المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأصل السادس: هل رواية الثقة عن رجل تعديل له - تحرير علوم الحديث - جـ ١

[عبد الله الجديع]

فهرس الكتاب

- ‌مدخل:مقدمات تعريفية

- ‌المبحث الأول:علم الحديث: تعريفه، تاريخه، أقسامه

- ‌1 _ تعريف علم الحديث:

- ‌2 _ تاريخ علم الحديث:

- ‌3 _ تقسيم علوم الحديث:

- ‌المبحث الثاني:ألقاب الحديث من جهة من يضاف إليه

- ‌1_ الحديث المرفوع:

- ‌مسائل:

- ‌المسألة الثالثة: قول الصحابي: (قال: قال)

- ‌المسألة السابعة: حكم تفسير الصحابي للقرآن

- ‌المسألة الثامنة: الحديث القدسيُّ

- ‌2 _ الحديث الموقوف:

- ‌3 _ الحديث المقطوع:

- ‌المبحث الثالث:ألقاب الحديث باعتبار تعدد الأسانيد

- ‌القسم الأول: الحديث المتواتر

- ‌تقسيم الحديث المتواتر بحسب صِيغته:

- ‌ المتواتر اللفظي

- ‌ المتواتر المعنوي

- ‌القسم الثاني: حديث الآحاد

- ‌النوع الأول: الحديث المشهور

- ‌النوع الثاني: الحديث العزيز

- ‌النوع الثالث: الحديث الغريب

- ‌حجية خبر الواحد الصحيح:

- ‌المبحث الرابع:المتابعات والشواهد

- ‌المبحث الخامس:لطائف الإسناد

- ‌العالي والنازل:

- ‌القسم الأول:تحرير أركان النظر في الحديث

- ‌الباب الأول:تحليل الإسناد

- ‌الفصل الأول:تمييز النقلة

- ‌المبحث الأول:الطريق إلى تمييز الراوي

- ‌المبحث الثاني:تمييز الراوي بما يعرف به من اسم وكنية ونسب ولقب وصفة أخرى

- ‌الدلالة الأولى: تمييز الأسماء

- ‌الدلالة الثانية: تمييز الكنى

- ‌الدلالة الثالثة: تمييز الأنساب

- ‌الدلالة الرابعة: تمييز الألقاب

- ‌حكم استعمال ألقاب المحدثين في دراسة الأسانيد:

- ‌الدلالة الخامسة: تمييز الأبناء

- ‌الدلالة السادسة: تمييز النساء

- ‌المبحث الثالث:تميز الراوي بمعرفة شيوخه وتلاميذه وطبقته

- ‌الفرع الأول: تمييز الشيوخ والتلاميذ

- ‌1 _ رواية الآباء عن الأبناء

- ‌2 _ رواية الأكابر عن الأصاغر

- ‌3 _ رواية الأقران:

- ‌4 _ رواية السابق واللاحق:

- ‌الفرع الثاني تميز طبقات الرواة

- ‌الطرف الأول: تمييز مواليد الرواة

- ‌الطرف الثاني: تمييز وفيات الرواة

- ‌فوائد معرفة الطبقات:

- ‌تقسيم الطبقات:

- ‌المبحث الخامس:تفسير طبقة الصحابة

- ‌كيف تثبت الصحبة

- ‌من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير

- ‌ هل للصحابة عدد محصور

- ‌المبحث السادس:تمييز المشتبه من أسماء الرواة

- ‌ التشابه في الرسم

- ‌ الاشتراك

- ‌الفصل الثاني:اتصال الإسناد

- ‌المبحث الأول:الصيغة الصريحة بالسماع

- ‌شرط قبول صيغة السماع:

- ‌المبحث الثاني:الصيغة الصريحة بالاتصال بغير لفظ السماع وما في معناه

- ‌القسم الأول: القراءة على الشيخ

- ‌القسم الثاني: الإجازة

- ‌القسم الثالث: الوجادة

- ‌حكم التحديث وجادة في الصحة والضعف:

- ‌المبحث الثالث:صيغة العنعنة وما يجري مجراها

- ‌المبحث الرابع:مسائل متفرقة في اتصال الإسناد

- ‌المسألة الثانية:رموز صيغ الأداء

- ‌المسألة الرابعة:المرسل إذا علمت فيه الواسطة

- ‌الباب الثانينقد النقلة

- ‌الفصل الأولحكم نقد النقلةوصفة الناقد

- ‌المبحث الأول:حكم نقد الراوي

- ‌المبحث الثاني:صفة الناقد

- ‌المبحث الثالث:نماذج لأعيان من يعتمد قوله في نقد الرواة

- ‌الفصل الثانيتفسير التعديل

- ‌المبحث الأول:معنى العدالة

- ‌لا يصلح عد الصغائر مفسقات

- ‌المبحث الثاني:الدليل على اشتراط عدالة الناقل لقبول خبره

- ‌المبحث الثالث:طريق إثبات عدالة الراوي

- ‌ مسائل:

- ‌المسألة الأولى: هل ارتفاع الجهالة إثبات للعدالة

- ‌المسألة الثانية: معنى وصف الراوي بالشهرة

- ‌المبحث الرابع:معنى الضبط

- ‌النوع الأول: حفظ الصدر

- ‌كيف يثبت حفظ الراوي

- ‌النوع الثاني: حفظ الكتاب

- ‌المبحث الخامس:كيف يعرف الضبط

- ‌المبحث السادس:حكم تحمل الحديث في الصغر

- ‌المبحث السابع:حكم الرواية بالمعنى

- ‌المذهب الأول: جواز الرواية بالمعنى

- ‌المذهب الثاني: التمسك باللفظ

- ‌ مسائل:

- ‌المسألة الثالثة: إحالة الرواية على سياق مذكور:

- ‌المبحث الثامن:مسائل متممة لركن الضبط

- ‌المسألة الثانية: حكم رواية الضرير

- ‌المبحث التاسع:أصول في تعديل الرواة

- ‌الأصل الثاني: هل يتوقف قبول التعديل على العلم بأسبابه

- ‌الأصل الخامس: درجات العدول متفاوتة

- ‌الأصل السادس: هل رواية الثقة عن رجل تعديل له

- ‌الأصل السابع: تصحيح الناقد لإسناد حديث، هل يفيد تعديلاً منه لرواته

- ‌ عمل الناقد بحديث الراوي، وذهابه إلى مقتضاه

- ‌الأصل التاسع: قول الناقد: (إن كان هذا فلاناً فهو ثقة)

- ‌الأصل العاشر: أكثر رواة العلم ثقات

- ‌المبحث العاشر:تحرير القول في تعديل جماعةمن المتقدمين تنازعهم الناس

- ‌طريقة العجلي:

- ‌طريقة أبي بكر بن خزيمة:

- ‌طريقة ابن حبان:

- ‌طريقة الحاكم النيسابوري:

- ‌طريقة ابن عبد البر:

- ‌المبحث الحادي عشر:تحرير القول في عدالة الصحابة

- ‌ضبط الصحابي:

- ‌مسائل في عدالة الصحابة:

- ‌المسألة الأولى: الرجل يختلف في صحبته، فيقدح فيه بعض من لا يثبتها له:

- ‌المسألة الثالثة: تحرير القول في جهالة الصحابي

- ‌الفصل الثالثتفسير الجرح

- ‌تمهيد:في معنى الجرح

- ‌المبحث الأول:صور الجرح غير المؤثر

- ‌الصور الأولى: استعمال المباحات، أو ما يختلف فيه الاجتهاد حلاًّ وحرمة

- ‌الصورة الثانية: ما يعود الجرح فيه إلى طريق التلقي، والجارح اعتمد فيه المذهب المرجوح

- ‌الصورة الثالثة: الجرح بسبب التحمل في الصغر

- ‌الصورة الرابعة: ما يعود إلى جحد الشيخ أن يكون حدث بالحديث، أو تركه القول بمقتضاه

- ‌الصورة الخامسة: الرواية عن المجروحين والمجهولين

- ‌الصورة السادسة: الجرح والتدليس

- ‌المبحث الثاني:تحرير القول فيما يسلب العدالة

- ‌السبب الأول: الفسق

- ‌السبب الثاني: الكذب، والتهمة به

- ‌أثر التوبة من الكذب في الحديث:

- ‌الكذب في حديث الناس:

- ‌كتابة أحاديث الكذابين والمتهمين بالكذب للتمييز:

- ‌السبب الثالث: سرقة الحديث

- ‌السبب الرابع: البدعة

- ‌مذاهب أهل العلم في رد حديث أهل البدع أو قبوله:

- ‌السبب الخامس: الجهالة

- ‌المبحث الثالث:تحرير عود ما يسلب الضبطإلى سوء حفظ الراوي

- ‌القسم الأول: الوهم والغلط بمقتضى الجبلة

- ‌الوهم والغلط يقع بأسباب:

- ‌أولها: المخالفة في الأسانيد

- ‌ثانيها: وصل المراسيل

- ‌ثالثها: رفع الموقوف

- ‌رابعها: الجمع بين الرواة في سياق واحد وحمل حديث بعضهم على بعض

- ‌خامسها: قبول التلقين

- ‌سادسها: التصحيف إذا حدث من كتبه

- ‌القسم الثاني: ما يرجع من سوء الحفظإلى تساهل الراوي

- ‌المبحث الرابع:متى يترك حديث الراوي

- ‌المبحث الخامس:درجات سوء الحفظ

- ‌المبحث السادس:مسائل تتصل بالجرح بسوء الحفظ

- ‌المبحث السابع:أصول في جرح الرواة

- ‌الفصل الرابعتفسير الجهالة

- ‌المبحث الأول:من هو الراوي المجهول

- ‌القسم الأول: جهالة عين

- ‌القسم الثاني: جهالة حال

- ‌المبحث الثاني:جهالة الراوي سبب لرد حديثه

- ‌المبحث الثالث:أصول في الراوي المجهول

- ‌المبحث الرابع:تحرير القول في الرواة المسكوت عنهم

- ‌الفصل الخامستعارض الجرح والتعديل

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول:مقدمات ضرورية لتحقيق القولفي الراوي المختلف فيه

- ‌المقدمة الأولى: أهلية الناقد لقبول قوله

- ‌المقدمة الثانية: التحقق من ثبوت الجرح أو التعديل عن الناقد المعين

- ‌المقدمة الثالثة: منع قبول صيغة الجرح أو التعديل التي لا تنسب إلى ناقد معين

- ‌المقدمة الرابعة: مراعاة ميول الناقد المذهبية في القدح في النقلة

- ‌المقدمة الخامسة: اعتبار بشرية الناقد في تأثيرها في إطلاق الجرح أو التعديل

- ‌المقدمة السادسة: وجوب اعتبار مرتبة الناقد مقارنة بمخالفة

- ‌المقدمة السابعة: ملاحظة مذهب الناقد فيما يراه جرحاً، ومذهبه فيه مرجوح

- ‌المقدمة الثامنة: التحقق من آخر قولي أو أقوال الناقد في الراوي، إن كان قد اختلف عليه

- ‌المقدمة التاسعة: مراعاة دلالة ألفاظ الجرح والتعديل

- ‌المقدمة العاشرة: التحقق من كون العبارة المعينة قيلت من قبل الناقد في ذلك الشخص المعين

- ‌المقدمة الحادية عشرة: التحقق من لفظ المنقولة عن الناقد

- ‌المقدمة الثانية عشرة: التيقظ إلى ما يقع أحياناً من المبالغة في صيغة النقد

- ‌المقدمة الثالثة عشرة: قد تطلق العبارة لا يراد ظاهرها

- ‌المبحث الثاني:تحرير منع تقديم الجرح على التعديل إلا بشروط

- ‌الشرط الأول:أن يكون مفسراً، ولو من ناقد واحد

- ‌الشرط الثاني:أن يكون جرحاً بما هو جارح

- ‌الشرط الثالث:أن لا يكون الجرح مردوداً من ناقد آخر بحجة

- ‌المبحث الثالث:تنبيهات حول تعارض الجرح والتعديل

- ‌التنبيه الأول: ترك التعديل عند ظهور الجرح لا يقدح في شخص المعدل أو علمه

- ‌التنبيه الثاني: الجرح لمن استقرت عدالته وثبتت إمامته مردود

- ‌التنبيه الثالث: تقديم الجرح عند اجتماع الشروط لا يلزم منه السقوط بالراوي

- ‌التنبيه الخامس: الراوي يختلف فيه جرحاً وتعديلاً، وهو قليل الحديث

- ‌الفصل السادسمراتب الرواةوتفسير عبارات الجرح والتعديل

- ‌المبحث الأول:مراتب الرواة

- ‌المرتبة الأولى: الاحتجاج

- ‌المرتبة الثانية: الاعتبار

- ‌المرتبة الثالثة: السقوط

- ‌المبحث الثاني:تفسير عبارات الجرح والتعديل

الفصل: ‌الأصل السادس: هل رواية الثقة عن رجل تعديل له

وقال في (محبوب بن محرز القواريري): " يكتب حديثه "، فقيل له: يحتج بحديثه؟ فقال: " يحتج بحديث سفيان وشعبة "(1).

وإنما أراد أبو حاتم الدرجة العليا في الإتقان.

فدلت هذه الآثار أن العدول درجات، كلهم مقبول من أجل ثبوت عدالته وضبطه في الجملة، ولكن فائدة تمييز ذلك: الترجيح بينهم عند تعارض الروايات واختلافها في الأسانيد والمتون.

وهذا طريق معتمد عند أئمة النقاد في علم (علل الحديث) يرجحون بتفاوت حفظ الثقات.

وأما الثقة المطلقة فلا توجد لأحد من الرواة، إلا أن يقال:(فلان من أوثق الناس) أو (من أثبت الناس)، وليست هذه ثقة مطلقة.

وسبب امتناع هذا أنه لا يعرف أحد من الرواة سلم من الغلط، فمن أوثق الناس شعبة بن الحجاج وسفيان الثوري ومالك بن أنس، لكن ما سلم أحد منهم من خطأ يسير يؤخذ عليه.

فإن قارنت بغيرهم نازعهم من يقرب منهم في الضبط في أعيان شيوخهم، كشعبة والثوري في الأعمش، وكمنازعة بعض الثقات من أصحاب الزهري لمالك فيه.

‌الأصل السادس: هل رواية الثقة عن رجل تعديل له

؟

هذه المسألة مما اختلف فيه أهل العلم على ما يمكن حصره في أربعة أقوال:

القول الأول: رواية الثقة عن رجل بمجردها تعديل له، وهو محكي عن الحنفية (2).

(1) الجرح والتعديل (4/ 1 / 388).

(2)

شرح علل الترمذي، لابن رجب (1/ 80).

ص: 302

والقول الثاني: رواية الثقة عن رجل ليست تعديلاً له بمجردها، وهذا معروف لطائفة كبيرة من أئمة الحديث.

قال الترمذي: " لا يغتر برواية الثقات عن الناس "(1).

وقال الخطيب: " احتج من زعم أن رواية العدل عن غيره تعديل له: بأن العدل لو كان يعلم فيه جرحاً لذكره. وهذا باطل؛ لأنه يجوز أن يكون العدل لا يعرف عدالته، فلا تكون روايته عنه تعديلاً ولا خبراً عن صدقه، بل يروي عنه لأغراض يقصدها، كيف وقد وجد جماعة من العدول الثقات رووا عن قوم أحاديث أمسكوا في بعضها عن ذكر أحوالهم مع علمهم بأنها غير مرضية، وفي بعضها شهدوا عليهم بالكذب في الرواية، وبفساد الآراء والمذهب؟ ".

ثم مثل لذلك بأمثلة، منها:

1 _

قول عامر الشعبي في (الحارث الأعور): " حدثني الحارث وكان كذاباً "(2). وفي لفظ: " حدثني الحارث، وأشْهد أنه أحد الكذابين "(3).

2 _

وقال عثمان بن أبي صفوان الثقفي: سمعت سفيان الثوري يقول: " حدثنا ثوير بن أبي فاختة، وكان من أركان الكذب "(4).

(1) العلل الصغير، في آخر " الجامع "(6/ 235).

(2)

أخرجه البُخاري في " التاريخ الأوسط "(1/ 282) _ ومن طريقه: ابن عدي في " الكامل "(2/ 449) _ وأبو زُرعة الرازي (2/ 587 _ أسئلة البرذعي) ومسلم في " مقدمة صحيحه "(1/ 19) ويعقوب بن سُفيان في " المعرفة والتاريخ "(3/ 116 _ 117) _ ومن طريقه: الخطيب في " الكفاية "(ص: 151) _ والرامهرمزي (ص: 418) والعُقيلي في " الضعفاء "(1/ 208) والخليلي في " الإرشاد "(2/ 552)(1/ 208) وإسناده صحيح.

(3)

أخرجه أحمد في " العلل "(النص: 990، 1148) _ ومن طريقه: ابنُ عدي في " الكامل "(2/ 449) _ ومُسلمٌ في " مُقدمة صحيحه "(1/ 19) وابنُ أبي حاتم في " الجرح والتعديل "(1/ 2 / 78) والعُقيلي في " الضعفاء "(1/ 208) وإسناده صحيح.

(4)

أخرجه الخطيب في " الكفاية "(ص: 151) بإسناد صحيح إلى عثمان هذا، ولم أقف فيه على جرح أو تعديل، وذُكر برواية ابنه عنه.

ص: 303

3 _

وقال يزيد بن هارون: " حدثنا أبو روح، وكان مجنوناً، وكان يعالج المجانين، وكان كذاباً (1).

كما استدل الخطيب لما ذهب إليه بقول شعبة بن الحجاج: " لو لم أحدثكم إلا عن ثقة، لم أحدثكم عن ثلاثين "(2).

وقال يحيى بن سعيد القطان: " ليس كل من يحدث عنه سفيان كان ثقة "(3).

ووجدت الإمام يحيى بن معين يقول في رواة حدث عنهم من لا يخفى يحيى أنهم من أهل التثبت والنقد، مثل شعبة بن الحجاج، ومع ذلك فلم يجعل روايتهم عنهم تعديلاً لهم، فقد قال في كل من (أبي قزعة) و (أبي سلمة الكوفي) ":" لا أعرفه " وقد روى عنهما شعبة (4).

ونقل ابن هانئ النيسابوري أنه سأل الإمام أحمد بن حنبل عن (البختري) الذي روى عنه شعبة؟ فقال: " لا أعرفه "(5).

وقد قال الحاكم: " تفرد شعبة بالرواية عن زهاء ثلاثين شيخاً من شيوخه لم يرو عنهم غيره، وكذلك كل إمام من أئمة الحديث قد تفرد بالرواية عن شيوخ لم يرو عنهم غيره "(6).

(1) أخرجه الخطيب في " الكفاية "(ص: 151) بإسناد صحيح. واسم أبي روْح هذا خالد بن محْدوج الواسطي، والحق أن يزيد بن هارون لم يكن يروي عنه؛ من أجل كذبه عنده، وقد صح عنه قوله:" حلفت أن لا أروي عن خالدِ بن مَحدوج "(أخرجه مسلم في " مقدمة صحيحه: ص: 24، والعقيلي 2/ 15)، والظاهر أنه حين قال: " حدثنا أبو روْح

" أراد أن يبين كذبه، لا أن يسوق شيئاً من حديثه، ويزيد من الحفاظ المعروفين بتثبتهم والاجتهاد في الرواية عن الثقات.

(2)

أخرجه الخطيب في " الكفاية "(ص: 152) بإسناد صحيح.

(3)

نقله ابن حجر في " التهذيب "(1/ 622) عن " تاريخ ابن أبي خيثمة ".

(4)

معرفة الرجال، رواية ابن مُحرز (1/ 77).

(5)

مسائل الإمام أحمد، رواية: ابن هانئ (2/ 232).

(6)

معرفة علوم الحديث (ص: 161).

ص: 304

وقال الإمام أحمد بن حنبل: " جون بن قتادة شيخ لا يعرف، لم يحدث عنه غير الحسن "(1).

بل ربما روى عن رجل ثقتان ولا يوثقه الناقد، كما سئل أحمد بن حنبل عن (عبد الأعلى التميمي) الذي روى عنه مسعر: من هو؟ قال: " لا أعرفه، روى عنه مسعر والمسعودي "(2).

قلت: ومعلوم أن كثير من الثقات رووا عن المجهولين لم يعرفوا إلا من جهة أولئك الثقات، فلم يعتبر النقاد روايتهم عن أولئك تعديلاً لهم، من أولئك الثقات: أبو إسحاق السبيعي، وعامر الشعبي، والزهري، وقتادة، والثوري، والقعنبي، ومعن بن عيسى القزاز، وأحمد بن عبد الله بن يونس.

قال شعبة بن الحجاج: " نعم الرجل سفيان، لولا أنه يقمِّش " يعني يأخذ من الناس كلهم (3).

وقال يحيى بن سعيد القطان: " لا تكتب عن معمر عن رجل لا يعرف؛ فإنه لا يبالي عمن روى "(4).

وقال ابن عدي في ترجمة (عمر ذي مر الهمداني): " هو في جملة مشايخ أبي إسحاق المجهولين الذين لا يحدث عنهم غير أبي إسحاق؛ فإن لأبي إسحاق غير شيخ يحدث عن لا يعرف "(5).

وقال في (كدير الضبي) و (كريم بن الحارث): " غير معروفين، لا يحدث عنهما غير أبي إسحاق "(6).

(1) مسائل الإمام أحمد، رواية: أبي داود السجستاني (ص: 302).

(2)

مسائل الإمام أحمد، رواية: ابن هانئ النيسابوري (2/ 221).

(3)

أخرجه يعقوب بن سُفيان في " المعرفة والتاريخ "(1/ 728 _ 729) وإسناده صحيح.

(4)

أخرجه الرامهرمزي في " المحدث الفاصل "(ص: 418) وإسناده صحيح.

(5)

الكامل (6/ 244).

(6)

الكامل (7/ 223).

ص: 305

وقال ابن عدي: " القعنبي روى عن جماعة من أهل المدينة وغيرهم ممن لا يعرفون "(1).

وقال: " ومعن يحدث عن قوم من أهل المدينة ليسوا هم بمعروفين "(2).

وقال: " ابن يونس يَروي عن غير واحدٍ ممن يكنيهم ولا يُعرفون (3).

وممن عرف بالرواية عن المجهولين الذين رووا المنكرات مع أنهم من المعدودين في الثقات كذلك: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، ومحمد بن إسحاق، وبقية بن الوليد.

قال عبد الله بن المبارك: " بقية صدوق اللسان، ولكنه يأخذ عمن أقبل وأدبر "(4).

ومن شيوخه المجهولين: عمر بن أبي عمر الكلاعي، وعلي بن أبي علي القرشي، ولوذان بن سليمان، ومحمد بن عبد الرحمن القُشيري، ويحيى بن خالدٍ أبو زكريا.

وقال ابن عدي في (عُثمان بن عبد الرحمن الطرائفي)(5): " صُورة عُثمان بن عبد الرحمن أنه لا بأس به، إلا أنه يحدث عن قوم مجهولين بعجائب وتلك العجائب من جهة المجهولين، وهو في أهل الجزيرة كبقية في أهل الشام، وبقية أيضاً يحدث عن مجهولين بعجائب "(6).

(1) الكامل (4/ 549) ترجمة: سليط بن مسلم.

(2)

الكامل (7/ 478) ترجمة: محمد بن عباد بن سعد.

(3)

الكامل (9/ 197) ترجمة: أبي يزيد الطحان.

(4)

أخرجه مسلم في " مقدمة الصحيح "(ص: 19) بإسناد صحيح.

(5)

انظر: الكامل، لابن عدي (2/ 282).

(6)

الكامل (6/ 297 _ 298).

ص: 306

وقال أبو حاتم الرازي في (سليمان بن عبد الرحمن أبي أيوب الدمشقي، المعروف بابن بنت شرحبيل): " صدوق، مستقيم الحديث، ولكنه أروى الناس عن الضعفاء والمجهولين، وكان عندي في حد لو أن رجلاً وضع له حديثاً لم يفهم، وكان لا يميز "(1).

وقال كذلك في (عبد الرحمن بن محمد المحاربي): " صدوق إذا حدث عن الثقات، ويروي عن المجهولين أحاديث منكرة فيفسد حديثه بروايته عن المجهولين "(2).

وقال أبو حاتم أيضاً في (مروان بن معاوية الفزاري): " صدوق، لا يدفع عن صدق، وتكثر روايته عن الشيوخ المجهولين "(3).

وقال محمد بن عبد الله بن نمير: " كان مروان بن معاوية يتلقط الشيوخ من السكك "(4).

قلت: فهذه أمثلة لجماعة من الثقات رووا عن المجهولين، فما عدت روايتهم عنهم مما ترتفع به وتثبت لهم به العدالة.

والقول الثالث: رواية الثقة الذي عرف أنه لا يروي إلا عن ثقة تعديل، ومن لم يعرف ذلك منه فليس بتعديل.

وتصوير المسألة: الراوي الثقة المعروف بالتحري في أخذه وانتقاء الشيوخ، إذا روى عن رجل مسمى، سكت النقاد عن جرحه، ولم يتبين فيما روى شيء منكر يطعن عليه به، فهل تعد روايته عنه توثيقاً، إعمالاً لنقله حيث لا معارض له؟ أم لا؟

(1) الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم (2/ 1 / 129).

(2)

الجرح والتعديل (2/ 2 / 282).

(3)

الجرح والتعديل (4/ 1 / 273).

(4)

أخرجه ابن أبي حاتم في " التقدمة "(ص: 324) و " الجرح والتعديل "(ص: 273) وإسناده صحيح.

ص: 307

لم يعتبر النقاد في مواضع رواية بعض الثقات ممن ينطبق عليهم ما ذكرت، لكني رأيت طريقتهم في هذا ليست مطردة، بل إنهم اعتمدوا رواية بعض هؤلاء الثقات عن أولئك النقلة، وجعلوها بمنزلة التوثيق لهم.

ومن أمثلته:

ما نقله عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سئل أبي عن شهاب الذي روى عن عمرو بن مرة؟ فقال: " شيخ يرضاه شعبة بروايته عنه، يحتاج أن يسأل عنه؟! "(1).

وقال أبو حاتم في (محمد بن أبي رزين): " شيخ بصري، لا أعرفه، لا أعلم روى عنه غير سليمان بن حرب، وكان سليمان قل من يرضى من المشايخ، فإذا رأيته قد روى عن شيخ فاعلم أنه ثقة "(2).

وأطلق جماعة من كبار الأئمة النقاد الحكم بثقة شيوخ جماعة من الرواة عرفوا بالتثبت والتحري، جمعتهم في جزء، إليك أسمائهم:

أحمد بن حنبل، وأيوب السختياني، وبقي بن مخلد، وحريز بن عثمان، وسليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني، وسليمان بن حرب، وشعبة بن الحجاج، وعامر بن شراحيل الشعبي، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبيد الله بن عبد الكريم أبو زرعة الرازي، وعفان بن مسلم، وعلي بن المديني، ومالك بن أنس، ومحمد بن إسماعيل البخاري، ومحمد بن سيرين، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، ومحمد بن الوليد الزبيدي، ومظفر بن مدرك أبو كامل، ومنصور بن سلمة أبو سلمة الخزاعي، ومنصور بن المعتمر، وموسى بن هارون الحمال، والهيثم بن جميل، ووهيب بن خالد، ويحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن أبي كثير.

(1) الجرح والتعديل (2/ 1 / 361).

(2)

الجرح والتعديل (3/ 2 / 255).

ص: 308

قال ابن حجر: " من عرف من حاله أنه لا يروي إلا عن ثقة، فإنه إذا روى عن رجل، وصف بكونه ثقة عنده، كمالك وشعبة والقطان وابن مهدي وطائفة ممن بعدهم "(1).

قلت: وإذا روى الثقة من هؤلاء عن رجل مجروح عند غيره قامت تلك الروية تعديلاً عارض الجرح، فيحاكم بهذا الاعتبار إلى طرق الترجيح.

وإن وقعت الرواية من قبل أحد هؤلاء عن غير مجروح فهي تعديل يرفع جهالته.

قال ابن عبد الهادي: " لو روى شعبة خبراً عن شيخ له لم يعرف بعدالة ولا جرح، عن تابعي ثقة، عن صحابي، كان لقائل أن يقول: هو خبر جيد الإسناد، فإن رواية شعبة عن الشيخ مما يقوي أمره "(2).

والقول الرابع: الراوي يروي عنه أكثر من ثقة، ولا يجرح، فهل رواية العدد من الثقات تعدله؟

وهو الراوي المستور، وربما أطلق عليه بعض الأئمة:(مجهول الحال).

قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن رواية الثقات عن رجل غير ثقة مما يقويه؟ قال: " إذا كان معروفاً بالضعف لم تقوه روايته عنه، وإذا كان مجهولا ً نفعه رواية الثقة عنه ".

وقال: سألت أبا زرعة عن رواية الثقات عن رجل مما يقوي حديثه؟ قال: " إي، لعمري "، قلت: الكلبي روى عنه الثوري! قال: " إنما ذلك إذا لم يتكلم فيه العلماء، وكان الكلبي يتكلم فيه "(3).

(1) لسان الميزان (1/ 108).

(2)

الصارم المُنكي (ص: 81).

(3)

الجرح والتعديل (1/ 1 / 36).

ص: 309

قلت: هذا حكم أبي حاتم مع تشدده، وأبي زرعة مع اعتداله.

قال أبو حاتم الرازي في (يحيى بن النضر الأنصاري): " ثقة، روى عنه الثقات "(1).

فهذا يحتمل أنه وثقه من جهة انتفاء القادح، مع رواية الثقات.

وابن عدي كان يجعل رواية الثقات عن رجل مقويه لأمره، ومرجحة لعدالته، في جماعة اختلف فيهم، مثل: الأحوص بن حكيم، وأفلح بن حميد، وبكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة، وبهز بن حكيم، وثور بن يزيد الكلاعي، وجعفر بن ميمون أبي العوام، وزياد بن عبد الله البكائي، وسليمان بن موسى الدمشقي، وغيرهم.

وفي هؤلاء من الراجح فيه أنه صدوق، ومنهم الضعيف الذي يعتبر به، والمقصود أن ابن عدي جعل من رواية الثقات عنهم ما يرفع من أمرهم.

وقال في (الحسن بن ذكوان) وقد روى عنه يحيى القطان وعبد الله بن المبارك: " وناهيك للحسن بن ذكوان من الجلالة أن يرويا عنه، وأرجو أنه لا بأس به "(2).

وقال في (حبيب بن أبي حبيب صاحب الأنماط): " أرجو أنه لا بأس به، وقد حدث عنه ابن مهدي ويزيد بن هارون "(3).

وقال في (عمرو بن يحيى بن عمارة المازني) وقد روى عنه أيوب السختياني وعبيد الله بن عمر وسفيان الثوري وشعبة ومالك بن أنس وابن عيينة وغيرهم: " لا بأس به برواية هؤلاء الأئمة عنه "(4).

(1) الجرح والتعديل (4/ 2 / 192).

(2)

الكامل (3/ 160).

(3)

الكامل (3/ 310).

(4)

الكامل (6/ 241).

ص: 310

وفي (العلاء بن عبد الرحمن): " ما أرى بحديثه بأساً، وقد روى عنه شعبة ومالك وابن جريج ونظراؤهم "(1).

فرواية الثقات مما تدفع به التهمة عن الرواة، ويرد الطعن ، ويرجح به قبول حديثهم.

لكن ليس ذلك مطلقاً، وإنما في أحوال تنزل فيها رواية الثقات منزلة القرائن المساعدة، وذلك فيمن لم ينكشف أمره في السقوط، ولم يهبط في الضعف بالبرهان إلى حد الترك.

كما أن هذه القرينة المرجحة إنما ترفع من حاله في الجملة، لا في قبول حديثه مطلقاً، إذا قابل ذلك ما يدل على نكارة أو ضعف بعض حديثه.

وبعض متأخري الحفاظ ينسبون تقوية الراوي بهذا الطريق أيضاً إلى النسائي وابن حبان، كما قال الزيلعي وذكر حديث عبد الله بن مغفل في ترك الجهر بالبسملة في الصلاة، وفيه:(عن ابن عبد الله بن مغفل)، وذكر ثلاثة من الرواة عنه:" فقد ارتفعت الجهالة عن ابن عبد الله بن مغفل برواية هؤلاء الثلاثة عنه "، قال:" والنسائي وابن حبان وغيرهما يحتجون بمثل هؤلاء، مع أنهم ليسوا مشهورين بالرواية، ولم يرو واحد منهم حديثا ً منكراً ليس له شاهد ولا متابع حتى يجرح بسببه، وإنما رووا غيرهم من الثقات "(2).

قلت: أما ابن حبان، فسلوك مثل هذا الطريق معروف من طريقته، وأما النسائي، فلا بأس أن ينسب له اعتباره ذلك طريقاً في تقوية الراوي، لكن لا يصح أن يقال:(احتج به)؛ لأن التحقيق أنه لم يجرد الصحيح من الحديث، ولم يشترط الصحة في كتبه، وإنما كان يبالغ في الاحتياط فيما خرجه.

(1) الكامل (6/ 374).

(2)

نصب الراية (1/ 333).

ص: 311

نعم؛ ما نسب الزيلعي إليهما من التأصل تقدم أنه طريق سلكه غيرهما من نقاد الأئمة.

والتحقيق:

أن جميع هذه الأقاويل الأربعة صحيح معتبر بتقييد، وبيانه فيما يلي:

أما الأول: فمقيد بكون الراوي غير معروف بالرواية عن المجروحين، فوقوع ذلك شبهة تحول دون الاعتداد بروايتهم كتعديل لمن رووا عنه.

وأما الثاني: فمراد به من كان لا يبالي عمن روى، عمن روى، كمن استثنيت في المذهب الأول.

وأما الثالث: فصحيح معتبر؛ إذ ليس هو في جميع الثقات، وإنما هو مقصور على الراوي المتثبت المعروف بتوقيه الرواية عن المجروحين.

وأما الرابع: فصحيح معتبر كذلك في رفع أمر الراوي وتقويته، لا في الاحتجاج به بمجرد رواية العدد من الثقات عنه، حتى ينضم إليه سلامة رواياته من المنكرات، فيحتج به حينئذ.

وفي الجملة، فمجرد رواية الثقة عن رجل مفيد في التعريف به والإظهار لشخصه، لكنه لا يثبت ثقته حتى يختبر حديثه فيثبت حفظه، فإن لم يثبت حفظه ولم يتبين فهو محكوم بجهالته، وإن تبين خطؤه فيلحقه من الجرح بحسبه.

وهذا طريق سلكه النقاد في أكثر الرواة على ما تقدم ذكره، فقضوا بتعديل طائفة مع أنه لم يرو عن أحدهم إلا واحد من أجل ما رأوا من استقامة حديثهم، وقضوا بالجهالة على آخرين من أجل عدم تبين إتقانهم لما رووا، مع أن فيهم من روى عنه العدد، وبالرد لحديث آخرين منهم والجرح لهم؛ لما دل عليه النظر في حديثهم من نكارته.

والشأن في المشهورين من الرواة ظاهر، من جهة ثبوت العدالة

ص: 312

أو ثبوت الجرح، ولكنه في غير المشهورين، وهذه بعض نصوص النقاد في طائفة منهم تبين منهجهم:

فمثال الراوي يكون غير مشهور إلا من جهة حديثه أو أحاديثه التي رواها، ومن جهة راو ثقة روى عنه، يدل النظر والمقارنة أنه مستقيم الحديث، فيلحق بالثقات:

قول أحمد بن حنبل في (سلم بن أبي الذيال): " ما أعلم أن أحداً روى عن سلم بن أبي الذيال إلا المعتمر، وسلم ثقة "(1)، قلت: يرفع بذلك أحمد من أمره.

وقول أبي حاتم الرازي في (عبد الواحد بن سلمان الأغر): " ما أعلم أحداً روى عنه غير أبي الربيع الزهراني، وأرى حديثه مستقيماً، ما أرى به بأساً "(2).

وقوله في (المغيرة بن أمي المِنقري): " لا أعلم رَوى عنه غير ابنِه عبد العزيز، وأرى حديثه مستقيماً (3).

وقول ناقد الشاميين دحيم في (مرزوق بن أبي الهذيل): " صحيح الحديث عن الزهري، وما أعلم أحداً روى عنه غير الوليد "، وقال أبو حاتم الرازي:" حديثه صالح، لا أعلم رَوى عنه غير الوليد بن مسلم "(4).

وقول أبي زرعة الرازي في (نبيح بن عبد الله العنزي): " كوفي ثقة، لم يرو عنه غير الأسود بن قيس "(5).

وقول أبي زرعة كذلك في (يعقوب بن عبد الله بن أبي طلحة): " ثقة،

(1) مسائل الإمام أحمد، رواية: ابن هانئ (2/ 247).

(2)

الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم (3/ 1 / 21).

(3)

الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم (4/ 1 / 219).

(4)

الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم (4/ 1 / 265).

(5)

الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم (4/ 1 / 508).

ص: 313

ولم يرو عنه إلا أسامة بن زيد، ولا أعرفه إلا في هذا الحديث الواحد: حديث أبي طلحة، وما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعامه " (1).

ومما يدخل ضمن هذا جماعة ربما حكم أبو حاتم عليهم بالجهالة، لكنه وصف حديثهم بالاستقامة؛ لأن أحدهم لم يعرف له إلا الحديث أو الشيء اليسير جداً، وتبين أن ذلك محفوظ صحيح من غير طريقهم، فهؤلاء لاحقون بالعدول.

توضيح:

من عرف أنه لا يروي إلا عن ثقة على نوعين:

أحدهما: من عرف من شأنه التثبت والتحري في انتخاب الرواية عن الثقات عنده خاصة، كمالك بن أنس وشعبة بن الحجاج ويحيى القطان وابن مهدي وأحمد بن حنبل وأبي زرعة، فمجرد رواية أحدهم عن الرجل توثيق، بمنزلة تصريحهم بالقول:(هو ثقة).

وثانيهما: من عرف بالتتبع أنه لا يروي إلا عن ثقة، وذلك بتتبع شيوخه الذين روى عنهم وحديثهم، فتبين كونهم ثقات، فهم ثقات عند من أطلق العبارة في شيوخ ذلك الراوي من الحفاظ.

كقول أبي داود السجستاني: " شيوخ حريز كلهم ثقات "، فهذا حكم بتعديل جميع شيوخ حريز بن عثمان من قبل أبي داود، وكقول أبي حاتم الرازي:" يحيى بن أبي كثير إمام لا يحدث إلا عن ثقة "، فهذا حكم بتعديل جميع شيوخ ابن أبي كثير من قبل أبي حاتم.

فإن قلت: فماذا لو وجدنا في بعض أولئك الشيوخ من جرح؟

قلت: ذلك اختلاف جرح وتعديل، يرجح راجحه بحجته.

(1) الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم (4/ 208 _ 209).

ص: 314