الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّسْلِيمِ (1)، وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ.
(203) بَابُ مَنْ نَسِيَ أَنْ يَتَشهَّدَ وَهُوَ جَالِسٌ
1036 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ (2) ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُبَيْلٍ الأَحْمَسِىُّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِذَا قَامَ
===
التسليم، وهو قول الزهري) أي يسجد للسهو قبل التسليم (3).
(203)
(بَابُ مَنْ نَسِيَ أَنْ يَتَشهَّدَ وَهُوَ جَالِسٌ)
أي: حكم من نسي التشهد في حالة الجلوس، فإما أن تذكر قبل أن يستوي قائمًا، وإما أن تذكر بعد ما استوى قائمًا، والفرق بين هذه الترجمة والترجمة المتقدمة بأن المتقدمة ذكر فيها حكم من قام ثم تذكر ما نسيه بعد ما قام، وفي هذه الترجمة ذكر حكم من تذكر قبل ما استوى قائمًا وبعدما استوى
1036 -
(حدثنا الحسن بن عمرو) السدوسي، (عن عبد الله بن الوليد) العدني، (عن سفيان) الثوري، (عن جابر) الجعفي، (نا المغيرة بن شبيل) بالتصغير، البجلي (الأحمسي) ويقال: ابن شبل بكسر المعجمة وسكون الموحدة، أبو الطفيل الكوفي، ثقة، (عن قيس بن أبي حازم) البجلي، أبو عبد الله الكوفي، ثقة مخضرم، ويقال: له رؤية، وهو الذي يقال: إنه اجتمع له أن يروي عن العشرة.
(عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قام
(1) زاد في نسخة: "قال أبو داود".
(2)
زاد في نسخة: "يعني الجعفي".
(3)
قلت: أما أثر ابن الزبير، فأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(2/ 311)(3490)، ومن طريقه ابن المنذر في "الأوسط"(3/ 237) رقم (1573).
وأما قول الزهري فأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 35).
الإِمَامُ فِى الرَّكْعَتَيْنِ فَإِنْ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوِىَ قَائِمًا فَلْيَجْلِسْ، فَإِنِ (1) اسْتَوَى قَائِمًا فَلَا يَجْلِسْ، وَيَسْجُدُ سَجْدَتَىِ السَّهْوِ». [جه 1208، حم 4/ 253، دي 1501]
===
الإِمام في الركعتين) بعد ما صلاهما في الثلاثية أو الرباعية، وفي معناه المنفرد (فإن ذكر) أنه نسي الجلوس والتشهد (قبل أن يستوي قائمًا فليجلس) سواء يكون إلى القيام أقرب أو إلى القعود، وهو ظاهر الرواية، واختاره ابن الهمام، ويؤيده الحديث، قاله علي القاري (2).
وقال في "الدر المختار"(3): سها عن القعود الأول من الفرض ولو عمليًّا، أما في النفل فيعود ما لم يقيد بالسجدة ثم تذكره عاد إليه وتشهد، ولا سهو عليه في الأصح ما لم يستقم قائمًا، في ظاهر المذهب وهو الأصح "فتح"، وإلَّا أي وإن استقام قائمًا لا يعود لاشتغاله بفرض القيام، وسجد للسهو لترك الواجب، انتهى.
قال الشامي في "رد المحتار": قوله: في ظاهر المذهب، مقابله ما في "الهداية": إن كان إلى القعود أقرب عاد ولا سهو عليه في الأصح، ولو إلى القيام فلا وعليه السهو، وهو مروي عن أبي يوسف، واختاره مشايخ بخارى وأصحاب المتون كـ "الكنز" وغيره، انتهى.
(فإن استوى قائمًا (4) فلا يجلس، ويسجد سجدتي السهو) قال في "الدر
(1) في نسخة: "وإن".
(2)
"مرقاة المفاتيح"(3/ 30).
(3)
انظر: "رد المحتار"(2/ 661).
(4)
وفي "المنهل"(6/ 165): لا يرجع عند الجمهور بعد ما استوى قائمًا، فإن رجع بطلت صلاته في الصحيح عند الشافعية، والصحيح عند الحنفية، وقال الحنابلة: إن استتم قائمًا ولم يقرأ فعدم رجوعه أولى، فإن رجع لا تفسد، لأنه لم يتلبس بركن مقصود، والقيام ليس بركن مقصود، وقال المالكية: يرجع ما لم يفارق يديه وركبتيه الأرض، فإن رجع فالأصح عدم الفساد حتمًا ولو قرأ بعض الفاتحة، أما لو قرأ كلها ثم رجع يفسد. (ش).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَلَيْسَ فِى كِتَابِى: عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِىِّ، إلَّا هَذَا الْحَدِيثُ.
===
المختار" (1): فلو عاد إلى القعود بعد ذلك تفسد صلاته لرفض الفرض لما ليس بفرض، وصححه الزيلعي، وقيل: لا تفسد لكنه يكون مسيئًا، ويسجد لتأخير الواجب، وهو الأشبه كما حققه الكمال، وهو الحق "بحر"، انتهى، وهذا عند الحنفية.
وقال المالكية: ورجع تارك الجلوس الأول إن لم يفارق الأرض بيديه وركبتيه ولا سجود وإلَّا فلا، ولا تبطل إن رجع، انتهى، كذا في "مختصر الخليل"(2).
وقال الشوافع: والمسنون أي البعض المتروك عمدًا أو سهوًا لا يعود إليه بعد التلبس بغيره، كأن تذكر بعد انتصابه ترك التشهد الأول، أي يحرم عليه العود، لأنه تلبس بفرض فلا يقطعه لسنة، فإن عاد عامدًا عالمًا بالتحريم بطلت صلاته، لأنه زاد قعودًا عمدًا، وإن عاد له ناسيًا أنه في الصلاة فلا تبطل لعذره، ويلزمه القيام عند تذكره، ولكنه يسجد للسهو، لأنه زاد جلوسًا في غير موضعه، وترك التشهد والجلوس في موضعه، كذا في "شرح الإقناع"(3).
(قال أبو داود: وليس في كتابي عن جابر الجعفي إلَّا هذا الحديث) كأنه إشارة إلى تضعيفه، وقد اختلف العلماء فيه، قال الحافظ في "التهذيب" (4): قال ابن مهدي عن سفيان: ما رأيت أورع في الحديث منه، وقال ابن علية عن شعبة: جابر صدوق في الحديث.
وقال يحيى بن أبي بكير عن شعبة: كان جابرًا إذا قال: حدثنا أو سمعت
(1) انظر: "رد المحتار"(2/ 662).
(2)
(1/ 338).
(3)
(2/ 104).
(4)
(2/ 47).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
فهو من أوثق الناس، وقال ابن أبي بكير أيضًا عن زهير بن أبي معاوية: كان إذا قال: سمعت أو سألت فهو من أصدق الناس، وقال وكيع: مهما شككتم في شيء فلا تشكوا أن جابرًا ثقة، حدثنا عنه مسعر وسفيان وشعبة وحسن بن صالح.
وقال ابن عبد الحكم: سمعت الشافعي يقول: قال الثوري لشعبة: لئن تكلمت في جابر الجعفي لأتكلمن فيك.
وقال الدوري عن ابن معين: لم يدع جابرًا ممن رآه إلَّا زائدة، وكان جابر كذابًا، وقال في موضع آخر: لا يكتب حديثه ولا كرامة.
وقال بيان بن عمرو عن يحيى بن سعيد: تركنا حديث جابر قبل أن يقدم علينا الثوري.
وقال يحيى بن سعيد عن إسماعيل بن خالد: قال الشعبي لجابر: يا جابر لا تموت حتى تكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال إسماعيل: فما مضت الأيام والليالي حتى اتهم بالكذب.
وقال يحيى بن يعلى: قيل لزائدة: ثلاثة لم لا تروي عنهم؟ ابن أبي ليلى، وجابر الجعفي، والكلبي، فقال: أما الجعفي فكان والله كذابًا يؤمن بالرجعة.
وقال أبو يحيى الحمال عن أبي حنيفة: ما لقيت فيمن لقيت أكذب من جابر الجعفي، ما أتيته بشيء من رأيي إلَّا جاءني فيه بأثر، وزعم أن عنده ثلاثين ألف حديث لم يظهرها.
وقال عمرو بن علي: كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عنه، كان عبد الرحمن يحدثنا عنه قبل ذلك، ثم تركه، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال في موضع آخر: ليس بثقة، ولا يكتب حديثه، وقال الحاكم أبو أحمد: ذاهب الحديث.
وقال سلام بن أبي مطيع: قال لي جابر الجعفي: عندي خمسون ألف
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
باب من العلم، ما حدثت به أحدًا، فأتيت أيوب فذكرت هذا له، فقال: أما الآن فهو كذاب.
وقال جرير بن عبد الحميد عن ثعلبة: أردت جابرًا الجعفي، فقال لي ليث بن أبي سليم: لا تأته فإنه كذاب، قال جرير: لا أستحل أن أروي عنه، كان يؤمن بالرجعة، وقال أبو داود: ليس عندي بالقوي في حديثه.
وقال الشافعي: سمعت سفيان بن عيينة يقول: سمعت من جابر الجعفي كلامًا فبادرت خفت أن يقع علينا السقف، قال سفيان: كان يؤمن بالرجعة إلى آخر ما ذكره من جرحه.
ثم قال: فإن احتج محتج بأن شعبة والثوري رويا عنه؟ قلنا: الثوري ليس من مذهبه ترك الرواية عن الضعفاء، وأما شعبة وغيره فرأوا عنده أشياء لم يصبروا عنها، وكتبوها ليعرفوها، فربما ذكر أحدهم عنه الشيء بعد الشيء على جهة التعجب، أخبرني ابن فارس قال: ثنا محمد بن رافع قال: رأيت أحمد بن حنبل في مجلس زيد بن هارون، ومعه كتاب زهير عن جابر الجعفي، فقلت له: يا أبا عبد الله تنهونا عن جابر وتكتبونه؟ قال: لنعرفه.
وفي "الميزان": قاول زائدة: جابر الجعفي رافضي يشتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن حبان: كان سبائيًا من أصحاب عبد الله بن سبأ، كان يقول: إن عليًّا يرجع إلى الدنيا.
قلت: عندي أنه لما ثبت أنه كان رافضيًّا شديد الرفض، يشتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسبهم، فكان من مذهبه التقية، ففي ابتداء أمره كان يظهر منه الصلاح، وحسن حاله تقية ليغتر منه الناس فاغتر به بعض المحدثين، ولما ظهر من أمره ما ظهر تركه الناس وجرحوه بجرح مفسر، فلا يغتر برواية شعبة وسفيان وغيرهما، فإنهم رووا بناء على ما ظهر لهم من حسن السمت والصلاح، ثم لما اطلعوا على حقيقة أمره تركوه.
1037 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجُشَمِىُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِىُّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ قَالَ:"صَلَّى بِنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَنَهَضَ فِى الرَّكْعَتَيْنِ. قُلْنَا (1): سُبْحَانَ اللَّهِ. قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَمَضَى، فَلَمَّا أَتَمَّ صَلَاتَهُ وَسَلَّمَ سَجَدَ سَجْدَتَىِ السَّهْوِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ كَمَا صَنَعْتُ". [ت 365، حم 4/ 247]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ
===
1037 -
(حدثنا عبيد الله بن عمر) بن ميسرة القواريري (الجشمي، نا يزيد بن هارون، أنا المسعودي) عبد الرحمن بن عبد الله، (عن زياد بن علاقة) بكسر المهملة وبالقاف وخفة لام، ابن مالك الثعلبي، أبو مالك الكوفي، ابن أخي قطبة بن مالك، وثقه ابن معين والنسائي والعجلي ويعقوب بن سفيان، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الأزدي: سيِّئ المذهب، كان منحرفًا عن أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
(قال: صلى بنا المغيرة بن شعبة فنهض في الركعتين) أي قام بعد ما صلى ركعتين وسها عن القعود فلم يجلس (قلنا: سبحان الله) أشرنا بالتسبيح إلى الجلوس (قال: سبحان الله)، فأشار (2) بالتسبيح إلى أن نقوم (ومضى) في صلاته، (فلما أتم (3) صلاته وسلم سجد سجدتي السهو) لجبر ما فات من الجلوس (فلما انصرف) عن الصلاة (قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع كما صنعت).
(قال أبو داود: وكذلك) أي كما روى زياد بن علاقة عن المغيرة بن شعبة بأن سجدتي السهو بعد السلام.
(1) وفي نسخة: "فقلنا".
(2)
ولفظ الترمذي: "فسبح من خلفه، فأشار إليهم أن قوموا". "ابن رسلان". (ش).
(3)
ولفظ الترمذي: "فلما فرغ من صلاته سلَّم وسجد السهو وسلَّم"، فذكر السلام مرتين، وقال: حسن صحيح، ورواه الحاكم من هذا الوجه. (ش).
رَوَاهُ ابْنُ أَبِى لَيْلَى، عَنِ الشَّعْبِىِّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ (1). وَرَوَاهُ أَبُو عُمَيْسٍ،
===
فعلى هذا غرض المصنف بهذا القول تقوية كون سجود السهو بعد السلام فيمن قام من ركعتين وترك الجلوس سهوًا.
ويحتمل أن يكون الغرض بهذا القول تقوية رواية المسعودي وترجيحها على رواية جابر الجعفي، فإن جابرًا روى عن المغيرة بن شعبة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما المسعودي روى في حديثه عن المغيرة بن شعبة فعله وفعل رسول الله، فرجح المصنف برواية ابن أبي ليلى وأبي عميس حديث المسعودي بأن الراجح فيه فعل المغيرة وفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولكن يوهن هذا الاحتمال ما رواه قيس بن الربيع وإبراهيم بن طهمان عند الطحاوي (2) عن المغيرة بن شبيل، عن قيس بن أبي حازم، عن المغيرة بن شعبة، فإنهما رويا في حديثهما فِعلَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وقوله، فمن روى القول اختصر الحديث واكتفى على بيان القول، ومن روى الفعل فقط فهو أيضًا اختصر الحديث، واكتفى على رواية الفعل، ولا مضايقة فيه.
وقد روى شعبة عند الطحاوي عن جابر عن قيس بن أبي حازم عن المغيرة بن شعبة، فروى الفعل فقط كما يدل عليه قول الطحاوي بعد تخريج الرواية مثله.
(رواه ابن أبي ليلى) أي محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى (عن الشعبي) هو عامر بن شراحيل، أخرجه الترمذي (3)(عن المغيرة بن شعبة، ورواه أبو عميس) عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود المسعودي
(1) زاد في نسخة: "رفعه".
(2)
"شرح معاني الآثار"(1/ 440).
(3)
"سنن الترمذي"(364). وانظر: "مسند أحمد"(4/ 248)، و"المعجم الكبير" للطبراني (20/ 411) رقم (987)، و"المصنف" لابن أبي شيبة (2/ 34)، و"السنن الكبرى" للبيهقي (2/ 344).
عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: صَلَّى بِنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، مِثْلَ حَدِيثِ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَبُو عُمَيْسٍ أَخُو الْمَسْعُودِىِّ، وَفَعَلَ سَعْدُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمُغِيرَةُ، وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ
===
(عن ثابت بن عبيد قال: صلى بنا المغيرة بن شعبة مثل حديث زياد بن علاقة، قال أبو داود: أبو عميس أخو المسعودي)، فإن أبا عميس هو عتبة بن عبد الله المسعودي، والمسعودي هو عبد الرحمن بن عبد الله فهما شقيقان.
(وفعل سعد بن أبي وقاص مثل ما فعل المغيرة) أخرجه الطحاوي في "معاني الآثار"(1)، ولفظه هكذا: حدثنا سليمان قال: ثنا عبد الرحمن قال: ثنا شعبة، عن بيان أبي بشر الأحمسي قال: سمعت قيس بن أبي حازم قال: صلى بنا سعد بن مالك، فقام في الركعتين الأوليين، فقالوا: سبحان الله فقال: سبحان الله، فمضى، فلما سلم سجد سجدتي السهو.
ثم قال: وقد روي أيضًا عن عبد الله بن مسعود وابن عباس وابن الزبير وأنس بن مالك أنهم سجدوا للسهو بعد السلام، ثم أخرج رواياتهم على ترتيب اللف (وعمران (2) بن حصين) عطف على سعد بن أبي وقاص، قال الطحاوي (3): وهذا عمران بن حصين قد حضر سجود رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخرباق للزيادة التي كان زادها في صلاته بعد السلام ثم قال هو من بعد النبي صلى الله عليه وسلم: إن السجود للسهو بعد السلام، ولم يفصل بين ما كان من ذلك لزيادة أو نقصان، ثم أخرج حديث عمران بن حصين موقوفًا.
(1)(1/ 441). وانظر: "مصنف عبد الرزاق"(2/ 310) رقم (3486)، و"مصنف ابن أبي شيبة"(2/ 34)، و"السنن الكبرى" للبيهقي (2/ 344)، و "الأوسط" لابن المنذر (3/ 288) رقم (1670).
(2)
أسلم في أيام خيبر، واختلفوا في إسلام أبيه، والأظهر إثباته. "ابن رسلان". (ش).
(3)
" شرح معاني الآثار"(1/ 442). وانظر: "مصنف ابن أبي شيبة"(2/ 36).
وَالضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِى سُفْيَانَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ أَفْتَى بِذَلِكَ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
===
(والضحاك بن قيس) ولم أجد روايته فيما تتبعته (1)(ومعاوية بن أبي سفيان) لم أقف على حديث معاوية بن أبي سفيان ما يوافق فعل سعد بن أبي وقاص في تقديم السلام على سجدتي السهو، إلَّا ما يستأنس مما أخرجه النسائي (2) بسنده عن محمد بن يوسف مولى عثمان، عن أبيه يوسف، أن معاوية صلى إمامهم، فقام في الصلاة وعليه جلوس، فسبح الناس، فتم على قيامه، ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد أن أتم الصلاة، ثم قعد على المنبر، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من نسي شيئًا من صلاته فليسجد مثل هاتين السجدتين".
ويقويه ما قال الترمذي في "جامعه"(3) في "باب ما جاء في سجدتي السهو بعد السلام والكلام"، بعد ما أخرج حديث ابن مسعود: وفي الباب عن معاوية وعبد الله بن جعفر وأبي هريرة.
ولكن يخالف ذلك حديث معاوية بن أبي سفيان أخرجه الطحاوي (4) بسنده أن معاوية بن أبي سفيان صلى بهم، فقام وعليه جلوس، فلم يجلس، فلما كان في آخر صلاته سجد سجدتين قبل أن يسلم، وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع، نعم يوافق حديث المغيرة بن شعبة في بيان فعله صلى الله عليه وسلم لا قوله.
(وابن عباس أفتى بذلك) أي يكون السجدتين بعد السلام (وعمر بن عبد العزيز) عطف على قوله: ابن عباس، أي وعمر بن عبد العزيز أيضًا أفتى
(1) أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 36)، وابن المنذر من طريقه في "الأوسط"(3/ 289) رقم (1672).
(2)
"سنن النسائي" رقم (1260). وانظر: "سنن الدارقطني"(1/ 374).
(3)
"سنن الترمذي"(2/ 239).
(4)
"شرح معاني الآثار"(1/ 439).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وهَذَا فِيمَنْ قَامَ مِنْ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ سَجَدُوا بَعْدَ مَا سَلَّمُوا.
===
بذلك، أما فتوى ابن عباس فقد أخرجه الطحاوي (1) بسنده عن عمرو بن دينار عن عبد الله بن عباس قال: سجدتا السهو بعد السلام، وأيضًا أخرج بسنده عن عطاء بن أبي رباح قال: صليت خلف ابن الزبير فسلم في الركعتين، فسبح القوم، فقام فأتم الصلاة، فلما سلم سجد سجدتين بعد السلام، قال عطاء: فانطلقت إلى ابن عباس، فذكرت له ما فعل ابن الزبير، فقال: أحسن وأصاب.
وأخرج الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2) عن عطاء أن ابن الزبير صلى المغرب وسلم في ركعتين، ونهض ليستلم الحجر، فسبح القوم، فقال: ما شأنكم؟ وصلى ما بقي، وسجد سجدتين، فذكر ذلك لابن عباس، فقال: ما أماط عن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، رواه أحمد والبزار والطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، ورجال أحمد رجال الصحيح، انتهى.
وأما فتوى عمر بن عبد العزيز فقد أخرجها الطحاوي (3) بسنده: قال الزهري: قلت لعمر بن عبد العزيز: السجود قبل السلام؟ فلم يأخذ به.
(قال أبو داود: وهذا)(4) أي هذا الحكم وهو السجود بعد السلام (في) حق (من قام من ثنتين) أي من قام من الركعتين وسها عن القعود (ثم) أي بعد ما أتموا الصلاة (سجدوا) للسهو (بعد ما سلموا).
(1)"شرح معاني الآثار"(1/ 441). وانظر أيضًا: "مصنف عبد الرزاق"(2/ 311) رقم (3490).
(2)
(2/ 350) رقم (2908).
(3)
"شرح معاني الآثار"(1/ 442).
(4)
أي هذا المذكور من فتاوى الصحابة وآثارهم في حق من قام من ثنتين، فإنهم كلهم في هذه الصورة سجدوا بعد ما سلموا. (ش).
1038 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، وَالرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَشُجَاعُ بْنُ مَخْلَدٍ بِمَعْنَى الإِسْنَادِ، أَنَّ ابْنَ عَيَّاشٍ (1) حَدَّثَهُمْ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ الْكَلَاعِىِّ، عَنْ زُهَيْرٍ - يَعْنِى ابْنَ سَالِمٍ الْعَنْسِىِّ -، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ بْنِ نُفَيْرٍ،- قَالَ عَمْرٌو وَحْدَهُ: عَنْ أَبِيهِ - عَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ بَعْدَ مَا يُسَلِّمُ» (2)، ولَمْ يَذْكُرْ: عَنْ أَبِيهِ غَيْرُ عَمْرٍو. [جه 1219، حم 5/ 280، ق 2/ 337]
===
1038 -
(حدثنا عمرو بن عثمان والربيع بن نافع وعثمان بن أبي شيبة وشجاع بن مخلد) الفلاس أبو الفضل البغوي، نزيل بغداد، وثقه كثير من المحدثين، ولكن ذكره العقيلي في "الضعفاء" بسبب أنه وهم في حديث واحد فرفعه، وهو موقوف (بمعنى الإسناد) أي كلهم حدثنيه متفقين في معنى السند (أن ابن عياش) بتشديد التحتانية في آخره معجمة، هو إسماعيل بن عياش، وفي النسخة المصرية بالموحدة في آخره مهملة، ولعله تصحيف من الكاتب (حدثهم عن عبيد الله بن عبيد الكلاعي) أبو وهب الدمشقي، وثقه دحيم.
(عن زهير، يعني ابن سالم العنسي) أبو المخارق الشامي، ذكره ابن حبان في "الثقات"، روى له أبو داود وابن ماجه حديثًا واحدًا في السهو، (عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، قال عمرو) بن عثمان شيخ المؤلف (وحده: عن أبيه) ولم يقل غير عمرو من شيوخ المؤلف لفظ عن أبيه، فرووه عن ثوبان منقطعًا، قال الحافظ في "تهذيب التهذيب" في ترجمة عبد الرحمن: روى عن ثوبان، والصحيح عن أبيه، (عن ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لكل سهو سجدتان بعد ما يسلم، ولم يذكر عن أبيه غير عمرو) بن عثمان.
(1) وفي نسخة: "ابن عباس".
(2)
زاد في نسخة: "قال أبو داود".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال البيهقي في "سننه"(1) بعد تخريج هذا الحديث: وهذا إسناد ضعيف، وحديث أبي هريرة وعمران وغيرهما في أجتماع عدد من السهو على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم اقتصاره على السجدتين يخالف هذا.
وأجاب عنه صاحب "الجوهر النقي" فقال: قلت: حديث ثوبان أخرجه أبو داود وسكت عنه، فأقل أحواله أن يكون حسنًا عنده على ما عرف، وليس في إسناده من تكلم فيما علمت سوى ابن عياش، وبه علل البيهقي الحديث في كتاب "المعرفة" فقال: ينفرد به إسماعيل بن عياش وليس بالقوي، انتهى.
وهذه العلة ضعيفة فإن ابن عياش روى هذا الحديث عن الشامي وهو عبيد الله الكلاعي، وقد قال البيهقي في "باب ترك الوضوء من الدم": ما روى ابن عياش عن الشاميين صحيح، فلا أدري من أين حصل الضعف بهذا الإسناد.
ثم معنى قوله: لكل سهو سجدتان أي سواء كان من زيادة أو نقصان، كقولهم: لكل ذنب توبة، وحمله على هذا أولى من حمله على أنه كلما تكرر السهو ولو في صلاة واحدة، لكل سهو سجدتان، كما فهمه البيهقي (2) حتى لا يتضاد الأحاديث.
وأيضًا فقد جاء هذا التأويل مصرحًا به في حديث عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سجدتا السهو تجزئان عن كل زيادة ونقصان"، ذكره البيهقي في "باب من كثر عليه السهو" على أن البيهقي فهم من هذا اللفظ أيضًا ما فهمه في هذا الباب على ما سيأتي، وبه يظهر لك أنه لا اختلاف بين حديث ثوبان وبين حديث أبي هريرة وعمران وغيرهما، انتهى كلامه.
(1)"السنن الكبرى"(2/ 337).
(2)
واختاره ابن أبي ليلى وغيره، وحكاه ابن المنذر عن الأوزاعي، وبسط ابن رسلان في مذهب الأوزاعي، وبسط أيضًا في شرح الحديث وعلَّله أشد البسط. (ش).