الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(16)
كتاب الإمارة والقضاء
من الصحاح:
883 -
2752 - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني، وإنما الإمام جنة، يقاتل من ورائه ويتقى به، فإن أمر بتقوى الله وعدل فإن له بذلك أجرا، فإن قال بغيره فإن عليه منه "
(كتاب الإمارة والقضاء)
(من الصحاح):
" وفي حديث أبي هريرة المصدر به الكتاب: وإن قال بغيره فإن عليه منة "
أي: وإن أمر بما ليس فيه تقوى ولا عدل، بدليل أنه جعل قسيم " فإن أمر بتقوى الله وعدل " ويحتمل أن يكون المراد به القول المطلق، أو أعم منه، وهو ما يراه ويؤثره، من قولهم: فلان يقول بالقدر، أي: وإن رأى غير ذلك وآثره قولا كان أو فعلا، ليكون مقابلا لقسيمه
بقطريه، وسدا لطريق المخالفة المؤدية إلى هيج الفتن.
" فإن عليه منة " أي: وزرا وثقلا، وهي في الأصل مشترك بين القوة والضعف، وقيل: هي تصحيف، والصواب:" منه " بحرف الجر والضمير، أي: فإن عليه الوزر والوبال، من قوله:" لا يتخطاه إليكم ما لم ترضوا به "
…
884 -
2753 - وقال: " إن أمر عليكم عبد مجدع يقودكم بكتاب الله، فاسمعوا له وأطيعوا "
" عن أم الحصين: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أمر عليكم عبد مجدع، يقودكم بكتاب الله، فاسمعوا إليه، وأطيعوا ".
(المجدع): المقطوع الأنف، " يقودكم ": يسوقكم بالأمر والنهي على ما هو مقتضى كتاب الله وحكمه، هذا وأمثال ذلك حث على المداراة والموافقة، والتحرز عما يثير الفتن، ويؤدي إلى اختلاف الكلمة.
…
885 -
2757 - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة، في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثره علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن
نقول بالحق أينما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم.
وفي رواية: وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان.
" عن عبادة بن الصامت قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا، على أن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم "
" بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " أي: عاهدناه بالتزام السمع والطاعة في حالتي الشدة والرخاء، وتارتي الضراء والسراء، وإنما عبر عنه بصيغة المفاعلة للمبالغة، أو الإيذان بأنه التزم لهم أيضا بالأجر والثواب والشفاعة يوم الحساب على القيام بما التزموا.
" والمنشط والمكره ": مفعلان من النشاط والكراهة للمحل، أي: فيما فيه نشاطهم وكراهتم، أو الزمان، أي: في زماني انشراح صدورهم وطيب قلوبهم، وما يضاد ذلك.
وقوله: " وعلى أثرة علينا " أي: ذي فضل، والأثرة بالتحريك: اسم من آثره: إذا فضله، قال تعالى:{لقد آثرك الله علينا} [يوسف: 91] أي: فضلك الله علينا، وقيل: هو اسم من استأثره: إذا اختار لنفسه واستبد به، وهو عطف على " السمع والطاعة "، وقوله:
" على أن لا ننازع الأمر أهله " بدل عليه بدل الاشتمال، ويدل عليه حذف المبدل في بعض الروايات، والمعنى: بايعناه على أن نراعي حق أهل الفضل علينا، ولا ننازعهم فيما يستحقونه ويستأهلونه.
في بعض الروايات: " وعلى أن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان " أي: كفرا جهارا لا خفاء به ولا تأويل له - من باح بالشيء وأباحه: إذا جهر به - يكون عندكم من الله ما يدل قطعا على أنه كفر، وهو يدل على أن الإمام لا ينعزل بطريان الفسق، وللعلماء فيه خلاف، لكن لو أمكن تبديله بغير حرب وإثارة فتنة بدل.
…
886 -
2760 - وقال صلى الله عليه وسلم: " من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات، مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبية، أو يدعو لعصبية، أو ينصر عصبية فقتل، فقتله جاهلية، ومن خرج على أمتي بسيفه يضرب برها وفاجرها، ولا يتحاشى من مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهده، فليس مني ولست منه "
" وعن أبي هريرة أنخ عليه الصلاة والسلام قال: من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة فمات، مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبية، أو يدعو لعصبية، أو ينصر عصبية، فقتل فقتلة جاهلية ".
(الميتة) و (القتلة) بالكسر: الحالة التي يكون عليها الإنسان من الموت والقتل، والمعنى: أن من خرج عن طاعة الإمام، وفارق جماعة الإسلام، وشذ عنهم، وخالف إجماعهم، ومات على ذلك، فقد مات على هيئة كانت يموت عليها أهل الجاهلية، لأنهم ما كانوا يرجعون إلى طاعة أمير، ولا يتبعون هدي إمام، بل كانوا مستنكفين عنها، مستبدين في الأمور، لا يجتمعون في شيء، ولا يتفقون على رأي.
" ومن قاتل تحت راية عمية " أي: مجهولة، لا يعرف أنها رفعت لإعلاء الحق وإظهار الدين، أو لأن الأمريخالف ذلك، ولم يكن له في ذلك غرض وى داع سوى العصبية، فاتفق أن قتل، فقتله على حالة كانت يقتل عليها أهل الجاهلية، فإن تقاتلهم لم يكن إلا كذلك، ولا ينبغي للمؤمن أن يقاتل، ولا أن يخاصم، إلا لإعلاء كلمة الله، وإظهار دينه، و" قتلة " خبر مبتدأ محذوف، والجملة خبر (من) ، والفاء فيه لتضمن المبتدأ معنى الشرط.
…
887 -
2762 - عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يكون عليكم أمراء تعرفون وتنكرون، فمن أنكر فقد بريء، ومن كره فقد سلم، ولكن من رضي وتابع " وقالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: " لا، ما صلوا، لا، ما، صلوا " يعني: من كره بقلبه وأنكر بقلبه ".
" عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون عليكم أمراء تعرفون وتنكرون، فمن أنكر فقد بريء، ومن كره فقد سلم، ولكن من رضي وتابع! قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما صلوا ".
" تعرفون وتنكرون " صفتان لـ (أمراء) والراجع فيهما محذوف، أي: تعرفون بعض أفعالهم، وتنكرون بعضها، يريد أن أفعالهم يكون بعضا حسنا وبعضها قبيحا، فمن قدر أن ينكر عليهم قبائح أعمالهم وسماجة حالهم، وأنكر فقد برئ عن المداهنة والنفاق، ومن لم يقدر [على] ذلك ولكن أنكر بقلبه، وكره ذلك، فقد سلم من مشاركتهم في الوزر والوبال، ولكن من رضي بفعلهم بالقلب، وتابعهم في العمل، فهو الذي شاركهم في العصيان، واندرج معهم تحت اسم الطغيان، حذف الخبر لدلالة الحال وسياق الكلام على أن حكم هذا القسم ضد ما أثبته لقسيمه، وإنما منع عن مقاتلتهم ما داموا يقيمون الصلاة التي هي عماد الدين، وعنوان الإسلام، والفاروق بين الكفر والإيمان، حذرا من هيج الفتن واختلاف الكلمة، وغير ذلك مما يكون أشد نكاية من احتمال نكرهم والمصابرة على ما ينكرون منهم.
888 -
2763 - عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنكم سترون بعدي أثرة وأمورا تنكرونها " قالوا: فما تامرنا يا رسول الله؟ قال: " أدوا إليهم حقهم، وسلوا الله حقكم ".
وفي حديث ابن مسعود: " إنكم سترون بعدي أثرة، أمورا تنكرونها "
أي: ما يستأثر به من أمور الدنيا، فيفضل غيركم عليكم بلا استحقاق في الفيء ونحوه، و"أمورا " بدل عنها، وروي:" أثرة " بضم الهمزة وسكون الثاء، و"أمورا " بالعاطف على أن المراد بها أشياء أخر لا تستحسنونها، ويؤيد الأول قوله عليه الصلاة والسلام في جواب " فما تأمرنا ":" أدوا إليهم حقهم، واسألوا الله حقكم " أي: لا تكافئوا استئثارهم باستئثاركم، ولا تقاتلوهم لاستيفاء حقكم، بل وفروا عليهم حقهم واسألوا الله من فضله أن يوصل إليكم حقكم، وكلوا إليه أمركم "
…
889 -
2765 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسو الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية "
" وفي حديث ابن عمر: " من خلع يدا من طاعة لقي الله تعالى يوم القيامة لا حجة له "
يريد: من نقض العهد وخلع نفسه عن بيعة الإمام، لقي الله
تعالى آثما لا عذر له، ولما كان وضع اليد كناية عن إنشاء البيعة، وتجري العادة على وضع اليد على اليد حال المعاهدة، كنى عن النقض بخلع اليد ونزعها.
…
890 -
2766 - عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء فيكثرون " قالوا: فما تأمرنا؟ قال: " فوا بيعة الأول فالأول، أعطوهم حقهم، فإن الله تعالى سائلهم عما استرعاهم "
" وفي حديث أبي هريرة: كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء "
أي: كان سواسهم ورؤساؤهم الذين يقومون بسياستهم وإصلاح أمرهم الأنبياء.
…
891 -
2767 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا بويع لخليفتين، فاقتلوا الآخر منهما "
" وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما "
قيل: أراد بالقتل المقاتلة، لأنها تودي إليه من حيث إنه غايتها، وقيل: أراد به إبطال بيعته وتوهين أمره، من قولهم: قتلت الشراب:
إذا مزجته، وكسرت سورته بالماء.
…
892 -
2768 - وقال: " إنه سيكون هنات وهنات، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع، فاضربوه بالسيف كائنا من كان "
وفيه أنه " ستكون هنات وهنات " أي: أشياء قبيحة مستنكرة، واحدها: هنة، وهي كناية عما لا تريد أن تصرح به لشناعته.
…
893 -
2772 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة، فنعمت المرضعة، وبئست الفاطمة "
" وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة، فنعمت المرضعة، وبئست الفاطمة "
شبه الولاية بالمرضعة، وانقطاعها بالموت أو العزل بالفاطمة، أي: نعمت المرضعة الولاية، فإنها تدر عليك المنافع واللذات العاجلة، وبئست الفاطمة المنية، فإنها تقطع عنك تلك اللذات والمنافع وتبقي عليك الحسرة والتبعة، فلا ينبغي للعاقل أن يلم بلذة تتبعها حسرات.
***
984 -
2778 - وقال: " ما من عبد يسترعيه الله رعية، فلم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة "
" وقال عليه الصلاة والسلام: ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة [الجنة] ".
" يسترعيه الله " أي: يجعله راعيا، بأن ينصبه للقيام بمصالحهم، ويعطيه زمام أمورهم، والراعي: الحافظ المؤتمن على ما يليه، من الرعاية وهي الحفظ.
" فلم يحطها " أي: يحفظها، يقال: حاطه يحوطه حوطا وحيطة وحياطة: إذا كلأه ورعاه، والمراد بالنصيحة إرادة الخير والصلاح، ومنه سمي الخياط ناصحا، لأنه يصلح.
…
895 -
2779 - وقال: " إن شر الرعاء الحطمة "
عن عائشة أنه عليه الصلاة والسلام قال: " إن شر الرعاء الحطمة "
(رعاء) بالكسر: جمع راع، كتجار في جمع تاجر، والمراد بـ (الحطمة): الفظ القاسي، الذي يظلم الرعية ولا يرحمهم، من الحطم: وهو الكسر، وقيل: الأكول الحريص، الذي يأكل ما يرى ويقضمه، فإن من هذا دأبه يكون دنيء النفس، ظالما بالطبع، شديد الطمع فيما في أيدي الناس.
***
896 -
2781 - وقال: " إن المقسطين عند الله على منابر من نور يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا "
" وعن عائشة عنه قال عليه الصلاة والسلام: إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا "
(المقسط): العادل، وبإزائه: القاسط، وكلاهما مأخوذان من القسط، الذي هو النصب، فكأن القسوط أخذ قسط الغير، والإقساط إزالة القسوط وسلبه، شبههم في دنوهم من الحق ومكانتهم عند الله بمن يجلس على الكراسي والسرر عن يمين السلطان، فإنه يكون أعظم الناس قدرا، وأرفعهم لديه منزلة.
" وكاتا يديه ": دفع لتوهم من يتوهم أن له يمينا من جنس أيماننا التي تقابلها يسار، أو أن من سبق إلى التقرب إليه حتى فاز بالوصول إلى مرتبة من مراتب الزلفى من الله عاق غيره عن أن يفوز بمثله، كالسابق إلى محل من مجلس السلطان، بل جهاته وجوانبه التي يتقرب إليها العباد سواء.
وقوله: " الذين يعدلون
…
" إلى آخره، بيان للمقسطين، وكشف لأحوالهم، والراجع إلى الموصول في " ما ولوا " محذوف، أي: ما ولوه، يريد به ما في ولايتهم وتحت أمرهم.
***
897 -
2783 - وقال أنس رضي الله عنه: كان قيس بن سعد رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير.
" وعن أنس: كان قيس بن سعد من النبي عليه السلام بمنزلة صاحب الشرط من الأمير ".
هو قيس بن سعد بن عبادة رئيس الخزرج وابن رئيسهم، وكان من الدهاة المشهود له بالرأي الصائب، والمشار إليه في الشجاعة والسخاوة.
" وصاحب الشرط ": هو الذي يتقدم بين يدي الأمير لتنفيذ أوامره، وينوب منابه في إقامة الأمور السياسية، ويكون زعيم الشرط وقائدهم، وهم قواد الأمير وحراسه، ويقال للواحد منهم: شرطة وشرطي، سموا بذلك لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها، من الشرط وهو العلامة.
…
من الحسان:
898 -
2785 - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " آمركم بخمس: بالجماعة، والسمع، والطاعة، والهجرة، والجهاد في سبيل الله، فإنه من خرج من الجماعة قيد شبر، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، إلا أن يراجع، ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جثاء جهنم، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم ".
(من الحسان):
" عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: آمركم بخمس، بالجماعة، والسمع، والطاعة، والهجرة، والجهاد، وإنه من خرج من الجماعة قيد الشبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع، ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جثاء جهنم، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم "
المراد بـ (الجماعة): موافقتهم والانخراط فيهم وبـ (السمع) أن يصفوا إلى الأوامر والنواهي فيفهموها، وبـ (الطاعة) أن يمتثلوها.
و" قيد الشبر ": قدره، يريد به أي قدر خالف وانحرف عن الجماعة، وخرج عن موافقتهم.
و (الربق): بالكسر: حبل فيه عدة عرى، يشد به البهم الواحدة من تلك العرى: ربقة، شبه ذمة الاسلام وعهده بالربقة التي تجعل في أعناق البهائم، من حيث إنه يقيده، فيمنعه أن يتخطى حدود الله، ويرتع مراتع حرماته.
والمعنى: إن من فارق الجماعة بترك السنة وارتكاب البدعة، ولو بشيء يسير، نقض عهد الإسلام، ونزع يده عن الطاعة.
و (الدعوى): اسم يطلق للإدعاء وللدعاء أيضا هو النداء، والمعنى: من نادى في الإسلام بنداء الجاهلية، وهو أن الرجل منهم إذا غلب عليه خصمه نادى بأعلى صوته قومه، فيبتدرون إلى نصره
ظالما كان أو مظلوما، جهلا منهم وعصبية.
" فهو من جثاء جهنم " أي: من جماعاتها، وهو جمع جثوة، وهي في الأصل: ما جمع من تراب أو غيره، فاستعير للجماعة.
وروي: " جثي " بكسر الثاء وتشديد الياء: وهو جمع جاث، من الجثو أو الجثي، وهو الجلوس على الركبتين، قال تعالى:{ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا} [مريم: 68]، ويحتمل أن يكون المراد بدعوى الجاهلية: سننها على الإطلاق، لأنها تدعو إليها.
…
899 -
2789 - وقال: " ويل للأمراء، ويل للعرفاء، ويل للأمناء، ليتمنين أقوام يوم القيامة أن نواصيهم معلقة بالثريا، يتجلجلون بين السماء والأرض وأنهم لم يلوا عملا ".
" وعن أبي هريرة أنه عليه الصلاة والسلام قال: ويل للأمراء، ويل للعرفاء، ويل للأمناء، ليتمنين أقوام يوم القيامة أن نواصيهم معلقة بالثريا، يتجلجلون بين السماء والأرض، وأنهم لم يلوا عملا "
" العرفاء ": جمع عريف، وهو القيم بأمر قبيلة أو محلة، يلي أمرهم، ويتعرف الأمير منه أحوالهم، من: عرف يعرف عرافة، بمثل: كتب يكتب كتابة، إذا عمل ذلك، وعرف - بالضم - عرافة - بالفتح - إذا صار عريفا.
والمراد بالأمناء: من ائتمنه الإمام على الصدقات والخراج وسائر أموال المسلمين، ويدل عليه عطفه على الأمراء والعرفاء، قوله:" وأنهم لم يلوا عملا " أو كل من ائتمنه غيره على مال أو غيره.
والمعنى: أن هذه الأمور وإن كانت مهمة لا ينتظم صلاح الناس ولا يتم معاشهم دونها - ولذلك قال في الحديث الذي بعده: " إن العرافة حق " أي: أمر ينبغي أن يكون - لكنها خطر، والقيام بحقوقها عسير، فلا ينبغي للعاقل أن يقتحم عليها، ويميل بطبعه إليها، فإن من زلت قدمه فيها عن متن الصواب قد يندفع إلى فتن تودي به إلى عذاب يؤثر عليه أن تكون نواصيه معلقة بالثريا (يتجلجل) بالجيم: أي: يتردد ويتحرك بين السماء والأرض، ويتمنى أن يكون حاله كذلك، ولم يل ما تولاه من عمله الذي أفضى به إلى هذا العذاب، وهو المراد بقوله في الحديث الآخر:" ولكن العرفاء في النار " لا كل عريف، فإن من قام بها حق القيام، وتجنب فيها عن الظلم والحيف، استحق به الثواب، وصار ذا حظ القيام مما وعد به ذو سلطان عادل، لكن لما كان الغالب عليهم خلاف ذلك، أجرى الغالب مجرى الكل، وأتى بصيغة العموم.
…
900 -
2792 - عن ابن عباس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى السلطان افتتن ".
ويروى: " من لزم السلطان افتتن، وما ازداد عبد من السلطان