الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: سوق المعارض العقلي على عموم أحاديث أشراط السَّاعة:
أُوْرِد على جُملة الأَحاديث الدَّالة على أَشراط السَّاعة= معارِضَان عقليَّان:
أولهما: أن الأشراط السَّاعة الصغرى المعتاد مثلها؛ التي تقع عادةً بالتدريج، لا تُذكِّر بقيام السَّاعة، فلا تتحصَّل بها الفائدة التي لأجلها أخبر الشارعُ بقُرب قيام السَّاعة.
ثانيهما: أنّ ما ورد من الأشراط الكبرى الخارقة للعادة؛ يضع العالم به في مأمن من قيام السَّاعة مثل وقوعها كلها؛ فانتفت الفائدة إذن من هذا الإخبار.
وفي تقرير الاعتراض الأوَّل: يقول الشيخ ((محمد رشيد رضا)): (اعلم أيُّها المسلم؛ الذي يجب أن يكون على بصيرة من دينه: أن في روايات الفتن و أشراط السَّاعة من المشكلات والتعارض ما ينبغي لك أن تعرفه - ولو إجمالًا -؛ حتى لا تكون مقلِّدًا لمن يظنّون أنّ كل ما يعتمده أصحاب النقل حقٌّ، ولا لمن يظنّون أن ما يقوله أصحاب النظريات العقلية حقٌّ
…
ويَرِدُ من الإشكال على ما ذكر [أي: ما ذكره من تقسيم أشراط السَّاعة؛ باعتبارات عدّة] أن ما ورد من الأشراط الصغرى المعتاد مثلها، التي تقع عادة بالتدريج = لا يذكر بقيام السَّاعة، ولا تحصل به الفائدة التي من أجلها أخبر الشارع بقرب قيام السَّاعة)
(1)
.
ويقول ((مصطفى بوهندي)): (
…
تتضافر النُّصوصُ في بيان عدم علم النَّاس بموعدها [أي السَّاعة] ومقابل ذلك تؤكد نصوص القُرآن
(1)
"تفسير المنار"(9/ 489).
قُرب مجيئها، قال تعالى:{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)} القمر: 1 ..... فكل هذه الآيات وغيرُها تؤكِّد فجائية السَّاعة، وأَنَّها تأتي بغتة .. غير أننا نصطدم بمجموعة من المرويات المتحدِّثة عن أَشراط السَّاعة، وأنَّها في آخر الزَّمان، وإذا جاءت لا ينفعُ نفسًا إِيمانها إن لم تكن آمنت من قبل، وأَنَّها تأتي بترتيبات مُعيَّنىةٍ تذكرها هذه الرِّوايات، وتذكر لها أَعدادًا مُحدَّدةً مُبيّنة أولها وآخرها ..... =وكُلُّ هذا يصطدم من جِهة بُفجائية هذه السَّاعة).
(1)
وتقرير الاعتراض الثاني: أن ما ورد من الأشراط الكبرى الخارقة للعادة؛ (يضع العالم به في مأمن من قيام السَّاعة، قبل وقوعها كلّها. فهو مانع من حصول تلك الفائدة. فالمسلمون المنتظرون لها يعلمون أن لها أشراطًا تقع بالتدريج؛ فهم آمنون من مجيئها بغتة في كلّ زمن، وإنما ينتظرون قبلها ظهور الدجّال، والمهدي، والمسيح عليه السلام، ويأجوج ومأجوج = وهذا الاعتقاد لا يفيد الناس موعظةً، ولا خشيةً، ولا استعدادًا لذلك اليوم، أو لتلك السَّاعة. فما فائدةُ العلم به إذًا؟ وهل من الحكمة أن تكون فائدتها محصورة في وقوع الرعب في قلوب الذين يشاهدون هذه الآيات الكبرى؟ .. )
(2)
(1)
"التأثير المسيحي في القرآن"(198 - 199).
(2)
"تفسير المنار"(9/ 489).