الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول:
مقدمات ضرورية لتحقيق القول
في الراوي المختلف فيه
تحرير القول في الراوي المختلف فيه جرحاً وتعديلاً يحتاج إلى اعتبار تنبيهات وضوابط، لا بد من مراعاتها؛ للمصير إلى ما هو الألصق بالعدل الذي أوجب الله عز وجل في حق نقلة العلم، ولئلا ينسب إلى الدين برواية من ليس بأهل ما ليس منه، أو ينفي عنه بالقدح على الثقة ما هو منه.
وتحرير تلك التنبيهات والضوابط في المقدمات التالية:
المقدمة الأولى: أهلية الناقد لقبول قوله
والمقصود: أهليته للكلام في النقلة على ما تقدم بيانه في صفة الناقد.
قال يعقوب بن سفيان: سمعت إنساناً يقول لأحمد بن يونس: عبد الله العمري ضعيف، قال:" إنما يضعفه رافضي مبغض لآبائه، لو رأيت لحيته وخضابه وهيئته لعرفت أنه ثقة "(1).
قال الخطيب: " فاحتج أحمد بن يونس على أن عبد الله العمري ثقة بما ليس حجة؛ لأن حسن الهيئة مما يشترك فيه العدل والمجروح "(2).
(1) المعرفة والتاريخ (2/ 665) ومن طريقه: الخطيب في " الكفاية "(ص: 165).
(2)
الكفاية (ص: 165).
وقال ابن الجنيد: سألت يحيى بن معين عن شداد بن سعيد الراسبي؟ فقال: " ثقة "، قلت ليحيى: إن ابن عرعرة (1) يزعم أنه ضعيف، فغضب، وقال:" هو ثقة "، وتكلم يحيى بكلام وأبو خيثمة يسمع، فقال أبو خيثمة:" شداد بن سعيد ثقة "، ثم قال لي يحيى:" يزعم ابن عرعرة أن سلم بن زرير ثقة "(2)، قلت: كذلك يقول، قال:" هو ضعيف ضعيف "(3).
وكذلك قال ابن الجنيد: قال رجل ليحيى بن معين وأنا أسمع: زعم إبراهيم بن عرعرة أن محمد بن ذكوان والحسين بن ذكوان، ليسا بشيء، فغضب يحيى، وقال:" أما الحسين بن ذكوان فحدثني عنه يحيى بن سعيد وعبد الله بن المبارك، ولكن كان قدرياً، وأما محمد بن ذكوان فليس به بأس، أي شيء كان عنده؟ روى عنه حماد بن زيد وعبد الوارث وعبد الصمد، لا بأس به، قل لا بن عرعرة: اذهب ازرع "(4).
والخطأ هنا في جرح ابن عرعرة لثة وتعديله لمجروح أنه وإن كان ثقة معتنياً بالحديث، إلا أن ابن معين لم يراه من أهل الصنعة، فإنه سئل عنه فقال:" ثقة، معروف بالحديث، كان يحيى بن سعيد يكرمه، مشهور بالطلب، كيس الكتاب، ولكنه يفسد نفسه؛ يدخل في كل شيء "(5).
ونقل أبو حاتم الرازي عن هشام بن يوسف الصنعاني قوله في (عبد الله بن معاذ بن نشيط صاحب معمر): " هو صدوق، وكان عبد الرزاق يكذبه " ثم قال أبو حاتم: " أقول: هو أوثق من عبد الرزاق "(6).
(1) هوَ الثقة إبراهيم بن محمد بن عرْعرة بن البِرنْد السامي.
(2)
كانَ في الأصل: (سالم بن رَزين)، والتصويب من " تهذيب الكمال " للمزي (12/ 396).
(3)
سؤالات ابن الجنيد (النص: 706). وأبو خيْثمة هوَ الحافظ زُهير بن حرْبٍ.
(4)
سؤالات ابن الجنيد (النص: 645).
(5)
تاريخ بغداد، للخطيب (6/ 149 _ 150).
(6)
الجرح والتعديل (2/ 2 / 173).