المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(169) باب النظر في الصلاة - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٤

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(118) بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ

- ‌(119) بَابُ افْتَتِاحِ الصَّلَاةِ

- ‌(120) بَابٌ

- ‌(121) بَابُ مَنْ لَمْ يَذْكُرِ الرَّفْعَ عِنْدَ الرُّكُوعِ

- ‌(123) بَابُ مَا يُسْتَفْتَحُ بِهِ الصَّلَاةُ مِنَ الدُّعَاءِ

- ‌(124) (بَابُ مَنْ رَأَى الاستِفْتَاحَ بِـ: سُبْحَانَكَ)

- ‌(125) بَابُ السَّكْتَةِ عِنْدَ الافْتِتَاحِ

- ‌(126) بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ الجَهْرَ بِـ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

- ‌(127) بَابُ مَا جَاءَ منْ جَهَرَ بِهَا

- ‌(128) (باب تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ لِلأَمْرِ يَحْدُثُ)

- ‌(129) بَابُ مَا جَاءَ في نُقْصَانِ الصَّلَاةِ

- ‌(130) بابٌ: فِى تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ

- ‌(131) بَابُ مَا جَاءَ فِي القِرَاءَة في الظُّهْرِ

- ‌(132) بَابُ تَخْفِيفِ الأُخْرَيَيْنِ

- ‌(133) باب قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِى صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ

- ‌(134) بَابُ قَدْرِ الْقِرَاءَةِ في الْمَغْرِبِ

- ‌(135) (بَابُ مَنْ رَأَى التَّخْفِيفَ فِيهَا)

- ‌(136) بابُ الرَّجُلِ يُعِيدُ سُورَةً وَاحِدَةً فِى الرَّكْعَتَيْنِ

- ‌(137) بَابُ القِرَاءَةِ في الفَجْرِ

- ‌(138) بَابُ مَنْ تَرَكَ القِرَاءَةَ في صَلاتِهِ

- ‌(139) بَابُ مَنْ كَرِهَ القِراءَةَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ إِذَا جَهَرَ الإِمَامُ

- ‌(140) (بَابُ مَنْ رَأَى الْقِرَاءَةَ إِذَا لَمْ يَجْهَر)

- ‌(142) بَابُ تَمَامِ التَّكْبِيرِ

- ‌(143) بابٌ: كَيْفَ يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ

- ‌(144) بَابُ النُّهُوضِ في الفَرْدِ

- ‌(145) بَابُ الإِقْعَاءِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

- ‌(146) بَابُ مَا جَاءَ في مَا يَقْولُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرّكُوع

- ‌(147) بَابُ الدُّعَاءِ بَيْنَ السَّجدَتَيْنِ

- ‌(148) (بَابُ رَفْعِ النِّسَاءِ إِذَا كُنَّ مَعَ الإمَامِ رُؤوسَهُنَّ مِنَ السَّجْدَةِ)

- ‌(149) بَابُ طُولِ القِيامِ مِنَ الرُّكُوعِ وَبَيْنَ السَّجدَتَيْنِ

- ‌(150) بَابُ صَلَاةِ مَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ في الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌(153) بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ في رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ

- ‌(154) بَابٌ: في الدُّعَاءِ في الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌(155) بَابُ الدُّعَاءِ في الصَّلَاةِ

- ‌(156) بَابُ مِقْدَارِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌(157) (بَابُ الرَّجُلِ يُدْرِكُ الإِمَامَ سَاجِدًا كَيْفَ يَصْنَعُ

- ‌(158) بَابٌ: في أَعْضَاءِ السُّجُودِ

- ‌(159) بَابُ السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ وَالْجَبْهَةِ

- ‌(160) (بَابُ صِفَةِ السُّجُودِ)

- ‌(161) بَابُ الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ

- ‌(162) بَابٌ: في التَّخَصُّرِ وَالإِقْعَاءِ

- ‌(163) بَابٌ: في الْبُكَاءِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(164) بَابُ كَرَاهِيَّةِ الوَسْوَسَةِ وَحَدِيثِ النَّفْسِ في الصَّلَاةِ

- ‌(165) بَابُ الفَتْحِ عَلَى الإِمَامِ في الصَّلَاةِ

- ‌(166) بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّلْقِينِ

- ‌(167) بَابُ الالْتِفَاتِ في الصَّلَاةِ

- ‌(168) بَابُ السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ

- ‌(169) بَابُ النَّظَرِ في الصَّلَاةِ

- ‌(170) بَابُ الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ

- ‌(171) بَابٌ: في الْعَمَلِ في الصَّلَاةِ

- ‌(172) بَابُ رَدِّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(173) بَابٌ في تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ في الصَّلَاةِ

- ‌(174) بَابُ التَّأْمِينِ وَرَاءَ الإِمَامِ

- ‌(175) بَابُ التَّصْفِيقِ في الصَّلَاةِ

- ‌(176) بَابُ الإِشِارَةِ في الصَّلَاةِ

- ‌(177) بَابٌ: في مَسْحِ الْحَصَى في الصَّلَاةِ

- ‌(178) بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي مُخْتَصِرًا

- ‌(179) بَابُ الرَّجُلِ يَعْتَمِدُ في الصَّلَاةِ عَلَى عَصًا

- ‌(180) بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْكَلَامِ في الصَّلَاةِ

- ‌(181) بَابٌ: في صَلَاةِ القَاعِدِ

- ‌(182) بَابٌ كَيْفَ الْجُلُوسُ في التَّشَهُّدِ

- ‌(183) بَابُ مَنْ ذَكرَ التَّوَرُّكَ في الرَّابِعَةِ

- ‌(184) بَابُ التَّشَهُّدِ

- ‌(185) بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ التَّشَهُّدِ

- ‌(186) بَابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ

- ‌(187) بَابُ إِخْفَاءِ التَّشَهُّدِ

- ‌(188) بَابُ الإِشَارَةِ في التَّشَهُّدِ

- ‌(189) بَابُ كرَاهِيَّةِ الاعْتِمَادِ عَلَى الْيَدِ في الصَّلَاةِ

- ‌(190) بَابٌ: في تَخْفِيفِ القُعُودِ

- ‌(191) بَابٌ: في السَّلَامِ

- ‌(192) بَابُ الرَّدِّ عَلَى الإِمَامِ

- ‌(193) بَابُ التَّكْبِيرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ

- ‌(194) بَابُ حَذْفِ السَّلَامِ

- ‌(195) بَابٌ: إِذَا أَحْدَثَ في صَلاتِهِ

- ‌(196) بَابٌ: في الرَّجُلِ يَتَطَوَّعُ في مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْمَكْتُوبَةَ

- ‌(197) بَابُ السَّهْوِ في السَّجدتَيْنِ

- ‌(198) بَابٌ: إِذَا صَلَّى خَمْسًا

- ‌(201) بَابُ مَنْ قَالَ: بَعْدَ التَّسْلِيمِ

- ‌(202) بَابُ مَنْ قَامَ مِنْ ثِنْتَيْنِ وَلَمْ يَتَشَهَّدْ

- ‌(203) بَابُ مَنْ نَسِيَ أَنْ يَتَشهَّدَ وَهُوَ جَالِسٌ

- ‌(204) بَابُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ فِيهِمَا تَشَهُّدٌ وتَسْلِيمٌ

- ‌(205) بَابُ انْصِرافِ النِّسَاءِ قَبْلَ الرِّجَالِ مِنَ الصَّلاةِ

- ‌(206) بَابٌ: كيْفَ الانْصِرَافُ مِنَ الصَّلاةِ

- ‌(207) بَابُ صَلَاةِ الرَّجُلِ التَّطوُّعَ في بَيْتِهِ

- ‌(208) بَابُ مَنْ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ ثُمَّ عَلِمَ

الفصل: ‌(169) باب النظر في الصلاة

قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَقْرَأْهُ أَبُو دَاوُدَ في الْعَرْضَةِ الرَّابِعَةِ.

(169) بَابُ النَّظَرِ في الصَّلَاةِ

912 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. (ح) وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ - وَهَذَا حَدِيثُهُ، وَهُوَ أَتَمُّ -، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ

===

"باب السجود على الأنف (1) والجبهة".

(قال أبو علي) هو محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي البصري تلميذ المؤلف أبي داود: (هذا الحديث لم يقرأه أبو داود في العرضة الرابعة) أي لما قرأ هذا الكتاب على تلاميذه في المرة الرابعة لم يقرأ هذا الحديث عليهم، فتركه، ولعل وجه تركه عدم الفائدة في الإعادة، لأنه تكرار محض.

(169)

(بَابُ النَّظَرِ (2) في الصَّلاةِ)

والفرق بين النظر والالتفات أن الالتفات بمؤخر العين، والنظر يعمه وغيره

912 -

(حدثنا مسدد، نا أبو معاوية، ح: ونا عثمان بن أبي شيبة، نا جرير وهذا) أي المذكور في الكتاب (حديثه) أي لفظ حديث جرير لا لفظ أبي معاوية (وهو) أي حديث جرير (أتم) من حديث أبي معاوية.

(عن الأعمش) أي أبو معاوية وجرير كلاهما رويا عن سليمان الأعمش (عن المسيب) بمضمومة فسين فياء مشددة مفتوحتين، وقد تكسر الياء "مغني"، وهو (ابن رافع) الأسدي الكاهلي، (عن تميم بن طرفة) بفتح الطاء والراء والفاء

(1) والفرق بين الترجمتين ظاهر، فإن هاهنا مسألتين: إحداهما: السجدة عليهما معًا، والثانية: الاقتصار على الأنف فقط، كما قال به الإِمام فقط، وصاحباه بالعذر. (ش).

(2)

والنظر إلى جهة السجود عند الشافعي والكوفيين، وإلى جهة القبلة عند مالك، وبسط الكلام والدلائل ابن رسلان. (ش).

ص: 391

الطَّائِىِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ - قَالَ عُثْمَانُ: قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَسْجِدَ فَرَأَى فِيهِ نَاسًا يُصَلُّونَ رَافِعِى أَيْدِيهِمْ (1) إِلَى السَّمَاءِ - ثُمَّ اتَّفَقَا - فَقَالَ (2): «لَيَنْتَهِيَنَّ رِجَالٌ يَشْخَصُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ" - قَالَ مُسَدَّدٌ: "فِى الصَّلَاةِ" - "أَوْ لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ أَبْصَارُهُمْ» . [م 428، جه 1045، حم 5/ 107، دي 1301]

===

(الطائي، عن جابر بن سمرة، قال عثمان) بن أبي شيبة خاصة: (قال) شيخي جرير: (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، فرأى فيه ناسًا يصلون رافعي أيديهم إلى السماء) ولم يذكر هذا الكلام أبو معاوية.

(ثم اتفقا) أبو معاوية وجرير وقالا: (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لينتهين رجال يشخصون أبصارهم إلى السماء) أي عن شخوصهم أبصارهم إلى السماء (قال مسدد) أي عن أبي معاوية: (في الصلاة) ولم يذكر هذا اللفظ عثمان عن جرير (أو لا ترجع إليهم أبصارهم) وهذا اللفظ اتفق عليه أبو معاوية وجرير.

فإن قلت: لا مناسبة بين قوله صلى الله عليه وسلم: "لينتهين رجال يشخصون أبصارهم إلى آخره"، وبين رؤيته ناسًا يصلون رافعي أيديهم إلى السماء.

قلت: وقع في الحديث اختصار مخل، وقد أخرج هذا الحديث مسلم (3) عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن تميم بن طرفة قال:"خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شُمس؟ اسكنوا في الصلاة، قال: ثم خرج علينا فرآنا حلقًا فقال: ما لي أراكم عزين"، الحديث.

وكذلك أخرج الإِمام أحمد في "مسنده"(4) من طريق شعبة، عن سليمان

(1) وفي نسخة: "رافعي أبصارهم".

(2)

وفي نسخة: "قال".

(3)

"صحيح مسلم"(430).

(4)

(5/ 93).

ص: 392

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

بهذا السند: "أنه دخل المسجد فأبصر قومًا قد رفعوا أيديهم فقال: قد رفعوها كأنها أذناب الخيل الشمس؟ اسكنوا في الصلاة"، ثم أخرج الإِمام أحمد (1) من طريق شعبة بهذا السند عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"أما يخشى أحدكم إذا رفع بصره، وفي رواية: رأسه، وهو في الصلاة أن لا يرجع إليه بصره".

وكذلك أخرج النسائي (2) من طريق عبثر عن الأعمش بهذا السند قال: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن رافعو أيدينا في الصلاة، فقال: ما بالهم رافعين أيديهم في الصلاة كأنها أذناب الخيل الشمس؟ اسكنوا في الصلاة".

فعلم بهذه الروايات أن في حديث أبي داود سقوطًا واختصارًا (3)، وقوله: لينتهين رجال، ليس هو جواب لقوله:"رأى ناسًا يصلون رافعي أيديهم" بل جوابه لم يذكر فيه.

قلت: والحاصل أن حديث جابر بن سمرة يشتمل على أمور عديدة: أحدها: كراهية رفع الأيدي في الصلاة، والأمر بالسكون فيهما، وقد أخرجه مسلم (4) من طريق أبي معاوية بسنده عن جابر بن سمرة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خرج شمس؟ اسكنوا في الصلاة"، والسياق الثاني لهذا الأمر لمسلم (5) من حديث عبيد الله بن القبطية، عن جابر بن سمرة قال:"كنا إذا صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلنا: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، وأشار بيده إلى الجانبين"، وفي رواية قال: "صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنا إذا سلمنا قلنا

(1)"مسند أحمد"(5/ 90).

(2)

"سنن النسائي" ح (1184).

(3)

وهذا كله على النسخ الموجودة عندنا، وقال ابن رسلان: وفي بعض النسخ: فرأى ناسًا يصلون رافعي أبصارهم إلى السماء، انتهى، فلا إشكال. (ش).

(4)

"صحيح مسلم"(431).

(5)

"صحيح مسلم"(431).

ص: 393

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

بأيدينا: السلام عليكم، السلام عليكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عَلامَ تومئون بأيديكم"، وفي رواية له: "فنظر إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما شأنكم تشيرون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس؟ إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه، ثم يسلم على أخيه من على يمينه وشماله"، وفي رواية له: "إذا سلم أحدكم فليلتفت إلى صاحبه ولا يومئ بيده"، والظاهر أن المذكور في هذا الحديث غير القصة التي في الحديث الأول، وقد أخرجهما النسائي.

وثانيها: النهي عن رفع الأبصار إلى السماء في الصلاة، وقد أخرجه مسلم (1) من طريق أبي معاوية بسنده عن جابر بن سمرة، ولفظه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة، أو لا ترجع إليهم".

وأخرج أحمد (2) من طريق شعبة بسنده عن جابر بن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"أما يخشى أحدكم إذا رفع بصره وهو في الصلاة أن لا يرجع إليه بصره"، ويقرب من ذلك سياق حديث أبي هريرة عند مسلم، وسياق حديث أنس عند أبي داود.

وثالثها: النهي عن كونهم متفرقين جماعة جماعة كما عند مسلم من حديث أبي معاوية عن جابر بن سمرة قال: "ثم خرج علينا فرآنا حلقًا فقال: ما لي أراكم عزين؟ ".

وقد أخرج هذا [الحديث] الإِمام أحمد (3) من طريق شعبة بسنده عن جابر بن سمرة أنه خرج على أصحابه فقال: "ما لي أراكم عزين؟ وهم قعود".

ورابعها: الأمر بتسوية الصفوف كما تصف الملائكة، وهو ما أخرجه

(1)"صحيح مسلم"(428).

(2)

"مسند أحمد"(5/ 90).

(3)

"مسند أحمد"(5/ 93).

ص: 394

913 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ فِى صَلَاتِهِمْ؟ » ، فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِى ذَلِكَ فَقَالَ: «لَيُنْتَهَيَنَّ

===

مسلم (1) من حديث جابر بن سمرة قال: "ثم خرج علينا فقال: ألا تصفون كما تصف الملائكة"، الحديث، وكذلك أخرجه غيره.

فعلم بذلك أن بعض الرواة ذكر بعضًا منها، وترك بعضها، وآخرون منهم ترك البعض، وذكر بعضًا آخر، وكذلك بعضهم ذكر مرة بعض الحرف ولم يذكره مرة أخرى، فالزيادة التي خصها أبو داود من رواية عثمان عن جرير، وأشار إلى أن مسددًا لم يذكره عن أبي معاوية، وقد ذكر هذه الزيادة مسلم من حديث أبي بكر بن أبي شيبة وأبي كريب في حديث أبي معاوية، فمبني على أن أبا معاوية ذكرها مرة ولم يذكرها أخرى، فذكرها مرة لأبي بكر بن أبي شيبة وأبي كريب، ولم يذكرها لمسدد، وكذلك لم يذكرها مرة أخرى لأبي بكر بن أبي شيبة وأبي كريب، كما لم يذكرها لمسدد، وقد أخرجها مسلم في أول الباب، والله أعلم بالصواب.

913 -

(حدثنا مسدد، نا يحيى) بن سعيد القطان، (عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة أن أنس بن مالك حدثهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بال أقوام) المراد بالأقوام الأشخاص (يرفعون أبصارهم) إلى السماء (في صلاتهم؟ ) وفي رواية مسلم من حديث أبي هريرة: عند الدعاء (فاشتد قوله في ذلك فقال: لَيُنْتَهَيَنَّ).

قال الحافظ (2): قوله: لينتهين، كذا للمستملي والحموي بضم الياء وسكون النون وفتح المثناة والهاء [والياء] وتشديد النون على البناء للمفعول، والنون للتأكيد، وللباقين "لَيَنْتَهُنَّ" بفتح أوله وضم الهاء على البناء للفاعل، قلت: والنسخة الأولى هي عند أبي داود.

(1)"صحيح مسلم"(430).

(2)

"فتح الباري"(2/ 234).

ص: 395

عن ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ". [خ 750، ن 1191، جه 1044، حم 3/ 109، دي 1302]

914 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ، فَقَالَ:«شَغَلَتْنِى أَعْلَامُ هَذِهِ، اذْهَبُوا بِهَا إِلَى أَبِى جَهْمٍ (1) وَأْتُونِى بِأَنْبِجَانِيَّتِهِ» . [خ 752، م 556، ن 771، جه 3550]

===

(عن ذلك) أي عن رفع أبصارهم إلى السماء (أو لَتُخْطَفَنَّ أبصارهم) أو ههنا للتخيير نظير قوله تعالى: {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} (2)، أي يكون أحد الأمرين: إما المقاتلة وإما الإِسلام، واختلف في المراد بذلك، فقيل: هو وعيد، وعلى هذا فالفعل المذكور حرام، وأفرط (3) ابن حزم فقال: يبطل الصلاة، وقيل: المعنى أنه يخشى على الأبصار من الأنوار التي تنزل بها الملائكة على المصلين، أشار إلى ذلك الداودي.

914 -

(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خميصة) بفتح المعجمة وكسر الميم وبالصاد المهملة، كساء مربع من خز أو صوف له عَلَمان (لها أعلام) العَلَم رسم الثوب ورقمه (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:(شغلتني أعلام هذه)، ولفظ البخاري: شغلني، (اذهبوا بها إلى أبي جهم) هو عبيد، ويقال: عامر بن حذيفة القرشي العدوي، صحابي مشهور، وإنما خصه صلى الله عليه وسلم بإرسال الخميصة، لأنه كان أهداها (4) إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه مالك في "الموطأ".

(وأتوني بأنبجانيته) بفتح الهمزة وسكون النون وكسر الموحدة وتخفيف

(1) زاد في نسخة: "ابن حذيفة".

(2)

سورة الفتح: الآية 16.

(3)

وعند الجمهور مكروه، وظاهر الوعيد أنه حرام. "ابن رسلان". (ش).

(4)

وطلب منه الأنبجانية لئلا يؤثر الرد في قلبه. "ابن رسلان". (ش).

ص: 396

915 -

حَدَّثَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ - يَعْنِى ابْنَ أَبِى الزِّنَادِ (1) - قَالَ: سَمِعْتُ هِشَامًا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ بِهَذَا الْخَبَرِ قَالَ:"وَأَخَذَ كُرْدِيًّا كَانَ لأَبِى جَهْمٍ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْخَمِيصَةُ كَانَتْ خَيْرًا مِنَ الْكُرْدِىِّ".

===

الجيم وبعد النون ياء النسبة: كساء غليظ لا علم له، وقال ثعلب: يجوز فتح همزته وكسرها، وكذا الموحدة، يقال: كبش أنبجاني، إذا كان ملتفًا كثير الصوف، وكساء أنبجاني كذلك، وأنكر أبو موسى المديني على من زعم أنه منسوب إلى منبج البلد المعروف بالشام، وقال: الصواب أن هذه النسبة إلى موضع يقال له: أنبجان.

وأدخل البخاري هذا الحديث في "باب الالتفات"، قال الحافظ (2): ووجه دخوله في الترجمة أن أعلام الخميصة إذا لحظها المصلي وهي على عاتقه كان قريبًا من الالتفات، ولذلك خلعها معللًا بوقوع بصره على أعلامها، وسماه شغلًا عن صلاته، وكأن المصنف أشار إلى أن علة كراهة الالتفات كونه يؤثر في الخشوع كما وقع في قصة الخميصة، ويحتمل أن يكون أراد أن ما لا يستطاع دفعه معفو عنه، لأن لمح العين يغلب الإنسان، ولهذا لم يعد النبي صلى الله عليه وسلم تلك الصلاة.

915 -

(حدثنا عبيد الله بن معاذ، نا أبي، نا عبد الرحمن- يعني ابن أبي الزناد- قال: سمعت هشامًا يحدث عن أبيه) أي عروة بن الزبير، (عن عائشة بهذا الخبر) المتقدم (قال) هشام:(وأخذ) رسول الله صلى الله عليه وسلم (كرديًّا) أي رداءً كرديًّا (كان لأبي جهم، فقيل: با رسول الله الخميصة كانت خيرًا من الكردي) لأنه من أدون الثياب الغليظة.

قال الحافظ: قال ابن بطال: إنما طلب منه ثوبًا غيرها ليعلمه أنه لم يرد

(1) وفي نسخة: "أبي زناد".

(2)

"فتح الباري"(2/ 335).

ص: 397