّحه ابن حبان، وضعفه الحميدي والبيهقي، انتهى، وبهذا يعلم أن قول النووي: اتفقوا على ضعف هذا الحديث، غير صحيح.

(قال أبو داود: روى حديث ابن أكيمة هذا معمر ويونس وأسامة بن زيد (3) عن الزهري على معنى مالك) حاصل هذا الكلام أنهم رووا عن الزهري كما رواه مالك عنه موافقًا في معنى حديث مالك لا في لفظه.

(1) وفي نسخة: "حيث".

(2)

"مرقاة المفاتيح"(2/ 302).

(3)

أخرج رواية معمر المصنف في هذا الباب، وعبد الرزاق في "مصنفه"(2/ 135) رقم (2795)، وأحمد في "مسنده"(2/ 284)، وأخرج رواية يونس بن يزيد البخاري في "جزء القراءة خلف الإِمام"(96)، وأما رواية أسامة بن زيد فلم أعثر على من أخرجها.

ص: 251

826 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِى خَلَفٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِىُّ وَابْنُ السَّرْحِ قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِىِّ قال: سَمِعْتُ ابْنَ أُكَيْمَةَ يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: "صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةً نَظُنُّ أَنَّهَا الصُّبْحُ - بِمَعْنَاهُ إِلَى قَوْلِهِ -: «مَا لِى أُنَازَعُ الْقُرْآنَ» . [حم 2/ 240، وانظر سابقه]

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ مُسَدَّدٌ فِى حَدِيثِهِ: قَالَ مَعْمَرٌ: فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ الْقِرَاءَةِ فِيمَا جَهَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَقَالَ ابْنُ السَّرْحِ فِى حَدِيثِهِ: قَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَانْتَهَى النَّاسُ.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِىُّ مِنْ بَيْنِهِمْ: قَالَ سُفْيَانُ:

===

826 -

(حدثنا مسدد وأحمد بن محمد المروزي ومحمد بن أحمد بن أبي خلف وعبد الله بن محمد الزهري وابن السرح قالوا: نا سفيان عن الزهري، قال) أي الزهري: (سمعت ابن أكيمة يحدث) بصيغة المعلوم (سعيد بن المسيب) أي كان ابن أكيمة يحدث هذا الحديث سعيد بن المسيب وكنت حاضرًا في المجلس، فسمعت منه الحديث.

(قال) ابن أكيمة: (سمعت أبا هريرة يقول: صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة نظن أنها الصبح بمعناه) أي بمعنى حديث مالك المتقدم (إلى قوله: ما لي أنازع القرآن) والاختلاف بين هذا الحديث والحديث المتقدم أن في هذا الحديث تصريحًا بسماع الزهري من ابن أكيمة وسماعه من أبي هريرة، وتشريحًا بأن الصلاة التي جهر فيها بالقراءة هي الصبح على الظن.

(قال أبو داود: قال مسدد في حديثه: قال معمر: فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ابن السرح في حديثه: قال معمر عن الزهري: قال أبو هريرة: فانتهى الناس، وقال عبد الله بن محمد الزهري من بينهم: قال سفيان:

ص: 252

وَتَكَلَّمَ الزُّهْرِىُّ بِكَلِمَةٍ لَمْ أَسْمَعْهَا، فَقَالَ مَعْمَرٌ: إِنَّهُ قَالَ: فَانْتَهَى النَّاسُ.

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ (1) عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِىِّ، وَانْتَهَى حَدِيثُهُ إِلَى قَوْلِهِ «مَا لِى أُنَازَعُ الْقُرْآنَ» . وَرَوَاهُ الأَوْزَاعِىُّ، عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ فِيهِ:

===

وتكلم الزهري بكلمة لم أسمعها) أي بعد قوله: "ما لي أنازع القرآن" فسألت معمرًا عما قال (فقال معمر: إنه) أي الزهري (قال: فانتهى الناس).

وغرض المصنف بهذا الكلام بيان اختلاف مشايخه في قوله: فانتهى الناس عن القراءة إلخ، بأن مسددًا يقول: إن شيخي سفيان بن عيينة لم يرو هذا القول، بل انتهى حديثه إلى قوله:"ما لي أنازع القرآن"، ولكن الشيخ الثاني وهو معمر فروى في حديثه بعد قوله:"ما لي أنازع القرآن" "فانتهى الناس عن القراءة

إلخ"، وأما ابن السرح فإنه قال في حديثه عن معمر، عن الزهري: إن هذا الكلام من قول أبي هريرة، وأما عبد الله بن محمد الزهري فذكر عن سفيان أنه لم يسمع هذا الكلام من الزهري، وسأل عنه معمرًا فقال معمر: إن الزهري قال بعد قوله: "ما لي أنازع القرآن": "فانتهى الناس"، ففهم منه أن هذا الكلام قول الزهري، وهذا الفهم خطأ منه.

(قال أبو داود: ورواه عبد الرحمن بن إسحاق (2) عن الزهري، وانتهى حديثه إلى قوله:"ما لي أنازع القرآن")، وهذا يدل على أن قوله:"فانتهى الناس" لم يذكر الزهري، ولا مضايقة في أنه ذكره مرة ولم يذكره مرة أخرى، ولكن يوهم أن قوله:"فانتهى الناس" لو كان في الحديث لم يتركه، فيستدل على أنه من كلامه، وهذا الاستدلال غير سديد.

(ورواه الأوزاعي (3) عن الزهري قال (الأوزاعي (فيه) أي في هذا

(1) وفي نسخة: "روى".

(2)

أخرج روايته أحمد في "مسنده"(2/ 487).

(3)

أخرج روايته أبو يعلى في "مسنده"(10/ 252) رقم (5861)، وابن حبان (5/ 159) رقم (1850)، والبيهقي في "سننه"(2/ 158).

ص: 253

قَالَ الزُّهْرِىُّ: فَاتَّعَظَ الْمُسْلِمُونَ (1) بِذَلِكَ، فَلَمْ يَكُونُوا يَقْرَءُونَ مَعَهُ فِيمَا يَجْهَرُ (2) بِهِ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ قَالَ: قَوْلُهُ: "فَانْتَهَى النَّاسُ" مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِىِّ.

===

الحديث: (قال الزهري: فاتعظ المسلمون بذلك، فلم يكونوا يقرؤون معه) صلى الله عليه وسلم (فيما يجهر به صلى الله عليه وسلم، قال أبو داود: سمعت محمد بن يحيى بن فارس) أي محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس الذهلي (قال: قوله: "فانتهى الناس" من كلام الزهري)(3).

قلت: وحاصل هذا الاختلاف أن مالكًا ذكر في حديثه قال: فانتهى الناس، ولم يذكر القائل، فيحتمل أن يكون الزهري أو أبا هريرة، وقد تقدم أن عند مالك في "موطئه" ليس لفظ "قال".

وأما معمر فذكر عنه مسدد في حديثه بأنه قال بعد قوله: "ما لي أنازع القرآن": فانتهى الناس عن القراءة، وهذا يدل على أنه من قول أبي هريرة أيضًا أو من قول معمر.

وأما على ما روى عنه ابن السرح في حديثه، قال معمر عن الزهري: قال أبو هريرة: فانتهى الناس، وفيه تصريح بأن هذا الكلام من قول أبي هريرة، فاتفق مسدد وابن السرح على أن في حديث معمر هذا القول من كلام أبي هريرة، إلَّا أن في حديث ابن السرح صراحة، وفي حديث مسدد ضمنًا.

(1) وفي نسخة: "الناس".

(2)

وفي نسخة: "جهر".

(3)

قال النووي: هذا مما لا خلاف بينهم، وممن قال ذلك الأوزاعي والذهلي والبخاري في "تاريخه" والخطابي وغيرهم. [انظر:"مرقاة المفاتيح"(2/ 302)].

وليت شعري هلَّا قالوا هاهنا مثل ما قال ابن حزم الظاهري في "المحلى"(5/ 176) في حديث حجة الوداع عن عائشة في قولها: لم يكن في ذلك هدي، قالته عائشة، وقاله هشام، ونحن أيضًا نقوله، وبسط كلامه هذا ابن القيم في "الهدي"(2/ 244). (ش).

ص: 254

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وأما سفيان فحاصل قوله أنه لم يسمع هذا الكلام من الزهري، ولكن سأل عنه معمرًا فقال معمر: إن الزهري قال بعد قوله: "ما لي أنازع القرآن" قوله: فانتهى الناس، وهذا أيضًا يدل أن قوله:"فانتهى الناس" ليس من كلام الزهري بل من كلام أبي هريرة، لأن على هذا سياق الحديث يكون هكذا: قال: إني أقول: ما لي أنازع القرآن، فانتهى الناس، فقول صاحب "عون المعبود" (1): إن معمرًا قد اختلف عليه، محل تأمل، وكذلك قوله: وأما غيره من أصحاب الزهري كسفيان وعبد الرحمن والأوزاعي ومحمد بن يحيي فيجعلونه من كلام الزهري، محل بحث.

فإن سفيان لم يسمع هذا الكلام من الزهري، فكيف يمكن أن يجعله من كلام الزهري؟ ولكن سمعه من معمر، والذي سمعه معمر لا يدل على أنه من كلام الزهري، بل يدل على أنه من كلام أبي هريرة كما ذكرناه.

وأما عبد الرحمن بن إسحاق فانتهى حديثه إلى قوله: "ما لي أنازع القرآن" ولم يذكر قوله: "فانتهى الناس"، فلا يدل على أن هذا الكلام من الزهري.

وأما الأوزاعي فقال في حديثه عن الزهري: قال الزهري: فاتّعظ المسلمون

إلخ، حاصله أن الأوزاعي يقول: قال الزهري بعد قوله: "ما لي أنازع القرآن" بلفظ: "فاتعظ المسلمون"، لا بلفظ:"فانتهى الناس"، فلا يدل على أن هذا القول عند الأوزاعي من كلام الزهري، لأن قوله:"قال الزهري"، يحتمل أن يكون معناه من عند نفسه، فعلى هذا يكون قوله، ويحتمل أن يكون معناه: قال الزهري بسنده عن أبي هريرة، أو غيره من الصحابة، فلا يكون قوله.

نعم محمد بن يحيى بن فارس جعل هذا القول من كلام الزهري، ودعواه هذا بغير دليل، لأن صدور هذا الكلام من الزهري مشكل، فإنه لم يكن حاضرًا في ذلك الوقت، فلو كان هذا القول من كلام الزهري ظاهرًا يكون من قول

(1) انظر: (3/ 55).

ص: 255