الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأسابيع في عرف الناس *
يعرف الناس من الأسابيع المضافة إلى معانيها ما يتعلق بمصالحهم، ويتّصل بحياتهم والدورية مثل أسبوع العرس، وأسبوع المأتم، وأسبوع الحصاد، وأسبوع الذباب، وأسبوع طَكُّوك، وغير ذلك من الأسابيع المختلفة.
هذه الأسابيع وأشباهها يعرفها عامة الناس ويطلقونها إطلاقًا واسعًا لا يتقيّد بالمعنى اللغوي الذي هو سبعة أيام، بل يفهمون منها الظرف الزمني الذي يعمره العمل أو الحادث. ولكن الاستعمار أبا العجائب، وأم الغرائب، يحدث في بعض الأحايين أسابيع ليست في حساب الناس، وليست مما يتصل بمصالحهم وحياتهم، وإنما هي أسابيع ذات معان من مُصاص الشر وعُصارة الظلم، يخفيها أزمانًا ويوري بأضدادها أحيانًا، ثم يُجلِّيها لوقتها المقدّر، فإذا هي الظلم والوحشية والقسوة وما شاء الهوى من قتل الأبرياء، وسجن الضعفاء وتغريبهم وتغريمهم.
من هذه الأسابيع الجديدة الوقوع- القديمة المعاني- أسبوع الإرهاب الذي بدأ قبيل انتخاب المجلس الجزائري، ولم ينته إلى الآن، وهو أسبوع لا نذهب بعيدًا عن تسميته، فقد أرشدنا الاستعمار وكفانا المؤونة وسمّاه أسبوع "سبّ فرنسا" لأن التهمة التي بنيت عليها المحاكمات وكانت ذريعة للقتل والسجن والتغريب والتغريم، هي التهمة بسبّ فرنسا!
…
فتساءلنا: هل هناك نسب بين سبّ فرنسا والانتخاب؟ وهل هناك تلازم عقلي بينهما؟
فإن لم يكن هذا ولا ذاك فما معنى كون سب فرنسا لا يكون إلا في أيام الانتخاب؟ وما معنى كون العقوبة عليه لا تكون إلّا في أيام الانتخاب؟ كأن مسلمي الجزائر يسكتون عن هذا النوع
* نشرت في العدد 37 من جريدة «البصائر» ، 31 ماي سنة 1948.
من السباب تعففًا أو رضى، فإذا جاء موعد الانتخاب، ركبهم عفريت السباب، وكأن القوانين المسنونة للعقاب على السب تعطل وتُطوى تلك السنين، حتى إذا جاء وقت الانتخاب بُعثت ونُشرت وشحذت بعد الكلال.
إن أذكى الأذكياء ليعجز عن حلّ هذا اللغز.
أيها الاستعمار، لا تجعل الشرائع ذرائع للانتقام، ولا تجعل القوانين كوانين للإحراق.