الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الصائم): بدل من "دعوتهم" على حذف المضاف، أي: دعوة الصائم ودعوة الإمام بدليل عطف " دعوة المظلوم " عليه.
وقوله: " يرفعها الله ": في موضع الحال، ويحتمل أن تجعل تفضيل ثلاثة، ويكون القسم الثالث محذوفا، لدلالة قوله:" ودعوة المظلوم " عليه، وهو مبتدأ (يرفعها)، خبره: استأنف به الكلام، لفخامة شأن دعاء المظلوم، واختصاصه بمزيد قبول، ورفعها فوق الغمام، وفتح أبواب السماء لها: مجاز عن إثارة الآثار العلوية، وجمع الأسباب السماوية على انتصاره بالانتقام من الظالم، وإنزال البأس عليه.
قوله: " ولو بعد حين ": يدل على أنه سبحانه يمهل الظالم ولا يهمله.
…
2 -
باب
ذكر الله عز وجل والتقرب إليه
من الصحاح:
453 -
1617 - وقال: " سبق المفردون "، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ ، قال:" الذاكرون الله كثيرا والذاكرات ".
(باب ذكر الله تعالى والتقرب إليه)
(من الصحاح):
" عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيرا والذاكرات ".
(المفرد): من فرد، إذا اعتزل وتخلى للعبادة ’ فكأنه فرد نفسه بالتبتل إلى الله تعالى، ولذلك فسر بقوله:" الذاكرون الله كثيرا والذاكرات " أي: سبقوا بنيل الزلفى، والعروج إلى الدرجات العلى، وإنما قالوا:" ما المفردون ". ولم يقولوا: من هم، لأنهم أرادوا فسر اللفظ وبيان ما هو المراد منه، لا تعيين المتصفين به، وتعريف أشخاصهم.
…
454 – 1619 – وقال: " يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ".
" وعنه: أنه – عليه السلام – قال: يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبيدي بي، وأنا معه إذا ذكرني " الحديث.
(الظن): هو الاعتقاد الراجح بأحد النقيضين، وهو كالواسطة بين العلم والشك، يشارك العلم في كونه اعتقادا راجحا، ويخالف به الشك، ويشاركه في أنه مع تجويز النقيض واحتماله، ويباين العلم في ذلك، فلذلك استعير لهما، فقال تعالى:{الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم} [البقرة: 46] أي: يوقنون، فإن الظن غير كاف ولا معتبر في
ذلك، وقال:{يظنون بالله غير الحق} [آل عمران:154] ، وفسر بيشكون.
والظن في الحديث: يصح إجراؤه على ظاهره، ويكون المعنى: أنا عند ظن عبدي بي، أي: أعامله على حسب ظنه بي، وأفعل به ما يتوقعه مني، والمراد: هو الحث على تغليب الرجاء على الخوف، وحسن الظن بالله كما قال – عليه السلام:" لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى ".
ويجوز أن يفسر بالعلم، والمعنى: أنا عند يقينه بي وعلمه بأن مصيره إلي وحسابه علي، وأن ما قضيت له من خير وشر، فلا مرد له، لا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، أي: إذا تمكن العبد في مقام التوحيد، ورسخ في الإيمان والوثوق بالله تعالى، قرب منه ورفع دونه الحجاب، بحيث إذا دعاه أجاب، وإذا سأله استحباب.
كما روي في حديث أبي هريرة: أنه – عليه السلام – قال عن الله تعالى: " علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به، غفرت له ".
وقوله: " وأنا معه إذا ذكرني " أي: بالتوفيق والمعونة، أو أسمع ما يقوله، " فإن ذكرني في نفسه" أي: سرا وخفية، إخلاصا وتجنبا عن الرياء " ذكرته في نفسي " أي: أسر بثوابه على منوال عمله، وأتولى بنفسي إثابته لا أكله إلى أحد من خلقي.
قوله: " في ملأ خير جهنم " أي: في ملأ من الملائكة المقربين، وأرواح المرسلين، والمراد منه: مجازاة العبد بأحسن مما فعله، وأفضل مما جاء به.
…
455 – 1620 – وقال: " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وأزيد، ومن جاء بالسيئة فجزاء سيئة مثلها أو غفر، ومن تقرب شبرا مني تقربت منه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة، ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئا لقيته بمثلها مغفرة ".
قوله: " وأزيد " أي: أزيد من عشر أمثالها إلى سبع مئة.
وقوله: " ومن تقرب مني شبرا " إلى آخره: تمثيل وتصوير لمجازاة العبد فيما يتقرب به إلى ربه، وتضاعف لطفه وإحسانه عليه، وفرط عفوه عنه، وسمي إثابة الحق تعالى له (تقربا) على سبيل المقابلة، و (الهرولة): الإسراع في المشي، وهو التوسط بين العدو والمشي.
وقوله: " وإن لقيني بقراب الأرض " أي: بملئها، مأخوذ من القرب، أي: بما يقاربها في المقدار، والقراب: شبه جراب يضع فيه المسافر زاده، وقراب السيف: غمده.
***
456 – 1621 – وقال: " إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أجببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه، وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت، وأنا أكره مساءته، ولا بد له منه".
" وعن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب " الحديث.
أفضل ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى هي الفرائض التي افترضها عليه،، وناهيك بفضلها المعاتبة على تركها، والمعاقبة بالإخلال بها، وإن العبد لا يزال يتقرب إلى الله بأنواع الطاعات، وأضاف الرياضيات، ويترقى من مقام إلى آخر أعلى منه، حتى يحبه الله سبحانه، فيجعله مستغرقا بملاحظة جناب قدسه، بحيث ما لاحظ شيئا إلا لاحظ ربه، فما التفت لفت حاس ومحسوس، وصانع ومصنوع، وفاعل ومفعول، إلا رأى الله، وهو آخر درجات السالكين، وأول درجات الواصلين، فيكون بهذا الاعتبار سمعه وبصره.
وقيل: معناه: فأحفظ حواسه وجوارحه وأراقبها، حتى لا يستعملها
إلا فيما أحبه وأرتضيه، فينقلع عن الشهوات، ويستغرق في الطاعات.
قوله: " وما ترددت في شيء أنا فاعله " أي: ما أخرت وما توقفت توقف المتردد في أمر أنا فاعله إلا في قبض نفس عبدي المؤمن، أتوقف فيه حتى يسهل عليه، ويميل قلبه إليه، شوقا إلى أن ينخرط في سلك المقربين، ويتبوأ في أعلى عليين.
و (التردد): تعارض الرأيين، وترادف الخاطرين، وهو وإن كان محالا في حقه تعالى،
إلا أنه أسند إليه باعتبار غايته ومنتهاه الذي هو التوقف والتأني في الأمر، وكذلك سائر ما يسند إلى الله تعالى من الغضب والمكر ونحو ذلك.
…
457 – 1623 – عن حنظلة الأسيدي قال: انطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: نافق حنظلة! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما ذاك؟ " قلت: نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي العين، فإذا خرجنا عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا، فقال رسول الله:" والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن! يا حنظلة ساعة وساعة " ثلاث مرات.
"وفي حديث حنظلة الأسيدي: عافسنا الأزواج والأولاد".
أي: لاعبنا، والمعافسة: الملاعبة.
…
من الحسان:
458 – 1625 – وعن عبد الله بن بسر قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أي الناس خير؟ فقال: " طوبى لمن طال عمره وحسن عمله " قال: يا رسول الله، أي الأعمال أفضل؟ ، قال:" أن تفارق الدنيا ولسانك رطب من ذكر الله".
(من الحسان):
"قال عبد الله بن بسر: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أي الناس خير؟ فقال: طوبى لمن طال عمره وحسن عمله".
لما كان السؤال عما هو غيب لا يعلمه إلا الله تعالى، عدل عن الجواب إلى كلام مبتدأ يشعر بأمارات تدل على المسؤول عنه، وهو: طول العمر مع حسن العمل، فإنه يدل على سعادة الدارين والفوز بالحسنين.
…
459 – 1627 – وقال: "من اضطجع مضطجعا لم يذكر الله فيه، كان عليه ترة يوم القيامة، ومن قعد مقعدا لم يذكر الله فيه كان عليه ترة يوم القيامة".
" وعن أبي هريرة: أنه – عليه السلام – قال: من اضطجع مضطجعا لم يذكر الله فيه، كان عليه ترة يوم القيامة ".
" ترة ": نقصا، من وتره يتره وترا وترة، وقيل: حسرة، لأنها من لوازم النقصان.
…
460 1632 – عن ثوبان قال: لما نزلت: {والذين يكنزون الذهب والفضة} كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فقال بعض أصحابه: لو علمنا أي المال خير فنتخذه؟ فقال: " أفضله لسان ذاكر، وقلب شاكر، وزوجة مؤمنة تعنيه [تعينه] على إيمانه ".
" عن ثوبان قال: لما نزلت: {والذين يكنزون الذهب والفضة} [التوبة: 34] كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فقال بعض أصحابه " الحديث.
ظاهر كلامهم وإن كان سؤالا عن تعيين المال، لكنهم ما أرادوه بعينه، بل أرادوا أعم منه، وهو ما يصح ويحسن أن يقتنى ويدخر، ليكون عونا وعدة عند نزول الحوادث، وتراكم الحوائج، فلذلك أجاب عنه بما أجاب، و (لو) بمعنى التمني، ولذلك نصب جوانبه.