الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال ابن عدي في (محمد بن عوف الحمصي): " هو عالم بأحاديث الشام، صحيحها وضعيفها "(1).
قلت: ومن أمثلته في النقاد: أبو مسهر في الشاميين، ومحمد بن عوف في الحمصيين، وأحمد بن صالح، وابن يونس في المصرين.
المقدمة السابعة: ملاحظة مذهب الناقد فيما يراه جرحاً، ومذهبه فيه مرجوح
وهذا لا يضبطه إلا ما سيأتي ذكره في المبحث التالي من اشترط تفسير سبب الجرح، وإنما المراد هنا أن تتفطن إلى أن الناقد المعتد به في الجملة قد يقدح بما ليس بقادح في التحقيق.
ومثال ذلك أن علي بن المديني سأل يحيى بن سعيد عن حديث ابن جريج عن عطاء الخراساني؟ فقال: " ضعيف "، قال: قلت ليحيى: إنه يقول: (أخبرني)، قال:" لا شيء، كله ضعيف، إنما هو كتاب دفعه إليه "(2).
قلت: فضعفه لأنه يرى ضعف التحمل بهذا الطريق، وهو مذهب مرجوح كما بينته في (طرق التحمل).
ومن هذا ما حدث به أبو داود الطيالسي، قال: سمعت شعبة يقول: " جرير بن حازم وحماد بن زيد أتياني يسألاني أن أسكت عن الحسن بن عمارة، ولا والله، لا سكت عنه، ثم لا والله، لا سكت عنه، هذا الحسن بن عمارة يحدث عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس، وعن الحكم عن يحيى بن الجزار عن علي، قالا: إذا وضعت زكاتك في صنف من الأصناف جاز. وأنا والله سألت الحكم عن ذلك؟ فقال: إذا وضعت في
(1) الكامل (1/ 231).
(2)
أخبار المكيين من " تاريخ ابن أبي خيثمة "(ص: 366).
صنف من الأصناف أجزأك، فقلت: عمن؟ فقال: عن إبراهيم النخعي. وهذا الحسن بن عمارة يحدث عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس، وعن الحكم عن يحيى بن الجزار عن علي، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد وغسلهم. وأنا سألت الحكم عن ذلك عن ذلك فقال: يصلي عليهم ولا يغسلون، قلت: عمن؟ قال: بلغني عن الحسن البصري " (1).
وفي رواية قال أبو داود: قال شعبة: " ائت جرير بن حازم، فقل له: لا يحل لك أن تروي عن الحسن بن عمارة؛ فإنه يكذب "، قلت لشعبة: ما علامة ذلك؟ قال: " روى عن الحكم أشياء لم نجد لها أصلاً "، ثم ذكر شيئاً من ذلك ببعض الاختلاف (2).
قال القاضي الرامهرمزي: " وليس يستدل على تكذيب الحسن بن عمارة من الطريق الذي استدل به أبو بسطام؛ لأنه استفتى الحكم في المسألتين، فأفتاه الحكم بما عنده، وهو أحد فقهاء الكوفة زمن حماد، فلما قال له أبو بسطام: عمن، أمكن أن يكون يظن أنه يقول: من الذي يقوله من فقهاء الأمصار؟ فقال في إحداهما: هو قول إبراهيم، وفي الأخرى: هو قول الحسن، هذا مقام الحجة وليس يلزم المفتي أن يفتي بجميع ما روى، ولا يلزمه أيضاً أن يترك رواية ما لا يفتي به، وعلى هذا مذاهب جميع فقهاء الأمصار: هذا مالك يرى العمل بخلاف كثير مما يروي، والزهري عن سالم عن أبيه أثبت وأقوى عند علماء أهل الحديث من الحكم عن مقسم عن ابن عباس، وقد خالف مالك هذه الرواية في رفع
(1) أخرجه الرامهرمزي في " المحدث الفاصل "(رقم: 224) وإسناده صحيح، ورجَّح الرامهرمزي هذا السياق من أجْل سِياق الرواية التالية في تفسير شُعبة لروايات الحسن.
(2)
أخرجه مسلمٌ في " مقدمة الصحيح "(1/ 23 _ 24) والرامهرمزي (رقم: 223) والبيهقي في " الكبرى "(4/ 13) والخطيب في " تاريخه "(7/ 347) بإسنادٍ صحيح.