المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني:الدليل على اشتراط عدالة الناقل لقبول خبره - تحرير علوم الحديث - جـ ١

[عبد الله الجديع]

فهرس الكتاب

- ‌مدخل:مقدمات تعريفية

- ‌المبحث الأول:علم الحديث: تعريفه، تاريخه، أقسامه

- ‌1 _ تعريف علم الحديث:

- ‌2 _ تاريخ علم الحديث:

- ‌3 _ تقسيم علوم الحديث:

- ‌المبحث الثاني:ألقاب الحديث من جهة من يضاف إليه

- ‌1_ الحديث المرفوع:

- ‌مسائل:

- ‌المسألة الثالثة: قول الصحابي: (قال: قال)

- ‌المسألة السابعة: حكم تفسير الصحابي للقرآن

- ‌المسألة الثامنة: الحديث القدسيُّ

- ‌2 _ الحديث الموقوف:

- ‌3 _ الحديث المقطوع:

- ‌المبحث الثالث:ألقاب الحديث باعتبار تعدد الأسانيد

- ‌القسم الأول: الحديث المتواتر

- ‌تقسيم الحديث المتواتر بحسب صِيغته:

- ‌ المتواتر اللفظي

- ‌ المتواتر المعنوي

- ‌القسم الثاني: حديث الآحاد

- ‌النوع الأول: الحديث المشهور

- ‌النوع الثاني: الحديث العزيز

- ‌النوع الثالث: الحديث الغريب

- ‌حجية خبر الواحد الصحيح:

- ‌المبحث الرابع:المتابعات والشواهد

- ‌المبحث الخامس:لطائف الإسناد

- ‌العالي والنازل:

- ‌القسم الأول:تحرير أركان النظر في الحديث

- ‌الباب الأول:تحليل الإسناد

- ‌الفصل الأول:تمييز النقلة

- ‌المبحث الأول:الطريق إلى تمييز الراوي

- ‌المبحث الثاني:تمييز الراوي بما يعرف به من اسم وكنية ونسب ولقب وصفة أخرى

- ‌الدلالة الأولى: تمييز الأسماء

- ‌الدلالة الثانية: تمييز الكنى

- ‌الدلالة الثالثة: تمييز الأنساب

- ‌الدلالة الرابعة: تمييز الألقاب

- ‌حكم استعمال ألقاب المحدثين في دراسة الأسانيد:

- ‌الدلالة الخامسة: تمييز الأبناء

- ‌الدلالة السادسة: تمييز النساء

- ‌المبحث الثالث:تميز الراوي بمعرفة شيوخه وتلاميذه وطبقته

- ‌الفرع الأول: تمييز الشيوخ والتلاميذ

- ‌1 _ رواية الآباء عن الأبناء

- ‌2 _ رواية الأكابر عن الأصاغر

- ‌3 _ رواية الأقران:

- ‌4 _ رواية السابق واللاحق:

- ‌الفرع الثاني تميز طبقات الرواة

- ‌الطرف الأول: تمييز مواليد الرواة

- ‌الطرف الثاني: تمييز وفيات الرواة

- ‌فوائد معرفة الطبقات:

- ‌تقسيم الطبقات:

- ‌المبحث الخامس:تفسير طبقة الصحابة

- ‌كيف تثبت الصحبة

- ‌من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير

- ‌ هل للصحابة عدد محصور

- ‌المبحث السادس:تمييز المشتبه من أسماء الرواة

- ‌ التشابه في الرسم

- ‌ الاشتراك

- ‌الفصل الثاني:اتصال الإسناد

- ‌المبحث الأول:الصيغة الصريحة بالسماع

- ‌شرط قبول صيغة السماع:

- ‌المبحث الثاني:الصيغة الصريحة بالاتصال بغير لفظ السماع وما في معناه

- ‌القسم الأول: القراءة على الشيخ

- ‌القسم الثاني: الإجازة

- ‌القسم الثالث: الوجادة

- ‌حكم التحديث وجادة في الصحة والضعف:

- ‌المبحث الثالث:صيغة العنعنة وما يجري مجراها

- ‌المبحث الرابع:مسائل متفرقة في اتصال الإسناد

- ‌المسألة الثانية:رموز صيغ الأداء

- ‌المسألة الرابعة:المرسل إذا علمت فيه الواسطة

- ‌الباب الثانينقد النقلة

- ‌الفصل الأولحكم نقد النقلةوصفة الناقد

- ‌المبحث الأول:حكم نقد الراوي

- ‌المبحث الثاني:صفة الناقد

- ‌المبحث الثالث:نماذج لأعيان من يعتمد قوله في نقد الرواة

- ‌الفصل الثانيتفسير التعديل

- ‌المبحث الأول:معنى العدالة

- ‌لا يصلح عد الصغائر مفسقات

- ‌المبحث الثاني:الدليل على اشتراط عدالة الناقل لقبول خبره

- ‌المبحث الثالث:طريق إثبات عدالة الراوي

- ‌ مسائل:

- ‌المسألة الأولى: هل ارتفاع الجهالة إثبات للعدالة

- ‌المسألة الثانية: معنى وصف الراوي بالشهرة

- ‌المبحث الرابع:معنى الضبط

- ‌النوع الأول: حفظ الصدر

- ‌كيف يثبت حفظ الراوي

- ‌النوع الثاني: حفظ الكتاب

- ‌المبحث الخامس:كيف يعرف الضبط

- ‌المبحث السادس:حكم تحمل الحديث في الصغر

- ‌المبحث السابع:حكم الرواية بالمعنى

- ‌المذهب الأول: جواز الرواية بالمعنى

- ‌المذهب الثاني: التمسك باللفظ

- ‌ مسائل:

- ‌المسألة الثالثة: إحالة الرواية على سياق مذكور:

- ‌المبحث الثامن:مسائل متممة لركن الضبط

- ‌المسألة الثانية: حكم رواية الضرير

- ‌المبحث التاسع:أصول في تعديل الرواة

- ‌الأصل الثاني: هل يتوقف قبول التعديل على العلم بأسبابه

- ‌الأصل الخامس: درجات العدول متفاوتة

- ‌الأصل السادس: هل رواية الثقة عن رجل تعديل له

- ‌الأصل السابع: تصحيح الناقد لإسناد حديث، هل يفيد تعديلاً منه لرواته

- ‌ عمل الناقد بحديث الراوي، وذهابه إلى مقتضاه

- ‌الأصل التاسع: قول الناقد: (إن كان هذا فلاناً فهو ثقة)

- ‌الأصل العاشر: أكثر رواة العلم ثقات

- ‌المبحث العاشر:تحرير القول في تعديل جماعةمن المتقدمين تنازعهم الناس

- ‌طريقة العجلي:

- ‌طريقة أبي بكر بن خزيمة:

- ‌طريقة ابن حبان:

- ‌طريقة الحاكم النيسابوري:

- ‌طريقة ابن عبد البر:

- ‌المبحث الحادي عشر:تحرير القول في عدالة الصحابة

- ‌ضبط الصحابي:

- ‌مسائل في عدالة الصحابة:

- ‌المسألة الأولى: الرجل يختلف في صحبته، فيقدح فيه بعض من لا يثبتها له:

- ‌المسألة الثالثة: تحرير القول في جهالة الصحابي

- ‌الفصل الثالثتفسير الجرح

- ‌تمهيد:في معنى الجرح

- ‌المبحث الأول:صور الجرح غير المؤثر

- ‌الصور الأولى: استعمال المباحات، أو ما يختلف فيه الاجتهاد حلاًّ وحرمة

- ‌الصورة الثانية: ما يعود الجرح فيه إلى طريق التلقي، والجارح اعتمد فيه المذهب المرجوح

- ‌الصورة الثالثة: الجرح بسبب التحمل في الصغر

- ‌الصورة الرابعة: ما يعود إلى جحد الشيخ أن يكون حدث بالحديث، أو تركه القول بمقتضاه

- ‌الصورة الخامسة: الرواية عن المجروحين والمجهولين

- ‌الصورة السادسة: الجرح والتدليس

- ‌المبحث الثاني:تحرير القول فيما يسلب العدالة

- ‌السبب الأول: الفسق

- ‌السبب الثاني: الكذب، والتهمة به

- ‌أثر التوبة من الكذب في الحديث:

- ‌الكذب في حديث الناس:

- ‌كتابة أحاديث الكذابين والمتهمين بالكذب للتمييز:

- ‌السبب الثالث: سرقة الحديث

- ‌السبب الرابع: البدعة

- ‌مذاهب أهل العلم في رد حديث أهل البدع أو قبوله:

- ‌السبب الخامس: الجهالة

- ‌المبحث الثالث:تحرير عود ما يسلب الضبطإلى سوء حفظ الراوي

- ‌القسم الأول: الوهم والغلط بمقتضى الجبلة

- ‌الوهم والغلط يقع بأسباب:

- ‌أولها: المخالفة في الأسانيد

- ‌ثانيها: وصل المراسيل

- ‌ثالثها: رفع الموقوف

- ‌رابعها: الجمع بين الرواة في سياق واحد وحمل حديث بعضهم على بعض

- ‌خامسها: قبول التلقين

- ‌سادسها: التصحيف إذا حدث من كتبه

- ‌القسم الثاني: ما يرجع من سوء الحفظإلى تساهل الراوي

- ‌المبحث الرابع:متى يترك حديث الراوي

- ‌المبحث الخامس:درجات سوء الحفظ

- ‌المبحث السادس:مسائل تتصل بالجرح بسوء الحفظ

- ‌المبحث السابع:أصول في جرح الرواة

- ‌الفصل الرابعتفسير الجهالة

- ‌المبحث الأول:من هو الراوي المجهول

- ‌القسم الأول: جهالة عين

- ‌القسم الثاني: جهالة حال

- ‌المبحث الثاني:جهالة الراوي سبب لرد حديثه

- ‌المبحث الثالث:أصول في الراوي المجهول

- ‌المبحث الرابع:تحرير القول في الرواة المسكوت عنهم

- ‌الفصل الخامستعارض الجرح والتعديل

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول:مقدمات ضرورية لتحقيق القولفي الراوي المختلف فيه

- ‌المقدمة الأولى: أهلية الناقد لقبول قوله

- ‌المقدمة الثانية: التحقق من ثبوت الجرح أو التعديل عن الناقد المعين

- ‌المقدمة الثالثة: منع قبول صيغة الجرح أو التعديل التي لا تنسب إلى ناقد معين

- ‌المقدمة الرابعة: مراعاة ميول الناقد المذهبية في القدح في النقلة

- ‌المقدمة الخامسة: اعتبار بشرية الناقد في تأثيرها في إطلاق الجرح أو التعديل

- ‌المقدمة السادسة: وجوب اعتبار مرتبة الناقد مقارنة بمخالفة

- ‌المقدمة السابعة: ملاحظة مذهب الناقد فيما يراه جرحاً، ومذهبه فيه مرجوح

- ‌المقدمة الثامنة: التحقق من آخر قولي أو أقوال الناقد في الراوي، إن كان قد اختلف عليه

- ‌المقدمة التاسعة: مراعاة دلالة ألفاظ الجرح والتعديل

- ‌المقدمة العاشرة: التحقق من كون العبارة المعينة قيلت من قبل الناقد في ذلك الشخص المعين

- ‌المقدمة الحادية عشرة: التحقق من لفظ المنقولة عن الناقد

- ‌المقدمة الثانية عشرة: التيقظ إلى ما يقع أحياناً من المبالغة في صيغة النقد

- ‌المقدمة الثالثة عشرة: قد تطلق العبارة لا يراد ظاهرها

- ‌المبحث الثاني:تحرير منع تقديم الجرح على التعديل إلا بشروط

- ‌الشرط الأول:أن يكون مفسراً، ولو من ناقد واحد

- ‌الشرط الثاني:أن يكون جرحاً بما هو جارح

- ‌الشرط الثالث:أن لا يكون الجرح مردوداً من ناقد آخر بحجة

- ‌المبحث الثالث:تنبيهات حول تعارض الجرح والتعديل

- ‌التنبيه الأول: ترك التعديل عند ظهور الجرح لا يقدح في شخص المعدل أو علمه

- ‌التنبيه الثاني: الجرح لمن استقرت عدالته وثبتت إمامته مردود

- ‌التنبيه الثالث: تقديم الجرح عند اجتماع الشروط لا يلزم منه السقوط بالراوي

- ‌التنبيه الخامس: الراوي يختلف فيه جرحاً وتعديلاً، وهو قليل الحديث

- ‌الفصل السادسمراتب الرواةوتفسير عبارات الجرح والتعديل

- ‌المبحث الأول:مراتب الرواة

- ‌المرتبة الأولى: الاحتجاج

- ‌المرتبة الثانية: الاعتبار

- ‌المرتبة الثالثة: السقوط

- ‌المبحث الثاني:تفسير عبارات الجرح والتعديل

الفصل: ‌المبحث الثاني:الدليل على اشتراط عدالة الناقل لقبول خبره

‌المبحث الثاني:

الدليل على اشتراط عدالة الناقل لقبول خبره

دل على ذلك النصوص النقلية من جهتين:

الأولى: إلغاء القرآن الاعتداد بخبر الفاسق لذاته، في قوله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6].

والفاسق ضد العدل، فإذا ألغى تصديق الفاسق في خبره، وأوجب التحري، من أجل أن الفسق لا يمنع الكذب، بل الكذب ذاته من خصال الفسق، فدل مفهمومه: أن الخبر العدل مقبول.

والجهة الثانية: ما فرض الله من العدالة في الشهود في غير موضع من كتابه، كما قال تعالى:{وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2]، وكما قال سبحانه:{مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282].

ووجه الدلالة في ذلك على وجوب العدالة لقبول الأخبار، هو أن إيجاب العدالة في الشاهد من أجل ما يحتاج إليه من صدقه لإثبات الحقوق في الأموال وغيرها، وحق الله أعظم من حقوق العباد، وحفظ الدين من حفظ حق الله، وهو الضرورة العظمى التي دونها سائر الضرورات، كضرورة

ص: 238

المال والنفس والعرض، فإذا أمر الله بفرض العدالة فيمن يشهد على درهم، ففرضها في حق من يقول: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آكد وأعظم، من جهة اتصال ذلك بحفظ ضرورة الدين.

فكيف إذا ضممت إلى ذلك ما عظمته النصوص المتواترة في الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم؟ فغير العدل لا يمنعه شيء من الكذب.

من أجل ذلك قال الله عز وجل في القذفة: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4].

قال مسلم بن الحجاج: " والخبر وإن فارق معناه معنى الشهادة في بعض الوجوه، فقد يجتمعان في أعظم معانيهما "(1).

قلت: بل شأن الحديث يرجح من بعض الوجوه، خصوصاً في جانب ضبط الرواية، كما سيأتي في ذكر الفرق ما بين الشهادة والرواية.

وهاتان الجهتان اللتان ذكرت ظاهرتان في وجوب حمل الحديث عن العدول، لا عن غيرهم.

وأما ما روي من نصوص مباشرة في اشتراط ذلك فلا يثبت منه شيء، كحديث:" هلاك أمتي في العصبية والقدرية والرواية عن غير ثبت "، فهذا حديث موضوع (2).

(1) مقدمة صحيح مسلم (ص: 9).

(2)

أخرجه الفريابي في " القدر "(رقم: 388) _ وعنه: الطبراني في " الكبير "(11/ 89 _ 90 رقم: 11142) _ وابن أبي عاصم في " السنة "(رقم: 326، 950) _ ومن طريقه: أبو نعيم في " المستخرج (رقم: 39) _ والبزار (رقم: 191 _ كشف الأستار) والرامهرمزي في " المحدث الفاصل " (ص: 412 _ 413) والعقيلي في " الضعفاء " (4/ 359) _ ومن طريقه: ابن الجوزي " الموضوعات " (رقم: 539) _ وابن عدي في " الكامل " (1/ 243، 244، و 8/ 438) واللالكائي في " السنة " (رقم: 1130) من طريقين عن هارون بن هارون، عن مجاهد عن ابن عباس، به مرفوعاً.

ورواه بقية بن الوليد، فقال: عن أبي العلاء، عن مجاهد، عن ابن عباس.

أخرجه ابن عدي (1/ 244) وأبو نعيم في " المستخرج "(رقم: 39) واللالكائي في " السنة "(رقم: 1129) وابن عبد البر في " التمهيد "(1/ 58) والخطيب في " الكفاية "(ص: 74) والسمعاني في " أدب الإملاء "(ص: 56).

قلت: أبو العلاء هذا هو هارون بن هارون، كذلك كناه بقية، وكان مبتلى بالتدليس.

فأخرجه العقيلي (4/ 359) _ ومن طريقه: ابن الجوزي في " الموضوعات "(رقم: 539) _ من طريق بقية، قال: حدثنا هارون بن هارون أبو العلاء الأزدي، عن عبد الله بن زياد، عن مجاهد، عن ابن عباس.

وكذلك أخرجه ابن عدي (1/ 244)، لكنه لم يذكر كنية هارون.

وترى ههنا أنَّ هارون هذا إنما أخذه بواسطةٍ عن مجاهد، فهو تارةً يُسقطها، وتارة يذكرها، وتارة يكني عنها، فقد قال بقية مرة: عن هارون بن هارون أن شيخاً من الأنصار حدثه، عن مجاهد عن ابن عباس. كذلك أخرجه ابن عدي (1/ 244).

وعبد الله بن زياد شيخ هارون فيه: هو آفته، وهو ابن سمعان، وكان يتلاعب بإسناده، فقال فيه مرة أيضا: عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس. أخرجه ابن عدي (1/ 244).

وقال مرة _ إن ثبت عنه _: عن عطاء، يعني ابن رباح، عن ابن عباس. أخرجه الرامهرمزي في " المحدث الفاصل " (ص: 412) والخطيب في " الكفاية "(ص: 74) من طريق أحمد بن حازم الغِفاري، قال حدثنا حسن بن قتيبة، عنه. وحسن هذا ضعيف.

قال ابن عدي: " رواة هذا الحديث شوَّشوا الإسناد، وبلاءُ هذه الأحاديث من هارون بن هارون، وهو منكر الحديث،. . وعبد الله بن زياد بن سمعان ضعيف جدا، وهؤلاء كلهم اضطربوا في إسناده لوْناً لوْناً ".

قلت: بل ظاهر الأمر أنه حديث ابن سمعان، هو الذي كان يتلاعب في تركيب أسانيده عن ابن عباس، وهارون أسقطه في بعض روايته تدليساً، كما قال ابن الجوزي:" ترك ذكر ابن سمعان لأنه كذاب "، وما هذا بالاضطراب.

وقال البزار: " لا نعلمه يُروى بهذا اللفظ من وَجهٍ صحيح، وإنما ذكرناه إذ لا يُحفظ من وجه أحسن من هذا، وهارون ليس بالمعروف بالنقل ".

وقال ابن الجوزي: " حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم " وحمل فيه على ابن سمعان، فقال:" هو المتهم بهذا الحديث ".

قلت: ابن سمعان هو عبد الله بن زياد بن سليمان بن سِمعان مدني كذبوه، وهو متروك الحديث.

فقوْل ابن عبد البر بعد هذا: " هذا حديث انفرد به بقية عن أبي العلاء، وهو إسناد فيه ضعف لا تقوم به حُجة "، وقال:" والحديث الضعيف لا يُدفع وإن لم يُحتج به، ورُبَّ حديث ضعيف الإسناد صحيح المعنى "، فهذا لو كان الضعف يسيراً لسوء حفظ مع الصدق، أما أن يتبيَّن أن أصل هذا الحديث ينتهي إلى ابن سمعان لا يتجاوزه، فلا.

ورُوي مرفوعاً من حديث أبي قتادة الأنصاري، وعلي بن أبي طالب.

أما حديث أبي قتادة، فأخرجه الطبراني في " الصغير " (رقم: 432) " الأوسط "(4/ 336 رقم: 3579) وابن عدي (1/ 244) والخطيب في " الكفاية "(ص: 74) و " الجامع لأخلاق الراوي "(رقم: 1261) والسمعاني في " أدب الإملاء "(ص: 56) من طريق محمد بن إبراهيم بن العلاء الشامي، حدثنا سويد بن عبد العزيز، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، به.

قلت: وإسناده واهٍ، ابن العلاء هذا مُتهم بوضْع الحديث وسويد ضعيف الحديث.

وأما حديث علي، فأخرجه ابن عدي (1/ 245) من طريق عمر بن شبَّة، قال: حدثني عيسى بن مُحمد (! ) بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي، به ضمن سياق. في ذم العصبية.

قال ابن عدي: " وهذا الحديث لا أعلم يرويه غير عيسى بن محمد ".

قلت: كذا ذكره ابن عدي، والصواب:(عيسى بن عبد الله) وذكر (ابن مُحمد) خطأ في الإسناد، فعيسى من أبناء عبد الله، وكذلك ترجم له الأئمة، وهو آفة هذا الحديث، وسائر الإسناد يُحتمل، لكنه قد هوى به، فهو متروك الحديث، أتى بموضوعات.

وروى هذا الحديث أبو البختري وهب بن وهب بإسنادٍ إلى الحسن البصري، به مرسلاً.

أخرجه ابن عدي (1/ 245 _ 246) وأبو البختري هذا من أعيان المعروفين بالكذب ووضْع الحديث.

ص: 239

ومثل هذه الأحاديث لا يصح التعلق بها في شيء، وقد أغنى الله عنها.

تبيين الفرق بين العدالة للشاهد والعدالة للراوي:

روي في اتحاد معنى العدالة فيهما حديث موضوع: " لا تأخذوا العلم إلا ممن تجيزون شهادته "(1)، وهذا لا يعتمد عليه في شيء.

(1) أخرجه الرامهرمزي في " المحدث الفاصل "(ص: 411) وابن عدي في " الكامل "(1/ 255، 256، و 3/ 289 و 5/ 77) وابن حبان في " المجروحين "(1/ 25) والخطيب في " تاريخه "(9/ 301) و " الكفاية "(ص: 158، 159) والرافعي في " تاريخ قزوين "(3/ 399) وابن الجوزي في " العلل "(رقم: 187) من طرق عن صالح بن حسان، عن محمد بن كعب، عن ابن عباس، به.

وفيمن رواه عن صالح ثقة وضعيفٌ، وليس الحمل فيه إلا على صالح هذا وهو مدني، منكر الحديث ليس بثقة.

ومن الرواة من حدث به عنه عن محمد بن كعب مُرسلاً، ليس فيه ابن عباس. ومنهم من حدث به عنه عن محمد بن كعب عن ابن عباس قوله ولم يرفعه.

أخرج ذلك الخطيب في " الكفاية "(ص: 159، 160)، كما روى المرسل ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل "(1/ 1 / 28). والموقوف ابن عدي في " الكامل "(1/ 256).

وهكذا كان أو كذلك، فإنه لا يثبت منه شيء، قال الخطيب:" إن صالح بن حسان تفرَّد بروايته، وهو ممن اجتمع نُقاد الحديث على ترك الاحتجاج به؛ لسوء حفظه، وقلة ضبطه ".

وقال ابن حبان: " هذا خبرٌ باطل رفْعه، وإنما هو قول ابن عباس " وحَمل فيه على أحد من رواه عن صالح ..

قلت: بل لم يثبت عنه أيضاً؛ لما ذكرت من حال صالحٍ نفسه.

وروى بقية بن الوليد، قال: حدثنا إسحاق بن مالك، عن أبي بكر التميمي، عن الحسن، به مرسلاً.

أخرجه ابن عدي (1/ 256) وإسناده لا يثبت، فإسحاق من شيوخ بقية المجهولين، والتميمي هذا لم يتبين من يكون، وأخاف أن يكون دلسه بقية، ثم هو إلى ذلك كله مرسل. وأخرجه ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل "(1/ 1/ 31) من رواية الحسن بن ذكوان عن الحسن به مرسلاً. وابن ذكوان هذا ضعيف.

ص: 241

والتحقيق: أن الاتفاق بين الشاهد والراوي معتبر في العدالة والصدق، لكنهما يفترقان في معاني تقبل فيها الرواية ولا تقبل الشهادة:

فاعتُبِرت مثلاً في الشاهد الحرية، لكنها لا تطلب في الراوي، ففي الرواة الثقات كثير من الموالي؛ إذا الرق لا ينافي العدالة.

ويقبل في الرواية خبر الواحد العدل، ويقبل في صيغة الرواية:(حدثني فلان عن فلان)، وليس كذلك في الشهادة.

والحديث يشهد للحديث، كما تشهد له الأصول، وليس كذلك الشهادة.

يقابل ذلك أن قوماً تقبل شهادتهم، ولكن لا تقبل رواياتهم؛ لما يوجبه حفظ وأداء الرواية من الاحتياط في اللفظ والمعنى (1).

(1) وانظر: الرسالة، للشافعي (الفقرات: 1008 _ 1014)، وانظر لبعض فوارق الشهادة والرواية: شروط الأئمة الخمسة، للحازمي (ص: 149 _ 150).

ص: 242

كما قال الشافعي، وحكي عن سائل سأله: قد أراك تقبل شهادة من لا تقبل حديثه؟ قال: " فقلت: لكبر أمر الحديث وموقعه من المسلمين، ولمعنى بين، قال: وما هو؟ قلت: تكون اللفظة تترك من الحديث فتحيل معناه، أو ينطق بها بغير لفظة المحدث، والناطق بها غير عامد لإحالة الحديث، فيحيل معناه، فإذا كان الذي يحمل الحديث يجهل هذا المعنى، كان غير عاقل للحديث، فلن نقبل حديثه إذا كان يحمل ما لا يعقل إن كان ممن لا يؤدي الحديث بحروفه، وكان يلتمس تأديته على معانيه وهو لا يعقل المعنى. قال: أفيكون عدلاً غير مقبول الحديث؟ قلت: نعم، إذا كان كما وصفت كان هذا الموضع ظنة بينة يرد بها حديثه، وقد يكون الرجل عدلاً على غيره ظنيناً في نفسه وبعض أقربيه، ولعله أن يخر من بعد أهون عليه من أن يشهد بباطل، ولكن الظنة لما دخلت عليه تركت بها شهادته، فالظنة ممن لا يؤدي الحديث بحروفه ولا يعقل معانيه ، أبين منها في الشاهد لمن ترد شهادته فيما هو ظنين فيه بحال "(1).

قلت: وليس اعتبار خصائص الشهادة من مباحثنا هذه، ومحلها مطولات كتب الفقه.

* * *

(1) الرسالة (ص: 380 _ 381).

ص: 243