الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(189) بَابُ كرَاهِيَّةِ الاعْتِمَادِ عَلَى الْيَدِ في الصَّلَاةِ
992 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَبُّوَيْهِ (1)
===
قال في "السعاية"(2): والوجه السادس في وقت العقد، وفيه اختلاف، فجمهور الشافعية كما يعلم من كتبهم على أنه يعقد حين يجلس، والمختار عند أصحابنا أنه يبسط أولًا، ثم يعقد عند الإشارة كما أشار إليه ابن الهمام في "فتح القدير".
وفي "تزيين العبارة": المعتمد عندنا أنه لا يعقد يمناه إلَّا عند الإشارة لاختلاف ألفاظ الحديث، وبما اخترنا يحصل الجمع بين الأدلة، فإن بعضها يدل على أن العقد من أول وضع اليد على الفخذ، وبعضها يشير إلى أن لا عقد أصلًا مع الاتفاق على تحقيق الإشارة، فاختار بعضهم أنه لا يعقد ويشير، وبعضهم أنه يعقد عند قصد الإشارة، ثم يرجع على ما كان عليه.
والصحيح المختار عند جمهور أصحابنا أن يضع كفيه على فخذيه، ثم عند وصوله إلى كلمة التوحيد يعقد الخنصر والبنصر ويحلق الوسطى والإبهام ويشير بالمسبحة رافعًا لها عند النفي واضعًا لها عند الإثبات، ثم يستمر على ذلك، لأنه ثبت العقد عند ذلك بلا خلاف، ولم يوجد أمر بتغييره، فالأصل بقاء الشيء على ما هو عليه، واستصحابه إلى آخر أمره ومآله إليه هذا، انتهى.
(189)
(بَابُ كرَاهِيَّةِ الاعْتِمَادِ عَلَى الْيَدِ في الصَّلَاةِ)
أي: في حالة القعود والنهوض، فعندنا يعتمد بيديه على ركبيه إذا نهض، وعند الشافعي يعتمد على الأرض
992 -
(حدثنا أحمد بن حنبل وأحمد بن محمد بن شبويه
(1) زاد في نسخة: "بن ثابت المروزي".
(2)
(2/ 221).
وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْغَزَّالُ قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ - أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ فِى الصَّلَاةِ وَهُوَ مُعْتَمِدٌ عَلَى يَدِهِ. (1).
وَقَالَ ابْنُ شَبُّويَةَ: نَهَى أَنْ يَعْتَمِدَ الرَّجُلُ عَلَى يَدِهِ (2) فِى الصَّلَاةِ. وَقَالَ ابْنُ رَافِعٍ: نَهَى أَنْ يُصَلِّىَ الرَّجُلُ وَهُوَ مُعْتَمِدٌ عَلَى يَدِهِ (3). وَذَكَرَهُ
===
ومحمد بن رافع ومحمد بن عبد الملك الغزال قالوا: نا عبد الرزاق، عن معمر، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم)، هذا اللفظ اتفق عليه أساتذة أبي داود، ثم بين الاختلاف بينهم.
(قال أحمد بن حنبل: أن يجلس الرجل في الصلاة وهو معتمد على يده)، فهذا السياق (4) يدل على أن النهي عن الاعتماد على اليد في حالة الجلوس، يعني إذا جلس في الصلاة سواء كان في التشهدين أو بين السجدتين، فلا يعتمد على يده.
(وقال ابن شبويه: نهى أن يعتمد الرجل على يده في الصلاة)، وهذا السياق (5) يدل على النهي عن مطلق الاعتماد على اليد في الصلاة، سواء كان في الجلوس أو النهوض.
(وقال ابن رافع: نهى أن يصلي الرجل وهو معتمد على يده، وذكره)
(1) وفي نسخة: "يديه".
(2)
وفي نسخة: "يديه".
(3)
وفي نسخة: "يديه".
(4)
والرواية الصحيحة على يديه، قال شارح "المصابيح": يعني إذا جلس لا يضع يده على الأرض بل على الركبة، انتهى. (ش).
(5)
وهو مستدل مالك في الإرسال، كما في "شرح النقاية"(1/ 178). (ش).
فِى بَابِ الرَّفْعِ مِنَ السُّجُودِ (1). وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: نَهَى أَنْ يَعْتَمِدَ الرَّجُلُ عَلَى يَدَيْهِ (2) إِذَا نَهَضَ فِى الصَّلَاةِ". [حم 2/ 147، ق 2/ 135]
===
أي ابن رافع هذا الحديث (في باب الرفع من السجود)، فلفظ الحديث وإن كان عامًّا، لكن ذكره في "باب الرفع عند السجود" يدل على أن عنده محمول على حالة النهوض من السجود.
(وقال ابن عبد الملك: نهى أن يعتمد الرجل على يديه إذا نهض في الصلاة)، وهذا يَدل على أن النهي عن الاعتماد على اليد محمول على حالة النهوض عن السجود، ولا معارضة في ذلك، فإن الاعتماد على اليد بلا عذر سواء كان في حالة الجلوس أو النهوض عن السجود مكروه عندنا.
وقد أخرج صاحب "منتقى الأخبار" هذا الحديث وحديث أم قيس بنت محصن أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسن وحمل اللحم اتخذ عمودًا في مصلاه يعتمد عليه.
وقال الشوكاني (3) في شرح هذين الحديثين: وقد سكت أبو داود والمنذري عن الكلام على حديث ابن عمر وحديث أم قيس، فهما صالحان للاحتجاج بهما كما صرح به جماعة من الأئمة، لكن حديث أم قيس هو من حديث عبد السلام بن عبد الرحمن الوابصي عن أبيه، وأبوه مجهول، والحديث الأول بجميع ألفاظه يدل على كراهة الاعتماد على اليدين عند الجلوس وعند النهوض، وفي مطلق الصلاة، وظاهر النهي التحريم، وإذا كان الاعتماد على اليد كذلك فعلى غيرها بالأولى، وحديث أم قيس يدل على جواز الاعتماد على العمود والعصا ونحوهما، لكن مقيدًا بالعذر المذكور وهي الكبر وكثرة اللحم، ويلحق بهما الضعف والمرض ونحوهما، فيكون النهي محمولًا على عدم العذر
…
إلخ.
(1) وفي نسخة: "السجدة".
(2)
وفي نسخة: "يده".
(3)
"نيل الأوطار"(2/ 390).
993 -
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ (1) ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ قال:"سَأَلْتُ نَافِعًا عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّى وَهُوَ مُشَبِّكٌ يَدَيْهِ (2). قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: تِلْكَ صَلَاةُ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ".
===
فما وقع في البخاري من حديث أيوب السختياني عن أبي قلابة، ولفظه "فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية جلس واعتمد على الأرض، ثم قام" فمحمول على حالة العذر، فإنه قد ثبت عن أكابر الصحابة ترك جلسة الاستراحة.
وقال مولانا الشيخ عبد الحي اللكهنوي في "السعاية"(3) بعد ما نقل عن أكابر الصحابة ترك جلسة الاستراحة عن علي وابن مسعود وابن الزبير وعمرو وابن عباس وأبي سعيد الخدري: ونقل العلامة قاسم في "الأسوس في كيفية الجلوس" عن "شرح هداية أبي الخطاب" للعلَّامة محب الدين عبد السلام بن تيمية: أن الصحابة قد أجمعوا على ترك جلسة الاستراحة، فلا جرم يحمل حديث مالك على العذر، انتهى.
وفي "شرح المواهب"(4) للزرقاني: قد تمسك من لم يقل باستحبابها بحديث: "لا تبادروني بالقيام والقعود، فإني قد بدنت"، فدل أنه كان يفعله لهذا السبب، فلا تشرع إلَّا في حق من اتفق له نحو ذلك.
993 -
(حدثنا بشر بن هلال) الصواف، أبو محمد النميرى بضم النون، ثقة، (نا عبد الوارث، عن إسماعيل بن أمية قال: سألت نافعًا عن الرجل يصلي وهو مشبك يديه) أي مدخل أصابع إحدى اليدين في أصابع اليد الأخرى (قال) أي نافع: (قال ابن عمر: تلك صلاة المغضوب عليهم).
(1) زاد في نسخة: "الصواف".
(2)
وفي نسخة: "يده".
(3)
(2/ 211).
(4)
(10/ 370).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وقد أخرج الإمام أحمد (1) من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان أحدكم في المسجد فلا يشبكن، فإن التشبيك (2) من الشيطان".
قال الشوكاني (3): وقد اختلف في الحكمة في النهي عن التشبيك في المسجد كما في حديث أبي سعيد، وفي غيره كما في حديث كعب بن عجرة، فقيل: لما فيه من العبث، وفيه هن التشبه بالشيطان، وقيل: لدلالة الشيطان على ذلك، وجعل بعضهم ذلك دالًّا على تشبيك الأحوال.
قال ابن العربي (4): وقد شاهدت رجلًا كان يكره رؤية ذلك ويقول: فيه تطير في تشبيك الأحوال على المرء، وظاهر النهي عن التشبيك التحريم لولا حديث ذي اليدين الذي سيشير إليه المصنف قريبًا، وظاهره نهي من كان في المسجد عن التشبيك، سواء كان في صلاة أم لا، كما جزم به النووي في "التهذيب"، انتهى.
قلت: وعند الحنفية التشبيك مكروه في الصلاة، ولمن كان منتظرًا لصلاة أو ماشيًا إليها.
قال في "الدر المختار"(5) في المكروهات: وفرقعة الأصابع وتشبيكها ولو منتظرًا لصلاة أو ماشيًا إليها للنهي، وقال الشامى: ونقل في "المعراج" الإجماع على كراهة الفرقعة والتشبيك في الصلاة، وينبغي أن تكون تحريمية للنهي المذكور "حلية" و"بحر".
(1)"مسند أحمد"(3/ 43).
(2)
وقيل: لما أنه يجلب النوم، أو يشير إلى الاختلاف. "ابن رسلان". (ش).
(3)
"نيل الأوطار"(2/ 386).
(4)
"عارضة الأحوذي"(2/ 178).
(5)
(2/ 493).
994 -
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِى الزَّرْقَاءِ، حَدَّثَنَا أَبِى. (ح): وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ - وَهَذَا لَفْظُهُ - جَمِيعًا، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:"أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً يَتَّكِئُ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى وَهُوَ قَاعِدٌ فِى الصَّلَاةِ - وَقَالَ هَارُونُ بْنُ زَيْدٍ: سَاقِطًا (1) عَلَى شِقِّهِ الأَيْسَرِ، ثُمَّ اتَّفَقَا - فَقَالَ لَهُ: لَا تَجْلِسْ هَكَذَا، فَإِنَّ هَكَذَا يَجْلِسُ الَّذِينَ يُعَذَّبُونَ". [حم 2/ 116]
===
قلت: فقول ابن عمر: تلك صلاة المغضوب عليهم لعله إشارة إلى أن الصلاة بالتشبيك صلاة اليهود وهم المغضوب عليهم، فلا تشبهوا بهم، فنهاهم عن التشبيك في الصلاة للتشبه بهم.
994 -
(حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء) التغلبي، أبو محمد الموصلي، نزيل الرملة، وثَّقه مسلمة بن قاسم، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال النسائي: لا بأس به، (نا أبي) زيد بن أبي الزرقاء، واسم أبي الزرقاء يزيد، (ح: ونا محمد بن سلمة، نا ابن وهب، وهذا لفظه) أي لفظ ابن وهب (جميعًا) أي زيد بن أبي الزرقاء وابن وهيب يرويان جميعًا، (عن هشام بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر: أنه رأى رجلًا يتكئ على يده اليسرى وهو قاعد في الصلاة، وقال هارون بن زيد: ساقطًا على شقه الأيسر، ثم اتفقا) أي هارون بن زيد ومحمد بن سلمة (فقال) أي ابن عمر (له) أي للرجل المتكئ على يده: (لا تجلس (2) هكذا) أي متكئًا على يدك (فإن هكذا يجلس الذين يعذبون) في جهنم للاستراحة، فلا يجوز التشبه بأهل النار.
(1) وفي نسخة: "ساقط".
(2)
يحتمل أن يكون التشبيه على الشق الأيسر أو الاتكاء هكذا أو كلاهما. "ابن رسلان". (ش).