الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما لو قال: بقدرة الله أو علمه، لأنها من صفاته، إذ جاء في أسمائه: الأمين.
…
808 -
2565 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " كانت يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حلف، لا، وأستغفر الله ".
" وعن أبي هريرة قال: كان يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حلف [يقول]: لا، وأستغفر الله ".
أي: أستغفر الله إن كان الأمر على خلاف ذلك، وهو وإن لم يكن يمينا، لكنه شابهه من حيث إنه أكد الكلام وقرره، وأعرب عن تحرجه بالكذب فيه، وتحرزه عنه، فلذلك سماه يمينا.
…
فصل
في النذور
من الصحاح:
809 -
2567 - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تنذروا فإن النذر لا يغني من القدر شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل ".
(باب في النذور)
(من الصحاح):
" عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تنذروا، فإن النذر لايغني من القدر شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل "
من عادة الناس تعليق النذور على حصول المنافع ودفع المضار، فنهى عنه، فإن ذلك فعل البخلاء، إذ السخي إذا أراد أن يتقرب إلى الله تعالى استعجل فيه، وأتى به في الحال، والبخيل لا تطاوعه نفسه بإخراج الشيء من يده إلا في مقابلة عوض يستوفيه أولا، فليتزمه في مقابلة ما سيحصل له، ويعلقه على جلب نفع أو دفع ضر.
وذلك (لا يغني عن القدر شيئا) أي: نذره لا يسوق إليه خيرا لم يقدر له، ولا يرد عنه شرا قضي عليه، ولكن النذر قد يوافق القدر، فيخرج من البخيل ما لولاه لم يكن يريد أن يخرجه.
ولهذا النهي كرهه بعض أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم، ومن لم ير ذلك، علل النهي بالحذر عن عدم الوفاء والتهاون فيه، فيكون ذلك تأكيدا لأمره، ومبالغة في وجوب الإتيان بمقتضاه، أو أوله بأن المعنى به: النهي عن النذر لهذا الغرض، لا النذر مطلقا.
…
810 – 2571 – وعن ابن عباس رضي الله عنهما: قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم
يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه؟ فقالوا: أبوإسرائيل، نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم، ويصوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" مره فليتكلم وليستظل وليقعد، وليتم صومه "
" وعن ابن عباس قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذ هو برجل قائم، فسأل عنه، فقالوا: أبو إسرائيل، نذر أن يقوم، ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم، ويصوم، فقال عليه الصلاة والسلام: مروه فليتكلم، وليستظل، وليقعد، وليتم صومه ".
الظاهر من اللفظ أن المسؤول عنه هو اسمه، ولذلك أجيب بذكر اسمه، وأن ما بعده زيادة في الجواب، ويحتمل أن يكون المسؤول عنه حاله، فيكون الأمر بالعكس، ولعل السؤال لما كان محتملا لكل واحد من الأمرين أجابوا بهما جميعا.
و" أبو إسرائيل " هذا: رجل من بني عامر بن لؤي، من بطون قريش.
وأمره – عليه الصلاة والسلام – بالوفاء في الصوم، والمخالفة فيما سواه = يدل على أن النذر لا يصح إلا فيما فيه قربة، وما لا قربة فيه فنذره لغو لا عبرة به، وبه قال ابن عمر وغيره من الصحابة، وهو مذهب مالك والشافعي.
وقيل: إن كان المنذور مباحا يجب الإتيان به، لما روي: أن امرأة قالت: يا رسول الله! إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف،
قال: " أوفي بنذرك ".
وإن كان محرما تجب كفارة اليمين، لما روت عائشة: أنه – عليه الصلاة والسلام – قال:" لا نذر في معصية، وكفارته كفارة اليمين "، ولما روي عن عقبة: أنه – عليه الصلاة والسلام – قال: " كفارة النذر كفارة اليمين "
والجواب عن الأول: أنها لما قصدت بذلك إظهار الفرح بمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمسرة بنصر الله للمؤمنين، وكانت فيه مساءة الكفار والمنافقين، التحق بالقربات، مع الغالب في أمثال هذا الأمر: أن يراد به الإذن دون الوجوب.
عن الثاني: أنه حديث غريب، لم يثبت عند الثقات.
وعن الثالث: أنه ليس من هذا الباب، إذ الرواية الصحيحة عنه: أنه – عليه الصلاة والسلام – قال: " كفارة النذر إن لم يسم كفارة اليمين ".
وذلك مثل أن يقول: لله علي نذر، ولم يسم شيئا.
وقال أصحاب الرأي: لو نذر صوم العيد لزمه صوم يوم آخر، ولو نذر نحر ولده لزمه ذبح شاة، ولو نذر ذبح والده اتفقوا على أنه لا يلزمه ذلك، ولعل الفرق أن ذبح الولد كان قبل الإسلام ينذرونه ويعدونه قربة، بخلاف ذبح الوالد.
***
811 -
2574 – وعن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله: إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أمسك بعض مالك فهو خير لك " قلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر "
" وعن كعب بن مالك قال: قلت: يا رسول الله! إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله "
" إن من توبتي " أي: من تمامها، " أن أنخلع " أي: أتجرد " من مالي " وأخرجه " صدقة "
وروي: " أتخلع " من التخلع وهو التفكك.
…
من الحسان:
812 – 2577 – عن ثابت بن الضحاك: أنه قال: أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة قال: " أكان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا، قال: " فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا، قال:" أوف بنذرك فإنه لا نذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم "
(من الحسان)
" في حديث ثابت بن الضحاك الأنصاري: أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال: إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة "
" بوانة " بضم الباء: اسم موضع في أسفل مكة دون يلملم، والرجل السائل قيل: هو كردم بن سفيان الثقفي.
وقوله عليه الصلاة والسلام: " أوف بنذرك " يدل على أن من نذر أن يضحي في مكان، أو يتصدق على أهل بلد: صح نذره، ولزمه ذلك.
…
813 – 2581 – وعن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن أخت عقبة ابن عامر نذرت أن تحج ماشية فسئل النبي صلى الله عليه وسلم – وقيل إنها لا تطيق ذلك، فقال:" إن الله لغني عن مشي أختك، فلتركب ولتهد بدنة "
وفي رواية: " فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تركب وتهدي هديا "
وفي رواية: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئا، فلتحج راكبة وتكفر يمينها "
" عن ابن عباس: أن أخت عقبة بن عامر نذرت أن تحج ماشية، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم وقيل: إنها لا تطيق ذلك؟ فقال: إن الله تعالى لغني عن مشي أختك، فلتركب ولتهد بدنة "
لما كان المشي في الحج في عداد القربات وجب بالنذر،
والتحق بسائر أعماله التي لا يجوز تركها إلا لمن عجز، ويتعلق بتركه الفدية.
واختلف في الواجب، فقال علي كرم الله وجهه: يجب بدنة، لقوله عليه الصلاة والسلام:" ولتهد بدنة "
وقال بعضهم: يجب دم شاة كما في مجاوزة الميقات، وحملوا الأمر بالبدنة على الاستحباب دون الوجوب.
…
814 – 2583 – وعن سعيد بن المسيب: أن أخوين من الأنصار كان بينهما ميراث فسأل أحدهما صاحبه القسمة فقال: إن عدت تسألني القسمة فكل مالي في رتاج الكعبة، فقال له عمر رضي الله عنه: إن الكعبة غنية عن مالك، كفر عن يمينك وكلم أخاك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" لا يمين عليك، ولا نذر في معصية الرب، ولا في قطيعة رحم، ولا فيما لا يملك "
" وفي حديث سعيد بن المسيب: إن عدت تسألني القسمة فكل مالي في رتاج الكعبة "
أي: فكل مالي للكعبة، مصروف في مصالحها.
و (الرتاج): الباب المغلق، من الرتج وهو الغلق والاحتباس،
وتوجيه النذر واليمين إلى الباب، لأنه وجهه والسبيل إليه وإلى الارتفاق به، أو لأنهم كانوا يدخلون ما يجعلونه للكعبة، ويضعونه في داخلها، ويغلقون الباب عليها.
وهذا النوع من النذر تسميه الفقهاء: يمين لجاج، لأن المعلق قصد به المنع عن الفعل، كما أن الحالف يقصد بيمينه ذلك، واختلف فيما يتعلق به، فذهب أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين إلى أنه لو حصل الفعل المعلق به لزمه كفارة اليمين، وهو قول أحمد وإسحاق، وأصح أقوال الشافعي.
ويدل عليه هذا الحديث وغيره.
وقيل: يجب عليه الوفاء بما التزمه قياسا على سائر النذور، وهو قول مالك، والمشهور من قول أصحاب الرأي.
***
(14)
كتاب القصاص