الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَمَسْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ سَاجِدٌ وَقَدَمَاهُ مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُولُ (1): "أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَما أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ". [م 486، جه 3841، ن 169، حم 6/ 201، خزيمة 655]
(155) بَابُ الدُّعَاءِ في الصَّلَاةِ
879 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، نَا بَقِيَّةُ، نَا شُعَيْبٌ،
===
(فلمست المسجد) أي التمسته وطلبته في المسجد، والمراد بالمسجد مسجد البيت أو المسجد النبوي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فقيل: معناه مددت يدي من الحجرة إلى المسجد، فوقعت يدي على قدمه وهو في السجود أو في المسجد، هكذا في بعض الروايات.
(فإذا هو ساجد وقدماه منصوبتان) أي قائمتان (وهو يقول: أعوذ برضاك من سخطك) أي من فعل يوجب سخطك عليَّ أو على أمتي (وأعوذ بمعافاتك) أي بعفوك، وأتى بالمغالبة (2) للمبالغة، أي بعفوك الكثير (من عقوبتك) وهي أثر من آثار السخط، وإنما استعاذ بصفات الرحمة لسبقها وظهورها من صفات الغضب.
(وأعوذ بك منك) إذ لا يملك أحد معك شيئًا، فلا يعيذه منك إلَّا أنت (لا أحصي ثناءً عليك) قال الطيبي (3): الأصل في الإحصاء العد بالحصى، أي لا أطيق أن أثني عليك كما تستحقه (أنت كما أثنيت على نفسك) ما موصولة أو موصوفة، والكاف بمعنى مثل، والمراد بالنفس الذات.
(155)
(بَابُ الدُّعَاءِ في الصَّلاةِ)
879 -
(حدثنا عمرو بن عثمان، نا بقية) بن الوليد، (نا شعيب،
(1) وفي نسخة: "ويقول".
(2)
هكذا في الأصل وهو تحريف، والظاهر بالمفاعلة.
(3)
انظر: "مرقاة المفاتيح"(2/ 322).
عن الزُّهْرِيِّ، عن عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو في صَلَاتِهِ: "اللَّهُمَّ إِنِي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَاب الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا
===
عن الزهري، عن عروة أن عائشة أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في صلاته) أي بعد التشهد قبل السلام، كما أشار إليه البخاري في "صحيحه" بعقد "باب الدعاء قبل السلام".
قال الحافظ (1) بعد نقل الكلام فيه من العلماء: قلت: والذي يظهر لي أن البخاري أشار إلى ما ورد في بعض الطرق من تعيينه بهذا المحل، فقد وقع في بعض طرق حديث ابن مسعود بعد ذكر التشهد:"ثم ليتخير من الدعاء ما شاء".
ثم قد أخرج ابن خزيمة (2) من رواية ابن جريج أخبرني عبد الله بن طاوس، عن أبيه أنه كان يقول بعد التشهد كلمات يعظمهن جدًّا، قلت: في المثنى كليهما (3)؟ قال: بل في التشهد الأخير. قلت: ما هي؟ قال: أعوذ بالله من عذاب القبر، الحديث، قال ابن جريج: أخبرنيه عن أبيه عن عائشة مرفوعًا، ولمسلم من طريق محمد بن أبي عائشة عن أبي هريرة مرفوعًا: إذا تشهد أحدكم فليقل، فذكر نحوه، هذه رواية وكيع عن الأوزاعي عنه، وأخرجه أيضًا من رواية الوليد بن مسلم عن الأوزاعي بلفظ: إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير، فذكره، وصرح بالتحديث في جميع الإسناد، فهذا فيه تعيين هذه الاستعاذة بعد الفراغ من التشهد، فيكون سابقًا على غيره من الأدعية، وما ورد الإذن أن المصلي يتخير من الدعاء ما شاء يكون بعد هذه الاستعاذة وقبل السلام، انتهى.
(اللَّهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال) يقال له: المسيح، لأنه مسح عينه، أو لأنه يمسح الأرض (وأعوذ بك من فتنة المحيا) هو ما يعرض للإنسان مدة حياته من الافتتان بالدنيا والشهوات
(1)"فتح الباري"(2/ 318).
(2)
"صحيح ابن خزيمة"(722).
(3)
وما في "فتح الباري" كليها، وهو تحريف.
وَالْمَمَاتِ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ"، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ، فَقَالَ: "إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ". [خ 832، م 589، ن 1309]
880 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عن ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عن ثَابتٍ الْبُنَانِيِّ، عن عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عن أَبِيهِ
===
والجهالات، وأعظمها والعياذ بالله أمر الخاتمة عند الموت (والممات) وفتنة الممات، يجوز أن يراد بها الفتنة عند الموت أْضيفت إليه لقربها منه، ويكون المراد بفتنة المحيا على ذلك ما قبل ذلك، ويجوز أن يراد بها فتنة القبر.
(اللهم إني أعوذ بك من المأثم) أي أمر يأثم به المرء، أو هو الإثم وضعًا للمصدر موضع الاسم (والمغرم) وهو مصدر وضع موضع الاسم، ويريد به مغرم الذنوب والمعاصي، وقيل: المغرم كالغرم وهو الدين، ويريد به ما استدين به فيما يكرهه الله تعالى، أو فيما يجوز، ثم عجز عن أدائه، أما فيما يحتاج إليه ويقدر على أدائه فلا يستعاذ منه.
(فقال له قائل)(1)(قال الحافظ (2): في رواية النسائي أن السائل عن ذلك عائشة ولفظها: "فقلت: يا رسول الله ما أكثر ما تستعيذ"، انتهى (ما أكثر) بفتح الراء على التعجب (ما تستعيذ من المغرم، فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل إذا غرم) بكسر الراء (حدث فكذب، ووعد فأخلف)، والمراد أن ذلك شأن من يستدين غالبًا.
880 -
(حدثنا مسدد، نا عبد الله بن داود، عن ابن أبي ليلى) الظاهر أنه محمد، (عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه) أبي ليلى واختلف في اسمه، قال في "الخلاصة": أبو ليلى الأنصاري اسمه بلال أو داود بن بلال بن أحيحة، صحابي، وقال في "التقريب": اسمه بلال أو بُليل بالتصغير، ويقال: داود، وقيل: هو يسار بالتحتانية، وقيل: أوس.
(1) قال ابن رسلان: قال ابن حجر: لم أقف على اسم السائل. (ش).
(2)
"فتح الباري"(2/ 319).
قَالَ: صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم في صَلَاةِ تَطَوُّعٍ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:"أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، وَيْلٌ لأَهْلِ النَّارِ". [جه 1352، حم 4/ 347]
881 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِيِ يُونُسُ، عن ابْنِ شِهَاب، عن أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الصَّلاةِ وَقُمْنَا مَعَهُ، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ في الصَّلَاةِ: اللهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا، فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ لِلأَعْرَابِيِّ:"لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا"،
===
(قال: صليت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة تطوع) أي نفل (فسمعته يقول (1): أعوذ بالله من النار، ويل لأهل النار) الويل الحزن والهلاك والمشقة من العذاب، وقد أخرجه أحمد في "مسنده" من طريق وكيع حدثنا ابن أبي ليلى بهذا السند، ولفظه: قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة ليست بفريضة، فمر بذكر الجنة والنار، فقال:"أعوذ بالله من النار، ويح أو ويل لأهل النار".
881 -
(حدثنا أحمد بن صالح، نا عبد الله بن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة وقمنا معه، فقال أعرابي في الصلاة)، لم يذكر محل القول في الصلاة في أيِّ محل قال، فلا ندري تعيين المحل من الصلاة فليتتبع في الروايات (2)، (اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي: لقد تحجرت واسعًا) أي: ضيقت ما وسعه الله، وخصصت به نفسك دون إخوانك عن المؤمنين، فإن رحمته تعالى في الدنيا يعم المؤمن والكافر، قال الله تعالى:{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} (3)،
(1) قال ابن رسلان: يشبه أن يكون في السجود. (ش).
(2)
هذا الحديث أخرجه أحمد في "مسنده" ح (7255): وفيه: "فصلَّى ركعتين ثم قال: اللَّهمَّ
…
" إلخ.
(3)
سورة الأعراف: الآية 156.
يُرِيدُ رَحْمَةَ اللَّهِ عز وجل. [خ 6010، ن 1216، حب 987، خزيمة 864، حم 2/ 283]
882 -
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، نَا وَكِيعٌ، عن إِسْرَائِيلَ، عن أَبِي إِسْحَاقَ، عن مُسْلِم الْبَطِينِ، عن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ: أَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَرَأَ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} قَالَ: "سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى". [حم 1/ 232]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: خُولِفَ وَكِيعٌ في هَذَا الْحَدِيثِ، رَوَاهُ أَبُو وَكِيع وَشُعْبَةُ عن أَبِي إِسْحَاقَ، عن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عن ابْنِ عَبًّاسٍ مَوْقُوفًا.
===
وأما رحمته في الآخرة فيعم جميع المؤمنين (يريد) رسول الله صلى الله عليه وسلم من لفظ "واسعًا" (رحمة الله عز وجل والظاهر أن هذا قول أبي هريرة.
882 -
(حدثنا زهير بن حرب، نا وكيع) بن جراح بن مليح، (عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسلم البطين) هو ابن عمران، (عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (1) قال: سبحان ربي الأعلى) ولعل هذا كان خارج الصلاة أو في النوافل.
(قال أبو داود: خولف وكيع في هذا الحديث) في سنده، (رواه أبو وكيع)(2) الجراح بن مليح والد وكيع المذكور قبل، (وشعبة عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس موقوفًا) أي وقفا على ابن عباس ولم يرفعاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والخلاف الذي أشار إليه أبو داود أن وكيعًا ذكر الحديث مرفوعًا، وأوقفاه على ابن عباس وجعلاه من قول ابن عباس لا من قول النبي صلى الله عليه وسلم.
(1) سورة الأعلى: الآية 1.
(2)
أخرج روايته ابن أبي شيبة في "مصنفه"(2/ 509).