المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(154) باب: في الدعاء في الركوع والسجود - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٤

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(118) بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ

- ‌(119) بَابُ افْتَتِاحِ الصَّلَاةِ

- ‌(120) بَابٌ

- ‌(121) بَابُ مَنْ لَمْ يَذْكُرِ الرَّفْعَ عِنْدَ الرُّكُوعِ

- ‌(123) بَابُ مَا يُسْتَفْتَحُ بِهِ الصَّلَاةُ مِنَ الدُّعَاءِ

- ‌(124) (بَابُ مَنْ رَأَى الاستِفْتَاحَ بِـ: سُبْحَانَكَ)

- ‌(125) بَابُ السَّكْتَةِ عِنْدَ الافْتِتَاحِ

- ‌(126) بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ الجَهْرَ بِـ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

- ‌(127) بَابُ مَا جَاءَ منْ جَهَرَ بِهَا

- ‌(128) (باب تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ لِلأَمْرِ يَحْدُثُ)

- ‌(129) بَابُ مَا جَاءَ في نُقْصَانِ الصَّلَاةِ

- ‌(130) بابٌ: فِى تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ

- ‌(131) بَابُ مَا جَاءَ فِي القِرَاءَة في الظُّهْرِ

- ‌(132) بَابُ تَخْفِيفِ الأُخْرَيَيْنِ

- ‌(133) باب قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِى صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ

- ‌(134) بَابُ قَدْرِ الْقِرَاءَةِ في الْمَغْرِبِ

- ‌(135) (بَابُ مَنْ رَأَى التَّخْفِيفَ فِيهَا)

- ‌(136) بابُ الرَّجُلِ يُعِيدُ سُورَةً وَاحِدَةً فِى الرَّكْعَتَيْنِ

- ‌(137) بَابُ القِرَاءَةِ في الفَجْرِ

- ‌(138) بَابُ مَنْ تَرَكَ القِرَاءَةَ في صَلاتِهِ

- ‌(139) بَابُ مَنْ كَرِهَ القِراءَةَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ إِذَا جَهَرَ الإِمَامُ

- ‌(140) (بَابُ مَنْ رَأَى الْقِرَاءَةَ إِذَا لَمْ يَجْهَر)

- ‌(142) بَابُ تَمَامِ التَّكْبِيرِ

- ‌(143) بابٌ: كَيْفَ يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ

- ‌(144) بَابُ النُّهُوضِ في الفَرْدِ

- ‌(145) بَابُ الإِقْعَاءِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

- ‌(146) بَابُ مَا جَاءَ في مَا يَقْولُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرّكُوع

- ‌(147) بَابُ الدُّعَاءِ بَيْنَ السَّجدَتَيْنِ

- ‌(148) (بَابُ رَفْعِ النِّسَاءِ إِذَا كُنَّ مَعَ الإمَامِ رُؤوسَهُنَّ مِنَ السَّجْدَةِ)

- ‌(149) بَابُ طُولِ القِيامِ مِنَ الرُّكُوعِ وَبَيْنَ السَّجدَتَيْنِ

- ‌(150) بَابُ صَلَاةِ مَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ في الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌(153) بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ في رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ

- ‌(154) بَابٌ: في الدُّعَاءِ في الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌(155) بَابُ الدُّعَاءِ في الصَّلَاةِ

- ‌(156) بَابُ مِقْدَارِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌(157) (بَابُ الرَّجُلِ يُدْرِكُ الإِمَامَ سَاجِدًا كَيْفَ يَصْنَعُ

- ‌(158) بَابٌ: في أَعْضَاءِ السُّجُودِ

- ‌(159) بَابُ السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ وَالْجَبْهَةِ

- ‌(160) (بَابُ صِفَةِ السُّجُودِ)

- ‌(161) بَابُ الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ

- ‌(162) بَابٌ: في التَّخَصُّرِ وَالإِقْعَاءِ

- ‌(163) بَابٌ: في الْبُكَاءِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(164) بَابُ كَرَاهِيَّةِ الوَسْوَسَةِ وَحَدِيثِ النَّفْسِ في الصَّلَاةِ

- ‌(165) بَابُ الفَتْحِ عَلَى الإِمَامِ في الصَّلَاةِ

- ‌(166) بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّلْقِينِ

- ‌(167) بَابُ الالْتِفَاتِ في الصَّلَاةِ

- ‌(168) بَابُ السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ

- ‌(169) بَابُ النَّظَرِ في الصَّلَاةِ

- ‌(170) بَابُ الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ

- ‌(171) بَابٌ: في الْعَمَلِ في الصَّلَاةِ

- ‌(172) بَابُ رَدِّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(173) بَابٌ في تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ في الصَّلَاةِ

- ‌(174) بَابُ التَّأْمِينِ وَرَاءَ الإِمَامِ

- ‌(175) بَابُ التَّصْفِيقِ في الصَّلَاةِ

- ‌(176) بَابُ الإِشِارَةِ في الصَّلَاةِ

- ‌(177) بَابٌ: في مَسْحِ الْحَصَى في الصَّلَاةِ

- ‌(178) بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي مُخْتَصِرًا

- ‌(179) بَابُ الرَّجُلِ يَعْتَمِدُ في الصَّلَاةِ عَلَى عَصًا

- ‌(180) بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْكَلَامِ في الصَّلَاةِ

- ‌(181) بَابٌ: في صَلَاةِ القَاعِدِ

- ‌(182) بَابٌ كَيْفَ الْجُلُوسُ في التَّشَهُّدِ

- ‌(183) بَابُ مَنْ ذَكرَ التَّوَرُّكَ في الرَّابِعَةِ

- ‌(184) بَابُ التَّشَهُّدِ

- ‌(185) بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ التَّشَهُّدِ

- ‌(186) بَابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ

- ‌(187) بَابُ إِخْفَاءِ التَّشَهُّدِ

- ‌(188) بَابُ الإِشَارَةِ في التَّشَهُّدِ

- ‌(189) بَابُ كرَاهِيَّةِ الاعْتِمَادِ عَلَى الْيَدِ في الصَّلَاةِ

- ‌(190) بَابٌ: في تَخْفِيفِ القُعُودِ

- ‌(191) بَابٌ: في السَّلَامِ

- ‌(192) بَابُ الرَّدِّ عَلَى الإِمَامِ

- ‌(193) بَابُ التَّكْبِيرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ

- ‌(194) بَابُ حَذْفِ السَّلَامِ

- ‌(195) بَابٌ: إِذَا أَحْدَثَ في صَلاتِهِ

- ‌(196) بَابٌ: في الرَّجُلِ يَتَطَوَّعُ في مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْمَكْتُوبَةَ

- ‌(197) بَابُ السَّهْوِ في السَّجدتَيْنِ

- ‌(198) بَابٌ: إِذَا صَلَّى خَمْسًا

- ‌(201) بَابُ مَنْ قَالَ: بَعْدَ التَّسْلِيمِ

- ‌(202) بَابُ مَنْ قَامَ مِنْ ثِنْتَيْنِ وَلَمْ يَتَشَهَّدْ

- ‌(203) بَابُ مَنْ نَسِيَ أَنْ يَتَشهَّدَ وَهُوَ جَالِسٌ

- ‌(204) بَابُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ فِيهِمَا تَشَهُّدٌ وتَسْلِيمٌ

- ‌(205) بَابُ انْصِرافِ النِّسَاءِ قَبْلَ الرِّجَالِ مِنَ الصَّلاةِ

- ‌(206) بَابٌ: كيْفَ الانْصِرَافُ مِنَ الصَّلاةِ

- ‌(207) بَابُ صَلَاةِ الرَّجُلِ التَّطوُّعَ في بَيْتِهِ

- ‌(208) بَابُ مَنْ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ ثُمَّ عَلِمَ

الفصل: ‌(154) باب: في الدعاء في الركوع والسجود

(154) بَابٌ: في الدُّعَاءِ في الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

874 -

حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن صَالِح وَأَحْمَد بْن عَمْرُو بْن السّرح، وَمُحَمَّدُ بْن سَلَمَة، قالُوا: نَا (1) ابْن وَهب أَنَا عَمْرُو- يَعْنِي ابْن الْحَارِث- عَنْ عمَارَة بْن غزِيَّة، عَنْ سُمَيّ مَوْلَى أَبِي بَكْر، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا صَالِح ذكْوَان يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَقْرَب مَا يَكُون الْعَبْد مِنْ رَبّه وَهُوَ سَاجِدٌ

===

(154)

(بَابٌ: في الدُّعَاءِ في الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)

الدعاء الاستغاثة والسؤال والنداء، سواء كان صورة ومعنى أو معنى فقط، فليس الدعاء إلَّا إظهار التذلل، ولذا قال صلى الله عليه وسلم:"الدعاء مخ العبادة"، وبلفظ آخر:"الدعاء هو العبادة"

874 -

(حدثنا أحمد بن صالح وأحمد بن عمرو بن السرح ومحمد بن سلمة قالوا: نا ابن وهب، أنا عمرو - يعني ابن الحارث (2) - عن عمارة) بضم العين المهملة وخفة الميم (ابن غزية)(3) بفتح المعجمة وكسر الزاي وتشديد الياء ذات النقطتين من تحت (عن سمي) مصغرًا (مولى أبي بكر) بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام (أنه سمع أبا صالح ذكوان يحدث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد).

قال القاري (4): أسند القرب إلى الوقت وهو للعبد مجازًا، أي هو في السجود أقرب من ربه منه في غيره، والمعنى أقرب أكوان العبد وأحواله من رضاء ربه وعطائه وهو ساجد، وقيل: أقرب مبتدأ محذوف الخبر لسد الحال مسده، وهي وهو ساجد، أي أقرب ما يكون من ربه حاصل في كونه ساجدًا.

(1) وفي نسخة: "أنا".

(2)

ابن يعقوب، "ابن رسلان". (ش).

(3)

المازني الأنصاري. (ش).

(4)

"مرقاة المفاتيح"(2/ 322).

ص: 348

فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ". [م 482، ن 1137، حم 2/ 421، ق 2/ 110]

===

(فأكثروا الدعاء)، وهذا لأن حالة السجود تدل على غاية تذلل واعتراف بعبودية نفسه وربوبية ربه، فكان مظنة الإجابة، فأمرهم بإكثار الدعاء في السجود.

وقال النووي (1): وفيه دليل لمن يقول: إن السجود أفضل من القيام وسائر أركان الصلاة.

وفي هذه المسألة ثلاثة مذاهب:

أحدها: أن تطويل (2) السجود وتكثير الركوع والسجود أفضل، حكاه الترمذي والبغوي عن جماعة.

والمذهب الثاني: مذهب الشافعي وجماعة أن تطويل القيام أفضل لحديث جابر في "صحيح مسلم": أن النبي- صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل الصلاة طول (3) القنوت"، والمراد بالقنوت القيام، ولأن ذكر القيام القراءة، وذكر السجود التسبيح، والقراءة أفضل، ولأن المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يطول القيام أكثر من تطويل السجود.

والمذهب الثالث: أنهما سواء، وتوقف أحمد بن حنبل في المسألة ولم يقضِ فيها بشيء، وقال إسحاق بن راهويه: أما في النهار فتكثير الركوع والسجود، وأما في الليل فتطويل القيام، إلَّا أن يكون للرجل جزء بالليل يأتي عليه، فتكثير الركوع والسجود أفضل، لأنه يقرأ جزءه ويربح كثرة الركوع والسجود، انتهى، "علي القاري"(4).

واعلم أنه قد تقدم من حديث عقبة بن عامر قال: "لما نزلت: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلوها في ركوعكم، فلما نزلت: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} قال: اجعلوها في سجودكم"، فهذا بظاهره يخالف الأحاديث التي وردت في الدعاء في السجود.

(1)"شرح صحيح مسلم"(2/ 441).

(2)

وقد بوَّب الترمذي لكثرة الركوع والسجود مستقلًا. (ش).

(3)

وسيأتي بلفظ القيام في "باب افتتاح صلاة الليل بركعتين". (ش).

(4)

كذا في الأصل، والظاهر حذفه.

ص: 349

875 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا سُفْيَانُ، عن سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ، عن إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْنِ مَعْبَدٍ، عن أَبِيهِ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَشَفَ السّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشّرَاتِ النُّبُوَةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ، يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ، وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا،

===

فالجواب عنه: أنه لو كان معنى الدعاء عامًّا للاستغاثة والسؤال وإظهار التذلل بذكر أسمائه ونُعُوته فليس فيهما معارضة أصلًا، فإن التسبيحات أيضًا من الدعاء، ولو كان المراد بالدعاء السؤال الصريح كما في الأحاديث الواردة في الباب، فعلى هذا الجواب عنه أن الأمر بالدعاء في التطوعات، والأمر بالتسبيحات عام في الفرائض والتطوعات، فإن أمر التطوعات واسع، والله تعالى أعلم.

875 -

(حدثنا مسدد، نا سفيان، عن سليمان بن سحيم) بمهملتين مصغرًا، (عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد، عن أبيه) عبد الله بن معبد بن عباس بن عبد المطلب، (عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كشف الستارة) بكسر المهملة، ستر يكون على باب الدار (والناس) والواو حالية (صفوف) أي صافون في الصلاة يصلون (خلف أبي بكر فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعل هذا القول صدر منه صلى الله عليه وسلم حين فرغوا من الصلاة:(يا أيها الناس، إنه لم يبق من مبشرات) بكسر الشين المشددة (النبوة إلَّا الرؤيا الصالحة).

قال السيوطي: أي الوحي منقطع بموتي، ولا يبقى ما يعلم منه مما سيكون، والتعبير بالمبشرات خرج مخرج الأغلب، فإن من الرؤيا منذرة وهي صادقة، يريها الله للمؤمن رفقًا به، ليستعد لما يقع قبل وقوعها.

(يراها المسلم) لنفسه (أو ترى) على صيغة المجهول، أي يراها مسلم آخر (له) أي لذلك الرجل، (وإني نهيت أن أقرأ) القرآن (1)(راكعًا أو ساجدًا)

(1) وبوَّب له الترمذي، وذكر فيه حديث علي. (ش).

ص: 350

فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا الرَّبَّ فِيهِ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا في الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ". [م 479، ن 1045، جه 3899، دي 1325، خزيمة 548، حم 1/ 219]

876 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نَا جَرِيرٌ، عن مَنْصُورٍ،

===

أي في الركوع والسجود، وإنما وظيفة الركوع التسبيح [ووظيفة السجود التسبيح والدعاء]، فلو قرأ في الركوع والسجود كره ولم تبطل صلاته، وقال بعض العلماء: يحرم (1) وتبطل صلاته، ولعل وجه النهي أن القرآن له مرتبة عظيمة، لأنه كلام الله تعالى وهو صفته، والركوع والسجود غاية التذلل فلا يناسب هذه الحالة قراءة كلام الله تعالى ويناسبها التسبيح.

(فأما الركوع فعظموا الرب فيه) أي سبّحوه ونزِّهوه ومجِّدوه، قال النووي (2): واستحب الشافعي رحمه الله وغيره من العلماء أن يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم، وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى، ويكرر كل واحدة منهما ثلاث مرات، ويضم إليه ما جاء في حديث علي: "اللهم لك ركعت

إلخ"، وإنما يستحب الجمع بينهما لغير الإِمام وللإمام الذي يعلم أن المأمومين يؤثرون التطويل، فإن شك لم يزد على التسبيح.

(وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فَقَمِنٌ) هو بفتح القاف وفتح الميم وكسرها لغتان مشهورتان، فمن فتح فهو عنده مصدر لا يثنى ولا يجمع، ومن كسر فهو وصف يثنى ويجمع، وفيه لغة ثالثة قمين بزيادة ياء وفتح القاف، ومعناه حقيق وجدير، والاجتهاد في الدعاء في السجود محمول على الندب، قاله النووي، وأما عندنا فمحمول على النوافل كما تقدم ذكره (أن يستجاب لكم).

876 -

(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا جرير، عن منصور،

(1) وقال ابن رسلان: عندنا لا تبطل في غير الفاتحة، وفيها قولان، وهذا في العمد، وفي السهو فيكره. (ش).

(2)

"شرح صحيح مسلم"(2/ 437).

ص: 351

عن أَبِي الضُّحَى، عن مَسْرُوقٍ، عن عَائِشَةَ قَالَتْ:"كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أَنُ يَقُولَ في رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: "سُبْحَانَكَ اللهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللهُمَّ اغْفِرْ لِي" يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ. [خ 794، م 484، ن 1047، حم 6/ 43]

877 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِح، نَا ابْنُ وَهْبٍ. (ح): وَنَا أَحْمَدُ بْنُ السَّرْحِ (1)، أَنَا ابْنُ وَهْبٍ (2)، أَخبَرَنِي يَحْيَى بنُ أَيُّوبَ، عن عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عن سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عن أَبِي صَالِحٍ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ:

===

عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح بالتصغير، الهمداني الكوفي العطار، (عن مسروق، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك) أي: سبحت بحمدك، أي: بتوفيقك وهدايتك لا بحولي وقوتي، أو يكون معناه: سبَّحت متلبسًا بحمدي لك.

(اللَّهم اغفر لي يتأول القرآن)(3) حال من فاعل يقول، أي يبين المراد من قوله تعالى:{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} (4) آتيًا بمقتضاه، من آل الشيء إلى كذا، فحاصله أنه يرجع إلى العمل بما في القرآن، والظاهر أن هذا كان في النوافل، أو أنه كان يختص به صلى الله عليه وسلم، لأن ما في سورة النصر أخبر به بقرب وفاته عليه السلام، والأمر بهذا الذكر من دون أمته.

877 -

(حدثنا أحمد بن صالح، نا ابن وهب، ح: ونا أحمد بن السرح) وهو أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السرح، منسوب إلى جد جده (أنا ابن وهب، أخبرني يحيى بن أيوب، عن عمارة بن غزية، عن سمي مولى أبي بكر، عن أبي صالح) السمان، (عن أبي هريرة) وقد تقدم هذا السند (5)

(1) زاد في نسخة: "ومحمد بن سلمة". [كذا في "تحفة الأشراف" (9/ 144) ح (12565)].

(2)

زاد في نسخة: "قال".

(3)

قال ابن رسلان: أي يمتثل ما أمر به القرآن. (ش).

(4)

سورة النصر: الآية 3.

(5)

لكن في السندين فرق. (ش).

ص: 352

"أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَقُولُ في سُجُودِهِ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي كُلَّهُ، دِقَّهُ وَجِلَّهُ، وَأَوَّلَهُ وآخِرَهُ" (1). زَادَ ابْنُ السَّرْحِ:"عَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ". [م 483، خزيمة 672، ك 1/ 263]

878 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَنْبَارِيُّ، نَا عَبْدَةُ، عن عُبَيْدِ اللهِ، عن مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عن عَبْدِ الرَّحْمنِ الأَعْرَج، عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عن عَائِشَةَ قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ (2) اللَّه صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلةٍ

===

في أول حديث الباب (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: اللهم اغفر لي ذنبي) هو من باب العبودية والإذعان والافتقار وسلوك طريق التواضع وامتثال أمره في الرغبة إليه، والمراد بالذنب الزلة، أو الغرض منه تعليم الأمة (كله، دقه وجله) بكسر أولهما أي قليله وكثيره، وقال في "القاموس": والدقيق كالدق بالكسر (وأوله وآخره) أي ما صدر منه في أول الزمان وآخره (وزاد ابن السرح علانيته وسره) أي لم يذكر هذا اللفظ أحمد بن صالح، وكذلك زاد هذا اللفظ يونس بن عبد الأعلى كما ذكره مسلم في "صحيحه".

878 -

(حدثنا محمد بن سليمان الأنباري، نا عبدة)(3) بن سليمان الكلابي، (عن عبيد الله (4)) بن عمر، (عن محمد بن يحيى بن حبان (5)، عن عبد الرحمن) بن هرمز (الأعرج، عن أبي هريرة، عن عائشة قالت: فقدت رسول الله ذات ليلة)، أي طلبت فما وجدت، ولعله صلى الله عليه وسلم لما نامت عائشة خرج من البيت وذهب إلى المسجد، فانتبهت فلم تجده، فذهبت إلى المسجد.

(1) زاد في نسخة: "قال أبو داود".

(2)

وفي نسخة: "النبي".

(3)

وفي "ابن رسلان": ابن حميد الكوفي. (ش).

(4)

وفي "ابن رسلان": عبيد الله بن ميسرة. (ش).

(5)

بفتح الحاء. (ش).

ص: 353