الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(145) بَابُ الإِقْعَاءِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ
===
وفي حديث ابن عجلان ما يدل على أنه كان ينهض على صدور قدميه، وقد روي عن عدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وسائر من وصف صلاته صلى الله عليه وسلم لم يذكر هذه الجلسة، وإنما ذكرت في حديث أبي حميد ومالك بن الحويرث، ولو كان هديه صلى الله عليه وسلم فعلها دائمًا، لذكرها كل واصف لصلاته صلى الله عليه وسلم، ومجرد فعله صلى الله عليه وسلم لها لا يدل على أنها من سنن الصلاة، إلَّا إذا علم أنه فعلها سنة يقتدى به فيها، وأما إذا قُدِّرَ أنه فعلها للحاجة، لم يدل على كونها سنة من سنن الصلاة، وهذا من تحقيق المناط في هذه المسألة، انتهى (1).
(145)
(بَابُ الإقْعَاءِ (2) بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ)
قال القاري (3): قيل: الإقعاء أن يلصق أليتيه على الأرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض كالكلب، وقيل: أن يضع أليتيه على عقبيه، وقيل: أن يجلس على أليتيه ناصبًا قدميه وفخذيه، وهو الأصح، قال في "المستقصى": إقعاء الكلب في نصب اليدين، وإقعاء الآدمي في نصب الركبتين إلى صدره. ذكره في شرح "المنية"، وقال ابن حجر -أي في شرح حديث علي: لا تقع بين السجدتين-: أي لا تجلس على أليتيك ناصبًا فخذيك، لأن هذا مكروه (4)
(1) وسيجيء في "باب كراهية الاعتماد على اليد في الصلاة" أن الصحابة أجمعوا على تركه، وأنه محمول على العذر، وقال ابن القيم في "كتاب الصلاة" له: لا ريب أنه عليه السلام فعله، وهل فعله على أنها من سنن الصلاة أو لحاجة؟ وهذا الثاني أظهر لوجهين: الأول: أن فيه جمعًا بينه وبين حديث وائل بن حجر وأبي هريرة أنه عليه السلام كان ينهض على صدور قدميه، والثاني: أن الصحابة كانوا أحرص الناس على الاتباع، وكانوا ينهضون على صدور أقدامهم، انتهى. (ش).
(2)
بسط الكلام عليه في "السعاية"(2/ 213)، وأجمل ابن العربي (2/ 79)، وكذا في شروح "الشمائل"، وحاصلها أن الإقعاء المكروه غير الإقعاء المسنون، وراجع:"الكوكب الدري"(1/ 284). (ش).
(3)
"مرقاة المفاتيح"(2/ 327).
(4)
بكراهته قال الأربعة خلافًا لبعض من سلف، كذا في "المغني"(2/ 206). (ش).
844 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِى أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ طَاوُسًا يَقُولُ: "قُلْنَا لاِبْنِ عَبَّاسٍ فِى الإِقْعَاءِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ فِى السُّجُودِ، فَقَالَ: هِىَ السُّنَّةُ (1). قَالَ: قُلْنَا: إِنَّا لَنَرَاهُ جَفَاءً بِالرَّجُلِ!
===
عند عامة العلماء، أو لا تجلس على عقبيك، لأن هذا مكروه عند جماعة، لكن ورد في خبر مسلم:"الإقعاء بين السجدتين سنة"، وزعم الخطابي حرمته وأن الحديث منسوخ.
قال في "البدائع"(2): واختلفوا في تفسير الإقعاء، قال الكرخي: وهو نصب القدمين والجلوس على العقبين، وهو عقب الشيطان الذي نهي عنه في الحديث، وقال الطحاوي: وهو الجلوس على الأليتين، ونصب الركبتين، ووضع الفخذين على البطن، وهذا أشبه بإقعاء الكلب، ولأن في ذلك ترك الجلسة المسنونة، فكان مكروهًا، انتهى.
844 -
(حدثنا يحيى بن معين، نا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع طاوسًا يقول: قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين في السجود) والمراد ههنا من الإقعاء هو نصب القدمين والجلوس على العقبين، والمراد بلفظ "في السجود" بين السجدتين (فقال) ابن عباس:(هي) أي الإقعاء (السنة. قال) طاوس: (قلنا) لابن عباس، وفي رواية مسلم: فقلنا له: (إنا لنراه) أي ذلك الفعل (جفاء بالرجل).
قال النووي (3): ضبطناه بفتح الراء (4) وضم الجيم أي بالإنسان،
(1) وفي نسخة: "هي سنة".
(2)
"بدائع الصنائع"(1/ 505).
(3)
"شرح صحيح مسلم"(3/ 23).
(4)
قال ابن رسلان: وفي "كتاب ابن أبي خيثمة": إنا لنراه جفاء بالمرء، وهو شاهد لمن رواه بفتح الراء وضم الجيم. (ش).
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ سُنَّةُ نَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم". [ت 283، م 536، حم 1/ 313، خزيمة 680، ق 2/ 119]
===
وكذا نقله القاضي عن جميع رواة مسلم، قال: وضبطه أبو عمر بن عبد البر بكسر الراء (1) وإسكان الجيم، قال أبو عمر: ومن ضم الجيم فقد غلط، ورد الجمهور على ابن عبد البر وقالوا: الصواب الضم، وهو الذي يليق به إضافة الجفاء إليه، انتهى.
(فقال ابن عباس: هي) أي الإقعاء (سنة نبيك صلى الله عليه وسلم) قال النووي: اعلم أن الإقعاء ورد فيه الحديثان، ففي هذا الحديث أنه سنة، وفي حديث آخر ورد النهي عنه، رواه الترمذي وغيره من رواية علي، وابن ماجه من رواية أنس، وأحمد بن حنبل من رواية سمرة وأبي هريرة، والبيهقي من رواية سمرة وأنس، وأسانيدها كلها ضعيفة (2).
وقد اختلف العلماء في حكم الإقعاء وتفسيره اختلافًا كثيرًا لهذه الأحاديث، والصواب الذي لا معدل عنه أن الإقعاء نوعان:
أحدهما: أن يلصق أليتيه بالأرض، وينصب ساقيه، ويضع يديه على الأرض كإقعاء الكلب، هكذا فسره أبو عبيدة وصاحبه أبو عبيد وآخرون من أهل اللغة، وهذا النوع هو المكروه الذي ورد فيه النهي.
والنوع الثاني: أن يجعل أليتيه على عقبيه بين السجدتين، وهذا هو مراد ابن عباس بقوله: سنة نبيكم، وقد نص الشافعي على استحبابه في الجلوس بين السجدتين، وحمل حديث ابن عباس رضي الله عنهما -عليه جماعات من
(1) قال ابن رسلان: وقع في "مسند الإِمام أحمد"(1/ 313): "إنا لنراه جفاء بالقدم"، وهو شاهد لرواية الكسر وسكون الجيم. (ش).
(2)
وحديث النهي عن الإقعاء رواه الحاكم (1/ 272)، وقال: صحيح على شرط البخاري، "ابن رسلان"، وسيأتي في حديث المسيء الأمر بالافتراش إذا رفع رأسه من السجود. (ش).