المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: سوق الأحاديث الدالة على وجود الجن والشياطين: - دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بمسائل الاعتقاد

[عيسى النعمي]

فهرس الكتاب

- ‌بصائر

- ‌تقريظ فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن صالح المحمود حفظه الله تعالى

- ‌المقدمة

- ‌ أَهمية الموضوع ، ودوافعُ اختياره:

- ‌ خطة البحث

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأوَّل مفهوم المعارض العقلي المُدَّعى مُناقضته للنُّصوص الشرعية

- ‌المبحث الثاني ظاهر النص الشرعي بين القراءة العصين والقراءة النسقية

- ‌المبحث الثالث تقويض النظرة الاختزالية للسُّنَّة النبوية

- ‌المبحث الرَّابع تزييف دعوى استناد الصحابة رضي الله عنهم إلى المعقول المتمحض في محاكمة النُّصوص

- ‌الفصل الأولدَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عنالأحاديث المتعلّقةِ بحقيقة الإيمان والشفاعة

- ‌المبحث الأولدفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلّقة بحقيقة الإيمان

- ‌المطلب الأول: سَوْق الأحاديث المُدَّعى معارَضتُها للعقل:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على الأَحاديث المتعلقة بحقيقة الإِيمان:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلِّقة بحقيقة الإِيمان

- ‌المبحث الثانيدفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلّقة بالشفاعة

- ‌المطلب الأول: سوق أحاديث الشفاعة

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على أحاديث الشفاعة:

- ‌المطلب الثَّالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن أحاديث الشفاعةِ

- ‌الفصل الثانيدَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عنالأحاديث المتعلّقةِ بتوحيد العبادة

- ‌مبحث:دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث: (لا تُشدّ الرّحال)

- ‌المطلب الأول: سَوْق حديث: (لا تُشدّ الرحال

- ‌المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارِض العقلي عن حديث (لا تُشدّ الرحال)

- ‌المطلب الثالث: دفْع المعارِض العقلي عن حديث (لا تُشدّ الرحال

- ‌الفصل الأول دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن الأحاديث المتعلّقةِ بعصمة الأنبياء

- ‌المبحث الأول دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: سوق ألأحاديث الدالة على سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثَّاني: سوق دعوى المعارض العقلي على أحاديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثَّالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن أحاديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثَّاني دفع دعوى المعارض العقلي عن حديثي شقِّ صدر النبي صلى الله عليه وسلم، وإسلام شيطانه

- ‌المطلب الأوّل: سوق حديثي شقِّ صدر النبي صلى الله عليه وسلم، وإسلام شيطانه

- ‌المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارِض العقلي على حديثَيْ شقّ صدر النبي صلى الله عليه وسلم وإسلام شيطانه

- ‌المبحث الثّالث دفع المعارض العقلي عن حديث (لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات)

- ‌المطلب الأول: سوق حديث (لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات):

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث (لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات)

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث (لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات)

- ‌المبحث الثالث دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث لطم موسى لملك الموت عليه السلام

- ‌المطلب الأوّل: سوق حديث لطم موسى عليه السلام لملك الموت

- ‌المطلب الثَّاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث لطم موسى عليه السلام لملك الموت

- ‌المطلب الثَّالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث لطم موسى عليه السلام لملك الموت

- ‌الفصل الثاني دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن الأحاديث المتعلّقةِ بآيات وبراهين الأنبياء

- ‌المبحث الأول دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بالآيات الحسِّيّة للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثانيدَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن أحاديث انشقاق القمر

- ‌المطلب الثاني: سَوْقُ دعوى المُعارِض العقلي على أحاديث انشقاق القمر:

- ‌المطلب الثالث: دفْع دعوى المعارِض العقلي عن أحاديث انشقاق القمر:

- ‌المبحث الثالثدَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن أحاديث الإسراء والمعراج

- ‌المطلب الأول: سَوْق أحاديث الإسراء والمعراج

- ‌المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارِض العقلي على أحاديث الإسراء والمعراج

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارِض العقلي عن أحاديث الإسراء والمعراج:

- ‌المبحث الرابع دفع دعوى المعارض العقلي عن حادثة (سوخ قدمي فرس سراقة بن مالك رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: سَوْقُ حديث سُراقة بن مالك رضي الله عنه

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حادثة "سوخ قدمي فرس سراقة بن مالك

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حادثة "سوخ قدمي فرس سراقة بن مالك رضي الله عنه

- ‌الفصل الثالث دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بعموم البعثة

- ‌مبحث دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدالة على اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم.بعموم البعثة

- ‌المطلب الأول: سَوْق الأحاديث الدالّة على اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بعموم البعثة:

- ‌المطلب الثاني: سَوْقُ دعوى المُعارِض العقلي على الأحاديث الدَّالة على اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بعموم البعثة:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المُعارِض العقلي عن الأحاديث الدالة على اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بعموم البعثة:

- ‌الفصل الأول دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن أحاديث أشراط السَّاعة

- ‌المبحث الأول دفع دعوى المعارض العقلي عن عموم أحاديث أشراط السَّاعة

- ‌المطلب الأول: سَوْقُ الأحاديث الدّالة على عموم أشراط السَّاعة:

- ‌المطلب الثاني: سوق المعارض العقلي على عموم أحاديث أشراط السَّاعة:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي على عموم أحاديث أشراط السَّاعة:

- ‌المبحث الثَّاني دفع المعارض العقلي عن أحاديث المسيح الدجّال

- ‌المطلب الأول: سوق الأحاديث المتعلِّقة بالدجَّال:

- ‌المطلب الثَّاني: سَوْق دعوى المعارض العقلي على الأحاديث المتعلِّقة بالدجال:

- ‌المطلب الثَّالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المُتعلقة بالدجال:

- ‌المبحث الثالث دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث الجسّاسة

- ‌المطلب الأول: سوق حديث الجساسة:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث الجسّاسة:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث الجساسة:

- ‌المبحث الرابع دفع المعارض العقلي عن أَحاديث نزول المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام

- ‌المطلب الأول: سوق الأحاديث الدالة على نزول المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام

- ‌المطلب الثاني: سوق المعارضات العقلية المدعاة على أحاديث نزول عيسى عليها السلام

- ‌المطلب الثالث: نقض دعوى المعارض العقلي على أحاديث نزول عيسى عليها السلام

- ‌الفصل الثاني دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن الأحاديث المتعلّقة باليوم الآخر

- ‌المبحث الأوَّل دَفْعُ المُعارِضِ العقلِيّ عن أحاديثِ عَذَابِ القَبْر ونَعيمِهِ

- ‌المطلب الأوَّل: سوق أحاديث عذاب القبر و نعيمه:

- ‌المطلب الثاني: سَوْقُ دَعْوَى المعارِض العقليّ على أحاديث عذاب القبر ونعيمه:

- ‌المطلب الثالث: نَقْضُ دعْوَى المعارِض العقلي:

- ‌المبحث الثاني دفع دعوى المعارض العقلي عن أحاديث الميزان

- ‌المطلب الأول: سَوْقُ أحايث الميزان:

- ‌المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارِض العقلي على أحاديث الميزان:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعْوى المعارض العقلي عن أحاديث الميزان:

- ‌المبحث الثالث دفع دَعوى المعارِض العقلي عن أحاديث الصِّراطِ

- ‌المطلب الأول: سَوْق الأحاديث الدَّالة على الصراط:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على أحاديث الصراط:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن أحاديث الصراط:

- ‌المبحث الرابع دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن الأحاديث الدالّة على وجود الجنّة والنّار

- ‌المطلب الأول: سَوْق الأحاديث الدالة على وجود الجنة والنار:

- ‌المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارض العقلي على الأحاديث الدالة على وجود الجنة والنار:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدالة على وجود الجنة والنار:

- ‌المبحث الخامس دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدَّالة على بقاء الجنة والنَّار

- ‌المطلب الأول: سوق الأحاديث الدالة على بقاء الجنة والنار:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على الأحاديث الدالة على بقاء الجنة والنار

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدالة على بقاء الجنة والنار:

- ‌المبحث الأوَّل دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث (احتج آدم وموسى)

- ‌المطلب الأوَّل: سوق حديث (احتج آدم وموسى)

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث: (احتج آدم وموسى عليهما السلام

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث (احتجَّ آدم وموسى عليهما السلام

- ‌المبحث الثَّاني دفْع دَعوى المُعارِض العقلي عن حديث: (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم)

- ‌المطلب الأول: سوق حديث (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم):

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث: (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم)

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث (إنَّ الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم)

- ‌المبحث الثالث دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن حديث: (لا يُدخل أحدًا الجنَّة عمله)

- ‌المطلب الأول: سوق حديث: (لا يُدخل أَحدًا الجنَّة عَملُهُ)

- ‌المطلب الثاني: سَوق دعوى المعارِض العقلِي على حديث: (لا يُدخل أَحدًا الجنَّة عَملُهُ)

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارِض العقلي عن حديث (لا يُدخِل أحدًا الجنَّة عملُه)

- ‌الفصل الأول دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن الأحاديث المتعلّقة بالملائكة والجن والشياطين

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بالملائكة

- ‌المطلب الأول: سوق الأحاديث الدالّة على وجود الملائكة ووجوب الإيمان بهم:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على الأحاديث الدالّة على وجود الملائكة:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدالة على وجود الملائكة:

- ‌المبحث الثاني دَفْع دَعْوى المُعارِض العقلي عن الأحاديث الدالة على وجود الجن والشياطين

- ‌المطلب الأول: سوق الأحاديث الدَّالة على وجود الجن والشَّياطين:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على الأحاديث الدَّالة على وجود الجن والشياطين:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدَّالة على وجود الجن والشياطين:

- ‌الفصل الثاني دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن بقيَّة الأحاديث المتعلّقة بالشيطان

- ‌المبحث الأول دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن حديث: (ما من مولود يولد إلاّ نخسه الشيطان

- ‌المطلب الأول: سَوْق حديث (ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان

- ‌المطلب الثاني: سَوق دعوى المعارض العقلي على حديث (ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان):

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث (ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان):

- ‌المبحث الثاني دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن حديث: (بال الشيطان في أُذنه)

- ‌المطلب الأوَّل: سوق حديث: (بال الشيطان في أُذنه)

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث: «بال الشيطان في أُذُنه»

- ‌المطلب الثالث: دفع المعارض العقلي عن حديث: (بال الشيطان في أُذُنه)

- ‌المبحث الثالث دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن حديث:

- ‌المطلب الأوّل: سَوْق حديث: (إذا سمعتم صياح الدِّيكة فاسألوا الله من فضله .. وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوَّذوا بالله من الشيطان) وحديث: (إذا نودي للصَّلاة أدبر الشيطان وله ضراط

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي عن الحديثين

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث: (إذا سمعتم صياح الدِّيكة فاسألوا الله من فضله .. وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوَّذوا بالله من الشيطان)

- ‌الفصل الثالث دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن الأحاديث المتعلّقة بالرُّؤيا

- ‌المطلب الأوَّل: سوق الأَحاديث المُتعلِّقة بالرُّؤيا:

- ‌المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارض العقلي على أحاديث الرُّؤيا:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن أحاديث الرُّؤيا:

- ‌الفصل الرابع دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن بقية الأحاديث المتعلّقة بالغيبيات

- ‌المبحث الأول دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن الأَحاديث الدالة عن: أنّ شدّة الحرّ وشدّة البرد من النار

- ‌المطلب الأوَّل: سوق الأحاديث الدالة على أن شدة الحر والبرد من النار:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على الأَحاديث الدالة على أنّ شدة الحرِّ والبرد من جهنم:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدالة على أنّ شدة الحر والبرد من جهنم:

- ‌المبحث الثاني دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن حديث سجود الشَّمس تحت العرش

- ‌المطلب الأول: سوق حديث: (سجود الشَّمس تحت العرش)

- ‌المطلب الثاني: سوق المعارض العقلي على حديث: سجود الشَّمس تحت العرش

- ‌المطلب الثالث: دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن حديث سجود الشَّمس تحت العرش

- ‌الخاتمة

- ‌قائمة المراجع

- ‌مُلَخَّص الرِّسالة

الفصل: ‌المطلب الأول: سوق الأحاديث الدالة على وجود الجن والشياطين:

‌المطلب الأول: سوق الأحاديث الدَّالة على وجود الجن والشَّياطين:

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يقول:(أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ الذي لَا إِلَهَ إلا أنت الذي لَا يَمُوتُ وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ يَمُوتُونَ) متفق عليه

(1)

.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ عِفْرِيتًا من الْجِنِّ تَفَلَّتَ عليَّ الْبَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ صَلَاتِي فَأَمْكَنَنِي الله منه) متفق عليه

(2)

.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ بِالْمَدِينَةِ نَفَرًا من الْجِنِّ قد أَسْلَمُوا فَمَنْ رَأَى شيئا من هذه الْعَوَامِرِ فَلْيُؤْذِنْهُ ثَلَاثًا فَإِنْ بَدَا له بَعْدُ فَلْيَقْتُلْهُ فإنه شَيْطَانٌ) أخرجه مسلم

(3)

.

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما مِنْكُمْ من أَحَدٍ إلا وقد وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ من الْجِنِّ قالوا وَإِيَّاكَ يا رَسُولَ اللَّهِ قال وَإِيَّايَ إلا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عليه فَأَسْلَمَ فلا يَأْمُرُنِي إلا بِخَيْرٍ) أخرجه مسلم

(4)

.

(1)

أخرجه البخاري مختصرًا في كتاب: "التوحيد " باب: قول الله تعالى: {السَّلامُ المُؤمنُ} (6/ 2688 - رقم [6948])،ومسلم في: كتاب "الذكر والدُّعاء"،باب"التعوّذ من شر ما عمل ومن شرِّ ما لم يعمل "(4/ 2086 - رقم [2717]).

(2)

أخرجه البخاري في: كتاب "الأنبياء"، باب:"قول الله تعالى: {وَوهَبْنا لداود سُليمان .. } (3/ 1260 - رقم [3241])،ومسلم في: كتاب"المساجد ومواضع الصَّلاة"باب"جواز لعن الشَّيطان في أثناء الصلاة" (1/ 384 - رقم [541]).

(3)

أخرجه مسلم في: كتاب: "السلام "،باب "استحباب قتل الوزغ"(4/ 1757 - رقم [2236]).

(4)

أخرجه مسلم في: كتاب "صفات المنافقين وأحكامهم"باب "تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس"(4/ 2167 - رقم [2814]).

ص: 702

وعن جابر رضي الله عنه: (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ أَحَدَكُمْ عِنْدَ كل شَيْءٍ من شَأْنِهِ حتى يَحْضُرَهُ عِنْدَ طَعَامِهِ) أخرجه مسلم

(1)

.

وفي البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (إنّه لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ ولا إِنْسٌ ولا شَيْءٌ إلا شَهِدَ له يوم الْقِيَامَةِ)

(2)

.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ على قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إذا هو نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ)

(3)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إذا أُذِّنَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ له ضُرَاطٌ حتى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ فإذا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ أَقْبَلَ فإذا ثُوِّبَ أَدْبَرَ فإذا سَكَتَ أَقْبَلَ فلا يَزَالُ بِالْمَرْءِ يقول له اذْكُرْ ما لم يَكُنْ يَذْكُرُ حتى لَا يَدْرِيَ كَمْ صلّى) أخرجه البخاريُّ

(4)

.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمس فَدَعُوا الصَّلَاةَ حتى تَبْرُزَ، وإذا غَابَ حَاجِبُ الشَّمس فَدَعُوا الصَّلَاةَ حتى تَغِيبَ ولا تَحَيَّنُوا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمس ولا غُرُوبَهَا فَإِنَّهَا تَطْلُعُ

(1)

أخرجه مسلم في: كتاب"الأشربة"،باب "استحباب لعق الأصابع .. "، (3/ 1607 - رقم [2033]) .

(2)

أخرجه البخاري في: كتاب "الأذان" باب"رفع الصوت بالنداء "(1/ 221 - رقم [584]) .

(3)

أخرجه البخاري في: كتاب "الكسوف"،باب "عقد الشيطان على قافية الرأس .. "(1/ 383 - رقم [1091]) .

(4)

أخرجه البخاري في: كتاب "الكسوف "،باب" يفكر الرجل الشيء في الصلاة"(1/ 409 - رقم [1164]) .

ص: 703

بين قَرْنَيْ شَيْطَانٍ - أو: الشَّيْطَانِ -) أخرجه البخاري

(1)

.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فيقول من خَلَقَ كَذَا من خَلَقَ كَذَا حتى يَقُولَ من خَلَقَ رَبَّكَ فإذا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ) أخرجه البخاريُّ

(2)

.

بالنَّظَرِ في أَعْطَافِ تلك الأحاديث؛ فإنّها تدلُّ على مسائل؛ منها:

- المسألة الأولى: تقرير وجود الجن والشياطين، وأن لهم تحقّقًا موضوعيًّا.

- المسألة الثانية: بيان المادة التي خُلقوا منها؛ وهي النَّار.

- المسألة الثالثة: بيان قدرتهم على التشكّل في صور الإنس، والبهائم، واستراق السمع.

- المسألة الرابعة: إمكان رؤيتهم في الصورة التي تشكّلوا بها.

- المسألة الخامسة: ثبوت تكليفهم.

- المسألة السادسة: أَنَّ لهم قدرةً على النفوذ إلى باطن الإنسان.

- المسألة السابعة: أَنَّهم يأكلون، ويشربون.

وجملة هذه المسائل، وغيرها قد جرى الكتاب العزيز بتقريرها وبيانها في أكثر من ثلاثين موضعًا؛ منها:

- قول الرب تبارك وتعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15)} الرحمن.

(1)

أخرجه البخاري في: كتاب"بدء الخلق، باب"صفة إبليس وجنوده" (3/ 1193 - رقم [3099]) .

(2)

أخرجه البخاري في: كتاب"بدء الخلق"،باب"صفة إبليس وجنوده"(3/ 1194 - رقم [3102]) .

ص: 704

- وقال جل وعلا: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} الأعراف: 27

- وقال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)} الذاريات.

- وقال عز وجل: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ} النمل: 17

- وقال تعالى: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ} سبأ: 12

- وقال تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2)} الجن: 1 - 2. الآيات ..

وغيرها من الأدلة.

وقد انعقد إجماعُ المسلمين على ذلك؛ بل وأقرّ بذلك طوائف المشركين، واليهود، والنصارى، والمتفلسفة. واعتنى أهل العلم بنقل هذا الإجماع في أسفارهم. ومن أولئك: أبو محمد ابن حزم رحمه الله؛ قال: (قد جاء النّصّ بذلك - أي: بإثبات وجودهم -، وبأنهم أُمّة عاقلة، مميّزة، متعبّدة، موعودة، متوعّدة، متناسلة، يموتون. وأجمع المسلمون كلُّهم على ذلك، نعم؛ والنصارى، والمجوس، والصابئون، وأكثر اليهود؛ حاشى السامرة فقط)

(1)

.

- والقاضي أبو طالب عقيل بن أحمد القضاعي رحمه الله؛ قال: (والإجماع أيضًا متقرّر في وجود الجنّ في العالَم. فقد أصفق على ذلك أهل الإسلام قاطبةً؛ إلاّ من لا يُعتدّ بخلافه من المبتدعة؛ نعم، وقد كان أهل الجاهلية يعترفون بوجود الجنّ؛ حتى إنهم إذا وصفوا كاهنا؛ قالوا: كان له رييٌّ من الجنّ. وكانوا يسمّون التابع من الجنّ رئيًّا؛ حسبما هو مذكور في السِّيَر، وغيره)

(2)

.

(1)

" الفصل"(5/ 111) .

(2)

"تحرير المقال في موازنة الأعمال"(2/ 741) .

ص: 705

- قال ابن القطان رحمه الله: (وأجمع المسلمون من أهل السّنة على الإيمان بالجنّ، وعلى أنّ لهم ثوابًا وعقابًا، وعلى أنهم مأمورون، مكلَّفون. أجمعوا على أن الجنّ يأكلون، ويشربون، ويجامعون، ويُولَد لهم. وأجمعوا على أن لإبليس ذرّيّة. وأجمعوا على أن الشياطين أمكنهم الله تعالى من أن يتجوّل أحدهم وينتقل من حالٍ إلى حال، فيتمثّل مرّة في صورة، ثم مرة في أخرى، ومرّة يصل إلى السماء فيسترق السمع، ومرة يصل إلى قلب ابن آدم فيوسوس له، ومرة يجري من ابن آدم مجرى الدم. وأجمعوا على أن الإيمان بأن الشياطين تتخبّط مِن بني آدم مَن سلّطها الله عليه، وأمْكنها منه كما شاء، وكيف شاء)

(1)

.

وقال شيخ الإسلام رحمه الله: (هذا أَصْلٌ مُتَّفَقٌ عليه بين الصَّحابة والتَّابعين لهم بإحسان، وأَئمَّةِ المسلمين، وسائر طوائف المسلمين أهل السنة والجماعة، وغيرهم = لم يخالف أحدٌ من طوائف المسلمين في وجود الجنّ، ولا في أنّ الله أرسل محمّدًا صلى الله عليه وسلم إليهم. وجمهور طوائف الكفّار على إثبات الجنّ. أمّا أهل الكتاب من اليهود والنصارى فهم مقرّون بهم كإقرار المسلمين، وإنْ وُجد فيهم من ينكر ذلك)

(2)

.

فالعلمُ القَطْعيُّ حاصلٌ بوجودِ الجنِّ، وبتكليفِهِم. وهذه القطعيَّة هي مُحصَّلُ ضرورتين: الضرورة السمعيَّة. كما سبق إيراده من دلائل الكتاب والسنة، وما ترتب عليهما من الإجماع؛ بل قد تواترت أخبار الأنبياء بذلك

(3)

. فالعِلمُ بوجودهم من هذه الحيثية هو من العلم العام، الذي لا يختصُّ بمعرفته طائفة من الناس، دون أخرى.

(1)

"الإقناع"(1/ 36 - 38) .

(2)

"إيضاح الدلالة في عموم الرسالة"لابن تيمية (2/ 99 - 100 - ضمن مجموعة الرسائل المنيرية) وانظر له: "الصفدية"(1/ 241) و "الرد على المنطقيين"(470) .

(3)

انظر في بيان ذلك: "إيضاح الدلالة"(100) .

ص: 706

وأَمَّا الضَّرورة الأُخرى؛ فهي: الضَّرورة العقليَّة الحسِّيَّة، التي تَقْضي بوجود الجنِّ. ذلك أَنَّ العقلَ يستدلُّ بآثارهم المَحْسوسة في الوجُودِ على تحقُّقِ وجودهم؛ جَرْيًا على وَفق قانون السببيَّة، فما من إنسان إلا ويجد من أثر وسْوستهم. ومن أثرهم أيضًا: ما يتسلّطون به على بعض الخلق بالصّرع، فيتكلّم الجنّي على لسان المصروع بكلام يقطعُ سامعُه بأنه ليس من كلام المصروع .. إلى غير ذلك من الآثار الدالّة على وجودهم.

فليس صحيحًا إذًا زعمُ القاضي عبد الجبار بأن ليس هناك طريق لإثبات وجودهم سوى السمع، وفي ذلك يقول: (اعلم أنَّ الدليل على إِثبات وجود الجن=السَّمع دون العقل، وذلك أنّه لا طريق للعقل إلى إثبات أجسام غائبة؛ لأنَّ الشيء لا يدل على غيره من غير أن يكون بينهما تعلق كتعلُّق الفعل بالفاعل .. ولا يُعلم إثبات الجن باضطرار، ألا ترى أنَّ العقلاء المُكلَّفين قد اختلفوا، فمنهم من يُصدِّق بوجود الجن ومنهم مكذِّب

=ولو عُلم بالاضطرار لما جاز أن يختلفوا في ذلك

والأمر على ماهو عليه، دلالةٌ على أنّه لا يجوز أن يُعلمَ إثباتُ الجنِّ ضرورةً)

(1)

.

وقد يقال: إنَّ مرادَ القاضي عبد الجبار بـ"العقل" في هذا الموضع= الاستدلال العقلي المَحضْ، لا الاستدلال العقلي الذي تتوسط فيه الحواس.

والجواب: إنّ قصْره طرق الإثبات على السمع فقط يقضي على كل طريق أخرى. وما استدلّ به القاضي عبد الجبار رحمه الله على نفْي الضرورة لا يصلح دليلًا على نفْيها عند التحقيق؛ إذْ ليس من شرط الضرورة ألاّ يُنازَع فيها. فوجود الله تعالى، واتصافه بصفات الكمال والجلال ضرورة شرعيَّة؛ سمعيّة وعقلية، ومع ذلك نازَع في أصلها مَن نازَع من

(1)

نقله الشِّبلي في "آكام المرجان في أحكام الجان "(11 - 12) .

ص: 707

الملاحدة، وغيرهم، ونازع في آحادها من نازع من المِلّيّين المقرِّين في الأَصل بالكمال المطلق لله عز وجل. مع كون بعضِ آحاد الصفات مدلولًا عليه بدلالة العقلِ أيضًا؛ كصفة العلوّ.

وامتناع اجتماع النقيضين ضرورة عقليَّة، ومع ذا نازع فيها مَن نازع من المنتسبين للفلسفة والكلام. فعُلم بذا بُعد ما ذهب إليه القاضي من سدّ طُرق الاستدلال على وجود الجن؛ إلا من طريق السمع، مع كون استفاضة السمع بذلك يُعدّ ضرورة مستقلة؛ فكيف إذا تعاضد برهان السمع مع العقل؟

فهاتان ضرورتان ينضاف إليهما = انتفاء الدليل المعارض لهما ، ومع توافر هذه الضرورات على إثبات وجود الجنّ؛ إلاّ أَنَّ طوائف من الملاحدة المتفلْسِفة، وغيرهم؛ كالوضْعيين، والمنتسبين للقاديانية، وبعض طوائف أهل القبلة = خالفوا مقتضى الضَّرورة، فأنكروا وجود الجنّ رأْسًا؛ لعدم شهود الحِسّ لهم.

قال إمام الحرمين: (اعلموا -رحمكم الله - أن كثيرًا من الفلاسفة، وجماهير القدرية أنكروا الشياطين والجنّ رأْسًا، ولا يبعد لو أنكر ذلك من لا يتدبّر، ولا يتثبت بالشريعة = وإنما العجب من إنكار القدرية، مع نصوص القرآن، وتواتُر الأخبار، واستفاضة الآثار)

(1)

.

و"القدرية" مصطلح ليس مختصًّا بالمعتزلة؛ بل أوسع مدلولًا من ذلك. فالمعتزلة من القدرية، وليسوا كل القدريّة؛ لدخول طوائف أخرى تحت هذا المصطلح، مع تميّز المعتزلة بأصولها المختصة بها. فلا أدري هل كان يعني الجويني بـ"جماهير القدرية" المعتزلةَ، أم غيرهم؟ والَّذي يظهر أَن مقصده هو الأوَّل؛ ذلك لعزوه في موطن آخر الإنكارَ إلى معظم

(1)

"الشامل" للجويني نقلًا عن: "آكام المرجان"(ص 11) ولم أجدْه في الجزء المطبوع من الشامل.

ص: 708

المعتزلة، فقال:(وقد أنكرهم معظم المعتزلة، ودلّ إنكارهم إيّاهم على قلّة مبالاتهم، وركاكة ديانتهم؛ فليس في إثباتهم مستحيل عقليّ. وقد نصّت نصوص الكتاب والسنة على إثباتهم، وحُق على اللبيب المعتصم بحبل الدين أن يثبت ما قضى العقل بجوازه، ونصّ الشّرع على ثبوته)

(1)

.

وأئمة المعتزلة على إثبات وجودهم؛ كما هو ظاهر من كلام القاضي عبد الجبار الآنف ذِكره. ومما يدل على إثباتهم - أعني: أئمتهم - للجن: ما حكاه عنهم أبو الحسن الأشعري في "مقالاته" من إقرارهم بتكليف الجنّ

(2)

. وقد حَكَى أيضًا عن النَّظَّام وأكثرِ المعتزلة منعَهم أن تخدم الجنُّ الناسَ بشيء، أو تخبرَهم بما لا يعلمون؛ لأن في ذلك فساد دلائل الأنبياء

(3)

. ولا شكّ أن منعهم لا يتأتّى إلا بإثبات وجودهم.

ومما يوطّد ذلك أيضًا: أن " الجاحظ" - وهو من رؤوس المعتزلة الكبار - أثبت وجود الجنّ والشياطين، وردّ على مَن أنكرهم وأنكر استراقهم للسمع

(4)

. وهو وإن كان قد يقع له في بعض الموارد الإنكار لبعض ما يزعمه العرب في جاهليتهم، ولبعض أحوالهم - أي: الجن - = إلاّ أنه مُقرّ في الجملة بوجود هذا الخلق؛ كما هو لائحٌ لمن طالع كُتبه.

ولذلك كله بيَّن شيخُ الإسلام رحمه الله أَنَّ طوائف المعتزلة الثابت عنهم الإقرار بوجود الجن، وإن كان يقع لهم في بعض المقامات إنكار بعض أحوالهم. وفي تقرير ذلك يقول:

(وأنكر طائفة من المعتزلة؛ كالجبائي، وأبي بكر الرازي، وغيرهما دخولَ الجنّ في بدن المصروع، ولم ينكروا وجود الجنّ؛ إذ لم يكن

(1)

"الإرشاد"(323) .

(2)

"مقالات الإسلاميين"(ص 440) .

(3)

"المصدر السَّابق"(ص 437) .

(4)

انظر: " الحيوان "(6/ 264 - وما بعدها) .

ص: 709

ظهور هذا من المنقول عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] كظهور هذا، وإنْ كانوا مخطئين في ذلك

)

(1)

.

وأمّا الفلاسفة فقد ذكر الرَّازي أنّ ظاهر النَّقل عن أكثرهم إنكارُه

(2)

. وذهبوا إلى تفسيرها بـ"قوى النفس الخبيثة"، كما جعلوا الملائكة هي "قوى النفس الصالحة".قال شيخ الإسلام رحمه الله؛ مبيّنًا مقالة الفلاسفة:(ولهذا يؤول بهم الأمر إلى أنْ يجعلوا الملائكة والشياطين أعراضًا تقوم بالنفس، ليست أعيانًا قائمةً بنفسها، حيّةً، ناطقةً. ومعلوم بالاضطرار أنّ هذا خلافُ ما أخبرت به الرّسل، واتّفق عليه المسلمون)

(3)

.

وممّن فُهِم منه تقلّد هذا القول على وجه الاختصاص من الفلاسفة المنتسبين للإسلام = أبو عليّ ابن سينا؛ حيث قال في حدّ الجنّ: (حيوانٌ هوائيٌّ، ناطقٌ، مشفّ الجرم، من شأنه أن يتشكّل بأشكال مختلفة) ثم قال: (وليس هذا رسْمُه؛ بل هو معنى اسمه)

(4)

.

ففُهِم من قوله: (وليس هذا رَسْمَه؛ بل هو معنى اسمِهِ) = أَنَّه أراد بيان مدلول اللّفظ من حيث هو، بقطع النَّظَرِ عن تحقّق وجودٍ موضوعيٍّ له. والتعريف الاسمي ليس له وجود إلاّ في الأذهان.

قال " أبو البقاء الكَفَوي" مُبِيْنًا عن مقاصدِ ابن سينا في حدّه المرسوم آنفًا: (أي: هذا بيان لمدْلول هذا اللفظ، مع قطْع النّظر عن انطباقه على حقيقةٍ خارجيّةٍ؛ سواءً كان معدومًا في الخارج، أو مَوْجودًا، ولم يُعلم وجودُه فيه. فإنّ التعريف الاسمي لا يكون إلاّ كذلك؛ بخلاف

(1)

"إيضاح الدلالة في عموم الرسالة"(2/ 102 - ضمن الرسائل المنيرية) .

(2)

انظر: " مفاتيح الغيب"(1/ 623)،و (10/ 661) .

(3)

"بغية المرتاد"(ص 219 - 220) وانظر: "مجموع الفتاوى (4/ 346) .

(4)

"الحدود"لابن سينا (90 - ضمن تسع رسائل في الحكمة) .

ص: 710

التعريف الحقيقي؛ فإنه عبارة عن تصوّر ما له حقيقةٌ خارجيّة في الذهن)

(1)

.

وحمَل الرازي مقالة ابن سينا هذه على أنّه قصد منها إنكارَ الجنّ؛ لذا تراه يقول: (والنّقل الظاهر عن أكثر الفلاسفة إنكارُه؛ وذلك لأن أبا علي ابن سينا قال: " الجنّ حيوان متشكّل .... ثم قال: وهذا شرْح للاسم" فقوله: "وهذا شرحٌ للاسم" يدلّ على أن هذا الحدّ شرحٌ للمراد من هذا اللّفظ، وليس لهذه الحقيقة وجودٌ في الخارج)

(2)

.

وأيًّا ما كان؛ فإنّ العبارة مُجمَلة، وليست نصًّا في الإنكار. وأمّا دفاع بعض الباحثين

(3)

عن ابن سينا في نفْي أن تكون هذه المقالة دالّةً على ما فهم منها الرازي؛ بنقلهم عن الأوَّل-أعني ابن سينا- قوله: (واعلم أنه قد يغلب على أوهام النّاس أن الموجود هو المحسوس، وأن ما لا يناله الحسّ بجوهره، ففرْض وجوده مُحال، وأن ما لا يتخصّص بمكان، أو وضْعٍ بذاته؛ كالجسم، أو بسبب ما هو فيه؛ كأحوال الجسم = فلا حظَّ له من الوجود، وأنّك يتأتّى لك أن تتأمل نفس المحسوس؛ فتعلم منه بطلان قول هؤلاء)

(4)

.

والحقيقة أن الاعتضاد بهذا النصِّ لا يصلح أن يكون شاهدًا على تبرئة ابن سينا؛ مما قد يسبق إلى الذهن من مقالته الآنفة الذكر أنه نفْي للجن؛ ذلك أنه لا يلزم مِن رَدِّه على من أنكر وجود موجود غير

(1)

"الكليات"للكفوي (350 - 351) . والكفوي (؟ -1094 هـ):هو أيوب بن موسى الحُسيني القريمي الكفوي، كان من قضاة الأَحناف، عاش وولي القضاء في "كفه"بتركيا، وبالقدس، وببغداد، وعاد إلى استانبول فتوفي بها، له كتب بالتركيَّة."الأَعلام"(2/ 38) .

(2)

"مفاتيح الغيب"(10/ 661) .

(3)

انظر: "عالَم الجنّ" للدكتور عبد الكريم عبيدات (109) .

(4)

"الإشارات والتنبيهات"(3/ 7 - وما بعدها) .

ص: 711

محسوس- هذا على تقدير: أنه أراد بغير المحسوس هنا ما من شأنه أن يُحسّ في حالٍ دون حالٍ -=أنه بذلك يُثبت وجود الجنّ؛ لأنه قد يكون الحاملُ له على إنكار الجنّ شبهةً تفارق شبهة من أنكرهم بناءً على عدم شهود حِسّ بعض الخلق بهم. هذا على جهة التسليم بأن مراده بقوله السابق: (أنه قد يغلب على أوهام النّاس أن الموجود هو المحسوس): وجود موجودٍ لا يقع الإحساس به لعموم الناس، أو الإحساس به في حالٍ دون حالٍ. وإلَّا فإن مراد ابن سينا من التقرير السابق كما يظهر من سياق كلامه =هو الاستماتة في برهنة ما ذهب إليه آرسطو من وجود الكُليَّات العقليَّة في الخارج مع انتفاء اختصاصها بمكان أَو وضع؛ مع كون ذلك ممَّا يُناقض الضرورة القاضيَّة بامتناع وجود موجود في الخارج ليس مُختصًّا مُتعيّنًا لذا قال الإمام ابن تيمية:(وليس في الخارج كليٌّ مع كونه كُليًّا، وإنَّما يكون كُليًّا في الذِّهن، وإذا قُدِّر في الخارج كلي؛ فهو جزء من المُعيَّنات وقائم بها، ليس هو متميِّزًا قائمًا بنَفْسِهِ .. )

(1)

.

فاعتضاد مَن أراد دفْع شبهة القول بإنكار الجنّ عن ابن سينا؛ بما ذكره في كتابه "الإشارات" = ليس سديدًا؛ لانفكاك ما بين المثالَين. هذا في أحسن الأحوال، إن لم نقل: إنه دالٌّ على نقيض ما ساقوا لأجله نَصّ كلامه. فيبقى أن موقفه من إثبات الجن، أو نفْيه لهم؛ محل تردد حتى يثبت نصّ صريح يرجّح أحد الأمرين.

وقد ذهب بعض الإسلاميين المعاصرين إلى إنكار الجنّ والشياطين صراحةً، وتأويلهما تأويلًا يعود على النصّ بالإبطال؛ إما بتأويلهما بأنهما أرواح الناس؛ فإنْ أُلهِمت بخواطر خيرٍ فهي الملائكة، وإلاّ فمصدرُها أرواح الشر - الشياطين -.

(1)

"مجموع الفتاوى"(13/ 197) . وانظر:"درء التعارض"(6/ 26 - وما بعدها)،و"الأُصول الرُّواقيّة في الفلسفة الإسلامية "للدكتور عبد الفتاح أحمد فؤاد (358 - 362) .

ص: 712

وفي ذلك يقول الشيخ "محمد عبده": (إنّ إلهام الخير، والوسوسة بالشرّ، مما جاء في لسان صاحب الوحي صلى الله عليه وسلم. وقد أُسنِدا إلى هذه العوامل الغيبية، وخواطر الخير التي تُسمّى إلهاما، وخواطر الشرّ التي تُسمّى وسوسة؛ كلٌّ منهما محلّه الروح. فالملائكة والشياطين إذنْ أرواح تتصل بأرواح الناس، فلا يصحّ أن تمثَّل الملائكة بالتماثيل الجثمانية المعروفة لنا؛ لأن هذه لو اتصلت بأرواحنا، فإنما تتصل بها من طرق أجسامنا، ونحن لا نحس بشيء يتصل بأبداننا؛ لا عند الوسوسة .... فإذن؛ هي من عالمٍ غير عالَم الأبدان قطعًا)

(1)

.

وتقلَّد الدكتور "محمّد البهي"

(2)

مذهبًا في الجنّ يتّسم بالتناقض؛ أنكى وأشدّ مباينةً ومفارَقةً للدلائل الشرعيّة؛ حيث لم يجعل في بعض الموارد للجنّ حقيقةً تُمايِز حقيقة الإنس؛ بلْ هم - فيما زعم - طائفة من البَشَر. وقد قرّر ذلك بقوله: (وقد يطلق الجنّ على فريقٍ خيِّرٍ من الناس، غريبٍ وغير معْهودٍ. ولأنّه غريبٌ وغيرُ معْهودٍ كان بمثابة المحسوس وغير المرئيّ. يقول الله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (32)} الأحقاف: 29 - 32 فهذا النفر من

(1)

"تفسير المنار"(1/ 267) .

(2)

محمد البهي: (1323 هـ-1402 هـ):هو أحد أعلام الأزهر، حفظ القرآن وتخرج في الأزهر، و نال الدكتوارة في الفلسفة من ألمانيا، وعاد إلى الأزهر مدرسًا للفلسفة، ثم عُيِّن مديرًا لجامعة الأزهر، فوزيرًا للأوقاف، من مؤلفاته"الجانب الإلهي من التفكير الإسلامي"و"الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي"=انظر:"ذيل الأعلام"لأحمد العلاونة (169 - 170) .

ص: 713

الجن الذي أنصت للقرآن الكريم بمكة؛ يقال: إنّه قدِم إليها من يثرب قبل الهجرة، وبعد إيمانه أخذ على عاتقه الدعوة إلى دين الله بين قومه، بعد أن عاد من الحج إلى يثرب ثانيةً

وأطلق على هذا النفر اسم الجنّ؛ لأنه كان غير معروف بين المكيّين، وكان غريبًا عن مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بمكة. ومن هذا التفسير يقال: إنّه تكوّنت نواة الأنصار بالمدينة. والرسول عليه الصلاة والسلام عندما هاجر إلى يثرب بعد ذلك بسنتين لم يهاجر إذن إليها في فراغ، وإنما هاجر إلى أحبّاء آمنوا به من قبلُ، وبرسالته، وبشّروا بها، ودعوا إليها جادّين قبل أن يهاجر هو، وصاحبه.

وإذا لم يُرِدْ باسم الجن هنا هذا الفريق الخيِّر الغريب غير المعهود من أهل يثرب؛ فإنه يقال: كيف يكون إيمانُهم بالقرآن؟ وكيف تكون معرفتهم بالتوراة قبله؟ {إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30)} الأحقاف.؟ إنهم عرفوا ما لموسى من جوار اليهود بالمدينة من أهل خيبر، أو من بني النضير، وأنهم لو كانوا ملائكة من القوى النَّارية، أو النُّوريَّة: كيف يأخذون على عاتقهم التبشير بالإسلام بين قومهم؟

)

(1)

.

وفي بعض الموارد يجعل "الجن" العالَم غير المرئي في مقابل "العالَم المرئي" الذي يخصُّهُ بالإنس؛ فنراه يقول في تأويل قوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ} الإسراء: 88: (أي: العالَم المرئي، والعالم غير المرئيّ من مخلوقات الله)

(2)

. الخ التناقضات التي يقررها الدكتور " البهيّ".

وعَدَّ "محمد عجينة" الجن والشياطين من الأساطير الإسلامية.

(1)

"من مفاهيم القرآن في العقيدة والسلوك"(ص 133) نقلًا عن "عالَم الجن"(ص 124 - 125) .

(2)

"تفسير سورة الجن"(ص 7) نقلًا عن "الاتجاهات العقلانية الحديثة"(ص 295) .

ص: 714

ومما قاله في ذلك: (ولا ينبغي أن تُنسينا الأساطير الإسلامية عن الجن والشياطين والملائكة

الجانب التاريخي التطوري من المسألة؛ بل ينبغي لنا أن نقرأها قراءة أشبه بقراءة عالِم الآثار المُنقِّب من خبايا الأرض لطبقاتٍ من مصادر مختلفة، أو من عهود مختلفة؛ لمعرفة ما قد يكون منها امتدادًا لتصوّرات الجاهليين، أو لَبِنةً من لَبِنات بناء "رؤية الكون" في ظلّ الإسلام. ونحن ننطلق مبدئيًّا من أنها لم تنبثق من عَدَم، وإنّما تشكّلت في كل شروطها التاريخية. فلْنَمْضِ في وصْف علم الجنّ بكائنات لامرئية، وتختلف أشكالها، ومطاياها، ومواطنها

حتى إذا نزعنا من استعراض تلك المادة الأسطورية

أعدنا فيها النظر ضمن قراءة تأليفية ثانية، تجمع وتوحِّد، وتُقيِّم مختلف شبكات الدلالات الرّمزية، والأسطورية الكامنة، والتي لا تظهر من الجزء، وإنما من إدراجه ضمن الكل)

(1)

.

(1)

"موسوعة أساطير العرب" الدكتور محمد عجينة (ص 365) وانظر: (ص 351) وكذلك، انظر:"أسباب النزول" لبسّام الجمل (ص 392 - 395) .

ص: 715