المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ بابالمنهي عنها من البيوع - تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة - جـ ٢

[ناصر الدين البيضاوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الدعوات

- ‌ باب

- ‌ بابذكر الله عز وجل والتقرب إليه

- ‌ بابأسماء الله تعالى

- ‌ بابثواب التسبيح والتحميد والتهليل

- ‌ بابالاستغفار والتوبة

- ‌فصل

- ‌ بابما يقول عند الصباح والمساء والمنام

- ‌ بابالدعوات في الأوقات

- ‌ بابالاستعاذة

- ‌ بابجامع الدعاء

- ‌كتاب الحج

- ‌ بابالمناسك

- ‌ بابالإحرام والتلبية

- ‌ بابقصة حجة الوداع

- ‌ بابدخول مكة والطواف

- ‌ بابالوقوف بعرفة

- ‌ بابالدفع من عرفة والمزدلفة

- ‌ بابرمي الجمار

- ‌ بابالهدي

- ‌ بابالحلق

- ‌فصل

- ‌ بابالخطبة يوم النحر ورميأيام التشريق والتوديع

- ‌ بابما يجتنبه المحرم

- ‌ بابالمحرم يجتنب الصيد

- ‌ بابالإحصار وفوت الحج

- ‌ بابحرم مكة حرسها الله

- ‌ بابحرم المدينة على ساكنهاالصلاة والسلام

- ‌كتاب البيوع

- ‌ بابالكسب وطلب الحلال

- ‌ بابالمساهلة في المعاملة

- ‌ بابالخيار

- ‌ بابالربا

- ‌ بابالمنهي عنها من البيوع

- ‌فصل

- ‌ بابالسلم والرهن

- ‌ بابالاحتكار

- ‌ بابالإفلاس والإنظار

- ‌ بابالشركة والوكالة

- ‌ بابالغصب والعارية

- ‌ بابالشفعة

- ‌ بابالمساقاة والمزارعة

- ‌ بابالإجارة

- ‌ بابإحياء الموات والشرب

- ‌ بابالعطايا

- ‌فصل

- ‌ باباللقطة

- ‌ بابالفرائض

- ‌ بابالوصايا

- ‌كتاب النكاح

- ‌ بابالنظر إلى المخطوبة وبيان العورات

- ‌ بابالولي في النكاح واستئذان المرأة

- ‌ بابإعلان النكاح والخطبة والشرط

- ‌ بابالمحرمات

- ‌ بابالمباشرة

- ‌ بابالصداق

- ‌ بابالوليمة

- ‌ بابالقسم

- ‌ بابعشرة النساء وما لكلواحدة من الحقوق

- ‌ بابالخلع والطلاق

- ‌ بابالمطلقة ثلاثا

- ‌فصل

- ‌ باباللعان

- ‌ بابالعدة

- ‌ بابالاستبراء

- ‌ بابالنفقات وحق المملوك

- ‌ باببلوغ الصغير وحضانته في الصغر

- ‌كتاب العتق

- ‌ بابإعتاق العبد المشترك وشراء القريبوالعتق في المرض

- ‌ بابالأيمان والنذور

- ‌فصلفي النذور

- ‌كتاب القصاص

- ‌ بابالديات

- ‌ بابما لا يضمن من الجنايات

- ‌ بابالقسامة

- ‌ بابقتل أهل الردة والسعاة بالفساد

- ‌كتاب الحدود

- ‌ بابقطع السرقة

- ‌ بابالشفاعة في الحدود

- ‌ بابحد الخمر

- ‌ بابلا يدعى على المحدود

- ‌ بابالتعزير

- ‌ باببيان الخمر ووعيد شاربها

- ‌كتاب الإمارة والقضاء

- ‌ بابما على الولاة من التيسير

- ‌ بابالعمل في القضاء والخوف منه

- ‌ بابرزق الولاة وهداياهم

- ‌ بابالأقضية والشهادات

- ‌كتاب الجهاد

- ‌ بابإعداد آلة الجهاد

الفصل: ‌ بابالمنهي عنها من البيوع

وقوله: " كان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة " أي: إلى أوان أخذها ووصولها - دليل على جواز بيع حيوان بحيوانين ولو من جنسه، وعليه اتفق أهل العلم، ولم نسمع أحدا خالف فيه، وعلى أنه لا يحرم النسيئة فيه، وإليه ذهب علي وابن عمر رضي الله عنهم، وبه قال ابن المسيب وابن سيرين والزهري والشافعي وإسحاق.

وما روي عن سمرة: أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، طعن في اتصاله يحيى بن معين وغيره من المحدثين.

5 -

‌ باب

المنهي عنها من البيوع

من الصحاح:

613 -

2067 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة أن يبيع ثمر حائطه إن كان نخلا بتمر كيلا، وإن كان كرما أن يبيعه بزبيب كيلا، وإن كان زرعا أن يبيعه بكيل طعام، نهى عن ذلك كله.

ويروى: المزابنة أن يباع ما في رؤوس النخل بتمر بكيل مسمى إن زاد فلي وإن نقص فعلي.

ص: 232

(باب المنهي عنها من البيوع)

(من الصحاح):

" عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة أن يبيع ثمر حائطه إن كان نخلا بتمر كيلا، وإن كان كرما أن يبيعه بزبيب كيلا، أو كان زرعا أن يبيعه بكيل طعام، نهى عن ذلك كله ".

" المزابنة ": بيع الثمر على الشجر بجنسه موضوعا على وجه الأرض، هكذا فسر في حديث جابر، وهاهنا فسره بما هو أعم منه، وجعل المحاقلة – وهو بيع الزرع بحبه نقيا – من أنواعها، واشتقاقها من الزبن، وهو الدفع، لأن كل واحد من المتعاقدين يزبن صاحبه عن حقه بما يزداد منه، أو لأن كلا منهما إذا وقف على غبن فيما اشتراه أراد فسخه، وأراد الآخر إمضاءه، فيتزابنان، وإنما خص بهذا الاسم بيع الثمر على رأس الشجر، لأن تقديره لا يمكن إلا بخرص، فلا يخلو غالبا عن تفاوت وغبن، وفي الحديث: بيع الثمر والعنب، لأنهما غالب ثمارهم، أو لأن المعتاد جريان هذا العقد عليها، واشتقاق المحاقلة من: الحقل وهو الزرع إذا تشعب ورقه ولم يغلط بعد ساقه، وأصله القراح من الأرض الطيبة التربة الصالحة للزرع، منه:(حقل): إذا زرع، والمحقلة: المزرعة.

***

ص: 233

614 -

2069 – وعن جابر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة والمعاومة وعن الثنيا، ورخص في العرايا.

وعن جابر قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة والمعاومة، وعن الثنيا، ورخص في العرايا ".

أما " المحاقلة " و"المزابنة" فقد مر تفسيرهما، وأما " المخابرة ": فهي المزارعة – بالنصب – وذلك بأن يستأجر الأرض بجزء ريعها، وفساد هذا العقد لجهالة الأجرة وقدرها، واشتقاقها من: الخبرة – بالضم -، وهو النصب، أو من: الخبر، وهو الزراعة، ومنه الخبير للنبات والأكار، والخبراء: الأرض اللينة.

و" الثنيا " – بالضم –: أن يبيع الرجل ثمرة بستان ويستثني منها قدرا معينا، مأخوذ من: الاستثناء، والمقتضي للنهي فيه: إفضاؤه إلى جهالة قدر المبيع.

ولهذا قال الفقهاء: لو قال: بعت منك هذه الصبرة إلا صاعا، وكانت مجهولة الصيعان، فسد العقد، لأنه خرج المبيع عن كونه معلوم القدر عيانا وتقديرا، أما لو باع واستثنى سهما شائعا معينا كالثلث أو الربع، صح، لحصول العلم بقدره على الإشاعة.

وأما " المعاومة ": فهو أن يبيع الرجل تمرة بستانه سنتين فصاعدا، والداعي إلى النهي عنها عدم المعقود عليه.

ص: 234

وأما " العرايا ": فهي جمع: عرية، وهي أن يبيع ثمر نخلات معلومة بعد بدو الصلاح فيها، خرصا بالثمر الموضوع على وجه الرض كيلا وأصلها: النخلة التي يعريها الرجل غيره، أن يجعل له ثمرتها، سميت بها لأنها عريت بتجريد الثمار بالإعطاء وتعريتها منه، (فعيلة) بمعنى مفعول، فالتاء فيها لنقل اللفظ من الوصفية إلى الاسمية، فنقل منها إلى العقد الوارد عليها المتضمن لإعرائها، وقد رخص فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم للحاجة، واستثناها من المزابنة في خمسة أوسق أو فيما دونها، لما روى مالك عن داود بن الحصين، عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد

615 – 2071 – وعن أبي هريرة رضي الله عنه:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص في بيع العرايا بخرصها من التمر فيما دون خمسة أوسق، أو في خمسة أوسق، شك داود ".

" عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص في بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق، أو في خمسة أوسق، شك فيهما داود ".

قال مالك: (العرية): أن يعري الرجل ثمرة نخلة أو نخلتين، فيعطيها غيره، ثم يتأذى بدخوله حائطه، فيشتريها بالتمر.

وقال أبو حنيفة: العرية: أن يعري الرجل تمر نخلات من حائطه

ص: 235

أجنبيا ثم يبدو له فيبطلها، ويرجع فيها ويعطيه تمرا مكانه، ويرد هذا التفسير قوله:(ورخص في العرايا) لأن ما ذكره ليس من الرخص في شيء، وفي الحديث الآتي بعد هذا الحديث المروي.

616 – 2070 – وعن سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع التمر بالتمر، إلا أنه رخص في العرية أن تباع بخرصها تمرا يأكلها أهلها رطبا ".

ويدل على ما قلنا أن الشافعي روى بإسناده: أنه قيل لبعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إما زيد بن ثابت، وإما غيره: (ما عراياكم هذه؟ فقال: - وسمى رجالا محتاجين من الأنصار شكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم:إن الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يبتاعون به رطبا يأكلونه، وعندهم فضول قوتهم من التمر، فرخص لهم أن يبتاعوا للعرايا بخرصها من التمر الذي في أيديهم يأكلونه رطبا ".

617 – 2074 – وعن جابر رضي الله عنه قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع

ص: 236

السنين، وأمر بوضع الجوائح ".

" وعن جابر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع السنين، وأمر بوضع الجوائح ".

" بيع السنين ": يريد به بيع ثمارها، وهي المعاومة، وقد سبق الكلام فيها، و" الجوائح ": جمع جائحة، وهي الآفة التي تصيب الثمرة، من الجوح وهو الاستئصال، ووضعها: أن يحط البائع من الثمن ما يوازي نقصان الجائحة بعد القبض، والأمر به أمر استحباب لا وجوب، لأن المبيع قد خرج عن عهدة البائع بالتسليم إلى المشتري، فلا يلزمه ضمان ما يعتريه بعده.

ولما روى أبو سعيد الخدري: أن رجلا أصيب في ثمار ابتاعها، فكثر دينه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" تصدقوا عليه ".

ولو كانت الجوائح موضوعة لم يصر مديونا بسببها، ولما أمرنا بالتصدق عليه لأدائه، ومنهم من قال: إنه للوجوب، والبيع ينفسخ فيما يتلف بالجائحة كما لو تلف قبل القبض ، لأن التسليم لم يتم بالتخلية، وكذلك يجب على البائع سقيها إلى أن يدرك.

ص: 237

ويدل عليه قوله في حديث جابر المذكور عقب هذا:" فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ "

وهو مذهب أحمد وقول قديم للشافعي، ومنهم من خصص الحديثين بما إذا كان المبيع لم يقبض بعد، ومنهم من قال: إن ذلك في الأراضي الخرابية التي أمرها إلى الإمام، أمره بوضع الخراج عنها إذا أصابتها الجوائح.

618 – 2079 – وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تلقوا الركبان لبيع، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا تناجشوا ولا يبع حاضر لباد، ولا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها، إن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعا من التمر "

619 – 2081 – وقال: " لا تلقوا الجلب، فمن تلقاه فاشترى منه، فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار "

" وعن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تلقوا الركبان لبيع، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا تناجشوا، ولا يبع حاضر لباد، ولا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين، بعد أن يحلبها، إن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعا من تمر ".

ص: 238

نهى عن استقبال الركبان، لابتياع ما يحملونه إلى البلد قبل أن يقدموا الأسواق ويعرفوا الأسعار، لم يتوقع فيه من التغرير وارتفاع الأسعار.

وفي معناه: قوله في الحديث الآخر: " ولا تلقوا الجلب ".

و" الجلب ": هم الذي يحلبون النعم من موضع إلى موضع للبيع، ولعله مصدر نعت به، ويتوسع فيه، فيطلق على من يجلب الأقوات إلى البلدان، وعن البيع على بيع غيره، وهو أن يدعو المشتري زمان الخيار إلى أن يفسخ البيع ويشتري منه، وقيل: هو أن يمنع طالب متاع الغير أن يشتريه، ليبتاع متاعه، وسمي البائع الأول أخاه ليدل على أنه أخوه في الدين، فلا يليق به إضراره وتفويت الربح عليه.

وعن " التناجش ": وهو تفاعل من النجش، وهو أن يزيد الرجل في ثمن السلعة، وهو لا يريد شراءها، ليغتر به الراغب فيشتري بما ذكره، وأصله الإغراء والتحريض، وإنما نهى عنه لما فيه من التغرير، وإنما ذكر بصفة التفاعل، لأن التجار يتعارضون في ذلك فيفعل هذا لصاحبه على أن يكافئه بمثله، وعن بيع الحاضر للبادي، وهو أن يأخذ البلدي من البدوي ما حمله إلى البلد ليبيعه بسعر اليوم حتى يبيع له على التدريج بثمن أرفع.

ص: 239

والعلة فيه: تفويت الربح وتضييق الرزق على الناس، فعلى هذا لو كان المتاع كاسدا في البلد إما لكثرته أو لندور الحاجة إليه، لم يحرم ذلك، لفقد المعنى، فإن الحكم المنصوص كما يعم بعموم العلة يخص بخصوصها.

وعن " التصرية ": وهي أن يشد أخلاف اللبون ويترك حلابها أياما ليجتمع البن في ضرعها، فيتخيل المشتري غزارة لبنه من قولهم: صريت الماء في الحوض إذا جمعته وحبسته، وأصل الصري: الجمع، أو ثبت بها الخيار للمشتري إذا اطلع عليها بقوله " فهو بخير النظرين ".

وقال أبو حنيفة: لا خيار له بسبب التصرية، ولا الرد بعيب آخر بعد ما حلبها، والحديث حجة عليه في المسألتين، ولا يختص ثبوت الخيار بما بعد الحلب، بل لو اطلع عليها قبله كان له الرد، وإنما قيد به، لأن الغالب أنه لا يحصل العلم بها إلا بعد حلبها، وإنما أوجب رد صاع تمر معها بدلا عن الحليب الموجود في الضرع حالة العقد، وكان القياس رد عينه أو مثله، لكنه لم تعذر لاختلاط ما حدث بعد البيع في ملك المشتري بالموجود حال العقد وإفضائه إلى الجهل بقدره، هين الشارع له بدلا يناسبه قطعا للخصومة، ودفعا للتنازع في قدر الموجود عند العقد، وهذا الخيار كسائر خيار النقيصة على الفور عند الأكثر.

وما روي أنه قال: " من اشترى شاة مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام، فإن ردها معها صاعا من طعام لا سمراء ".

ص: 240

إنما قاله بناء على الغالب، لأن الوقوف عليها قلما يكون في أقل من ثلاثة أيام، فإنه لا يظهر قبله نقصان بين، ولأن الذي يجده المشتري في المدة لعله يحمله على خلف اليد وتبدل الخيار، ولا أن الخيار يمتد ثلاثة أيام، وإن اطلع عليه المشتري.

وقوله: " لا سمراء " أي: لا حنطة، قيل: أراد به أن التمر متعين للبدلية، ولا يجوز أن يعطى غيره إلا برضا البائع، فإن غالب طعام العرب التمر، فيكون المراد منه إذا أطلق.

وقيل: أراد به أن يرد مع المصراة صاعا من الطعام، أي الطعام كان، وأن الحنطة غير واجب على التعيين، بل لو رد معها صاعا من تمر أو شعير أو غيرهما جاز، ولذلك اختلف العلماء في تعين التمر، ولعل الأظهر تعينه للتنصيص به فيما روا هـ الشيخان وغيرهما من الأئمة رحمهم الله.

620 – 2087 – وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر "

" عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة،

ص: 241

وعن بيع الغرر".

" بيع الحصاة ": من البياعات التي كانت يفعلها أهل الجاهلية، واختلف العلماء في تفسيره فقيل: هو أن يقول البائع للمشتري في العقد: إذا نبذت إليك الحصاة فقد أوجب البيع، والخلل فيه إثبات الخيار، وشرطه إلى أمد مجهول.

وقيل: هو أن يعقد بأن يرمي بحصاة قطيع غنم، فأي شاة أصابتها كانت كالمبيع، والخلل فيه إثبات الخيار، وشرطها جهالة المعقود عليه. وقيل: هو أن يجعل الرمي بيعا، والخلل في نفس العقد وصورته،

و" الغرر": ما خفي عليك أمره من الغرر، وبيع الغرر كل بيع كان المعقود عليه فيه مجهولا أو معجوزا عنه، ومن ذلك بيع ما لم يره، وبيع تراب المعدن وتراب الصاغة، لأن المقصود بالعقد ما فيه من النقد وهو مجهول.

621 – 2090 – وعن جابر رضي الله عنه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ضراب الجمل، وعن بيع الماء والأرض لتحرث ".

" عن جابر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ضراب الجمل، وعن بيع الماء والأرض لتحرث ".

ص: 242

(ضراب الفحل الناقة ضرابا) ترى عليها ضرابه، أي: تأخذ به مالا وتقرر عليه، والعسب: الكرى المأخوذ عليه، يقال: عسبت الرجل عسبا: إذا أعطيته الكراء على ذلك، والموجب للنهي ما فيه من الغرر، لأن المقصود المكتري منه هو الإلقاح، والفحل قد يضرب وقد لا يضرب، وقد تلقح الأنثى وقد لا تلقح، أما لو أعار الفحل للإنزاء، فألزمخ المستعير بسء جاز قبوله، لما روي عن أنس بن مالك: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن عسب الفحل فنهاه، فقال: يا رسول الله! إنا نطرق الفحل فنكرم، فرخص له في الكرامة "

ورخص في الكراء للعسب الحسن وابن سيرين وعطاء، وبه قال مالك للمصلحة

****

622 -

2092 – وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يباع فضل الماء ليباع به الكلأ".

" وعن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يباع فضل الماء ليباع به الكلأ ".

اختلفت الروايات في هذا الديث، فروى البخاري رحمه الله:" لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا فضل الكلأ ". ومعناه: من كان له بئر في موات من الأرض لا يمنع ماشية غيره أن ترد فضل مائه الذي زاد على ما احتاج إليه ماشيته، ليمنعها بذلك عن فضل الكلأ، فإنه إذا منعهم

ص: 243

عن فضل مائه في أرض لا ماء بها سواه لم يكن لهم الرعي بها، فيصير الكلأ ممنوعا بمنع الماء.

وروى السختياني: " لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ ".

والمعنى: ما سبق، وروى مسلم:" لا يباع فضل الماء ليمنع به الكلأ "

والمعنى: لا يباع فضل الماء، ليصير الكلأ ممنوعا بسبب الضنة على الماء، والمضايقة عليه.

وروى الشيخ في هذا الكتاب: " لا يباع فضل الماء ليباع به الكلأ " والمعنى لا يباع فضل الماء ليصير البائع له كالبائع للكلأ، وإن من أراد الرعي في حمات مائه وحواليه إذا منعه من الورود عن مائه إلا بعوض اضطر إلى شرائه، فيكون بيعه الماء بيعا للكلأ.

واختف العلماء في أن هذا المعنى للتحريم أو للتنزيه، وبنو ذلك على أن الماء يملك أم لا؟ والأولى حمله على الكراهة.

623 – 2096 – وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع

ص: 244

الكالئ بالكالئ "

(من الحسان):

عن ابن عمر [و]: " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكالئ بالكالئ ".

" الكالئ " – بالهمزة -: النسيئة، نهى عن بيع النسيئة بالنسيئة مثل أن يبيع الرجل دينه على آخر بدين للمشتري على ذلك المديون أو غيره، والمقتضي للنهي ما فيه من الغرر.

624 – 2097 – عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: نهر سول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع العربان "

" عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع العربان "

أي: بيع يكون فيه عربان، وهو ما يدفع الرجل إلى الصناع ليصنع له شيئا، فإن ارتضاه كان ما دفعه إليه من الثمن، وإلا يكون منحة له، والخلل فيه تعليق العقد والتردد فيه إلى غير ذلك، وفيه لغات: عربان كـ (عقران) وعربون كـ (حمدون) وأربان وأربون – بالهمز بدل العين، وعربون بفتح الراء

***

ص: 245

625 – 2098 – وعن علي قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطرين وعن بيع الغرر"

" وعن علي رضي الله عنه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطرين وعن بيع الغرر ".

قيل: المراد بالمضطر المكره، وقيل: هو الذي يعرض متاعه على البيع، لضرورة لم يجد معها بدا من بيعها، فيعلم المشتري حاله فيما كسبه، ويناقشه إلى أن يضطره فيبيع منه بغبن فاحش، فالنهي على الأول للتحريم، والثاني للتنزيه.

626 -

2103 – وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة صفقة واحدة ".

" وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة صفقة واحدة "

صورة هذا العقد: أن يقول البائع: بعت منك هذا الثوب بعشرة نقدا أو بعشرين نسيئة إلى سنة، فخذ بأيهما شئت، وهو فاسد عند أكثر أهل العلم، لعدم تعين الثمن، وقيل: هي أن يبيع متابعه بشرط أن يبيع المشتري شيئا منه مثل أن يقول: بعتك جاريتي بعشرة على أن تبيعني فرسك.

ص: 246

وهذا أيضا فاسد، لأنه جعل المشروط جزءا، والثمن والوفاء به غير لازم فبطل بعض الثمن، وليس له قيمة معلومة حتى يفرض التوزيع عليه وعلى الباقي، فتصير ما يبقى من المبيع في مقابلة الباقي مجهولا، فيفسد العقد فيه أيضا لجهالته.

627 – 2104 – وقال: " لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك "(صحيح)

" وعنه: بهذا الإسناد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل بيع وسلف ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك "

(السلف): يطلق على السلم والقرض، والمراد به هاهنا شرط القرض على حذف المضاف، أي: لا يحل بيع مع شرط سلف، مثل أن تقول: بعتك هذا الثوب بعشرة على أن تقرضني عشرة، بقي الحل اللازم للصحة، ليدل على الفساد من طريق الملازمة، والعلة فيه وفي كل عقد: تضمن شرط لا يثبت، ويتعلق به غرض، كما ما مر في الحديث السالف.

وقيل: هو أن تقرضه قؤضا وتبيع منه شيئا بأكثر من قيمته فإنه حرام، لأن قرضه روج متاعه بهذا الثمن، وكل قرض جر نفعا فهو حرام.

وقوله: " ولا شرطان في بيع ": فسر بالمعنى الذي ذكرناه أولا

ص: 247

للبيعتين في بيعة، وقيل: معناه: أن يبيع شيئا بشرطين، مثل أن يقول: بعت منك هذا الثوب بكذا على أن أقصره وأخيطه، وإليه ذهب أحمد، وبنى على مفهومه جواز الشرط الواحد وهو ضعيف، إذ لا فرق بين الشرط الواحد والشرطين في المعنى.

ولأنه روي: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط، ولعل تخصيص الشرطين للعادة التي كانت لهم، وربح ما لم يضمن يريد به الربح الحاصل من بيع ما اشتراه قبل أن يقبضه وينتقل من ضمان البائع إلى ضمانه، فإن بيعه فاسد وبيع ما ليس عندك كبيع الآبق، والمغصوب، والمبيع قبل القبض، ومال الغير على توقع إجازته.

والسلم خارج عن هذا الحكم، إما لأن البيع لا يتناوله لاختصاصه بالأعيان عرفا، أو لأن الدليل استثناه.

628 – 2105 – وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: كنت أبيع الإبل بالبقيع بالدنانير فآخذ مكانها الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ مكانها الدنانير، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال:" لا بأس بأن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء "

" وفي حديث ابن عمر: كنت أبيع الإبل بالنقيع "

" النقيع " – بالنون – موضع بالمدينة يستنقع فيه الماء، ثم ينصب

ص: 248

فينبت فيه العشب.

****

629 – 2106 – عن العداء بن خالد بن هوذة، أخرج كتابا: هذا ما اشترى العداء بن خالد بن هوذة من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، اشترى منه هبدا أو أمة، لا دء ولا غائلة ولا خبثة، بيع المسلم المسلم. غريب.

" وعن العداء بن خالد بن هوذة، أخرج كتابا: هذا ما اشترى العداء بن خالد بن هوذة من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، اشترى منع عبدا أو أمة، لا داء ولا غائلة ولا خبثة، بيع المسلم المسلم "

هذا " العداء " من بني ربيعة بن عمرو بن عامر بن صعصعة، من أعراب البصرة، و" عبدا أو أمة ": شك من بعض الرواة، والمراد بـ (الداء): العيب الموجب للخيار، بـ (الغائلة): ما فيه اغتيال مال المشتري، مثل أن يكون العبد سارقا أو آبقا.

وبالخبثة: أن يكون خبيث الأصل لا يطيب للملاك، أو محرما كالمسبي من أولاد المعاهدين، ومن لا يجوز سبيهم، فعبر عن الحرمة بالخبث كما عبر عن الحل بالطيب.

" بيع المسلم المسلم ": نصب على المصدر، أي: باعه بيع المسلم من المسلم، أضاف إلى الفاعل ونصب به المفعول.

***

ص: 249