المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

13 - ‌ ‌ باب اللعان من الصحاح: 772 - 2464 - عن سهل بن - تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة - جـ ٢

[ناصر الدين البيضاوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الدعوات

- ‌ باب

- ‌ بابذكر الله عز وجل والتقرب إليه

- ‌ بابأسماء الله تعالى

- ‌ بابثواب التسبيح والتحميد والتهليل

- ‌ بابالاستغفار والتوبة

- ‌فصل

- ‌ بابما يقول عند الصباح والمساء والمنام

- ‌ بابالدعوات في الأوقات

- ‌ بابالاستعاذة

- ‌ بابجامع الدعاء

- ‌كتاب الحج

- ‌ بابالمناسك

- ‌ بابالإحرام والتلبية

- ‌ بابقصة حجة الوداع

- ‌ بابدخول مكة والطواف

- ‌ بابالوقوف بعرفة

- ‌ بابالدفع من عرفة والمزدلفة

- ‌ بابرمي الجمار

- ‌ بابالهدي

- ‌ بابالحلق

- ‌فصل

- ‌ بابالخطبة يوم النحر ورميأيام التشريق والتوديع

- ‌ بابما يجتنبه المحرم

- ‌ بابالمحرم يجتنب الصيد

- ‌ بابالإحصار وفوت الحج

- ‌ بابحرم مكة حرسها الله

- ‌ بابحرم المدينة على ساكنهاالصلاة والسلام

- ‌كتاب البيوع

- ‌ بابالكسب وطلب الحلال

- ‌ بابالمساهلة في المعاملة

- ‌ بابالخيار

- ‌ بابالربا

- ‌ بابالمنهي عنها من البيوع

- ‌فصل

- ‌ بابالسلم والرهن

- ‌ بابالاحتكار

- ‌ بابالإفلاس والإنظار

- ‌ بابالشركة والوكالة

- ‌ بابالغصب والعارية

- ‌ بابالشفعة

- ‌ بابالمساقاة والمزارعة

- ‌ بابالإجارة

- ‌ بابإحياء الموات والشرب

- ‌ بابالعطايا

- ‌فصل

- ‌ باباللقطة

- ‌ بابالفرائض

- ‌ بابالوصايا

- ‌كتاب النكاح

- ‌ بابالنظر إلى المخطوبة وبيان العورات

- ‌ بابالولي في النكاح واستئذان المرأة

- ‌ بابإعلان النكاح والخطبة والشرط

- ‌ بابالمحرمات

- ‌ بابالمباشرة

- ‌ بابالصداق

- ‌ بابالوليمة

- ‌ بابالقسم

- ‌ بابعشرة النساء وما لكلواحدة من الحقوق

- ‌ بابالخلع والطلاق

- ‌ بابالمطلقة ثلاثا

- ‌فصل

- ‌ باباللعان

- ‌ بابالعدة

- ‌ بابالاستبراء

- ‌ بابالنفقات وحق المملوك

- ‌ باببلوغ الصغير وحضانته في الصغر

- ‌كتاب العتق

- ‌ بابإعتاق العبد المشترك وشراء القريبوالعتق في المرض

- ‌ بابالأيمان والنذور

- ‌فصلفي النذور

- ‌كتاب القصاص

- ‌ بابالديات

- ‌ بابما لا يضمن من الجنايات

- ‌ بابالقسامة

- ‌ بابقتل أهل الردة والسعاة بالفساد

- ‌كتاب الحدود

- ‌ بابقطع السرقة

- ‌ بابالشفاعة في الحدود

- ‌ بابحد الخمر

- ‌ بابلا يدعى على المحدود

- ‌ بابالتعزير

- ‌ باببيان الخمر ووعيد شاربها

- ‌كتاب الإمارة والقضاء

- ‌ بابما على الولاة من التيسير

- ‌ بابالعمل في القضاء والخوف منه

- ‌ بابرزق الولاة وهداياهم

- ‌ بابالأقضية والشهادات

- ‌كتاب الجهاد

- ‌ بابإعداد آلة الجهاد

الفصل: 13 - ‌ ‌ باب اللعان من الصحاح: 772 - 2464 - عن سهل بن

13 -

‌ باب

اللعان

من الصحاح:

772 -

2464 - عن سهل بن سعد الساعدي قال: إن عويمرا العجلاني قال: يا رسول الله! أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه، أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله:" قد أنزل فيك وفي صاحبتك فاذهب فأت بها "، قال سهل: فتلاعنا في المسجد وأنا مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغا قال عويمر: كذبت عليها يا رسول اله إن أمسكتها، فطلقها ثلاثا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" انظروا! فإن جاءت به أسحم أدعج العينين، عظيم الأليتين، خدلج الساقين، فلا أحسب عويمرا إلا قد كذب عليها " فجاءت به على النعت الذي نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم من تصديق عويمر، فكان بعد ينسب إلى أمه.

(باب اللعان)

(من الصحاح):

" عن سهل بن سعد الساعدي قال: إن عويمرا العجلاني قال: يا رسول الله! أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه؟ أم

ص: 396

كيف يفعل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أنزل فيك وفي صاحبتك، فاذهب، فأت بها، قال سهل: فتلاعنا في المسجد، وأنا مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغا قال عويمر: كذبت عليها إن أمسكتها، فطلقها ثلاثا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انظروا فإن جاءت به أسحم، أدعج العينين، عظيم الإلتين، خدلج الساقين، فلا أحسب عويمرا إلا قد صدق عليها، وإن جاءت به أحيمر، كأنه وحرة، فلا أحسب عويمرا إلا قد كذب عليها، فجاءت به على النعت الذي نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم من تصديق عويمر، فكان بعد ينسب إلى أمه ".

(عويمر هذا): عويمر بن أبيض، أنصاري من يني عمرو بن عوف.

وكيفية التلاعن مذكورة في القرآن، مشروحة في الكتب الفقية، ولها أحكام، ومن جملتها: حصول الفرقة بينهما على التأبيد عند عامة أهل العلم، لكنهم اختلفوا في أن الموجب للفرقة لعان الرجل وحده، أو لعانهما معا، من غير افتقار إلى حكم الحاكم، أو معه، والأول مذهب الشافعي، والثاني مذهب مالك وداود وزفر وإحدى الروايتين عن أحمد، والثالث مذهب أبي حنيفة والرواية الأخرى عن أحمد.

وحكى عن أبي حنيفة أنه قال: يرتفع التحريم بأن يكذب الرجل نفسه، وعلى هذا لا يكون التحريم مؤبدا.

وعن عثمان البتي أنه قال: لا يتعلق التحريم به أصلا، واحتج بأن عويمرا طلقها ثلاثا بعد التلاعن، ولو كانت الفرقة حاصلة بمجرد

ص: 397

الملاعنة، لم يحتج إلى التطليق.

ولأبي حنيفة أيضا أن يحتج به.

وجوابه: أن عويمرا لعله لم يكن يعلم أن الفرقة تحصل بمجرد اللعان، وأن الرسول - صلوات الله عليه - لما لم يجد في ذلك خللا، لم ينكر عليه.

و" أسحم ": أسود، من (السحمة) ، وهي السواد.

و" أدعج العينين ": الذي يكون عيناه شديد السواد، من (الدعج) وهو: شدة سواد العين مع سعتها.

و" خدلج الساقين " بتشديد اللام: عظيمها.

و" الوحرة " بفتح الحاء: دويبة حمراء تلصق [بالأرض].

ولعله عليه السلام عرف ذلك من الوحي، ويحتمل أنه ذكر ذلك على سبيل القيافة، والله أعلم.

773 -

2467 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" البينة أو حد في ظهرك " فقال هللا: والذي بعثك بالحق إني لصادق فلينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد، فنزل جبريل عليه السلام وأنزل عليه

ص: 398

{والذين يرمون أزواجهم} - فقرأ حتى بلغ - {إن كان من الصادقين} . فجاء هلال فشهد والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما نائب؟ " ثم قامت فشهدت، فلما كانت عند الخامسة وقفوها وقالوا: إنها موجبة! قال ابن عباس رضي الله عنهما: فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها ترجع، ثم قالت: لا أفصح قومي سائر اليوم، فمضت، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:" أبصروها! فإن جاءت به أكحل العينين، سابغ الأليتين، خدلج الساقين فهو لشريك بن سحماء "، فجاءت به كذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن ".

" وعن ابن عباس في حديث هلال بن أمية: فلما كانت عند الخامسة وقفوها، وقالوا: إنها موجبة، قال ابن عباس: فتلكأت، ونكصت، حتى ظننا أنها ترجع، ثم قالت: لا أفصح قومي سائر اليوم، فمضت، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أبصروها، فإن جاءت به أكحل العينين، سابغ الإليتين، خدلج الساقين، فهو لشريك بن سحماء، فجاءت به كذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن ".

" فلما كانت عند الخامسة " من شهادتها حبسوها، ومنعوها عن المضي فيها وهددوا، وقالوا لها: إنها موجبة.

وقيل: معنى " وقفوها ": أطلعوها على حكم الخامسة، وهو: أن اللعان إنما يتم به، وتترتب عليه آثاره، وأنها موجبة للعن، مؤدية إلى

ص: 399

العذاب، إن كانت كاذبة.

" فتلكأت " أي: توقفت، يقال: تلكأ في الأمر تلكؤ، إذا تباطأ عند، وتوقف فيه.

" ونكصت " أي: رجعت، وتأخرت، وفي القرآن:{نكص على عقبيه} [الأنفال: 48].

" حتى ظننا أنها ترجع " عن مقالها في تكذيب الزوج، ودعوى البراءة عما رماها به.

" لا أفضح قومي سائر اليوم " أي: جميع الأيام، وأبد الدهر، أو في مابقي من الأيام = بالإعراض عن اللعان، والرجوع إلى تصديق الزوج.

وأريد باليوم: الجنس، ولذلك أجراه مجرى العام، و (السائر) كما يطلق للباقي يطلق للجميع.

" فمضت " أي: في الخامسة وأتمتها.

" وأكحل العينين ": الذي يعلو جفون عينيه سواد مثل الكحل من غير اكتحال، ويقال: عين كحيل، وامرأة كحلاء.

" سابغ الإليتين ": كبيرهما، يقال للشيء إذا كان تاما وافيا وافرا: إنه سابغ.

وفي إتيان الولد على الوصف الذي ذكره هاهنا، وفي قصة عويمر، بأحد الوصفين المذكورين، مع جواز أن يكون على خلاف

ص: 400

ذلك، معجزة وإخبار بالغيب.

وقوله: " لولا ما مضى من كتاب الله " أي: من حكمه بدرء الحد عن المرأة بلعانها.

" لكان لي ولها شأن " في إقامة الحد عليها، وفي ذكر الشأن وتنكيره تهويل وتفخيم لما كان يريد أن يفعل بها، أي: لفعلت بها - لتضاعف ذنبها - ما يكون عبرة للناظرين، وتذكرة للسامعين.

وفي الحديث دليل على أن الحاكم لا يلتفت إلى المظنة والأمارات، وإنما يحكم بظاهر ما يقتضيه الحجج والأيمان.

وأن لعان الرجل يقدم على لعان المرأة، لأنه مثبت، وهذا داريء، والدرء إنما يحتاج إليه بعد الإثبات.

774 -

2472 - عن أبي هريرة رضي الله عنه " أن أعرابيا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتي ولدت غلاما أسود، وإني أنكرته؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هل لك من إبل؟ قال: نعم، قال:" فما ألوانها؟ " قال: حمر، قال:" هل فيها من أورق؟ " قال: إن فيها لورقا، قال:" فأنى ترى ذلك جاءها؟ " قال: عرق نزعها، قال:" ولعل هذا عرق نزعه "، ولم يرخص له في الانتفاء منه ".

" وعن أبي هريرة: أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتي

ص: 401

ولدت غلاما أسود، وإني أنكرته، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل لك من إبل؟ قال: نعم، قال: فما ألوانها؟ قال: حمر، قال: هل فيها من أورق؟ قال: إن فيها لورقا، قال: فأنى ترى ذلك جاءها؟ قال: عرق نزعها، قال: فلعل هذا عرق نزعه! فلم يرخص في الانتفاء منه "

قال الأصمعي: (الأورق) من الإبل: الذي في لونه بياض إلى سواد، وهو أطيب الإبل لحما، وليس بمحمود عندهم في سيره وعمله، من (الورقة) ، وهو اللون الرمادي، ومنه قيل للحمامة والذئبة: ورقاء.

وجمعه (ورق) كـ (حمر) جمع: أحمر.

وقوله: " فأتى ترى ذلك جاءها؟ أي: فمن أين جاءها هذا اللون، وأبواها ليسا بهذا اللون؟

" قال: عرق نزعها " أي: قلعها، وأخرجها من ألوان فحلها ولقاحها، وفي المثل:(العرق نزاع)، والعرق: النجار والأصل، مأخوذ من (عرق الشجر).

والمعنى: أن ورقتها إنما جاءت لأنه كان في أصولها البعيدة ما كان بهذا اللون، أو بألوان تحصل الورقة من اختلاطها، فإن أمزجة الأصول قد تورث، ولذلك تورث الأمراض، والألوان تتبعها.

وفائدة الحديث: المنع عن نفي الولد لمجرد الأمارات الضعيفة، بل لا بد من تحقق وظهور دليل قوي، كأن لم يكن وطئها، أو أنت بولد قبل ستة أشهر من مبدأ وطئها.

***

ص: 402

775 -

2473 - وعن عائشة رضي الله عنها: أنها قالت: كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص: أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه إليك، فلما كان عام الفتح أخذه سعد فقال: إنه ابن أخي، وقال عبد بن زمعة: أخي، فتساوقا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال سعد: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أخي كان عهد إلى فيه، وقال عبد بن زمعة: أخي، وابن وليدة أبي، ولد على فراشه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" هو لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش وللعاهر الحجر " ثم قال لسودة بنت زمعة: احتجبي منه، لما رأى من شبهه بعتية، فما رآها حتى لقي الله، ويروى:" هو أخوك يا عبد ".

" وفي حديث عائشة: كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص أن وليدة زمعة مني، فاقبضه إليك ".

(الوليدة): الأمة، وكانت العرب في جاهليتهم يتخذون الولائد، ويضربون عليهن الضرائب، فيكتسبن بالفجور، وكانت السادة أيضا لا يجتنبونهن، فيأتونهن، فإذا أتت وليدة بولد، وقد استفرشها السيد، وزنا بها غيره أيضا، فإن استلحقه أحدهما ألحق به، ونسب إليه، وإن استلحقه كل واحد منهما، وتنازعا فيه، عرض على القافة، وكان عتبة قد صنع هذا الصنيع في جاهليته بوليدة زمعة، وحسب أن الولد له.

" فعهد إلى أخيه " أي: أوصى إليه بأن يضمه إلى نفسه، وينسبه إلى أخيه حينما احتضر، وكان كافرا، فلما كان عام الفتح أزمع سعد

ص: 403

على أن ينفذ وصيته وينتزعه، فأبى ذلك عبد بن زمعة، وترافعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحكم أن الولد للسيد الذي ولد على فراشه، وليس للزاني من فعله سوى الوبال والنكال، وأبطل ما كانوا عليه في جاهليتهم من إثبات النسب بالزنا.

وفي هذا الحديث: أن الدعوى تجري في النسب كما تجري في الأموال.

وأن الأمة تصير فراشا بالوطء.

وأن السيد إذا أقر بالوطء، ثم أتت بولد يمكن أن يكون منه، لحقه وإن وطئها غيره.

وأن إقرار الوارث فيه كإقراره.

776 -

2474 - وقالت عائشة رضي الله عنها: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو مسرور فقال: " أي عائشة! ألم تري أن مجزرا [مجززا] المدلجي دخل فرأى أسامة وزيدا وعليهما قطيفة، قد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض ".

" وعن عائشة قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو مسرور، فقال: أي عائشة! ألم تري أن مجززا المدلجي دخل فرأى أسامة وزيدا وعليهمت قطيفة قد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض؟ ".

ص: 404

كان زيد بن حارثة أبيض اللون، وجاء أسامة أسود اللون، فتعرض له المنافقون بالطعن في نسبه، ويتكلمون فيه بما يتأذى منه الرسول صلوات الله عليه، فلما سمع قول مجززا فيهما، فرح به، وسري عنه.

وذلك يدل على اعتبار قول القائف في الأنساب، وأن له مدخلا في إثباتها، وإلا لما استبشر به، ولأنكر عليه، إذ لا يجوز أن يقال رجما بالغيب ما يحتمل أن يوافق الحق في بعض الصور وفاقا، وخصوصا ما يكون صوابه غير معتبر، وخطؤه قذف محصنة، ولا الاستدلال بما ليس بدليل، وإليه ذهب عمر وابن عباس وأنس بن مالك، وغيرهم من الصحابة.

وبه قال عطاء ومالك والأوزاعي والشافعي وأحمد، وعامة أهل الحديث.

وقالوا: إذا ادعى رجلان أو أكثر نسب مواود مجهول النسب، ولم يكن لهم بينة، واشتركوا في وطء امرأة بالشبهة، فأتت بولد يمكن أن يكون من كل واحد منهم، وتنازعوا فيه، حكم القائف، فبأيهم ألحقه لحقه.

ولم يعتبره أصحاب الرأي، بل قالوا: يلحق الولد بهم جميعا، وقال أبو يوسف: يلحق برجلين وثلاثة، ولا يلحق بأكثر، ولا بامرأتين، وقال أبو حنيفة: يلحق بهما أيضا، وكل ذلك مكابرة للعقل.

ص: 405

و (مجزز) قيل: كان اسمه [....] فاتفق أن أخذ أسيرا، فجز ناصيته، فسمي مجززا.

من الحسان:

777 -

2478 - ويروى عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: جاء رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي امرأة لا ترد يد لامس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " طلقها " فقال: إني أحبها، قال:" فأمسكها إذا ".

(من الحسان):

" عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي امرأة لا ترد يد لامس، قال النبي صلى الله عليه وسلم: طلقها، فقال: إني أحبها، فقال: فأمسكها إذا ".

" لا ترد يد لامس " قيل: إنه كناية عن فجورها، أي: أنها منقادة مطواعة لمن أرادها، وأخذ بيدها.

وزيفه قوم، وقيل: لو أراد به ذلك لما أذنه الرسول في إمساكها، وهو ضعيف، لأن إمساك الفاجرة غير محرم حتى لا يؤذن فيه، سيما [إن] كان الرجل مولعا بها، فإنه ربما يخاف على نفسه أن لا يصطبر عنها لو طلقها، فيقع هو أيضا في الفجور، بل الواجب عليه أن

ص: 406

يؤدبها، ويجتهد في حفظها.

وقيل: معناه: أنها سفيهة، لا تحفظ ما في البيت، ولا ترد يد من أراد أن يأخذ منه شيئا.

778 -

2479 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى: أن كل مستلحق بعد أبيه الذي يدعى له ادعه ورثته، فقضى: أن من كان من أمة يملكها يوم أصابها فقد لحق بمن استلحقه، وليس له مما قسم قبله من الميراث شيء، وما أدرك من ميراث لم يقسم فله نصيبه، ولا يلحق إذا كان أبوه الذي يدعى له أنكره، فإن كان من أمة لم يملكها، أو من حرة عاهر بها فإنه لا يلحق ولا يرث، وإن كان الذي يدعى له هو ادعاه فهو ولد زنية، من حرة كان أو أمة.

" عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن كل مستلحق استلحق بعد أبيه الذي يدعى له، ادعاه ورثته، فقضى: أن من كان من أمة يملكها يوم أصابها فقد لحق من استلحقه، وليس له مماقسم قبله من الميراث شيء، وما أدرك من ميراث لم يقسم فله نصيب، ولا يلحق إذا كان أبوه الذي يدعى له أنكره، فإن كان من أمة لم يملكها، أو من حرة عاهر بها، فإنه لا يلحق، ولا يرث، وإن كان الذي يدعى هو ادعاه، فهو ولد زنية، من حرة كان أو أمة ".

ص: 407