الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول:
علم الحديث: تعريفه، تاريخه، أقسامه
1 _ تعريف علم الحديث:
العلمُ: معرفة الشيء.
والحديثُ في الأصل يطلق على: الجديد من الأشياء، ويطلق على الخبر. ومنه قوله تعالى {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً} [النِّساء: 87]، وقوله:{فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ} [سَبَأ: 19].
وفي الاصطلاحِ: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قولٍ، أو فعلٍ، أو تقريرٍ، أو صفةٍ.
فالقول: هو الألفاظُ النَّبويَّة.
مثلُ: حديثِ معاوية من أبي سفيان، رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
" من يرد الله به خيراً يفقه في الدين "(1).
(1) حديث صحيح، متفق عليه: أخرجه البخاري (رقم: 71، 2948، 6882) ومسلم (2/ 719).
والفعل: هو التصرفات النبوية العملية.
مثل: حديث عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما:
أنه توضأ فغسل وجهه، ثم أخذ غرفة من ماء فمضمض بها واستنشق، ثم أخذ غرفة من ماء فجعل بها هكذا، أضافها إلى يده الأخرى فغسل بهما وجهه، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليمنى، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليسرى، ثم مسح برأسه، ثم أخذ غرفة من ماء فرشَّ على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غرفة أخرى فغسل بها رجله، يعنى اليسرى، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ (1).
والتقرير: ما يقع من غيره صلى الله عليه وسلم باطِّلاعه أو علمه فلا ينكره.
مثل حديث عائشة، رضي الله عنها، قالت:
لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً على باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد، ورسول الله صلى الله وعليه وسلم يسترني بردائه أنظر إلى لعبهم (2).
والصِّفة: خصائص بشريَّته صلى الله عليه وسلم فيما لا يرجع إلى كسبه وعمله، مثل:
حديث البراء بن عازب، رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجهاً، وأحسنهم خلقاً: ليس بالطويل البائنِ، ولا بالقصير (3).
ولا يدخل في الصفة بهذا التَّفسير ما يحبه أويكرهه صلى الله عليه وسلم من الأفعال والأحوال، وإنما يَنْدرجُ هذا النَّمطُ من الأحاديث تحت (الفعل) باعتبار الصادر عنه صلى الله عليه وسلم على وفق محبته أو كرهِهِِ، مثل:
(1) حديث صحيح، أخرجه البخاري (رقم: 140).
(2)
حديث صحيح، متفق عليه: أخرجه البخاري (رقم: 443) ومسلم (2/ 609)، وقد استوعبتُ طُرقه وألفاظه في كتابي " الموسيقى والغناء في ميزان الإسلام ".
(3)
حديث صحيح، متفق عليه: أخرجه البخاري (رقم: 3356) ومسلمٌ (4/ 1819).
حديث عائشة، رضي الله عنها، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله: في طهوره وترجله وتنعله (1).
هل يدخل في (الحديث) ما أضيف إلى من دونَ النبي صلى الله عليه وسلم؟
ما يضاف إلى صحابيٍّ أو تابعيٍّ أو من بعدهم من الأخبار يسمى (حديثاً) من حيث اللغة، لكن الاصطلاح جرى غالباً على إرادة ما يضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، حتى صار يتبادر إلى الذِّهن عند الإطلاق حين يُقال مثلاً:(في المسألة حديثٌ) أنَّه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فدفعاً للإيهام، لا ينبغي إطلاق لفظ (حديثٍ) على غير ماورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الفرق بين الحديث والسنة:
السنة في المعنى الأُصوليِّ مساويةٌ للحديث بالتعريف المتقدّم عن أهل الحديث، دون قيد (أو صفة)، واستثناء الصفة النبوية من جملة السنن إنما وقع من أجل أن محل الكلام في السنة هو اعتبار كونها من مصادر التشريع، وهذا لا يَنْدرجُ تحته الأوصاف الذَّاتية، وإنما يستفاد من الأقوال والأفعال والتقريرات النبوية.
الأثر:
من (أثَرْتُ الخبرَ) إذا رويته.
ومن العلماء من يخصُّ الأَثر بـ (الموقوف) على الصحابي أو من دونه، كالتَّابعي.
(1) حديث صحيح، متفق عليه: أخرجه البخاري (رقم: 116، 416، 5065، 5516، 5582) ومسلم (1/ 226).