الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
" الجرح والتعديل " فإنك سوف لن تجد له ذكراً فيمن اسمه (حماد)، ولو كان الرجل ليس من شرط " تهذيب الكمال " فليس لك حيلة للكشف عن حقيقته في الأسماء، وحينئذ فلا تعجل بالنفي، فجائز أن يكون لقباً.
ومن أشد ما يقع التغرير به من ألقاب الرواة مجيء الراوي بلقبه منسوباً إلى أبيه، كهذا المثال، وكقول المحدث:(حدثنا وهبان بن بقية) أو (عارم بن الفضل) أو (عبدان بن عثمان)، فهؤلاء مذكورون بالألقاب لا بالأسماء، فـ (وهبان): وهب، وعـ (عارم) محمد، و (عبدان) عبد الله.
الطريق إلى تمييزها:
بالبحث فيما يلي:
1 -
" تهذيب الكمال " وفروعه في فصل خاص في أواخرها.
2 -
كتب مفردة في هذا الباب، من أجمعها كتاب " نزهة الألباب في الألقاب " للحافظ ابن حجر العسقلاني.
3 -
كتب (المشتبه) في أفراد من تلك الألقاب ليست كثيرة.
4 -
في بعض معاجم اللغة، كـ" القاموس المحيط " وغيره ضمن المواد اللغوية، والبحث عن اللقب فيها كالبحث عن أي مادة لغوية بالتجريد من الحروف الزائدة في الكلمة.
حكم استعمال ألقاب المحدثين في دراسة الأسانيد:
تعريف الراوي باسمه أو كنيته أو نسبه؛ هو الأصل في تمييز الناس، ولو نقل عن إنسان كراهته لاسم أو كنية أو نسب عرف بها واشتهر، فلا ينبغي أن يرد في ذلك محذور، وإن لم يأت على رضاه، أما الألقاب فإنه قد دخل الحرج على بعض أهل العلم من التعريف بما كان يرجع منها إلى قبح وذم، واستدلوا بقوله تعالى: {وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الفُّسُوقُ
بَعْدَ الإِيمَانِ} [الحجرات: 11]، ووجدوا النقل عن بعض الرواة بكرا هتهم لما لقبوا به.
والتحقيق:
أن هذه الألقاب أصبحت لمن عرف وشاع ذكره بها بمنزلة الاسم العلم، لا تذكر على سبيل الانتقاص، فلا تتصور محدثاً يأتي على ذكر (الأعمش) في إسناد وهو يقصد شينه بصفة العمش، إنما هو في استعماله بمنزلة قوله:(سليمان بن مهران)، بل ربما اقترن عنده ذكر (الأعمش) بأجمل الصفات اللائقة به رحمه الله، فهو يستحضر (الأعمش) الأمام الثقة الحافظ المتقن القارىء الصالح.
وأنت ترى في الأسماء ما لو رجعت إلى أصله ومعناه وأصل اشتقاقه لو جدته يرجع إلى معنى غير محمود، لكن حيث عرف به المسمى به وصار علماً عليه فقد أهمل اعتبار أصله، فلا فرق في اعتبار هذا المعنى في الألقاب لنفس العلة.
قال عبدة بن سليمان (مروزي ثقة): سمعت ابن المبارك وسئل عن (فلان القصير) و (فلان الأعرج) و (فلان الأصفر) و (حميد الطويل)؟ قال: " إذا أراد صفته ولم يرد عيبه فلا بأس "(1).
وقال أبو بكر الأثرم: سمعت أحمد - يعنى ابن حنبل - سئل عن الرجل يعرف بلقبه؟ قال: " إذا لم يعرف إلا به جاز " ثم قال: " الأعمش إنما يعرفه الناس بهذا "(2).
(1) أخرجه الخطيب في " الجامع لأخلاق الراوي "(رقم: 1244) بإسناد صحيح، وذكره ابنُ حجر في " نزهة الألباب " (1/ 45) لكن وقع فيه:(عبدة بن عبد الرحيم)، وهذا أيضاً مرزويٌّ ثقة.
(2)
نزهة الألباب، لابن حجر (1/ 45).