الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخلاصة:
إذاً، استعمال المواليد والوفيات من أهم الطرق لـ:
1 _
تمييز طبقات الرواة من جهة ابتدائها.
2 _
تمييز إدراك الراوي لمن حدث عنه من الشيوخ (1).
3 _
كشف الوهم والغلط في ذكر السماع.
4 _
كشف زيف الكذابين في ادعاء السماع وقدم الطبقة.
قال الحافظ أبو علي الحسين بن علي النيسابوري: لما حدث عبد الله بن إسحاق الكرماني عن محمد بن أبي يعقوب أتيته، فسألته عن مولده؟ فذكر أنه ولد سنة إحدى وخمسين ومئتين، فقلت له: مات محمد بن أبي يعقوب الكرماني قبل أن تولد بسبع سنين، فاعلمه (2).
الطرف الثاني: تمييز وفيات الرواة
الكلام في الوفيات من نفس باب الكلام في المواليد من جهة ما بين الأمرين من العلاقة، كما تراه واضحاً مما تقدم في المواليد، بل إن الوفيات مقاييس لتمييز المواليد، والعناية بها وقعت أكثر، وحفظها في تراجم الرواة كثير شائع، ولعلك لا تجد راوياً عرفت سنة ولادته وجهلت سنة وفاته، لكنك تجد رواة كثيرين علمت وفياتهم ولم تعلم مواليدهم.
ومن خلال الأمثلة المتقدمة تلاحظ أن وفيات الشيوخ قاعدة لمعرفة أعمار الرواة تحديداً أو تقديراً، فيتبين لك من خلالها: طبقة الراوي، ومن
(1) علماً بأنه لا تلازم بين الإدراك وثبوت السماع، فقد يثبت الإدراك ولا يصح السماع، وذلك لسببٍ آخر تعلمه فيما يأتي من مباحث هذا الكتاب.
(2)
المدخل إلى كتاب الإكليل، للحاكم (ص: 61) عنه. ووقع فيه: (بتسْعِ سنين)، وكذا في " الجامع " للخطيب (رقم: 146) حيث رواه من طريق الحاكم، والصواب ما أثبتُّ، فكذلك جاءَ في " الميزان " للذهبي (2/ 392) وغيره، واعتضد بأنَّ وفاة ابن أبي يعقوب كانت سنة (244).
أدرك من الشيوخ، ومن أدركه من التلاميذ ومن طابقه وقارنه من أمثاله وأقرانه، كما تميزه بها عمن رافقه في الاسم وخالفه في زمنه.
وهذا الطريق والذي قبله من أقوى ما يميز به الكذابون، فإن طائفة كثيرة منهم لم يكن لهم حظ من نور حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا سمعوه، فعمدوا إلى وضع المتون وركَّبوا لها الأسانيد، وأرادوا لبضاعتهم أن تروج، فألصقوها بالمعروفين من الثقات الذين كتب الله لهم القبول عند الناس، ولم يكن أولئك الكذابون أدركوا أولئك الثقات.
وطائفة ادعت السماع من بعض الكبار أرادت أن تتشرف بالأخذ عنهم، فقصدت إلى تزوير علو الطبقة وإيهام القدم، إلى غير ذلك من دواعي الكذب.
عن إسماعيل بن عياش قال: كنت بالعراق، فأتاني أهل الحديث، فقالوا: ههنا رجل يحدث عن خالد بن معدان، فأتيته، فقلت: أي سنة كتبت عن خالد بن معدان؟ قال: سنة ثلاث عشرة، فقلت: أنت تزعم أنك سمعت من خالد بن معدان بعد موته بسبع سني ن، قال إسماعيل: مات خالد سنة ست ومئة (1).
وقال الحافظ أبو حسان الحسن بن عثمان الزيادي: سمعت [حماد] بن زيد يقول لم نستعن على الكذابين بمثل التاريخ، نقول للشيخ: سنة كم ولدت؟ فإذا أخبر بمولده عرفنا كذبه من صدقه "، قال أبو حسان: فأخذت في التاريخ، فأنا أعمله من ستين سنة (2).
(1) أخرجه ابنُ حبان في " المجروحين "(1/ 71) والحاكم في " المدخل إلى الإكليل "(ص: 60 _ 61) ومن طريقه: الخطيب في " الجامع "(رقم: 145)، بإسناد جيّد.
والتحقيق في سنة وفاة خالد أنها كانت سنة (103) في أظهر الأقوال، وعليه فيكون هذا الرجل قد ادّعى أنه سمع من خالدٍ بعدَ موته بعشْر سنين.
(2)
أخرجه الخطيب في " تاريخه "(7/ 357) و " الجامع لأخلاق الراوي "(رقم: 143) ومن طريقه: ابن عساكر في " تاريخه "(1/ 54 _ 55) بإسناد صحيح.
ووقع فيهما: (حسان بن زيد) بدل (حماد)، وأظنه قد انتقل البَصر إلى (أبي حسان) فأخذت منها، ولم أجد لها وجْهاً غير ذلك، فأبو حسان يروي عن حماد بن زيد، كما وجدته في غير موضع، كما أن مثل هذه المقالة أليق بأن تكون من إمام مثل حماد بن زيد، أما (حسان بن زيد) فمن يكون؟ !
ثم وجدت ابنَ عساكر قال عقبَ تخريج هذا الأثر: " كذا من تاريخ بغداد: حسّان بن زيد وأظنه: حماد بن زيد ".