الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(185) بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ التَّشَهُّدِ
(1)
===
وقال أبو داود عقب حديث سليمان بن سمرة عن أبيه في الصلاة: دلت هذه الصحيفة على أن الحسن سمع من سمرة، قلت: ولم يظهر لي وجه الدلالة بعد، قاله الحافظ في "التهذيب"(2)، انتهى ملخصًا.
(185)
(بَابُ الصَّلاةِ (3) عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ التَّشَهُّد)
اختلف في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة هل هو فرض أو سنة، فعندنا ليست بفرض (4) بل هي سنة، وعند الشافعي (5) رحمه الله فرض لا تجوز الصلاة بدونها، وهي اللَّهم صل على محمد، وله في فرضية الصلاة في الأولى قولان.
واحتج بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ} (6)، ومطلق الأمر للفرضية، وقال صلى الله عليه وسلم:"لا صلاة لمن لم يصل علي في صلاته"(7).
ولنا ما روينا من حديث ابن مسعود وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بتمام الصلاة عند القعود قدر التشهد من غير شرط الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا حجة في الآية، لأن المراد منها الندب
(1) أخرج الحاكم عن ابن مسعود رفعه: إذا تشهد أحدكم في الصلاة فليقل، الحديث، كذا في "الدراية" [انظر:"المستدرك"(1/ 269)]. (ش).
(2)
(2/ 269).
(3)
وبسط الكلام على فوائد الباب وأحاديثها السخاوي في "القول البديع" فارجع إليه، وإلى "الشفاء" (3/ 728) وشروحه و"الشامى" في الفقه. [انظر:"رد المحتار"(2/ 276)]. (ش).
(4)
راجع: "مشكل الآثار" للإمام الطحاوي (6/ 15). (ش).
(5)
وبه قال أحمد، وقول آخر للشافعي: ليس بفرض اختاره الخطابي وغيره. (ش).
(6)
سورة الأحزاب: الآية 56.
(7)
أخرجه الدارقطني في "سننه"(1/ 355).
976 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، نَا شُعْبَةُ، عن الْحَكَمِ، عن ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عن كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: قُلْنَا- أَوْ قَالُوا-:
===
بدليل ما روينا، وروي عن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما أنهما قالا: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سنة في الصلاة، على أن الأمر المطلق لا يقتضي التكرار، بل يقتضي الفعل مرة واحدة.
وقد قال الكرخي من أصحابنا: إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فرض العمر كالحج، وليس في الآية تعيين حالة الصلاة، والحديث محمول على نفي الكمال كقوله صلى الله عليه وسلم:"لا صلاة لجار المسجد إلَّا في المسجد"(1)، وبه نقول.
وأما الصلاة (2) على النبي صلى الله عليه وسلم في غير حالة الصلاة، فقد كان الكرخي يقول: إنها فريضة على كل بالغ عاقل في العمر مرة واحدة، وقال الطحاوي (3): كلما ذكره أو سمع اسمه تجب.
وجه قول الكرخي ما ذكرنا أن الأمر المطلق لا يقتضي التكرار، فإذا امتثل مرة في الصلاة أو في غيرها سقط الفرض عنه، كما يسقط فرض الحج بالحج مرة واحدة.
ووجه ما ذكره الطحاوي أن سبب وجوب الصلاة هو الذكر أو السماع، والحكم يتكرر بتكرر السبب كما يتكرر وجوب الصلاة والصوم وغيرهما من العبادات بتكرر أسبابها، انتهى كذا في "البدائع"(4).
976 -
(حدثنا حفص بن عمر، نا شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى) أي عبد الرحمن، (عن كعب بن عجرة قال: قلنا - أو قالوا-) شك (5) من الراوي في لفظ قلنا وقالوا أيهما قال الشيخ
(1) أخرجه الدارقطني في "سننه"(1/ 420)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 246).
(2)
وجملة المذاهب في ذلك عشرة، بسطها الحافظ في "الفتح"(11/ 153). (ش).
(3)
يخالفه ما حكى عنه القاري في "شرح الشفاء"(3/ 731). (ش).
(4)
"بدائع الصنائع"(1/ 500 - 501).
(5)
ولفظ مسلم: "فقلنا" بدون الشك. (ش).
يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَرْتَنَا أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ وَأَنْ نُسَلِّمَ عَلَيْكَ، فَأَمَّا السَّلَامُ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ:"قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحمدٍ وَآلِ مُحمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ". [خ 4797، م 4061، ت 483، ن 1287، جه 954، حم 4/ 241، حب 912، ق 2/ 147]
===
(يا رسول الله، أمرتنا أن نصلي عليك وأن نسلم عليك) بأمر الله تعالى في قوله تعالى: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ، كما أخرج أحمد في "مسنده" بسنده عن كعب قال: لما نزلت: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ (1) عَلَى النَّبِيِّ} (2)، قالوا: كيف نصلي عليك يا نبي الله؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد، الحديث (فأما السلام فقد عرفناه) أي في التشهد وهو: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وأما الصلاة فلم نعرفه (فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد (3)، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد، كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد).
قال القاري (4): آل محمد، قيل: الآل من حرمت عليه الزكاة كبني هاشم وبني المطلب، وقيل: كل تقي آله، وقيل: المراد بالآل جميع أمة الإجابة، وقيل: الأزواج ومن حرم عليه الصدقة، ويدخل فيهم الذرية، قال ابن حجر: هم مؤمنو بني هاشم والمطلب عند الشافعي وجمهور العلماء، وقيل: أولاد فاطمة ونسلهم، وقيل: أزواجه وذريته، وقيل:
(1) قال الحافظ في "الفتح"(8/ 533): وقد سئلت عن إضافة الصلاة إلى الله دون السلام وأمر المؤمنين بالصلاة والسلام، فقلت: يحتمل السلام معنيين التحية والانقياد، والله والملائكة لا يصح منهما الانقياد
…
إلخ. (ش).
(2)
سورة الأحزاب: الآية 56.
(3)
والمستحب أن يقول: "وعلى آل محمد"، وصحَّح في "الكفاية" أن الواجب إعادة "على". قاله ابن رسلان. (ش).
(4)
"مرقاة المفاتيح"(2/ 337 - 338).
977 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا يَزِيدُ بْنُ زُريعٍ، نَا شُعْبَةُ
===
كل مسلم، ومال إليه مالك، واختاره الزهري (1) وآخرون، وهو قول سفيان الثوري وغيره، ورجحه النووي في "شرح مسلم"، وآل إبراهيم هم: إسماعيل وإسحاق وأولادهما.
وفي التشبيه إشكال مشهور، وهو أن المقرر كون المشبه دون المشبه به، والواقع هنا عكسه، لأن محمدًا صلى الله عليه وسلم وحده أفضل من إبراهيم وآله عليهم السلام.
وأجيب بأجوبة: منها: أن هذا قبل أن يعلم أنه أفضل، ومنها: أنه قال تواضعًا، ومنها: أن التشبيه في الأصل لا في القدر كما قيل في: {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} (2)، وكما في:{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ} (3)، و {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} (4)، ومنها: أن الكاف للتعليل كقوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} (5)، ومنها: أن التشبيه متعلق بقوله: وعلى آل محمد، ومنها: أن التشبيه للمجموع بالمجموع، فإن الأنبياء من آل إبراهيم كثيرة وهو أيضًا منهم، ومنها: أن التشبيه من باب إلحاق ما لم يشتهر بما اشتهر، ومنها: أن المقدمة المذكورة مدفوعة، بل قد يكون التشبيه بالمثل بما دونه كما في قوله تعالى:{مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ} (6)، انتهى.
977 -
(حدثنا مسدد، نا يزيد بن زريع) بتقديم الزاي مصغرًا، (نا شعبة
(1) كذا في "مرقاة المفاتيح"(2/ 338)، وفي "فتح الباري"(11/ 160)، و"شرح النووي" (2/ 361):" الأزهري".
(2)
سورة البقرة: الآية 183.
(3)
سورة النساء: الآية 163.
(4)
سورة القصص: الآية 77.
(5)
سورة البقرة: الآية 185.
(6)
سورة النور: الآية 35.
بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: "صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحمدٍ كَمَا (1) صَلَّيْتَ عَلَى آل إِبْرَاهِيمَ". [انظر سابقه]
978 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا ابْنُ بِشْرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنِ الْحَكَمِ بِإِسْنَادِهِ بِهَذَا قَالَ:«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» . [انظر تخريج الحديث السابق]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ الزُّبَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ، عن ابْنِ أَبِي لَيْلَى، كما رَوَاهُ
===
بهذا الحديث قال: صل على محمد وعلى آل محمد) (2) بغير لفظ اللَّهم في جميع النسخ، وبزيادة لفظ على (كما صليت على آل إبراهيم) بزيادة لفظ آل.
978 -
(حدثنا محمد بن العلاء، نا ابن بشر) محمد، (عن مسعر، عن الحكم بإسناده) أي بإسناد الحكم، (بهذا) وفي نسخة:"بهذا الحديث" بعد لفظ بإسناده (قال: اللَّهم صل (3) على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، اللَّهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد).
(قال أبو داود: رواه الزبير بن عدي (4) عن ابن أبي ليلى كما رواه
(1) راجع: "مكتوبات الشيخ المجدد": دفتر 3، المجلد 9، (ص 28)، وحقق في (ص 53) أن هذا الدعاء بعد ألف سنة بدعاء أمتي قبول شد، والظاهر أن المراد منه المجدد بنفسه، وفصل هذا الإشكال والجواب الفاضي ثناء الله في مكتوباته "كلمات طيبات"(ص 214)، وينظر أيضًا:(ص 130). (ش).
(2)
بسط ابن رسلان الكلام في تفسير الآل، وفي أنه هل يجوز إضافة الآل إلى الضمير كما في آله أم لا؟ . (ش).
(3)
وبسط ابن حجر في "الفتاوى الحديثية"(ص 210) في الجمع بين روايات الصلاة، وقولهم بكراهة إفراد الصلاة عن السلام. (ش).
(4)
أخرج روايته الطبراني في "الكبير"(19/ 130) رقم (825) قال: حدثنا حفص بن =
مِسْعَرٌ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:"كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ" وَسَاقَ مِثْلَهُ.
979 -
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِىُّ، عَنْ مَالِكٍ. (ح): وَحَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِىِّ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِى أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِىّ: أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ نُصَلِّى عَلَيْكَ. قَالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى
===
مسعر إلَّا أنه) أي الزبير بن عدي (قال: كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد) فزاد ابن أبي عدي لفظ آل (وبارك على محمد) ولم يذكر لفظ اللَّهم (وساق) أي الزبير بن عدي باقي ألفاظ الحديث (مثله) أي مثل ألفاظ حديث مسعر.
979 -
(حدثنا القعنبي، عن مالك، ح: ونا ابن السرح، أنا ابن وهب، أخبرني مالك) ففي السند الأول تصل الرواية إلى مالك بواسطة واحدة، وفي الثاني بواسطتين (عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه) أي أبي بكر بن محمد الأنصاري النجاري بالنون والجيم، المدني القاضي، اسمه وكنيته واحد.
(عن عمرو بن سليم الزرقي) بضم الزاي وفتح الراء بعدها قاف، من كبار التابعين، يقال: له رؤية (أنه) أي عمرو بن سليم (قال: أخبرني أبو حميد الساعدي أنهم) أي الصحابة رضي الله عنهم (قالوا: يا رسول الله، كيف نصلي عليك؟ ) فإن الله أمرنا بأن نصلي عليك (قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (قولوا: اللَّهم صل على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على
= عمر بن الصباح، ثنا أبو حذيفة، ثنا سفيان عن الزبير بن عدي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن النبي- صلى الله عليه وسلم نحوه، ولم يذكر متنه، وأشار إلى الرواية التي قبلها، وهي من طريق عبد الله بن عبد الله الرازي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى بالإسناد السابق، ولكن وقع فيها "قولوا: اللَّهمَّ صل على محمد وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم
…
" الحديث، دون قوله: "آل إبراهيم".
آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». [خ 3369، م 407، ن 1294، جه 905، حم 4/ 118]
980 -
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِىُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ - وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ هُوَ الَّذِى أُرِىَ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ - أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ أَنَّهُ قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ:
===
آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد).
980 -
(حدثنا القعنبي، عن مالك، عن نعيم بن عبد الله المجمر) بسكون الجيم وضم الميم الأولى وكسر الثانية، ويقال: بفتح الجيم وتشديد الميم الثانية المكسورة، قيل له: المجمر، لأنه كان يجمر مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبخره، وهو صفة لعبد الله، ويطلق على ابنه نعيم مجازًا (1)(إن محمد بن عبد الله بن زيد) بن عبد ربه الأنصاري المدني (وعبد الله بن زيد هو الذي أري النداء بالصلاة) أي الأذان في المنام، بينه معترضًا بين السند لئلا يلتبس بعبد الله بن زيد بن عاصم.
(أخبره)(2) أي أخبر محمد بن عبد الله نعيم بن عبد الله (عن أبي مسعود الأنصاري أنه قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير) بفتح أوله وكسر المعجمة (ابن سعد) الأنصاري الخزرجي، صحابي جليل بدري، استشهد بعين التمر منصرفه من اليمامة مع خالد بن الوليد.
(1) وبه جزم ابن رسلان. (ش).
(2)
بصيغة الإفراد، وفي النسخ المصرية لمسلم: أخبراه بصيغة المثنى، وكذا يوهم عبارة ابن رسلان، والظاهر أنه وهم من الناسخ، لأن عبد الله بن زيد لم يعد أهل الرجال في رواياته هذه الرواية. (ش).
أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّه، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَسَكَتَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ، ثمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"قُولُوا"، فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ. زَادَ في آخِرِهِ:"في الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ". [م 405، ت 3320، ن 1285]
981 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو بِهَذَا الْخَبَرِ قَالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِىِّ الأُمِّىِّ
===
(أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله، فكيف نصلي عليك؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم) لعل سكوته كان في انتظار الوحي (حتى تمنينا أنه) أي بشير بن سعد (لم يسأله) معناه: كرهنا سؤاله مخافة من أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم كره سؤاله وشق عليه.
(ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قولوا، فذكر) أي: القعنبي (معنى حديث كعب بن عجرة) المتقدم (زاد) أي القعنبي في (آخره) أي في آخر الحديث: (في العالمين إنك حميد مجيد) فزاد لفظ: "في العالمين" فقط، وأخرج هذا الحديث مسلم من حديث يحيى بن يحيى التميمي عن مالك، وزاد في آخره: والسلام كما علمتم.
981 -
(حدثنا أحمد بن يونس) هو أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفي التميمي اليربوعي، نسب إلى جده، (نا زهير، نا محمد بن إسحاق، نا محمد بن إبراهيم بن الحارث) التيمي، أبو عبد الله المدني، (عن محمد بن عبد الله بن زيد) بن عبد ربه، (عن عقبة بن عمرو) أبي مسعود الأنصاري (بهذا الخبر قال: قولوا: اللَّهم صل على محمد النبي الأمي) منسوب إلى أمة العرب، وهي لم تكن تكتب ولا تقرأ، فاستعير لمن لا يعرف الكتابة والقراءة، والمراد نفي
وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ". [حم 4/ 119، ق 2/ 146]
982 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا حِبَّانُ بْنُ يَسَارٍ الْكِلَابِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو مُطَرِّفٍ عُبَيْدُ اللَّه بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّه بْنِ كَرِيْزٍ،
===
الكتابة والقراءة غالبًا، وقيل: منسوب إلى مكة، لأنها أم القرى، أي أصلها وعمدتها وبركتها، وقيل: منسوب إلى الأم، أي مثل ما خرج من بطن الأم ولم يتعلم الكتابة والقراءة، قاله القاري في "الحرز".
(وعلى آل محمد)، ولعل المصنف أو شيخه اختصر الحديث، وقد أخرجه البيهقي (1) عن ابن إسحاق بهذا السند عن أبي مسعود عقبة بن عمرو قال: أقبل رجل حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن عنده، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما السلام عليك فقد عرفناه، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا صلَّى الله عليك؟ قال: فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحببنا أن الرجل لم يسأله، ثم قال:"إذا أنتم صليتم عليَّ فقولوا: اللَّهم صلِّ على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد"، هكذا في نسخة البيهقي، فلا أدري أسقط من الناسخ كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد النبي الأمي، أو هكذا في الرواية كما هو في النسخة.
982 -
(حدثنا موسى بن إسماعيل، نا حبان) بكسر أوله (ابن يسار الكلابي) أبو رويحة مصغرًا، البصري، ذكره ابن حبان في "الثقات"، اختلط، قال أبو حاتم: ليس بالقوي ولا بالمتروك، وقال ابن عدي: وحديثه فيه ما فيه للاختلاط الذي ذكر عنه، وقال أبو داود: لا بأس به.
(حدثني أبو مطرف عبيد الله بن طلحة بن عبيد الله بن كريز) بفتح الكاف وكسر الراء آخره زاي، ذكره ابن حبان في "الثقاث"، له عند أبي داود حديث في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم من رواية حبان بن يسار عنه، واختلف فيه على حبان.
(1)"السنن الكبرى"(2/ 146).
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ، عن الْمُجْمِرِ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكْتَالَ بِالْمِكْيَالِ الأَوْفَى إِذَا صَلَّى عَلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَأَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَذُرِّيَّتِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ". [ق 2/ 151]
===
(حدثني محمد بن علي الهاشمي) قال في "تهذيب التهذيب": محمد بن علي القرشي الهاشمي عن نعيم بن عبد الله المجمر، وعنه عبيد الله بن طلحة بن عبيد الله بن كريز الخزاعي، الظاهر أنه محمد بن علي بن الحسين أبو جعفر الباقر.
(عن المجمر) أي نعيم بن عبد الله، (عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سره أن يكتال) أي يعطي (بالمكيال) أي الكيل (الأوفى) الكامل في الوفاء (إذا صلى علينا أهل البيت فليقل: اللهم صلِّ على محمد النبي وأزواجه أمهات المومنين وذريته)، الذرية: اسم يجمع نسل الإنسان من ذكر وأنثى، وأصله الهمز فخفف، وتجمع على ذريات وذراري مشددًا، وقيل: أصلها من الذر بمعنى التفرق، لأن الله ذرهم في الأرض، "مجمع"(1)(وأهل بيته)، وهذا بيان لما قبله من الأزواج والذرية (كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد).
تنبيه: بقي هاهنا بحثان (2) يناسب التنبيه عليهما.
أولهما: في لفظ الترحم، اختلف فيه، فكره بعضهم أن يقال: وارحم محمدًا، أو يقال: وترحم محمدًا، أما الحنفية فقالوا بعدم الكراهة.
(1)(2/ 229).
(2)
قلت: هاهنا بحث ثالث أيضًا وهو إفراد الصلاة والسلام على غير الأنبياء. راجع: "الشامي"(2/ 273). (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال في "الدر المختار": وصح عدم كراهة الترحم (1)، قال الشامي (2): ومفاده أنه لم يصح ندبه لعدم ثبوته في صلاة التشهد، ولذا قال في "شرح المنية": والإتيان بما في الأحاديث الصحيحة أولى، وقال في "الفيض": والأولى تركه احتياطًا، وفي "شرح المنهاج" للرملي: قال النووي في "الأذكار": وزيادة: "وارحم محمدًا وآل محمد كما رحمت على إبراهيم" بدعة.
واعترض بورودها في عدة أحاديث صحح الحاكم بعضها "وترحم على محمد"، وردّه بعض محققي أهل الحديث بأن ما وقع للحاكم وهمٌ، وبأنها وإن كانت ضعيفة لكنها شديدة الضعف فلا يعمل بها، ويؤيده قول أبي زرعة وهو من أئمة الفن بعد أن ساق تلك الأحاديث وبَيَّن ضعفها: ولعل المنع أرجح لضعف الأحاديث في ذلك.
وبما تقرر علم أن سبب الإنكار كون الدعاء بالرحمة لم يثبت هنا من طريق يعتدّ به، والباب باب اتباع، لا ما قاله ابن عبد البر وغيره من أنه لا يدعى له صلى الله عليه وسلم بلفظ الرحمة، فإن أراد النافي امتناع ذلك مطلقًا فالأحاديث الصحيحة صريحة في رده، فقد صح في سائر روايات التشهد:"السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته"، وصح أنه صلى الله عليه وسلم أقرَّ من قال:"ارحمني وارحم محمدًا"، ولم ينكر عليه سوى قوله:"ولا ترحم معنا أحدًا"، وحصولها لا يمنع طلبها له كالصلاة والوسيلة والمقام المحمود لما فيه من عود الفائدة له صلى الله عليه وسلم بزيادة ترقيه التي لا نهاية لها والداعي بزيادة ثوابه على ذلك، انتهى.
والحاصل أن الترحم بعد التشهد لم يثبت، وإن كان قد ثبت في غيره فكان جائزًا في نفسه.
والبحث الثاني: في لفظ السيادة، قال في "الدر المختار": وندب
(1) وعزاه ابن حجر في "الفتاوى الحديثية"(ص 31) إلى الجمهور، انتهى. (ش).
(2)
"رد المحتار على الدر المختار"(2/ 273 - 274).