الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع:
مسائل متفرقة في اتصال الإسناد
المسألة الأولى:
مما ينبغي مراعاته صيغ تلحق بالإسناد المعنعن،
وتأخذ أحكامه، بيانها فيما يلي:
(1)
قول الراوي: (قال فلان).
هذه الصيغة في التحقيق بمنزلة (العنعنة) يحتمل معها السماع والانقطاع.
لكن يستثنى منها من عرف أنه لا يقولها إلا في حديث مسموع له (1).
مثل همام بن يحيى عن قتادة، فإنه قال:"ما قلت: (قال قتادة)، فأنا سمعته من قتادة "(2).
(1) انظر: الكفاية، للخطيب (ص: 418).
(2)
أخرجه الخطيب في " الكفاية "(ص: 419) وإسناده صحيح. وأخرجه الرامهرمزي (ص: 523) من طريق آخر فيه عبادٌ غير منسوبِ راويه عن همام، وعنه علي بن سهل، لم أهتدِ إليه، وسواهما ثقات.
وقال حماد بن زيد: " إني أكره إذا كنت لم أسمع من أيوب (يعني السختياني) حديثاً أن أقول: (قال أيوب كذا كذا) فيظن الناس أني قد سمعته منه "(1).
وكان الحجاج بن محمد الأعور يقول: (قال ابن جريج)، وذلك فيما قرأه على ابن جريج، وهو متصل عنه (2).
(2)
قول الراوي: (عن فلان أن فلاناً قال).
قال ابن عبد البر: " جمهور أهل العلم على أن (عن) و (أن) سواء، وأن الاعتبار ليس بالحروف، وإنما هو باللقاء والمجالسة والسماع والمشاهدة، فإذا كان سماع بعضهم من بعض صحيحاً، كان حديث بعضهم عن بعض أبداً بأي لفظ ورد محمولاً على الاتصال، حتى تتبين فيه علة الانقطاع ".
ورد قول من جعل (أن) ليست اتصالاً بأن استدل بكون قول الصحابي: (قال رسول الله)، أو:(أن رسول الله) أو: (عن رسول الله)، أو:(سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء عند أهل العلم (3).
وهذا هو التحقيق مادامت تلك الصيغة واقعة بين راويين قد ثبت اتصال ما بينهما.
إنما تستثنى صورة ما إذا حدَّث الراوي عن حدث لم يدركه، وفي سياق الحديث ذكر لشيخه، ولم يبين إن كان قد أخذه عن ذلك الشيخ أم لا، كقول عروة بن الزبير:(أن عائشة قالت يا رسول الله)، فعروة سمع من عائشة، لكنه في التحقيق هنا لم يحدث عنها، إنما حدَّث عن حدث لها وقع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا صورته صورة المرسل.
(1) أخرجه يعقوب بن سفيان في " المعرفة والتاريخ "(3/ 26) وإسناده صحيح.
(2)
انظر تاريخ بغداد، للخطيب (8/ 237).
(3)
التمهيد (1/ 26).
وقد قال أحمد بن حنبل: " كان مالك _ زعموا _ يرى (عن فلان) و (أن فلاناً) سواء "(1).
قال أبو داود السجستاني: سمعت أحمد قيل له: إن رجلاً قال: (عروة أن عائشة قالت: يا رسول الله) و (عن عروة عن عائشة) سواء؟ قال: كيف هو سواء؟ "، أي ليس هو بسواء (2).
(3)
ومن الصيغ:
(ذكر فلان) و (ذَكره فلاناً) صيغتان قليتا الاستعمال.
(زَعم فلان) نادرة الاستعمال.
وكذا: (فلان يأثر عن فلان)، وتفيد احتمال الاتصال كمجرد العنعنة.
قال ابن جريج: قلت لعطاء: أترخص في أن أضع صدقة مالي في مواضعها، أو إلى الأمراء لا بد؟ قال: سمعت ابن عباس يقول: " إذا وضعتها مواضعها ما لم تعط منها أحداً شيئاً تعوله أنت، فلا بأس "، سمعته مرة يأثره عن ابن عباس (3).
قلت: فههنا اتصال.
لكن ما رواه عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، يأثره عن ابن مسعود، أنه قال:" في كل مُعاهد مجوسي أو غيره الدية وافية "(4).
(1) مسائل الإمام أحمد، رواية أبي داود (ص: 311) ومن طريقه: الخطيب في " الكفاية "(ص: 575).
(2)
مسائل الإمام أحمد، رواية أبي داود (ص: 312) ومن طريقه: الخطيب في " الكفاية "(ص: 575).
(3)
أثر صحيح، أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (4/ 44 رقم: 6917) وإسناده صحيح.
(4)
أخرجه عبد الرزاق (10/ 97 رقم: 18497) _ ومن طريقه: الطبراني في " الكبير "(9/ 409 رقم: 9739) _ وإسناده صحيح إلى مجاهد، ضعيف عن ابن مسعود.