المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث:طريق إثبات عدالة الراوي - تحرير علوم الحديث - جـ ١

[عبد الله الجديع]

فهرس الكتاب

- ‌مدخل:مقدمات تعريفية

- ‌المبحث الأول:علم الحديث: تعريفه، تاريخه، أقسامه

- ‌1 _ تعريف علم الحديث:

- ‌2 _ تاريخ علم الحديث:

- ‌3 _ تقسيم علوم الحديث:

- ‌المبحث الثاني:ألقاب الحديث من جهة من يضاف إليه

- ‌1_ الحديث المرفوع:

- ‌مسائل:

- ‌المسألة الثالثة: قول الصحابي: (قال: قال)

- ‌المسألة السابعة: حكم تفسير الصحابي للقرآن

- ‌المسألة الثامنة: الحديث القدسيُّ

- ‌2 _ الحديث الموقوف:

- ‌3 _ الحديث المقطوع:

- ‌المبحث الثالث:ألقاب الحديث باعتبار تعدد الأسانيد

- ‌القسم الأول: الحديث المتواتر

- ‌تقسيم الحديث المتواتر بحسب صِيغته:

- ‌ المتواتر اللفظي

- ‌ المتواتر المعنوي

- ‌القسم الثاني: حديث الآحاد

- ‌النوع الأول: الحديث المشهور

- ‌النوع الثاني: الحديث العزيز

- ‌النوع الثالث: الحديث الغريب

- ‌حجية خبر الواحد الصحيح:

- ‌المبحث الرابع:المتابعات والشواهد

- ‌المبحث الخامس:لطائف الإسناد

- ‌العالي والنازل:

- ‌القسم الأول:تحرير أركان النظر في الحديث

- ‌الباب الأول:تحليل الإسناد

- ‌الفصل الأول:تمييز النقلة

- ‌المبحث الأول:الطريق إلى تمييز الراوي

- ‌المبحث الثاني:تمييز الراوي بما يعرف به من اسم وكنية ونسب ولقب وصفة أخرى

- ‌الدلالة الأولى: تمييز الأسماء

- ‌الدلالة الثانية: تمييز الكنى

- ‌الدلالة الثالثة: تمييز الأنساب

- ‌الدلالة الرابعة: تمييز الألقاب

- ‌حكم استعمال ألقاب المحدثين في دراسة الأسانيد:

- ‌الدلالة الخامسة: تمييز الأبناء

- ‌الدلالة السادسة: تمييز النساء

- ‌المبحث الثالث:تميز الراوي بمعرفة شيوخه وتلاميذه وطبقته

- ‌الفرع الأول: تمييز الشيوخ والتلاميذ

- ‌1 _ رواية الآباء عن الأبناء

- ‌2 _ رواية الأكابر عن الأصاغر

- ‌3 _ رواية الأقران:

- ‌4 _ رواية السابق واللاحق:

- ‌الفرع الثاني تميز طبقات الرواة

- ‌الطرف الأول: تمييز مواليد الرواة

- ‌الطرف الثاني: تمييز وفيات الرواة

- ‌فوائد معرفة الطبقات:

- ‌تقسيم الطبقات:

- ‌المبحث الخامس:تفسير طبقة الصحابة

- ‌كيف تثبت الصحبة

- ‌من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير

- ‌ هل للصحابة عدد محصور

- ‌المبحث السادس:تمييز المشتبه من أسماء الرواة

- ‌ التشابه في الرسم

- ‌ الاشتراك

- ‌الفصل الثاني:اتصال الإسناد

- ‌المبحث الأول:الصيغة الصريحة بالسماع

- ‌شرط قبول صيغة السماع:

- ‌المبحث الثاني:الصيغة الصريحة بالاتصال بغير لفظ السماع وما في معناه

- ‌القسم الأول: القراءة على الشيخ

- ‌القسم الثاني: الإجازة

- ‌القسم الثالث: الوجادة

- ‌حكم التحديث وجادة في الصحة والضعف:

- ‌المبحث الثالث:صيغة العنعنة وما يجري مجراها

- ‌المبحث الرابع:مسائل متفرقة في اتصال الإسناد

- ‌المسألة الثانية:رموز صيغ الأداء

- ‌المسألة الرابعة:المرسل إذا علمت فيه الواسطة

- ‌الباب الثانينقد النقلة

- ‌الفصل الأولحكم نقد النقلةوصفة الناقد

- ‌المبحث الأول:حكم نقد الراوي

- ‌المبحث الثاني:صفة الناقد

- ‌المبحث الثالث:نماذج لأعيان من يعتمد قوله في نقد الرواة

- ‌الفصل الثانيتفسير التعديل

- ‌المبحث الأول:معنى العدالة

- ‌لا يصلح عد الصغائر مفسقات

- ‌المبحث الثاني:الدليل على اشتراط عدالة الناقل لقبول خبره

- ‌المبحث الثالث:طريق إثبات عدالة الراوي

- ‌ مسائل:

- ‌المسألة الأولى: هل ارتفاع الجهالة إثبات للعدالة

- ‌المسألة الثانية: معنى وصف الراوي بالشهرة

- ‌المبحث الرابع:معنى الضبط

- ‌النوع الأول: حفظ الصدر

- ‌كيف يثبت حفظ الراوي

- ‌النوع الثاني: حفظ الكتاب

- ‌المبحث الخامس:كيف يعرف الضبط

- ‌المبحث السادس:حكم تحمل الحديث في الصغر

- ‌المبحث السابع:حكم الرواية بالمعنى

- ‌المذهب الأول: جواز الرواية بالمعنى

- ‌المذهب الثاني: التمسك باللفظ

- ‌ مسائل:

- ‌المسألة الثالثة: إحالة الرواية على سياق مذكور:

- ‌المبحث الثامن:مسائل متممة لركن الضبط

- ‌المسألة الثانية: حكم رواية الضرير

- ‌المبحث التاسع:أصول في تعديل الرواة

- ‌الأصل الثاني: هل يتوقف قبول التعديل على العلم بأسبابه

- ‌الأصل الخامس: درجات العدول متفاوتة

- ‌الأصل السادس: هل رواية الثقة عن رجل تعديل له

- ‌الأصل السابع: تصحيح الناقد لإسناد حديث، هل يفيد تعديلاً منه لرواته

- ‌ عمل الناقد بحديث الراوي، وذهابه إلى مقتضاه

- ‌الأصل التاسع: قول الناقد: (إن كان هذا فلاناً فهو ثقة)

- ‌الأصل العاشر: أكثر رواة العلم ثقات

- ‌المبحث العاشر:تحرير القول في تعديل جماعةمن المتقدمين تنازعهم الناس

- ‌طريقة العجلي:

- ‌طريقة أبي بكر بن خزيمة:

- ‌طريقة ابن حبان:

- ‌طريقة الحاكم النيسابوري:

- ‌طريقة ابن عبد البر:

- ‌المبحث الحادي عشر:تحرير القول في عدالة الصحابة

- ‌ضبط الصحابي:

- ‌مسائل في عدالة الصحابة:

- ‌المسألة الأولى: الرجل يختلف في صحبته، فيقدح فيه بعض من لا يثبتها له:

- ‌المسألة الثالثة: تحرير القول في جهالة الصحابي

- ‌الفصل الثالثتفسير الجرح

- ‌تمهيد:في معنى الجرح

- ‌المبحث الأول:صور الجرح غير المؤثر

- ‌الصور الأولى: استعمال المباحات، أو ما يختلف فيه الاجتهاد حلاًّ وحرمة

- ‌الصورة الثانية: ما يعود الجرح فيه إلى طريق التلقي، والجارح اعتمد فيه المذهب المرجوح

- ‌الصورة الثالثة: الجرح بسبب التحمل في الصغر

- ‌الصورة الرابعة: ما يعود إلى جحد الشيخ أن يكون حدث بالحديث، أو تركه القول بمقتضاه

- ‌الصورة الخامسة: الرواية عن المجروحين والمجهولين

- ‌الصورة السادسة: الجرح والتدليس

- ‌المبحث الثاني:تحرير القول فيما يسلب العدالة

- ‌السبب الأول: الفسق

- ‌السبب الثاني: الكذب، والتهمة به

- ‌أثر التوبة من الكذب في الحديث:

- ‌الكذب في حديث الناس:

- ‌كتابة أحاديث الكذابين والمتهمين بالكذب للتمييز:

- ‌السبب الثالث: سرقة الحديث

- ‌السبب الرابع: البدعة

- ‌مذاهب أهل العلم في رد حديث أهل البدع أو قبوله:

- ‌السبب الخامس: الجهالة

- ‌المبحث الثالث:تحرير عود ما يسلب الضبطإلى سوء حفظ الراوي

- ‌القسم الأول: الوهم والغلط بمقتضى الجبلة

- ‌الوهم والغلط يقع بأسباب:

- ‌أولها: المخالفة في الأسانيد

- ‌ثانيها: وصل المراسيل

- ‌ثالثها: رفع الموقوف

- ‌رابعها: الجمع بين الرواة في سياق واحد وحمل حديث بعضهم على بعض

- ‌خامسها: قبول التلقين

- ‌سادسها: التصحيف إذا حدث من كتبه

- ‌القسم الثاني: ما يرجع من سوء الحفظإلى تساهل الراوي

- ‌المبحث الرابع:متى يترك حديث الراوي

- ‌المبحث الخامس:درجات سوء الحفظ

- ‌المبحث السادس:مسائل تتصل بالجرح بسوء الحفظ

- ‌المبحث السابع:أصول في جرح الرواة

- ‌الفصل الرابعتفسير الجهالة

- ‌المبحث الأول:من هو الراوي المجهول

- ‌القسم الأول: جهالة عين

- ‌القسم الثاني: جهالة حال

- ‌المبحث الثاني:جهالة الراوي سبب لرد حديثه

- ‌المبحث الثالث:أصول في الراوي المجهول

- ‌المبحث الرابع:تحرير القول في الرواة المسكوت عنهم

- ‌الفصل الخامستعارض الجرح والتعديل

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول:مقدمات ضرورية لتحقيق القولفي الراوي المختلف فيه

- ‌المقدمة الأولى: أهلية الناقد لقبول قوله

- ‌المقدمة الثانية: التحقق من ثبوت الجرح أو التعديل عن الناقد المعين

- ‌المقدمة الثالثة: منع قبول صيغة الجرح أو التعديل التي لا تنسب إلى ناقد معين

- ‌المقدمة الرابعة: مراعاة ميول الناقد المذهبية في القدح في النقلة

- ‌المقدمة الخامسة: اعتبار بشرية الناقد في تأثيرها في إطلاق الجرح أو التعديل

- ‌المقدمة السادسة: وجوب اعتبار مرتبة الناقد مقارنة بمخالفة

- ‌المقدمة السابعة: ملاحظة مذهب الناقد فيما يراه جرحاً، ومذهبه فيه مرجوح

- ‌المقدمة الثامنة: التحقق من آخر قولي أو أقوال الناقد في الراوي، إن كان قد اختلف عليه

- ‌المقدمة التاسعة: مراعاة دلالة ألفاظ الجرح والتعديل

- ‌المقدمة العاشرة: التحقق من كون العبارة المعينة قيلت من قبل الناقد في ذلك الشخص المعين

- ‌المقدمة الحادية عشرة: التحقق من لفظ المنقولة عن الناقد

- ‌المقدمة الثانية عشرة: التيقظ إلى ما يقع أحياناً من المبالغة في صيغة النقد

- ‌المقدمة الثالثة عشرة: قد تطلق العبارة لا يراد ظاهرها

- ‌المبحث الثاني:تحرير منع تقديم الجرح على التعديل إلا بشروط

- ‌الشرط الأول:أن يكون مفسراً، ولو من ناقد واحد

- ‌الشرط الثاني:أن يكون جرحاً بما هو جارح

- ‌الشرط الثالث:أن لا يكون الجرح مردوداً من ناقد آخر بحجة

- ‌المبحث الثالث:تنبيهات حول تعارض الجرح والتعديل

- ‌التنبيه الأول: ترك التعديل عند ظهور الجرح لا يقدح في شخص المعدل أو علمه

- ‌التنبيه الثاني: الجرح لمن استقرت عدالته وثبتت إمامته مردود

- ‌التنبيه الثالث: تقديم الجرح عند اجتماع الشروط لا يلزم منه السقوط بالراوي

- ‌التنبيه الخامس: الراوي يختلف فيه جرحاً وتعديلاً، وهو قليل الحديث

- ‌الفصل السادسمراتب الرواةوتفسير عبارات الجرح والتعديل

- ‌المبحث الأول:مراتب الرواة

- ‌المرتبة الأولى: الاحتجاج

- ‌المرتبة الثانية: الاعتبار

- ‌المرتبة الثالثة: السقوط

- ‌المبحث الثاني:تفسير عبارات الجرح والتعديل

الفصل: ‌المبحث الثالث:طريق إثبات عدالة الراوي

‌المبحث الثالث:

طريق إثبات عدالة الراوي

راوي الحديث قد يكون ممن عرف شأنه وتبينت سيرته بما اشتهر به من العلم أو الصلاح والعبادة أو الحكم أو غير ذلك، لكن أكثر الرواة لم يعرفوا إلا في سياق ما رووه من الحديث، وهؤلاء فيهم المكثر من الرواية، وفيهم المقل، وفيهم من اشتهر بكثرة من حمل عنه الحديث، وفيهم من لم يرو عنه إلا النفر اليسير، وفيهم من لم يرو عنه إلا راو واحد.

وبهذه الاعتبارات المختلفة فإن إثبات العدالة بمعناها المتقدم للراوي، وهو الإسلام واستقامة الظاهر، لا سبيل له إلا اعتماد رواية الراوي عنه كتعريف نسبي به، يثبت به وجوده، ويدل على كونه جار على أصل السلامة والاستقامة في الدين ما لم يحفظ عليه قادح.

وعليه فيمكن تقسيم الرواة إلى قسمين:

القسم الأول: من علمنا دينه وقدر استقامته من خلال سيرته المنقولة إلينا بالطرق المعتبرة، كأبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود وغيرهم ممن عرفت سيرهم واستقرت بذلك عدالتهم، وكسعيد بن المسيب والحسن البصري وعطاء بن أبي رباح والزهري وأبي حنيفة ومالك بن أنس وسفيان الثوري وشعبة بن الحجاج والشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم من أئمة الأمة

ص: 244

المستقرة عدالتهم بما عرف من سيرهم في العلم والعبادة والزهد، وهكذا عامة من حفظت عنهم الأخبار في بيان أحوالهم، فدلتا على منزلتهم في العدالة، ومكانتهم في الديانة حتى أغنى ذلك عن تتبع أمرهم والبحث عن درجاتهم، وفي بعض النقلة وإن كانوا قلة من حفظ لنا من سيرهم ما يفيد الجرح في العدالة، كالذي نقل لنا من سير بعض الأمراء وما ذكروا به من الظلم كبسر بن أرطاة (1)، والحجاج الثقفي.

والقسم الثاني: من لم يعرف من سيرته المنقولة ما يساعد على إثبات عدالته، وليس لدينا من أمره إلا راويته الحديث، وهؤلاء هم أكثر الرواة كما تقدم.

فهذا قد اعتبر لإثبات عدالته: ثقة الراوي عنه مع صحة الإسناد إليه.

فكأنهم قالوا: الأصل في الراوي الإسلام، والأصل في المسلم: العدالة، والفسق عارض، فحيث لم ينقل في حق الراوي فهو عدل.

لكن اختلفوا هنا: هل يكفي لإثبات هذه العدالة أن يروي عنه واحد، أم يشترط أن يكون اثنان فصاعداً؟ على مذهبين:

المذهب الأول: تثبت العدالة بأن يروي عن الراوي من هو معروف بالثقة والعلم والتثبت في الأخذ، دون اعتبار عدد.

قال يعقوب بن شيبة: قلت ليحيى بن معين: متى يكون الرجل معروفاً؟ إذا روى عنه كم؟ قال: " إذا روى عن الرجل مثل ابن سيرين والشعبي وهؤلاء أهل العلم، فهو غير مجهول "، قلت: فإذا روى عن الرجل مثل سماك بن حرب وأبي إسحاق قال: " هؤلاء يروون عن مجهولين "(2).

(1) ولا صُحبة له على التحقيق، وكان ظالماً جائراً.

(2)

شرح علل الترمذي، لابن رجب الحنبلي (1/ 81 _ 82).

ص: 245

قلت: هذا قد اعتبر فيه ابن معين تثبت الراوي في الأخذ واحتياطه في عدم الرواية عمن لم يعرف، فأما من لم يكن يبالي عمن روى فلا تثبت بروايته العدالة وإن كان ثقة.

ومثله في المعنى ما نقله أبو داود السجستاني قال: قلت لأحمد (يعني ابن حبان): إذا روى يحيى أو عبد الرحمن بن مهدي عن رجل مجهول، يحتج بحديثه؟ قال:" يحتج بحديثه "(1).

وهذا المذهب جرى عليه عمل الشيخين البخاري ومسلم في الاحتجاج بحديثه من لم يرو عنه إلا واحد من الصحابة، لكن ثبوت العدالة المطلقة للصحابة يخرجهم عن سائر الرواة، ويأتي ذلك.

وهو مذهب ابن حبان أيضاً، جرى عليه في " ثقاته " كما سيأتي في مبحث خاص، لكنه توسع فجعل مجرد رواية الثقة وإن لم يعرف بالاحتياط في الأخذ تعديلاً.

والمذهب الثاني: أن يروي عنه اثنان فأكثر.

وهذا المذهب جاء عن الحافظ محمد بن يحيى الذهلي، قال:" إذا روى عن المحدث رجلان ارتفع عنه اسم الجهالة "(2).

وقد نسبه الحاكم والبيهقي إلى البخاري ومسلم فيمن خرجا حديثه في كتابيهما، وبينت خطأ ذلك في الكلام على شرط الشيخين، وأن الصحيح أنهما أخرجا حديث من لم يرو عنه إلا واحد واحتجابه من الصحابة خصوصاً.

وكذلك قال ابن عدي في ترجمة (سعيد بن أبي راشد): " لا أعلم يروي عنه غير مروان الفزاري، وإذا روى عنه رجل واحد كان شبه مجهول "(3).

(1) سؤالات أبي داود لأحمد (النص: 137).

(2)

الكفاية، للخطيب البغدادي (ص: 150) وإسناده صحيح.

(3)

الكامل، لابن عدي (4/ 442).

ص: 246

وقال في (أبي الجهم الإيادي) راوي حديث: " امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء إلى النار ": " مجهول، لم يحدث عنه غير هشيم، وليس له إلا هذا الحديث الواحد "(1).

فجعل رواية الواحد عن رجل وإن كان ذلك الواحد ثقة لا ترفع عنه الجهالة.

وقال أبو عبد الله بن منده: " من حكم الصحابي أنه إذا روى عنه تابعي واحد، وإن كان مشهوراً، مثل الشعبي وسعيد بن المسيب، ينسب إلى الجهالة، فإذا روى عنه رجلان صار مشهوراً واحتج به "(2).

قلت: وهذا إذا قاله في الصحابي، فهو عنده في غيره أولى في إثبات الجهالة برواية الواحد.

وهذا القول لم يشترط عدالة الرجلين.

وذكر الدارقطني (خشف بن مالك)، فقال:" هو رجل مجهول، ولم يرو عنه إلا زيد بن جبير، وأهل العلم بالحديث لا يحتجون بخبر يتفرد بروايته رجل غير معروف، وإنما يثبت العلم عندهم بالخبر إذا كان راويه عدلاً مشهوراً، أو رجل قد ارتفع اسم الجهالة عنه، وارتفاع اسم الجهالة عنه أن يروي عنه رجلان فصاعداً، فإذا كان هذه صفته ارتفع عنه اسم الجهالة، وصار حينئذ معروفاً، فأما من لم يرو عنه إلا رجل واحد، انفرد بخبر، وجب التوقف عن خبره ذلك حتى يوافقه غيره "(3).

واختاره الخطيب، لكن قيده، فقال:" أقل ما ترتفع به الجهالة: أن يروي عن الرجل اثنان فصاعداً من المشهورين بالعلم "(4).

(1) الكامل (5/ 136).

(2)

شروط الأئمة الستة، لابن طاهر المقدسي (ص: 99 _ 100) قلت: وقوله: واحتج به " غيرُ مسلم إذا أجريناه في غير الصحابة حتى يتوفَّر شرط الضبط.

(3)

سنن الدارقطني (3/ 174).

(4)

الكفاية، للخطيب (ص: 150).

ص: 247

وهذا القيد: (أن يكون من روى عنه مشهوراً بالعلم) ينبغي أن يراد به الثقة، فالشهرة بالعلم والرواية مع الكذب والوهاء لا خير فيها.

سأل عثمان الدارمي يحيى بن معين قال: قلت: عطاء بن المبارك، تعرفه؟ فقال:" من يروي عنه؟ "، قلت: ذاك الشيخ أحمد بن بشير، فقال:" هه! " كأنه يتعجب من ذكر أحمد بن البشير، فقال:" لا أعرفه "، قال عثمان:" أحمد بن بشير كان من أهل الكوفة، ثم قدم بغداد، وهو متروك "(1).

ومثاله أيضاً (أبان الرقاشي) والد يزيد، قال فيه ابن عدي:" لا يحدث عنه غير ابنه يزيد بالشيء اليسير، ومقداره ما يرويه ليس بمحفوظ، على أن له مقدار خمسة أو ستة أحاديث مخارجها مظلمة "(2).

وهكذا قال ابن حبان: " الشيخ إذا لم يرو عنه ثقة فهو مجهول لا يجوز الاحتجاج به؛ لأن رواية الضعيف لا تخرج من ليس بعدل عن حد المجهولين إلى جملة أهل العدالة، كأن ما روى الضعيف وما لم يرو في الحكم سيان "(3).

وهذا النمط من المجهولين يتفرد عن أحدهم الراوي المجروح جهالة أحدهم جهالة عين في الرواية.

والراجح:

صحة اعتبار المذهبين في عموم الرواة عدا الصحابة (4)، على التفصيل التالي:

1 _

تثبت العدالة للراوي إذا روى عنه اتصالاً من كان متثبتاً في الأخذ، وإن كان واحداً.

(1) تاريخ الدارمي (النص: 664).

(2)

الكامل، لابن عدي (2/ 69).

(3)

المجروجين، لابن حبان (1/ 327 _ 328).

(4)

لعدالة الصحابة تأصيلاً، وأن مجهولهم مقبول الرواية تحقيقاً.

ص: 248