الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(11)
كتاب البيوع
1 -
باب
الكسب وطلب الحلال
من الصحاح:
589 -
2015 - وقال: " إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات} ، وقال: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي حرام، فأنى يستجاب لذلك؟ ".
(كتاب البيوع)
(باب الكسب وطلب الحلال)
(من الصحاح):
" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ".
(الطيب): ضد الخبيث، فإذا وصف به الله تعالى أريد به أنه منزه عن النقائص مقدس عن الآفات والعيوب، وإذا وصف به العبد مطلقا أريد به أنه المتعري عن رذائل الأخلاق وقبائح الأعمال، والمتحلي بأضداد ذلك، وإذا وصف به الأموال أريد به كونه حلالا من خيار المال.
ومعنى الحديث: أنه تعالى منزه من العيوب، فلا يقبل ولا ينبغي أن يتقرب إليه إلا بما يناسبه في هذا المعنى، وهو خيار أموالكم الحلال، كما قال تعالى:{لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} [آل عمران: 92].
…
590 -
2017 - وقال " الحلال بين، والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب ".
" وعن نعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحلال بين
والحرام بين، وبينهما أمور متشابهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يقع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب ".
إن الله تعالى بين الحلال والحرام، بأن مهد لكل منها أصلا يتمكن الناظر المتأمل فيه من استخراج أحكام ما يعن له من الجزئيات، وتعرف أحوالها، لكن قد يتفق في الجزئيات ما يقع فيه الاشتباه، لوقوعه بين الأصلين، ومشاركته لأفراد كل منهما من وجه، فينبغي ألا يجترئ المكلف على تعاطيه، بل يتوقف ريثما يتأمل فيه، فيظهر له أنه من أي القبيلين هو، فإن اجتهد ولم يظهر له أثر الرجحان، بل رجع طرف الذهن عن إدراكه حسيرا تركه في حيز التعارض أسيرا، وأعرض عما يريبه إلى ما لا يريبه، استبراء لدينه أن يختل بالوقوع في المحارم، وصيانة لعرضه عن أن يتهم بعدم المبالاة بالمعاصي والبعد عن الورع، فإن من هجم عن الشبهات وتخطى خططها ولم يتوقف دونها وقع في الحرام، إذ الغالب أن ما وقع فيه من الشبهات لا يخلو عن المحارم، كما أن الراعي إذا رعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه.
" ألا ": مركبة من همزة الاستفهام وحرف النفي، لإعطاء معنى
التنبيه على تحقق ما بعدها.
و (الحمى): هو المرعى الذي حماه الإمام ومنع من أن يرعى فيه، شبه المحارم من حيث إنها ممنوع التبسط فيها، والتخطي لحدودها، والواجب التجنب من جوانبها وأطرافها بحمى السلطان، فكما يحتاط الراعي ويتحرز عن مقاربة الحمى حذرا عن أن تتخطاه ماشيته، فيتعرض لسخط السلطان، ويستوجب تأديبه، ينبغي أن يتورع المكلف عن الشبهات، ويتحنب عن مفارقتها، كيلا يقع في المحارم، ويستحق به السخط العظيم والعذاب الأليم.
ولما كان التورع والتهتك مما يتبع ميلان القلب إلى الصلاح والفجور نبه على ذلك بقوله: " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله " ليقبل المكلف عليه فيصلحه، ويمنعه عن الانهماك في الشهوات والإسراع إلى تحصيل المشتبهات، حتى لا يبادر إلى الشبهات، ولا يستعمل جوارحه في اقتراف المحرمات.
…
691 – 2018 – وقال: " ثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث، وكسب الحجام خبيث ".
" عن رافع بن خديج: أنه – عليه الصلاة والسلام – قال: ثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث، وكسب الحجام خبيث ".
(الخبيث) في الأصل: ما يكره لرداءته وخسته، ويستعمل للحرام من حيث كرهه الشارع واستردأه، كما يستعمل (الطيب) للحلال، قال تعالى:{ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب} [النساء:2]، أي: الحرام بالحلال، وللرديء من المال، قال تعالى:{ولا تمموا الخبيث منه تنفقون} [البقرة: 267]، أي: الرديء من المال.
ولما كان مهر الزانية، وهو ما تأخذه عوضا للزنا، حراما كان الخبيث المسند إليه بمعنى الحرام.
و" كسب الحجام " لما لم يكن حراما، لأنه – عليه السلام – احتجم فأعطى الحجام أجره كان المراد من المسند إليه هو المعنى الثاني.
وأما الأول: فمبني على صحة بيع الكلب، فمن صححه – كالحنفية – فسره بالدناءة، ومن لم يصححه – كأصحابنا – فسره بأنه حرام.
ويؤيده:
…
592 – 2019 – وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن.
" ما روى أبو مسعود الأنصاري: أنه – عليه السلام – نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن ".
" البغي ": الفاجرة، (فعيل) من: البغاء، وهو الزنا، وأصله
الفساد، يقال: بغى الجرح: إذا ترامى إلى الفساد، و (مهرها): أجرتها على الزنا، شبهها بالصداق، فاستعار لها (المهر).
و" حلوان الكاهن ": منحة تمنحه على كهانته، يقال: حلوت فلانا أحلوه حلوا وحلوانا، مأخوذ من: الحلاوة.
…
593 – 2020 – وعن أبي جحيفة: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم، وثمن الكلب، وكسب البغي، ولعن آكل الربا، وموكله، والواشمة، والمستوشمة، والمصور.
" وعن أبي جحيفة: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم، وثمن الكلب، وكسب البغي، ولعن آكل الربا وموكله، والواشمة والمستوشمة، والمصور ".
علة النهي عن أخذ ثمن الدم والكلب نجاستها.
و" كسب البغي ": ما تأخذه على البغاء.
و" آكل الربا ": آخذه، و" موكله ": معطيه.
و" الواشمة ": المرأة التي تنقش بدن غيرها بأن تنقر وتجعل في موضع النقر شيئا من النيلنج ونحوه، و" المستوشمة ": الملتمسة لئن يفعل بها ذلك.
***
594 – 2022 – عن عمر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " قاتل الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها ".
" عن عمر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قاتل الله اليهود! حرمت عليهم الشحوم، فجملوها فباعوها "
" قاتل الله اليهود " أي: عاداهم، وقيل: قتلهم، فأخرج في صورة المغالبة للمبالغة، أو عبر عنه بما هو مسبب عنه، فإنهم بما اخترعوا من الحيلة انتصبوا لمحاربة الله ومقاتلته، ومن قاتله قتله.
" فجملوها " أي: أذابوها، والجميل: الشحم المذاب.
…
من الحسان:
595 – 2028 – عن الحسن بن علي رضي الله عنهما أنه قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة ".
(من الحسان):
" عن حسن بن علي رضي الله عنهما قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة "
(الإرابة): الإيقاع في الريبة، وهي التهمة والشك، وأصلها: قلق
النفس، ومنها:(ريب الزمان) لـ (نوائبه) ، فإنها تقلق النفوس.
والمعنى: إن الصدق مما يطمئن له القلب ويسكن، والكذب مما يقلق له ويضطرب، فإذا ترددت في أمر فدعه إلى ما لا تسكن إليه نفسك وتستقر عنده، فإن التردد فيه أمارة كونه باطلا.
وروي: " يريبك " بالفتح: من: راب، بمعنى: أراب.
…
596 – 2029 – عن وابصة بن معبد رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يا وابصة! جئت تسأل عن البر والإثم؟ ، قلت: نعم، قال: فجمع أصابعه فضرب بها صدره وقال: " استفت نفسك واستفت قلبك، ثلاثا، البر ما اطمأنت إليه نفسك واطمأن إليه قلبك، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس ".
" عن وابصة بن معبد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا وابصة! جئت تسأل عن البر والإثم؟ قلت: نعم، قال: فجمع أصابعه، فضرب بها صدره، وقال: استفت نفسك، استفت قلبك، ثلاثا، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس ".
هذا الحديث من دلائل النبوة ومعجزات الرسول صلوات الله عليه، فإنه أخبر عما في ضمير وابصة قبل أن يتكلم به
والمعنى: أن من أشكل عليه الشيء والتبس ولم يتبين أنه من أي القبيلين هو، فليتأمل فيه إن كان من أهل الاجتهاد، وليسأل المجتهدين إن كان من المقلدين، فإن وجد ما تسكن إليه نفسه، ويطمئن به قلبه، وينشرح به صدره فليأخذ به وليختره، وإلا فليدعه وليأخذ بما لا شبهة فيه ولا ريبة، هذا طريقه الورع والاحتياط.
وحاصله راجع إلى حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما، ولعله إنما عطف اطمأن القلب على اطمئنان النفس، للتقرير والتأكيد.
فإن النفس إذا ترددت في أمر وتحيرت فيه وزال عنها القرار استتبع ذلك العلاقة التي بينها وبين القلب، الذي هو المتعلق الأول لها، فتنقل العلاقة إليه في تلك الهيئة أثرا، فيحدث فيه خفقان واضطراب، ثم ربما يسري هذا الأثر إلى سائر القوى، فيحصل بها انحلال وانخزال، فإذا زال ذلك عن النفس وحدث لها قرار وطمأنينة انعكس الأمر، وتبدلت الحال على ما لها من الفروع والأعضاء.
وقيل: المعنى بهذا الأمر أرباب البصائر من أهل النظر، والفكرة المستقيمة، وأصحاب الفراسات من ذوي النفوس المرتاضة والقلوب السليمة، فإن نفوسهم بالطبع تصبو إلى الخير وتنبو عن الشر، فإن الشيء ينجذب إلى ما يلائمه وينفر عما يخالفه، ويكون ملهمة للصواب في أكثر الأحوال.
***
597 – 2034 – وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب، وكسب الزمارة.
" وفي حديث أبي هريرة: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب، وكسب الزمارة ".
" الزمارة ": هي التي تزمر، وقيل: هي الزانية، واشتقاقها إما من:(زمرت فلانا بكذا): إذا أغربته، فإنها تغري الرجال بالفاحشة وتولعهم بالأقدام عليها، أو من:(زمر الظبي زمرانا): إذا نفر، فإن المسافحات يوصفن بالنزق، كما أن المحصنات يوصفهن بالرزانة، أو من:(زمر القربة): إذا ملأها، لأنها تملأ رحمها بنطف شتى، أو من: الزمرة، لأنها تعاشر زمرا من الناس ويتبعونها، أو من: زمر المزمار، كأنه كان من عادتهن، وقيل: هو المغنية، من:(زمر): إذا غنى، ويقال: غناء زمير، أي: حسن.
…
598 – 2035 – وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن ولا تعلموهن، وثمنهن حرام، وفي مثل هذا أنزلت:{ومن الناس من يشتري لهو الحديث} . ضعيف.
" وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن، ولا تعلموهن، وثمنهن حرام ".