المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث:تحرير عود ما يسلب الضبطإلى سوء حفظ الراوي - تحرير علوم الحديث - جـ ١

[عبد الله الجديع]

فهرس الكتاب

- ‌مدخل:مقدمات تعريفية

- ‌المبحث الأول:علم الحديث: تعريفه، تاريخه، أقسامه

- ‌1 _ تعريف علم الحديث:

- ‌2 _ تاريخ علم الحديث:

- ‌3 _ تقسيم علوم الحديث:

- ‌المبحث الثاني:ألقاب الحديث من جهة من يضاف إليه

- ‌1_ الحديث المرفوع:

- ‌مسائل:

- ‌المسألة الثالثة: قول الصحابي: (قال: قال)

- ‌المسألة السابعة: حكم تفسير الصحابي للقرآن

- ‌المسألة الثامنة: الحديث القدسيُّ

- ‌2 _ الحديث الموقوف:

- ‌3 _ الحديث المقطوع:

- ‌المبحث الثالث:ألقاب الحديث باعتبار تعدد الأسانيد

- ‌القسم الأول: الحديث المتواتر

- ‌تقسيم الحديث المتواتر بحسب صِيغته:

- ‌ المتواتر اللفظي

- ‌ المتواتر المعنوي

- ‌القسم الثاني: حديث الآحاد

- ‌النوع الأول: الحديث المشهور

- ‌النوع الثاني: الحديث العزيز

- ‌النوع الثالث: الحديث الغريب

- ‌حجية خبر الواحد الصحيح:

- ‌المبحث الرابع:المتابعات والشواهد

- ‌المبحث الخامس:لطائف الإسناد

- ‌العالي والنازل:

- ‌القسم الأول:تحرير أركان النظر في الحديث

- ‌الباب الأول:تحليل الإسناد

- ‌الفصل الأول:تمييز النقلة

- ‌المبحث الأول:الطريق إلى تمييز الراوي

- ‌المبحث الثاني:تمييز الراوي بما يعرف به من اسم وكنية ونسب ولقب وصفة أخرى

- ‌الدلالة الأولى: تمييز الأسماء

- ‌الدلالة الثانية: تمييز الكنى

- ‌الدلالة الثالثة: تمييز الأنساب

- ‌الدلالة الرابعة: تمييز الألقاب

- ‌حكم استعمال ألقاب المحدثين في دراسة الأسانيد:

- ‌الدلالة الخامسة: تمييز الأبناء

- ‌الدلالة السادسة: تمييز النساء

- ‌المبحث الثالث:تميز الراوي بمعرفة شيوخه وتلاميذه وطبقته

- ‌الفرع الأول: تمييز الشيوخ والتلاميذ

- ‌1 _ رواية الآباء عن الأبناء

- ‌2 _ رواية الأكابر عن الأصاغر

- ‌3 _ رواية الأقران:

- ‌4 _ رواية السابق واللاحق:

- ‌الفرع الثاني تميز طبقات الرواة

- ‌الطرف الأول: تمييز مواليد الرواة

- ‌الطرف الثاني: تمييز وفيات الرواة

- ‌فوائد معرفة الطبقات:

- ‌تقسيم الطبقات:

- ‌المبحث الخامس:تفسير طبقة الصحابة

- ‌كيف تثبت الصحبة

- ‌من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير

- ‌ هل للصحابة عدد محصور

- ‌المبحث السادس:تمييز المشتبه من أسماء الرواة

- ‌ التشابه في الرسم

- ‌ الاشتراك

- ‌الفصل الثاني:اتصال الإسناد

- ‌المبحث الأول:الصيغة الصريحة بالسماع

- ‌شرط قبول صيغة السماع:

- ‌المبحث الثاني:الصيغة الصريحة بالاتصال بغير لفظ السماع وما في معناه

- ‌القسم الأول: القراءة على الشيخ

- ‌القسم الثاني: الإجازة

- ‌القسم الثالث: الوجادة

- ‌حكم التحديث وجادة في الصحة والضعف:

- ‌المبحث الثالث:صيغة العنعنة وما يجري مجراها

- ‌المبحث الرابع:مسائل متفرقة في اتصال الإسناد

- ‌المسألة الثانية:رموز صيغ الأداء

- ‌المسألة الرابعة:المرسل إذا علمت فيه الواسطة

- ‌الباب الثانينقد النقلة

- ‌الفصل الأولحكم نقد النقلةوصفة الناقد

- ‌المبحث الأول:حكم نقد الراوي

- ‌المبحث الثاني:صفة الناقد

- ‌المبحث الثالث:نماذج لأعيان من يعتمد قوله في نقد الرواة

- ‌الفصل الثانيتفسير التعديل

- ‌المبحث الأول:معنى العدالة

- ‌لا يصلح عد الصغائر مفسقات

- ‌المبحث الثاني:الدليل على اشتراط عدالة الناقل لقبول خبره

- ‌المبحث الثالث:طريق إثبات عدالة الراوي

- ‌ مسائل:

- ‌المسألة الأولى: هل ارتفاع الجهالة إثبات للعدالة

- ‌المسألة الثانية: معنى وصف الراوي بالشهرة

- ‌المبحث الرابع:معنى الضبط

- ‌النوع الأول: حفظ الصدر

- ‌كيف يثبت حفظ الراوي

- ‌النوع الثاني: حفظ الكتاب

- ‌المبحث الخامس:كيف يعرف الضبط

- ‌المبحث السادس:حكم تحمل الحديث في الصغر

- ‌المبحث السابع:حكم الرواية بالمعنى

- ‌المذهب الأول: جواز الرواية بالمعنى

- ‌المذهب الثاني: التمسك باللفظ

- ‌ مسائل:

- ‌المسألة الثالثة: إحالة الرواية على سياق مذكور:

- ‌المبحث الثامن:مسائل متممة لركن الضبط

- ‌المسألة الثانية: حكم رواية الضرير

- ‌المبحث التاسع:أصول في تعديل الرواة

- ‌الأصل الثاني: هل يتوقف قبول التعديل على العلم بأسبابه

- ‌الأصل الخامس: درجات العدول متفاوتة

- ‌الأصل السادس: هل رواية الثقة عن رجل تعديل له

- ‌الأصل السابع: تصحيح الناقد لإسناد حديث، هل يفيد تعديلاً منه لرواته

- ‌ عمل الناقد بحديث الراوي، وذهابه إلى مقتضاه

- ‌الأصل التاسع: قول الناقد: (إن كان هذا فلاناً فهو ثقة)

- ‌الأصل العاشر: أكثر رواة العلم ثقات

- ‌المبحث العاشر:تحرير القول في تعديل جماعةمن المتقدمين تنازعهم الناس

- ‌طريقة العجلي:

- ‌طريقة أبي بكر بن خزيمة:

- ‌طريقة ابن حبان:

- ‌طريقة الحاكم النيسابوري:

- ‌طريقة ابن عبد البر:

- ‌المبحث الحادي عشر:تحرير القول في عدالة الصحابة

- ‌ضبط الصحابي:

- ‌مسائل في عدالة الصحابة:

- ‌المسألة الأولى: الرجل يختلف في صحبته، فيقدح فيه بعض من لا يثبتها له:

- ‌المسألة الثالثة: تحرير القول في جهالة الصحابي

- ‌الفصل الثالثتفسير الجرح

- ‌تمهيد:في معنى الجرح

- ‌المبحث الأول:صور الجرح غير المؤثر

- ‌الصور الأولى: استعمال المباحات، أو ما يختلف فيه الاجتهاد حلاًّ وحرمة

- ‌الصورة الثانية: ما يعود الجرح فيه إلى طريق التلقي، والجارح اعتمد فيه المذهب المرجوح

- ‌الصورة الثالثة: الجرح بسبب التحمل في الصغر

- ‌الصورة الرابعة: ما يعود إلى جحد الشيخ أن يكون حدث بالحديث، أو تركه القول بمقتضاه

- ‌الصورة الخامسة: الرواية عن المجروحين والمجهولين

- ‌الصورة السادسة: الجرح والتدليس

- ‌المبحث الثاني:تحرير القول فيما يسلب العدالة

- ‌السبب الأول: الفسق

- ‌السبب الثاني: الكذب، والتهمة به

- ‌أثر التوبة من الكذب في الحديث:

- ‌الكذب في حديث الناس:

- ‌كتابة أحاديث الكذابين والمتهمين بالكذب للتمييز:

- ‌السبب الثالث: سرقة الحديث

- ‌السبب الرابع: البدعة

- ‌مذاهب أهل العلم في رد حديث أهل البدع أو قبوله:

- ‌السبب الخامس: الجهالة

- ‌المبحث الثالث:تحرير عود ما يسلب الضبطإلى سوء حفظ الراوي

- ‌القسم الأول: الوهم والغلط بمقتضى الجبلة

- ‌الوهم والغلط يقع بأسباب:

- ‌أولها: المخالفة في الأسانيد

- ‌ثانيها: وصل المراسيل

- ‌ثالثها: رفع الموقوف

- ‌رابعها: الجمع بين الرواة في سياق واحد وحمل حديث بعضهم على بعض

- ‌خامسها: قبول التلقين

- ‌سادسها: التصحيف إذا حدث من كتبه

- ‌القسم الثاني: ما يرجع من سوء الحفظإلى تساهل الراوي

- ‌المبحث الرابع:متى يترك حديث الراوي

- ‌المبحث الخامس:درجات سوء الحفظ

- ‌المبحث السادس:مسائل تتصل بالجرح بسوء الحفظ

- ‌المبحث السابع:أصول في جرح الرواة

- ‌الفصل الرابعتفسير الجهالة

- ‌المبحث الأول:من هو الراوي المجهول

- ‌القسم الأول: جهالة عين

- ‌القسم الثاني: جهالة حال

- ‌المبحث الثاني:جهالة الراوي سبب لرد حديثه

- ‌المبحث الثالث:أصول في الراوي المجهول

- ‌المبحث الرابع:تحرير القول في الرواة المسكوت عنهم

- ‌الفصل الخامستعارض الجرح والتعديل

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول:مقدمات ضرورية لتحقيق القولفي الراوي المختلف فيه

- ‌المقدمة الأولى: أهلية الناقد لقبول قوله

- ‌المقدمة الثانية: التحقق من ثبوت الجرح أو التعديل عن الناقد المعين

- ‌المقدمة الثالثة: منع قبول صيغة الجرح أو التعديل التي لا تنسب إلى ناقد معين

- ‌المقدمة الرابعة: مراعاة ميول الناقد المذهبية في القدح في النقلة

- ‌المقدمة الخامسة: اعتبار بشرية الناقد في تأثيرها في إطلاق الجرح أو التعديل

- ‌المقدمة السادسة: وجوب اعتبار مرتبة الناقد مقارنة بمخالفة

- ‌المقدمة السابعة: ملاحظة مذهب الناقد فيما يراه جرحاً، ومذهبه فيه مرجوح

- ‌المقدمة الثامنة: التحقق من آخر قولي أو أقوال الناقد في الراوي، إن كان قد اختلف عليه

- ‌المقدمة التاسعة: مراعاة دلالة ألفاظ الجرح والتعديل

- ‌المقدمة العاشرة: التحقق من كون العبارة المعينة قيلت من قبل الناقد في ذلك الشخص المعين

- ‌المقدمة الحادية عشرة: التحقق من لفظ المنقولة عن الناقد

- ‌المقدمة الثانية عشرة: التيقظ إلى ما يقع أحياناً من المبالغة في صيغة النقد

- ‌المقدمة الثالثة عشرة: قد تطلق العبارة لا يراد ظاهرها

- ‌المبحث الثاني:تحرير منع تقديم الجرح على التعديل إلا بشروط

- ‌الشرط الأول:أن يكون مفسراً، ولو من ناقد واحد

- ‌الشرط الثاني:أن يكون جرحاً بما هو جارح

- ‌الشرط الثالث:أن لا يكون الجرح مردوداً من ناقد آخر بحجة

- ‌المبحث الثالث:تنبيهات حول تعارض الجرح والتعديل

- ‌التنبيه الأول: ترك التعديل عند ظهور الجرح لا يقدح في شخص المعدل أو علمه

- ‌التنبيه الثاني: الجرح لمن استقرت عدالته وثبتت إمامته مردود

- ‌التنبيه الثالث: تقديم الجرح عند اجتماع الشروط لا يلزم منه السقوط بالراوي

- ‌التنبيه الخامس: الراوي يختلف فيه جرحاً وتعديلاً، وهو قليل الحديث

- ‌الفصل السادسمراتب الرواةوتفسير عبارات الجرح والتعديل

- ‌المبحث الأول:مراتب الرواة

- ‌المرتبة الأولى: الاحتجاج

- ‌المرتبة الثانية: الاعتبار

- ‌المرتبة الثالثة: السقوط

- ‌المبحث الثاني:تفسير عبارات الجرح والتعديل

الفصل: ‌المبحث الثالث:تحرير عود ما يسلب الضبطإلى سوء حفظ الراوي

‌المبحث الثالث:

تحرير عود ما يسلب الضبط

إلى سوء حفظ الراوي

يقع سلب الضبط عن الراوي بسبب سوء حفظه، سلباً كلياً أو جزئياً.

وهذا في الجملة قسمان:

أولهما: فساد الضبط إلى حد أن يكون الراوي متروك الحديث، وقد يكون علامة عند بعض النقاد على سوء الظن به، واتهامه بالكذب بما ينتقل به القدح إلى عدالته.

وثانيهما: اختلال الضبط جزئياً، فيثبت على الراوي الوهم في بعض ما يرويه، فإن كثر رجح به إلى جانب الرد دون القدح في أصل عدالته وصدقه، فيبقيه في إطار من يعتبر به عند الموافقة، وربما نزل به عن درجة المتقنين، دون النزول به عن درجة القبول، لكنه يكون في مرتبة دنيا منه.

وهذا قد يتميز منه أن سلب الضبط وقع للراوي في حال دون حال، وتميز ذلك من أمره، فهو مجروح به في الحال المتميز، عدل مقبول فيما سواه، كمن ضبط عن بعض الشيوخ دون آخرين، وكالمختلط فيما حدث به بعد اختلاطه وقبله.

ص: 412

وسوء الحفظ لا ينافي الصدق في الأصل.

ومراجعة إلى الغفلة وضعف تيقظ الراوي.

وتارة تكون الغفلة طبعاً فيه، وتارة عارضة لعدم الاعتناء بالمحفوظ، وتأثير عوارض أخرى عليه، كالاشتغال بالعبادة دون العلم، أو ترك بثه في أهله، أو الانشغال بالدنيا، أو تقدم السن، أو لغير ذلك.

وكثير من ذلك في المنسوبين للصلاح والتعبد، حتى ربما حدثوا بالموضوع والكذب، يجري على ألسنتهم دون تعمد، وربما كان أحدهم سمع بعض الحديث، فيحمل إسناد هذا على حديث هذا، وحديث هذا على إسناد هذا، ويحدث على التوهم عن الرجل بما ليس من حديثه، وربما ألصق كلاماً حسناً بإسناد معروف، ليس ذلك الإسناد من ذلك الكلام في شيء، وربما أدخل عليه ما ليس من حديثه وهو لا يعلم فيحدث به على أنه من حديثه، وهكذا.

لذا كان أبو الزناد عبد الله بن ذكوان يقول: " أدركت بالمدينة مئة، كلهم مأمون، ما يؤخذ عنهم الحديث، يقال: ليس من أهله "(1).

وكذلك قال مالك بن أنس: " لقد أدركت في هذا البلد _ يعني المدينة _ مشيخة، لهم فضل وصلاح وعبادة، يحدثون، ما سمعت من أحد منهم حديثاً قط "، قيل له: ولم يا أبا عبد الله؟ قال: " لم يكونوا يعرفون ما يحدثون ".

وعن حماد بن زيد: أن فرقداً (يعني السبخي) ذكر عند أيوب (يعني السختياني)، فقال:" لم يكن صاحب حديث، وكان متقشفاً، لا يقيد علماً، ذاك لون، والبصر بالعلم لون آخر ".

(1) هذا الأثر والآثار الثلاثة التالية كلُّها صحيحة، تقدم تخريجها في (المبحث الرابع) من مباحث (التعديل) عند بيان (معنى الضبط).

ص: 413

وقال عمرو الناقد: سأل رجل وكيعاً (يعني ابن الجراح)، قال: يا أبا سفيان، تعرف حديث سعيد بن عبيد الطائي عن الشعبي في رجل حج عن غيره، ثم حج عن نفسه؟ فقال:" من يرويه؟ "، قلت: وهب بن إسماعيل، قال:" ذاك رجل صالح، وللحديث رجال ".

وكان يحيى بن سعيد القطان يقول: " ما رأيت الكذب في أحد، أكثر منه فيمن ينسب إلى الخير ". وفي لفظ: " لم نر الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث "(1).

قال الإمام مسلم: " يجري الكذب على لسانهم، ولا يتعمدون الكذب "(2).

وعلل يحيى القطان نفسه مرة بعلة أخرى غير ما قاله مسلم، فقال:" لأنهم يكتبون عن كل من يلقون، لا تمييز لهم فيه "(3).

قلت: يعني يحيى أنهم يحدثون بالكذب الواقع من غير جهتهم، وكلا العلتين صحيحتان.

وكان يحيى القطان يقول كذلك: " رب صالح لو لم يحدث كان خيراً له، إنما هو أمانة، إنما هو تأدية، الأمانة في الذهب والفضة أيسر منه في الحديث "(4).

ومن أمثلته:

(ثابت بن محمد الزاهد)، قال ابن عدي: " هو ممن لا يتعمد

(1) أخرجه مسلم في " مقدمته "(1/ 17) وعبد الله بن أحمد في " العلل ومعرفة الرجال "(النص: 2988 _ 2990) والعُقيلي في " الضعفاء "(1/ 14) وابنُ عدي في " الكامل "(1/ 246) وابنُ حِبان في " المجروحين "(1/ 67) والحاكم في " المدخل إلى الإكليل "(ص: 54) والخطيب في " الجامع لأخلاق الراوي "(رقم: 167، 1607) وابنُ عبد البر في " التمهيد "(1/ 52) وإسناده صحيح.

(2)

مقدمة صحيح مُسلم (1/ 18).

(3)

أخرجه الخليلي في " الإرشاد "(1/ 171 _ 172) وإسناده جيد.

(4)

أخرجه الجوزجاني في " أحوال الرجال "(ص: 37) وإسناده صحيح.

ص: 414

الكذب، ولعله يخطئ، وفي أحاديثه ما يشتبه عليه فيرويه حسب ما يستحسنه، والزهاد والصالحون كثيراً ما يشتبه عليهم فيروونا على حسن نياتهم " (1).

و (رواد بن الجراح)، قال ابن عدي:" كان شيخاً صالحاً، وفي حديث الصالحين بعض النكرة "(2).

و (سلم بن ميمون الخواص)، قال ابن عدي:" روى عن جماعة ثقات ما لا يتابعه الثقات عليه: أسانيدها ومتونها "، ثم فسر فقال:" هو في عداد المتصوفة الكبار، وليس الحديث من عمله، ولعله كان يقصد أن يصيب فيخطئ في الإسناد والمتن؛ لأنه لم يكن من عمله "(3).

و (زكريا بن يحيى الوقار)، قال ابن عدي:" سمعت مشايخ أهل مصر يثنون عليه في باب العبادة والاجتهاد والفضل، وله حديث كثير، بعضها مستقيمة، وبعضها ما ذكرت وغير ما ذكرت موضوعات، وكان يتهم الوقار بوضعها؛ لأنه يروي عن قوم ثقات أحاديث موضوعات، والصالحون قد رسموا بهذا الرسم أن يرووا في فضائل الأعمال أحاديث موضوعة بواطيل، ويتهم جماعة منهم بوضعها "(4).

ومثال من كانت الغفلة طبعه، حتى ربما حدث بالكذب وهو لا يدري: ذاك الواسطي الذي أخبر بقصته الحافظ يزيد بن هارون، قال: " كان بواسط رجل يروي عن أنس بن مالك أحرفاً، ثم قيل: إنه أخرج كتاباً عن أنس، فأتيناه فقلنا له: هل عندك سوى تلك الأحرف؟ فقال: نعم، عندي كتاب عن أنس، فقلنا: أخرجه إلينا، فأخرجه إلينا، فنظرنا فيه، فإذا هي

(1) الكامل (2/ 301).

(2)

الكامل (4/ 120).

(3)

الكامل (4/ 350، 351).

(4)

الكامل (4/ 176).

ص: 415

أحاديثك شريك بن عبد الله النخعي، فجعل يقول: حدثنا أنس بن مالك، فقلنا له: هذه أحاديث شريك، فقال: صدقتم، حدثنا أنس بن مالك عن شريك "، قال: " فأفسد علينا تلك الأحرف التي سمعناها منه، وقمنا عنه " (1).

قلت: فهذا الشيخ إنما أتي من غفلته وجهله، فأين شريك من أنس، فأنس صحابي توفي سنة (92)، وشريك من أتباع التابعين ولد سنة (95) ، فكيف روى أنس عن شريك؟!

ومن هؤلاء (محاضر بن المورع)، قال أبو سعيد أحمد بن داود الحداد الواسطي (وكان ثقة):" محاضراً لا يحسن أن يصدق، فكيف يحسن أن يكذب! كنا نوقفه على الخطأ في كتابه، فإذا بلغ الموضوع أخطأ "(2).

وقال أحمد بن حنبل: " سمعت منه أحاديث، لم يكن من أصحاب الحديث، كان مغفلاً جداً "(3).

ومنهم: (عبد الله بن صالح كاتب الليث بن سعد)، قال أبو حاتم الرازي:" الأحاديث التي أخرجها أبو صالح في آخره عمره التي أنكروا عليه نرى أن هذا مما افتعل خالد بن نجيح، وكان أبو صالح يصحبه، وكان سليم الناحية، وكان خالد بن نجيح يفتعل الحديث ويضعفه في كتب الناس، ولم يكن وزن أبي صالح وزن الكذب، كان رجلاً صالحاً "(4).

ومنهم (سفيان بن وكيع بن الجراح)، قال أبو حاتم الرازي: " دخلت

(1) أخرجه ابنُ حبان في " المجروحين "(1/ 70 _ 71) بإسناد جيد، ونحوه في " المدخل إلى الإكليل " للحاكم (ص: 60).

(2)

سؤالات الآجري لأبي داود (النص: 126).

(3)

العلل ومعرفة الرجال (النص: 4110).

(4)

الجرح والتعديل (2/ 2 / 87).

ص: 416

الكوفة، فحضرني أصحاب الحديث، وقد تعلقوا بوراق سفيان بن وكيع، فقالوا: أفسدت علينا شيخنا وابن شيخنا، قال: فبعثت إلى سفيان بتلك الأحاديث التي أدخلها عليه وراقة يرجع عنها، فلم يرجع عنها، فتركته " (1).

وهذه الحال قد تبلغ بإنسان حد الترك لحديثه في نظر بعض الأئمة، وذلك بحسب أثر ذلك على ما روى، كما قال أبو بكر بن أبي شيبة في (مصعب بن سلام التميمي):" تركنا حديثه، وذلك أنه جعل يملي علينا عن شعبة أحاديث: حدثنا شعبة، حدثنا شعبة، فذهبت إلى وكيع فألقيتها عليه، قال: من حدثك بهذا؟ فقلت: شيخ ههنا، قال: هذه الأحاديث كلها حدثنا بها الحسن بن عمارة، فإذا الشيخ قد نسخ حديث الحسن بن عمارة في حديث شعبة "(2).

وهذا ذكر يحيى بن معين أنه قد رجع عنه (3)، لكنه ينبئ أن بعض النقلة لم يكن يميز، وهذا الرجل له حديث حسن من روايته عن غير شعبة إذ هو صدوق في الأصل، وما وقع منه من قلب فيما ذكروه من روايته عن شعبة أو الزبرقان السراج فإنه لا يسقطه جملة، إنما تبين أن ما حدث به عن غيرهما فيه المحفوظ، على أنه لا ينبغي أن يحتج به لذاته، بل يكتب حديثه للاعتبار.

ومن هؤلاء من لم يكن يفهم ما الحديث، فكان يؤتى من جهله:

قال أبو حاتم الرازي في (عقيل الجعدي): " منكر الحديث، ذاهب، ويشبه أن يكون أعرابياً، إذ روى عن الحسن البصري، قال: دخلت على سلمان الفارسي، فلا يحتاج أن يسأل عنه "(4).

(1) أخرجه الحاكم في " المدخل إلى الإكليل "(ص: 67) ومن طريقه: الخطيب في " الكفاية "(ص: 237)، ومعناه في " الجرح والتعديل "(2/ 1 / 231 _ 232).

(2)

معرفة الرجال، رواية ابن مُحرز (2/ 213).

(3)

انظر: سؤالات ابن الجنيد (النص: 253).

(4)

الجرح والتعديل (3/ 1 / 219).

ص: 417