الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
من الصحاح:
630 -
2108 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع، ومن ابتاع عبدا وله مال، فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع "
(فصل)
(من الصحاح):
" عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر، فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع، ومن ابتاع عبدا وله مال، فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع "
(التأبير): تلقيح النحل، وهو أن يوضع شيء من طلع فحل النخل في طلع الأنثى إذا انشق، والمعنى: أن من باع نخلا مثمرة قد أبرت، فثمرتها تبقى له، إلا إذا شرط دخولها في العقد، وعليه أكثر أهل العلم، وكذا إن انشق ولم تؤبر بعد، لأن الموجب للإفراد هو الظهور المماثل لانفصال الجنين.
ولعله عبر عن الظهور بالتأبير، لأنه لا يخلو عنه غالبا، أما لو باع قبل أوان الظهور، تبع الأصل، وانتقل إلى المشتري قياسا على
الجنين، وأخذا من مفهوم الحديث.
وقال أبو حنيفة: تبقى الثمرة للبائع بكل حال.
وقال ابن أبي ليلى: الثمرة تتبع الأصل، وتنتقل إلى المشتري بكل حال.
وقوله: " وله مال ": يريد ما في يده، وحصل بكسبه وتصرفه، أضافه إليه لاختصاصه به إضافة السرج إلى الفرس، [و] الإكاف إلى الحمار، والغنم إلى الراعي، بدليل قوله:" فماله للبائع " لأن الشيء الواحد في الوقت الواحد لا يكون كله ملكا لاثنين.
وقيل: أراد به ما يملكه السيد، فإنه يتملك بتمليكه كما هو مذهب مالك، وقول قديم للشافعي وهو لا يبيع العبد في مطلق بيعه، بل يعود إلى البائع الذي ملكه لضعفه ملكه، أما لو باعه مع العبد، فإن كان عينا معلومة صح العقد فيهما، وإن كان دينا، أو عينا مجهولة لم يصح العقد فيه، وفي العبد خلاف مذكور في تفريق الصفقة.
وقال مالك: يصح فيه أيضا، لأنه بيع لرقبة العبد فلا يشترط فيه ما يشترط في المعقود عليه، كحمل الشاة ولبنها، وهو ضعيف، لأن المال مستقل معقود عليه بخلاف الحمل واللبن، فإنهما بمنزلة الثمن من الحيوان، ولذلك يدخلان في مطلق بيع الأصل.
…
631 -
2109 - وعن جابر رضي الله عنه أنه كان يسير على جمل له قد
أعيا، فمر النبي صلى الله عليه وسلم فضربه، فسار سيرا ليس يسير مثله، ثم قال:" بعنيه بوقية " قال: فبعته فاستثنيت حملانه إلى أهلي، فلما قدمت المدينة أتيته بالجمل ونقدني ثمنه، ويروى: فأعطاني ثمنه ورده علي، وروي: أنه قال لبلال: " اقضه وزده "، فأعطاه وزاده قيراطا.
" عن جابر: أنه كان يسير على جمل له قد أعيا، فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فضربه فسار سيرا يسير مثله، ثم قال: بعنيه بوقية، قال: فبعته، فاستثنيت حملانه إلى أهلي، فلما قدمت المدينة أتيته بالجمل، ونقدني ثمنه، ورده علي ".
" أعيا ": أصابه العياء، وصار ذا عياء، وحملانه: ركوبه، واختلف العلماء فيما إذا باع الرجل دابته واستثنى لنفسه ظهرها مدة معلومة فمنهم من صحح البيع والشرط أخذا بظاهر هذا الحديث، وهو قول الأوزاعي وابن شبرمة وأحمد وإسحاق، وبه قال مالك إذا كانت المدة قريبة.
ومنهم من لم يصحح البيع رأسا، لما روى هذا الراوي عنه عليه السلام: أنه نهى عن الثنيا، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي، وأولوا هذه القصة من وجهين:
أحدهما: أنه لم يستثن في البيع، وما جرى شرط في العقد، ولكن استعار من الرسول صلوات الله عليه وأعاره، ويدل عليه: أن الشعبي روى الحديث عن جابر وقال: قال: بعت من النبي جملا، وأفقرني
ظهره إلى المدينة.
و (الإفقار): إعارة الظهر للركوب، وإنما عبر عن الاستعارة بالاستثناء على سبيل الاستعارة، لأنها شابهت الشرط من حيث إنها اقترنت بالقبول والإجابة.
وثانيهما: أنه ما جرى بينهما بيع شرعي، بل تقرير ووعد، وما قصد رسول الله صلى الله عليه وسلم شراء الجمل، وإنما أراد أن ينفعه بمنحه، فاتخذ ذلك ذريعة، ويدل عليه ما روي أنه عليه السلام قال له حين أعطاه الثمن:" ما كنت لآخذ جملك، فخذ جملك وهو مالك ".
فإن قلنا: إنه ما جرى بينهما بيع شرعي، فالحديث دليل على جواز هبة المبيع قبل القبض.
…
632 -
2110 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت بريرة فقالت: إني كاتبت على تسع أواق في كل عام وقية فأعينيني، فقالت عائشة: إن أحب أهلك أن أعدها لهم عدة واحدة وأعتقك فعلت ويكون ولاؤك لي: فذهبت إلى أهلها، فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خذيها وأعتقيها ". ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " أما بعد، فما بال رجال
يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، فقضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق ".
" وعن عائشة قالت: جاءت بريرة، فقالت: إني كاتبت على تسع أواق في كل عام وقية، فأعينيني، فقلت: إن أحب أهلك أن أعدها لهم عدة واحدة وأعتقك فعلت، ويكون ولاؤك لي، فذهبت إلى أهلها، فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم، فقال صلى الله عليه وسلم: خذيها وأعتقيها، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد: فما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مئة شرط، فقضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق ".
ظاهر مقدمة هذا الحديث تدل على جواز بيع رقبة المكاتب، وإليه ذهب النخعي ومالك وأحمد، وقالوا: يصح بيعه، ولكن لا تنفسخ كتابته، حتى لو أدى النجوم إلى المشتري عتق، وولاؤه للبائع الذي كاتبه، وأول الشافعي الحديث بأنه جرى برضاها، فكان ذلك فسخا للكتابة منها.
ويحتمل أن يقال: إنها كانت عاجزة عن الأداء، فلعل السادة عجزوها وباعوها، واختلف في جواز بيع نجوم الكتابة، فمنعه أبو حنيفة أيضا، والشافعي جوزه ومالك.
وأول قوم حديث بريرة عليه، لقول عائشة:" أعدها لهم "، والضمير لتسع أواق التي وقعت عليها الكتابة، ربما جاء في بعض الروايات: فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك.
ويرده عتق عائشة إياها، وما روي ابن شهاب عن عروة عن عائشة: أنه عليه السلام قال: " ابتاعي وأعتقي "، وفي رواية أخرى أنه قال:" اشتريها وأعتقيها ".
وأما ما احتجوا به فدليل عليهم، لأن مشتري النجوم لا يعدها ولا يؤديها، وإنما يعطي بدلها، وأما مشتري الرقبة إذا اشتراها بمثل ما انعقدت به الكتابة، فإنه يعده.
وفحوى الحديث يدل على جواز بيع الرقبة بشرط العتق، لأنه يدل على أنهم شرطوا الولاء لأنفسهم، وسرط الولاء لا يتصور إلا بشرط العتق، لأن الرسول - صلوات الله عليه - أذن لعائشة في إجابتهم بالشراء بهذا الشرط، ولو كان العقد فاسدا لم يأذن فيه ولم يقرر العقد، وإليه ذهب النخعي والشافعي وابن أبي ليلى وأبو ثور، وذهب أصحاب الرأي إلى فساده، والقائلون بصحة هذا العقد اختلفوا في الشرط، فمنهم من صححه، وبه قال الشافعي في الجديد، لأنه عليه السلام أذن فيه، ولأنه لو فسد لأفسد العقد، لأنه شرط يتعلق به غرض، ولم يثبت، فيفسد العقد للنص والمعنى المذكورين.
قيل: ومنهم من ألغاه كابن أبي ليلى وأبي ثور، ويدل أيضا على
صحة البيع بشرط الولاء وفساده الشرط، لأنه عليه السلام قرر العقد وأنفذه، وحكم ببطلان الشرط، وقال:" إنما الولاء لمن أعتق "، وبه قال ابن أبي ليلى، وأبو ثور، والشافعي في القديم.
والأكثرون على فساد العقد، لما سبق من النص والمعنى، قالوا: ما جرى الشرط في بيع بريرة، ولكن القوم ذكروا ذلك طمعا، في ولائها، جاهلين بأن الولاء لا يكون إلا للمعتق.
وما روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أنه عليه السلام قال: " خذيها واشترطيها " = زيادة تفرد بها.
والتاركون لها كابن شهاب عن عروة، وعمرة عن عائشة، والقاسم ابن محمد عنهما، أكثر عددا وأشد اعتبارا، فلا يسمع، لأن السهو على واحد أجوز منه على جماعة.
قال الشافعي: كيف يجوز في صفة الرسول - صلوات الله عليه - ومكانه من الله أن ينكر على الناس شرطا باطلا، ويأمر أهله بإجابتهم إلى الباطل، وهو على أهله في الله أشد وأغلظ؟
أقول: وعلى هذا التقدير والاحتمال ينهدم ما ذكرنا من الاستدلال، ولا يكون فيه ما يدل على جواز شرط العتق في العقد وصحته.
وقوله: " ما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ": يريد أنها ليست في حكم الله، وليست على مقتضى حكم كتاب الله، ولم يرد أنها ليست منصوصة في كتاب الله، فإن كون الولاء للمعتق
أيضا غير منصوص في القرآن، ولكن الكتاب أمر بطاعة الرسول، وأتباع حكمه، وهو قد حكم بأن الولاء لمن أعتق.
…
من الحسان:
633 -
2112 - عن مخلد بن خفاف قال: ابتعت غلاما فاستغللته، ثم ظهرت منه على عيب، فقضى علي عمر بن عبد العزيز برد غلته، فراح إليه عروة فأخبره أن عائشة رضي الله عنها أخبرتني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في مثل هذا أن الخراج بالضمان، فقضى لي أن آخذ الخراج.
(من الحسان):
" عن مخلد بن خفاف قال: ابتعت غلاما فاستغللته، ثم ظهرت منه على عيب، فقضى علي عمر بن عبد العزيز برد غلته، فراح إليه عروة فأخبره أن عائشة أخبرتني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في مثل هذا: أن الخراج بالضمان، فقضى لي أن آخذ الخراج ".
استغللته: أخذت غلته، أي: كراه، والخراج في الأصل: اسم ما يخرج من الأرض، ثم استعمل في منافع الأملاك كأجرة الأراضي وريعها، وكذا الحيوانات، وغلة العبيد.
ومعنى قوله: " الخراج بالضمان ": أن النافع بإزاء الضمان، وكما أن المبيع لو تلف أو انتقص في يد المشتري، فهو في عهدته وقد تلف