الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سجع الكهّان *
- 4
-
أخنى الزمن على اليمن
…
أبدلها صابًا بمن (1)
جيش الشقا لها كمن
…
مهزولة على السِّمن
مغصوبة بلا ثمن
…
دستورها: لا تفهمن
لا تقرأن لا تعلمن
…
سلْ سِيفها (2) أنت لمن؟
سلْ سَيْفها بيد من؟
…
أغْرِبَة على دمن
لا ناصر لا مؤتمن
…
عُد للحمى يا ابن اليمن
جُدْ بالدماء من غير مَن
…
إن لم تذد عنها فمن؟
…
يا ذا جدَن (3) أيْنَت (4) عدن؟
…
روح جنتْ على البدن
فهو الحوا (5) وهي الفدن
…
شر الملا لها سدَن
قرن البلا فيها شَدَن
…
يا نائيًا لا تبعدن
يا وانيًا لا تقعدن
…
يا ساهيًا لا ترقدن
يا خاملًا لا تزهدن
…
ولا تغب بل اشهدن
* نشرت في العدد 72 من جريدة «البصائر» ، 21 مارس سنة 1949.
1) الصاب: مر، والمن قرين السلوى في القرآن.
2) سيف البحر بكسر السين ساحله، والسيف الثاني واحد السيوف وهو معروف.
3) ذو جدن من أذواء اليمن.
4) أينت: لغة فصيحة في أين الاستفهامية.
5) الحواء: أبيات حقيرة، والفدن القصر.
ولا تُدِن ما لم تُدَن
…
لا تعتصر في غير دن
تبغي الهُدى على الهدن (6)
…
تخشى الردى فلتخلدن
…
يا بلاد الأذواء (7)، لا أقول: وُقيت الأسواء، ولا أقول: سُقيت الأنواء، ولكن أقول: ثكلت الأبناء، يا مطارح الأبناء (8)، فكل أدوائك من أبنائك، وإذا كان الولد سخنة عين ومجلبة عرّ وشين، فالثكل فيه نعمة لا رزية، والعقم به فضل ومزية.
سموك السعيدة فشقيت بمن ولدت، وما سعدوا ولا سعدت؛ فأين أنت اليوم ممن كنت سعيدة بهم وكانوا سعداء بك؟ أين أنت من سعد العشيرة وحماة الأهل والجيرة؟ أين أنت من حمير وأشياعهم وتبع وأتباعهم؟ أين؟ لا أين
…
أما ظفار، فقد حالف عهدها الإخفار، وخالف ظلامها الإسفار. وأما حضرموت، فقد ساورها الموت، وجاورها الخسران والفوت، وحاورها النجيُّ فما سمع لها صوت، وأما صنعا، فما أحسن بنوها صنعًا، قد أصبحت خرقاء، وعطلت من طوق الورقاء، وعقمت أن تتمخض عن ألمعيّة (زرقاء)، ما حاكت في عبقريّ الأزمنة ولا وشتْ، وطار الناس فما حبتْ ولا مشت.
انعكست الخصائص وغلبت النقائص، وأعوز الجوَّ الطائر حين أعوز البحر الغائص.
…
أيها العامد إلى غامد (9)، والدافع إلى يافع (10)، هلّا وقفت بالأطلال، من عبد كلال (11)، وهبطت التلاع، من ذي كلاع (12)، فهتفت بالرفات، من الأموات، علَّهم يسمعون فيهطعون، قل- وخلاك ذمّ- قد دُخلت الدار من جميع الأقطار، فهل من
6) الهدن جمع هدنة، وحياة الهدنة مضلة.
7) الأذواء: أمراء اليمن في القديم، جمع ذو.
8) الأبناء: طائفة من الفرس استوطنوا اليمن.
9) غامد: قبيلة يمنية.
10) يافع: كذلك، ثم أطلق على موطن باليمن.
11) عبد كلال: أبو قبيلة يمنية.
12) ذو كلاع: من أذواء اليمن.
المقاول الصيد، حارس بالوصيد، إن الصائد قد صيد، وإن الشاعر قد أخلى (13)، فلا بديع في البيت ولا بيت في القصيد.
كذب الرعد، وأخلف الوعد، وأورد الإبلَ سعد، فضاع (قبل) ولم يُحفظ (بعد). فكأنّ امرؤ القيس أورى زنده، واستعرض مستقبل بني أبيه من كندة، فقال: ودع عنك نهبًا صيحَ في حجراته؛ وها هي ذي مواطن قومه نهب مقسَّم، وقد كذبت المخايل من توسّم.
سل سبأ، هل جاءها النبأ، وقل صدق المثل (14) فيك مرتين، وأعاد التاريخ نفسه كرتين، لقد سار أعقابكم في الزمن الحثيث سيرة وانية، فبادوا في الجيل الحديث بيدَةً ثانية.
نادِ- مسمِعًا- في الجمع الراشد، من بكيل وحاشد (15)، فإن أصاخوا إصاخة الناشد، فقل: دهمكم السيل فلكم الويل، هذه آثار أسلافكم مجفوّة وهذه قدورهم الراسيات مكفوّة، وهذه الرقاع من البقاع غير مُلْتامة ولا مرفُوَّة، طمست السوافي، ما خلَّدت القوافي، وهفت الهوافي بالقوادم والخوافي، وفرست العوافى (16) ما نامت عنه العيون الغوافي (17)، ماتت الأذواء وعاشت الأذواد، وذهبت الأقيال (18) وبقيت الأقياد.
إن الزمان الذي جرَّ إلى جُرْهُم، وخثا على خثعم، قبل أن يأتيهم بنذير، أو يبلوهم بتحذير، قد جاءهم من الغرّة بعذير: أما اليمانون فلهم من الإسلام محجّة، وعليهم من زمانهم ألف حجّة، فهم كثمود، حين لاح لهم من البرهان عمود، فضلّوا؛ أو كقوم هود، حين أخذت عليهم العهود، فزلّوا.
كاهن الحي
13) أخلى الشاعر إذا كان شعره ليس فيه معنى جيد.
14) المثل هو: تفرّقوا أيدي سبا.
15) بكيل وحاشد: قبيلنان باليمن ما زال اسمهما محفوظًا.
16) عوافي الطير والسباع هي المفترسات منها.
17) الغوافي: النائمة.
18) الأقيال: الملوك في عرف اليمن القديم.