المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(188) باب الإشارة في التشهد - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٤

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(118) بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ

- ‌(119) بَابُ افْتَتِاحِ الصَّلَاةِ

- ‌(120) بَابٌ

- ‌(121) بَابُ مَنْ لَمْ يَذْكُرِ الرَّفْعَ عِنْدَ الرُّكُوعِ

- ‌(123) بَابُ مَا يُسْتَفْتَحُ بِهِ الصَّلَاةُ مِنَ الدُّعَاءِ

- ‌(124) (بَابُ مَنْ رَأَى الاستِفْتَاحَ بِـ: سُبْحَانَكَ)

- ‌(125) بَابُ السَّكْتَةِ عِنْدَ الافْتِتَاحِ

- ‌(126) بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ الجَهْرَ بِـ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

- ‌(127) بَابُ مَا جَاءَ منْ جَهَرَ بِهَا

- ‌(128) (باب تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ لِلأَمْرِ يَحْدُثُ)

- ‌(129) بَابُ مَا جَاءَ في نُقْصَانِ الصَّلَاةِ

- ‌(130) بابٌ: فِى تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ

- ‌(131) بَابُ مَا جَاءَ فِي القِرَاءَة في الظُّهْرِ

- ‌(132) بَابُ تَخْفِيفِ الأُخْرَيَيْنِ

- ‌(133) باب قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِى صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ

- ‌(134) بَابُ قَدْرِ الْقِرَاءَةِ في الْمَغْرِبِ

- ‌(135) (بَابُ مَنْ رَأَى التَّخْفِيفَ فِيهَا)

- ‌(136) بابُ الرَّجُلِ يُعِيدُ سُورَةً وَاحِدَةً فِى الرَّكْعَتَيْنِ

- ‌(137) بَابُ القِرَاءَةِ في الفَجْرِ

- ‌(138) بَابُ مَنْ تَرَكَ القِرَاءَةَ في صَلاتِهِ

- ‌(139) بَابُ مَنْ كَرِهَ القِراءَةَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ إِذَا جَهَرَ الإِمَامُ

- ‌(140) (بَابُ مَنْ رَأَى الْقِرَاءَةَ إِذَا لَمْ يَجْهَر)

- ‌(142) بَابُ تَمَامِ التَّكْبِيرِ

- ‌(143) بابٌ: كَيْفَ يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ

- ‌(144) بَابُ النُّهُوضِ في الفَرْدِ

- ‌(145) بَابُ الإِقْعَاءِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

- ‌(146) بَابُ مَا جَاءَ في مَا يَقْولُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرّكُوع

- ‌(147) بَابُ الدُّعَاءِ بَيْنَ السَّجدَتَيْنِ

- ‌(148) (بَابُ رَفْعِ النِّسَاءِ إِذَا كُنَّ مَعَ الإمَامِ رُؤوسَهُنَّ مِنَ السَّجْدَةِ)

- ‌(149) بَابُ طُولِ القِيامِ مِنَ الرُّكُوعِ وَبَيْنَ السَّجدَتَيْنِ

- ‌(150) بَابُ صَلَاةِ مَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ في الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌(153) بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ في رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ

- ‌(154) بَابٌ: في الدُّعَاءِ في الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌(155) بَابُ الدُّعَاءِ في الصَّلَاةِ

- ‌(156) بَابُ مِقْدَارِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌(157) (بَابُ الرَّجُلِ يُدْرِكُ الإِمَامَ سَاجِدًا كَيْفَ يَصْنَعُ

- ‌(158) بَابٌ: في أَعْضَاءِ السُّجُودِ

- ‌(159) بَابُ السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ وَالْجَبْهَةِ

- ‌(160) (بَابُ صِفَةِ السُّجُودِ)

- ‌(161) بَابُ الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ

- ‌(162) بَابٌ: في التَّخَصُّرِ وَالإِقْعَاءِ

- ‌(163) بَابٌ: في الْبُكَاءِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(164) بَابُ كَرَاهِيَّةِ الوَسْوَسَةِ وَحَدِيثِ النَّفْسِ في الصَّلَاةِ

- ‌(165) بَابُ الفَتْحِ عَلَى الإِمَامِ في الصَّلَاةِ

- ‌(166) بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّلْقِينِ

- ‌(167) بَابُ الالْتِفَاتِ في الصَّلَاةِ

- ‌(168) بَابُ السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ

- ‌(169) بَابُ النَّظَرِ في الصَّلَاةِ

- ‌(170) بَابُ الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ

- ‌(171) بَابٌ: في الْعَمَلِ في الصَّلَاةِ

- ‌(172) بَابُ رَدِّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(173) بَابٌ في تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ في الصَّلَاةِ

- ‌(174) بَابُ التَّأْمِينِ وَرَاءَ الإِمَامِ

- ‌(175) بَابُ التَّصْفِيقِ في الصَّلَاةِ

- ‌(176) بَابُ الإِشِارَةِ في الصَّلَاةِ

- ‌(177) بَابٌ: في مَسْحِ الْحَصَى في الصَّلَاةِ

- ‌(178) بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي مُخْتَصِرًا

- ‌(179) بَابُ الرَّجُلِ يَعْتَمِدُ في الصَّلَاةِ عَلَى عَصًا

- ‌(180) بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْكَلَامِ في الصَّلَاةِ

- ‌(181) بَابٌ: في صَلَاةِ القَاعِدِ

- ‌(182) بَابٌ كَيْفَ الْجُلُوسُ في التَّشَهُّدِ

- ‌(183) بَابُ مَنْ ذَكرَ التَّوَرُّكَ في الرَّابِعَةِ

- ‌(184) بَابُ التَّشَهُّدِ

- ‌(185) بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ التَّشَهُّدِ

- ‌(186) بَابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ

- ‌(187) بَابُ إِخْفَاءِ التَّشَهُّدِ

- ‌(188) بَابُ الإِشَارَةِ في التَّشَهُّدِ

- ‌(189) بَابُ كرَاهِيَّةِ الاعْتِمَادِ عَلَى الْيَدِ في الصَّلَاةِ

- ‌(190) بَابٌ: في تَخْفِيفِ القُعُودِ

- ‌(191) بَابٌ: في السَّلَامِ

- ‌(192) بَابُ الرَّدِّ عَلَى الإِمَامِ

- ‌(193) بَابُ التَّكْبِيرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ

- ‌(194) بَابُ حَذْفِ السَّلَامِ

- ‌(195) بَابٌ: إِذَا أَحْدَثَ في صَلاتِهِ

- ‌(196) بَابٌ: في الرَّجُلِ يَتَطَوَّعُ في مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْمَكْتُوبَةَ

- ‌(197) بَابُ السَّهْوِ في السَّجدتَيْنِ

- ‌(198) بَابٌ: إِذَا صَلَّى خَمْسًا

- ‌(201) بَابُ مَنْ قَالَ: بَعْدَ التَّسْلِيمِ

- ‌(202) بَابُ مَنْ قَامَ مِنْ ثِنْتَيْنِ وَلَمْ يَتَشَهَّدْ

- ‌(203) بَابُ مَنْ نَسِيَ أَنْ يَتَشهَّدَ وَهُوَ جَالِسٌ

- ‌(204) بَابُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ فِيهِمَا تَشَهُّدٌ وتَسْلِيمٌ

- ‌(205) بَابُ انْصِرافِ النِّسَاءِ قَبْلَ الرِّجَالِ مِنَ الصَّلاةِ

- ‌(206) بَابٌ: كيْفَ الانْصِرَافُ مِنَ الصَّلاةِ

- ‌(207) بَابُ صَلَاةِ الرَّجُلِ التَّطوُّعَ في بَيْتِهِ

- ‌(208) بَابُ مَنْ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ ثُمَّ عَلِمَ

الفصل: ‌(188) باب الإشارة في التشهد

أَنْ يُخْفَى التَّشَهُّدُ". [ت 292، ك 1/ 230، خزيمة 706]

(188) بَابُ الإِشَارَةِ في التَّشَهُّدِ

987 -

حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِىُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِى مَرْيَمَ، عَنْ عَلِىِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُعَاوِىِّ

===

(أن يخفى التشهد) أي يقرأ التشهد سرًّا (1).

(188)

(بَابُ الإشَارَةِ في التَّشَهُّدِ)(2)

أي: الإشارة بالإصبع المسبحة من اليد اليمنى عند الشهادة بالتوحيد، لأنها سنة لثبوته بالأحاديث الصريحة الصحيحة، وعدم ثبوت تركه بالحديث الصحيح بل والضعيف ولا بقول الأئمة

987 -

(حدثنا القعنبي، عن مالك، عن مسلم بن أبي مريم) اسمه يسار المدني، مولى الأنصار، ثقة، (عن علي بن عبد الرحمن المعاوي)، قال في "التقريب": بفتح الميم والمهملة الخفيفة، الأنصاري المدني، ثقة، ولكن قال السمعاني في "الأنساب" (3): بضم الميم (4) وفتح المهملة، هذه النسبة إلى معاوية، وهم جماعة منهم: علي بن عبد الرحمن المعاوي، وهو ينسب إلى بني معاوية بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف، بطن من الأوس، وفي "الخلاصة": بضم الميم، فما في "التقريب" من فتح الميم فلعله غلط من الكاتب (5).

(1) أجمعوا على إخفائه وكراهة الجهر به، والحديث صحَّحه الحاكم. [انظر:"المستدرك"(1/ 230)]. (ش).

(2)

وتقدم فيه حديث وائل في "باب رفع اليدين"، وأنكر ابن العربي تحريك الإصبع أشد الإنكار، انتهى. (ش).

(3)

(4/ 323).

(4)

وكذا قال ابن رسلان، وتبعه في "الأوجز"(2/ 203). (ش).

(5)

قلت: كذا في النسخة القديمة لـ "التقريب"، أما النسخة الجديدة بتحقيق الشيخ محمد عوامة ففيها: بضم الميم.

ص: 543

قَالَ: "رَآنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَنَا أَعْبَثُ بِالْحَصَى فِى الصَّلَاةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ نَهَانِى وَقَالَ: اصْنَعْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ، فَقُلْتُ: وَكَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ؟ قَالَ (1): إِذَا جَلَسَ فِى الصَّلَاةِ وَضَعَ كَفَّهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا، وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ الَّتِى تَلِى الإِبْهَامَ، وَوَضَعَ كَفَّهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى. [م 580، ن 1267، حم 2/ 65]

===

(قال) علي: (رآني عبد الله بن عمر وأنا)(2) والواو حالية (أعبث) أي أتلهى (بالحصى في الصلاة) والظاهر أنه رآه وهو يصلي (فلما انصرف)(3) عن الصلاة (نهاني) عن العبث في الصلاة (وقال) أي عبد الله: (اصنع) في الصلاة (كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع) فيها، ولا تعبث (فقلت: وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع؟ ).

(قال) ابن عمر: (إذا جلس) رسول الله صلى الله عليه وسلم (في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى وقبض أصابعه كلها) سوى السبابة (وأشار بإصبعه التي تلي الإبهام، ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى)، فثبت في هذا الحديث الإشارة في التشهد، ولكن لم يبين كيفية (4) قبض الأصابع.

قلت: وقد اتفقت الأئمة الثلاثة وأتباعهم على كون الإشارة في جلسة التشهد سنة كما حكاه العيني في "شرح الهداية"، وكذا اتفق عليه أئمتنا الثلاثة وقدماء أتباعهم، والخلاف إنما جاء من المتأخرين ولا اعتداد بخلافهم.

قال القاري في "تزيين العبارة": أما أدلة الإشارة فمن الكتاب إجمالًا

(1) زاد في نسخة: "كان".

(2)

وفي لفظ لمسلم: صليت إلى جنب ابن عمر رضي الله عنهما، فذكر نحوه. (ش).

(3)

ولفظ "الموطأ": فلما انصرفت. (ش).

(4)

وبسطه الشامي، ورسالة له في "رسائل ابن عابدين"(ص 119)، وأنكر حضرة الشيخ المجدد في "مكتوباته" الإشارة، واعتذر عنه مرزا مظهر جان جاناد في "مكاتيبه"(ص 40) بأن كتب الحديث في زمانه لم تشتهر في الهند. (ش).

ص: 544

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (1)، وقد قال الله تعالى:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (2) ومن السنة أحاديث كثيرة.

ونقل عن بعض المانعين للإشارة أن فيها زيادة رفع لا يحتاج إليها، فيكون الترك أولى، وهو مردود بأنه لو كان الترك أولى لما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلل بعضهم بأن فيها موافقة فرقة الرافضة، فكان تركه أولى تحقيقًا للمخالفة، وهذا أيضًا ظاهر البطلان من وجوه:

أما أولًا: فلأن عامتهم على ما نشاهدهم في هذا الزمان لا يشيرون أصلًا، وإنما يشيرون بأيديهم عند السلام، ويضربون على أفخاذهم تأسفًا على فوت الإِسلام، فينقلب الدليل عليهم حجة لنا.

وأما ثانيًا: فلأنه على تقدير صحة النسبة إليهم، فلا كل ما يفعلونه نحن مأمورون بمخالفتهم، حتى يشمل أفعالهم الموافقة للسنة كالأكل باليمين ونحو ذلك، بل المستحب ترك موافقتهم فيما ابتدعوه، وصار شعارًا لهم كوضع الحجر فوق السجادة.

ثم من أدلتها الإجماع إذ لم يعلم من الصحابة ولا من علماء السلف خلاف في هذه المسألة، بل قال به إمامنا الأعظم وصاحباه ومالك والشافعي وأحصد وسائر علماء الأمصار، وقد نص عليه مشايخنا المتقدمون، ولا اعتداد لما ترلى هذء السنة الأكثرون من سكان ما وراء النهر وأهل خراسان والعراق والروم وبلاد الهند ممن غلب عليهم التقليد وفاتهم التحقيق والتأييد من التعلق بالقول السديد.

وقد أغرب الكيداني حيث قال: العاشر من المحرمات الإشارة بالسبابة كأهل الحديث، وهذا منه خطأ عظيم وجرم جسيم، منشأه الجهل عن قواعد

(1) سورة الحشر: الآية 7.

(2)

سورة النساء: الآية 80.

ص: 545

988 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَعَدَ فِى الصَّلَاةِ جَعَلَ قَدَمَهُ الْيُسْرَى تَحْتَ فَخِذِهِ الْيُمْنَى وَسَاقِهِ، وَفَرَشَ قَدَمَهُ الْيُمْنَى

===

الأصول ومراتب الفروع من النقول، ولولا حسن الظن به لكان كفره صريحًا وارتداده صريحًا، فهل يحل لمؤمن أن يحرم ما ثبت من فعله عليه الصلاة والسلام ما كاد أن يكون متواترًا في نقله؟

ولو لم يكن للإمام نص على المرام لكان من المتعين على أتباعه من العلماء الكرام فضلًا عن العوام أن يعملوا بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذا لو صح عن الإِمام نفي الإشارة، وصح إثباتها عن صاحب البشارة، فلا شك في ترجيح المثبت المسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف وقد طابق نقله الصريح، فمن أنصف ولم يتعسف عرف أن هذا سبيل أهل التدين من السلف والخلف.

وغاية ما يعتذر عن بعض المشايخ حيث منعوا الإشارة وذهبوا إلى الكراهة عدم وصول الأحاديث إليهم، وقد ورد اختلاف في فعلها وتركها، فظنوا أن تركها أولى، انتهى ملخصًا.

988 -

(حدثنا محمد بن عبد الرحيم البزاز) البغدادي أبو يحيى المعروف بصاعقة، (نا عفان، نا عبد الواحد بن زياد، نا عثمان بن حكيم) الظاهر أنه مكبر، ابن عباد بن حنيف بالمهملة والنون، مصغرًا، الأنصاري الأوسي، أبو سهل المدني ثم الكوفي، ثقة، (نا عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه) عبد الله بن الزبير (قال) عبد الله: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد في الصلاة جعل قدمه اليسرى تحت فخذه اليمنى وساقه، وفرش قدمه اليمنى) (1)، وهذه إحدى

(1) قال ابن رسلان: يشكل هذا اللفظ على كثير من المشايخ، قال أبو محمد: صوابه قدمه اليسرى، ورأى أنه غلط، لأن المعروف أنها منصوبة كما تقدم في حديث ابن عمر، قال القرطبي: والصواب حمل الرواية على الظاهر وعلى الصحة، فإنما فعله صلى الله عليه وسلم للعذر، أو لبيان الجواز لبيان أن التورك لا يجب فيه نصب اليمنى. (ش).

ص: 546

وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَأَشَارَ بِإِصْبُعِهِ، وَأَرَانَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ". [م 579]

989 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْمِصِّيصِىُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ:"أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ إِذَا دَعَا وَلَا يُحَرِّكُهَا".

===

صور التورك (ووضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، وأشار بأصبعه) أي السبابة (وأرانا عبد الواحد) وهذا قول عفان (وأشار) أي عبد الواحد (بالسبابة) وهذا بيان لقوله: أرانا.

وحاصله أن عبد الواحد لما روى الحديث وكان فيه: وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصبعه فأراه عبد الواحد بفعله بإشارته بالسبابة.

989 -

(حدثنا إبراهيم بن الحسن) بن الهيثم (المصيصي (1)، نا حجاج) بن محمد المصيصي، (عن ابن جريج) عبد الملك، (عن زياد) بن سعد الخراساني، (عن محمد بن عجلان، عن عامر بن عبد الله، عن عبد الله بن الزبير: أنه) أي عبد الله بن الزبير (ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير بأصبعه) أي السبابة (إذا دعا)(2) أي دعا الله بالتوحيد (ولا يحركها)، قال القاري (3): قال ابن الملك: هذا الحديث يدل على أنه لا يحرك الأصبع إذا رفعها للإشارة، وعليه أبو حنيفة.

قلت: أخرج البيهقي (4) من حديث وائل بن حجر، وفيه: ثم رفع أصبعه فرأيته يحركها يدعو بها، ثم قال البيهقي (5): فيحتمل أن يكون المراد بالتحريك

(1) نسبة إلى المصيصة بلدة بساحل البحر، "ابن رسلان". (ش).

(2)

سمي به، لأنه أقيم مقام الدعاء، كما بسطه ابن رسلان. (ش).

(3)

"مرقاة المفاتيح"(2/ 334).

(4)

"السنن الكبرى"(2/ 131 - 132).

(5)

وقال البيهقي: كلا الحديثين صحيحان. "ابن رسلان". (ش).

ص: 547

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَزَادَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: أَخْبَرَنِى عَامِرٌ، عَنْ أَبِيهِ:"أَنَّهُ رَأَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو كَذَلِكَ، وَيَتَحَامَلُ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى". [ن 1270، ق 2/ 131]

990 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، نَا يَحْيَى، نَا ابْنُ عَجْلَانَ،

===

الإشارة بها لا تكرير تحريكها فيكون موافقًا لرواية ابن الزبير، ثم أخرج من حديث نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"تحريك الأصبع في الصلاة مذعرة للشيطان"، ثم ذكر تضعيفه فقال: تفرد به محمد بن عمر الواقدي وليس بالقوي.

وقال مولانا الشيخ عبد الحي اللكهنوي في "السعاية"(1): وأورد السيوطي في "الجامع الصغير" حديث التحريك من حديث ابن عمر منسوبًا إلى البيهقي، قال العزيزي في "شرحه": سنده ضعيف، والمفتى به عند الشافعية ندب رفعها بلا تحريك، انتهى.

وعند الحنفية لا تعارض بين الحديثين حديث التحريك وعدمه، فإنهم يقولون: إنه إذا أشار يرفعها عند النفي ويضعا عند الإثبات، فهذا هو محمل التحريك عند الرفع والوضع، وأما عدم التحريك فمحمول على ما سوى ذلك كما يفعله بعض أهل الحديث، والله تعالى أعلم.

(قال ابن جريج: وزاد عمرو بن دينار قال: أخبرني عامر، عن أبيه) أي عبد الله بن الزبير: (أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يدعو) أي يشير (كذلك) أي من غير تحريك (ويتحامل النبي صلى الله عليه وسلم بيده اليسرى على فخذه اليسرى). قلت: ولم أقف (2) على أن زيادة عمرو بن دينار انتهى على لفظ "كذلك"، وقوله: ويتحامل إلى آخر الحديث داخل في أصل الرواية، أو قوله: ويتحامل إلى آخر الكلام داخل في زيادة عمرو بن دينار.

990 -

(حدثنا محمد بن بشار، نا يحيى، نا ابن عجلان،

(1)(2/ 220).

(2)

وسكت عنه ابن رسلان. (ش).

ص: 548

عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: قال: "لَا يُجَاوِزُ بَصَرُهُ إِشَارَتَهُ" وَحَدِيثُ حَجَّاجٍ أَتَمُّ. [ن 1275، حم 4/ 3]

991 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّه بْنُ مُحَمَّدٍ النُفَيْلِيُّ، نَا عُثْمَانُ - يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمنِ (1) -، نَا عِصَامُ بْنُ قُدَامَةَ، مِنْ بَنِي بَجِيلَةَ،

===

عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه بهذا الحديث، قال: )، لفظ "قال" هذا ليس في النسخ الموجودة عندي إلَّا في النسخة المجتبائية، فعلى هذه النسخة ضميره يعود إلى يحيى (قال) أي عبد الله بن الزبير، هذا على النسخة المجتبائية، وأما على النسخ الآخر فضمير قال هذا يعود إلى يحيى، ومعناه زاد يحيى على حديث حجاج هذا الكلام وهو (لا يجاوز بصره إشارته، وحديث حجاج أتم) أي من حديث يحيى.

وأخرج النسائي حديث حجاج عن ابن جريج عن زياد عن محمد بن عجلان مثل حديث أبي داود، وأخرج حديث يحيى عن ابن عجلان ولفظه:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قعد في التشهد وضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى، وأشار بالسبابة لا يجاوز بصره إشارته"، فليس في حديث يحيى "لا يحركها" ولا "إذا دعا"، ولكن فيه زيادة:"لا يجاوز بصره إشارته"، فحديث حجاج خال عن هذه الزيادة، ففي حكم المؤلف يكون حديث حجاج أتم، تأمل وخفاء.

991 -

(حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، نا عثمان، يعني ابن عبد الرحمن) بن مسلم الحراني المعروف بالطرائفي، أكثر الرواية عن الضعفاء والمجاهيل، فضعف بسبب ذلك حتى نسبه ابن نمير إلى الكذب، وقد وثَّقه ابن معين وابن شاهين، وقال ابن حبان: يروي عن قوم ضعاف أشياء يدلسها، لا يجوز الاحتجاج به.

(نا عصام بن قدامة، من بني بجيلة)(2) أبو محمد الكوفي، قال النسائي:

(1) زاد في نسخة: "الحراني".

(2)

بفتح الموحدة قبيلة باليمن. (ش).

ص: 549

عَنْ مَالِكِ بْنِ نُمَيْرٍ الْخُزَاعِىِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:"رَأَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم وَاضِعًا ذِرَاعَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى رَافِعًا إِصْبَعَهُ السَّبَّابَةَ قَدْ حَنَاهَا شَيْئًا". [ن 1274، 1271، جه 911، ق 8/ 313، حم 3/ 471، خزيمة 715]

===

ثقة، وقال ابن معين: صالح، وقال أبو زرعة وأبو حاتم: لا بأس به،

وقال الذهبي في "الميزان": لم يثبته القطان.

(عن مالك بن نمير الخزاعي) البصري، قال في "الميزان": لا يعرف، وقال الحافظ في "تهذيب التهذيب": قال البرقاني عن الدارقطني: ما يحدِّث عن أبيه إلَّا هو يعتبر به، ولا بأس بأبيه، قلت: هذا الكلام فيه نظر، فإن أباه ذكر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم قاعدًا في الصلاة، الحديث، فإن ثبت إسناده فهو صحابي (1)، وقال ابن القطان: لا يعرف حال مالك، ولا روى عن أبيه غيره.

(عن أبيه) أي نمير الخزاعي هو نمير بن أبي نمير، قال في "الإصابة" (2): وله صحبة (قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم واضعًا ذراعه اليمنى على فخذه اليمنى رافعًا أصبعه السبابة قد حناها شيئًا) أي: قوَّسها (3) ولم يقمها.

وأخرج هذا الحديث الإِمام أحمد في "مسنده" من طريق يحيى بن آدم، قال: حدثنا عصام بن قدامة البجلي، ولفظه: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قاعد في الصلاة قد وضع ذراعه اليمنى على فخذه اليمنى رافعًا بأصبعه السبابة قد حناها شيئًا وهو يدعو، وهكذا لفظ البيهقي.

وأيضًا من طريق وكيع ثنا عصام بن قدامة، ولفظه: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعًا يده اليمنى على فخذه اليمنى في الصلاة يشير بأصبعه، والأحاديث الواردة في الإشارة كثيرة.

(1) قال البغوي: لا نعرف لنمير حديثًا مسندًا غير هذا، "ابن رسلان". (ش).

(2)

(6/ 255).

(3)

ويشكل عليه ما في "الترمذي"(3587) من قوله: قبض أصابعه وبسط السبابة، اللَّهمَّ =

ص: 550

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فلما ثبت بالأحاديث الصحيحة والحسان البالغة حد الشهرة، ولم يتكلم عليها أحد من نقاد هذا الفن بالجرح في رجاله ولا بالنسخ في حكمه، وعمل بها الخلفاء الراشدون وسائر الصحابة والتابعين، كما يفصح به الكتب المعتبرة من الصحاح الستَّة وغيرها التي تلقتها العلماء بالقبول قديمًا وحديثًا، وهو المروي عن الأئمة الأربعة وغيرهم الذين هم المقتدون في الدين وحجة الله في العالمين: أبو حنيفة نعمان بن ثابت، وصاحباه أبو يوسف ومحمد، والإمام مالك بن أنس الأصبحي، والإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، والإمام أحمد بن حنبل الشيباني رضي الله عنهم أجمعين-، فما وقع في بعض الفتاوى والكتب المصنفة في الفقه من عدم جوازها وكراهتها وحرمتها، فهذه روايات مخالفة للأحاديث الصحيحة وأقوال الأئمة لا ينبغي أن يلتفت إليها ويعول عليها، فإنها روايات شاذة.

وقد بالغ في رد هذه الروايات الضعيفة وإثبات سنية الإشارة من العلماء المتقنين، منهم الشيخ علي القاري، فإن له رسالة مفردة في شرح خلاصة الكيداني سماها "تزيين العبارة في تحسين الإشارة"، والشيخ عبد الحق المحدث الدهلوي، والشيخ علي المتقي، والشيخ عبد الله السندي نزيل حرم مكة المشرفة، والشيخ علم الله عبد الرزاق الحنفي- شكر الله سعيهم- وأثيبوا بما بذلوا في ذلك وسعهم.

قال في "تنوير الأبصار": ولا يشير بسبابته عند الشهادة وعليه الفتوى، قال في "الدر المختار" (1): كما في "الولوالجية" و"التجنيس" و"عمدة المفتي" و"عامة الفتاوى"، لكن المعتمد ما صححه الشراح، ولا سيما المتأخرون

= إلَّا أن يقال: إن هذا بيان لحالة الرفع عند الشهادتين وهو بيان لحالة الوضع عند الدعاء، أو يقال: إن البسط بمقابلة القبض لا ينافي الحنو. (ش).

(1)

(2/ 265 - 268).

ص: 551

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

كالكمال والحلبي والبهنسي وشيخ الإسلام الجد وغيرهم أنه يشير لِفعله عليه الصلاة والسلام، ونسبوه لمحمد والإمام.

وفي "درر البحار" وشرحه "غرر الأذكار": المفتى به عندنا أنه يشير باسطًا أصابعه كلها، وفي "الشرنبلالية" عن "البرهان": الصحيح أنه يشير بمسبحته وحدها، يرفعها عند النفي ويضعها عند الإثبات.

واحترز في الصحيح عما قيل: لا يشير، لأنه خلاف الدرايه والرواية، وبقولنا بالمسبحة كما قيل: عقد عند الإشارة، انتهى، وفي "العيني" عن "التحفة": الأصح أنها مستحبة، وفي "المحيط": سنة ، انتهى كلام "الدر".

أما كيفية عقد الأصابع عند الإشارة فقال مولانا الشيخ عبد الحي اللكهنوي في "السعاية"(1): الوجه الخامس في كيفية عقد الأصابع عند الإشارة، قال الطيبي: للققهاء في كيفية عقدها وجوهٌ: أحدها: أن يعقد الخنصر والبنصر والوسطى ويرسل المسبحة ويضم الإبهام إلى أصل المسبحة، والثاني: أن يضم الإبهام إلى الوسطى المقبوضة كالقابض ثلاثًا وعشرين (2)، فإن ابن الزبير رواه كذلك، والثالث: أن يقبض الخنصر والبنصر ويرسل المسبحة ويحلق الإبهام والوسطى، كما رواه وائل بن حجر.

قال علي القاري في "المرقاة"(3): الأخير هو المختار عندنا، وقال الرافعي: الأخبار وردت بها جميعًا، وكأنه صلى الله عليه وسلم كان يصنع مرة هكذا ومرة هكذا، انتهى.

وفي "البناية"(4): ثم كيف يشير؟ يقبض خنصره والتي تليها ويحلق الوسطى بالإبهام ويقيم السبابة ويشير بها، هكذا روى الفقيه أبو جعفر أنه عليه الصلاة والسلام فعله كذا، وهو أحد وجوه قول الشافعي.

(1)(2/ 220).

(2)

من عقد الأنامل الحساب المعروف، ذكره ابن عابدين في "رسائله". (ش).

(3)

(2/ 328).

(4)

(2/ 315).

ص: 552