المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: سوق حديث لطم موسى عليه السلام لملك الموت - دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بمسائل الاعتقاد

[عيسى النعمي]

فهرس الكتاب

- ‌بصائر

- ‌تقريظ فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن صالح المحمود حفظه الله تعالى

- ‌المقدمة

- ‌ أَهمية الموضوع ، ودوافعُ اختياره:

- ‌ خطة البحث

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأوَّل مفهوم المعارض العقلي المُدَّعى مُناقضته للنُّصوص الشرعية

- ‌المبحث الثاني ظاهر النص الشرعي بين القراءة العصين والقراءة النسقية

- ‌المبحث الثالث تقويض النظرة الاختزالية للسُّنَّة النبوية

- ‌المبحث الرَّابع تزييف دعوى استناد الصحابة رضي الله عنهم إلى المعقول المتمحض في محاكمة النُّصوص

- ‌الفصل الأولدَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عنالأحاديث المتعلّقةِ بحقيقة الإيمان والشفاعة

- ‌المبحث الأولدفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلّقة بحقيقة الإيمان

- ‌المطلب الأول: سَوْق الأحاديث المُدَّعى معارَضتُها للعقل:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على الأَحاديث المتعلقة بحقيقة الإِيمان:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلِّقة بحقيقة الإِيمان

- ‌المبحث الثانيدفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلّقة بالشفاعة

- ‌المطلب الأول: سوق أحاديث الشفاعة

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على أحاديث الشفاعة:

- ‌المطلب الثَّالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن أحاديث الشفاعةِ

- ‌الفصل الثانيدَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عنالأحاديث المتعلّقةِ بتوحيد العبادة

- ‌مبحث:دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث: (لا تُشدّ الرّحال)

- ‌المطلب الأول: سَوْق حديث: (لا تُشدّ الرحال

- ‌المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارِض العقلي عن حديث (لا تُشدّ الرحال)

- ‌المطلب الثالث: دفْع المعارِض العقلي عن حديث (لا تُشدّ الرحال

- ‌الفصل الأول دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن الأحاديث المتعلّقةِ بعصمة الأنبياء

- ‌المبحث الأول دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: سوق ألأحاديث الدالة على سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثَّاني: سوق دعوى المعارض العقلي على أحاديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثَّالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن أحاديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثَّاني دفع دعوى المعارض العقلي عن حديثي شقِّ صدر النبي صلى الله عليه وسلم، وإسلام شيطانه

- ‌المطلب الأوّل: سوق حديثي شقِّ صدر النبي صلى الله عليه وسلم، وإسلام شيطانه

- ‌المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارِض العقلي على حديثَيْ شقّ صدر النبي صلى الله عليه وسلم وإسلام شيطانه

- ‌المبحث الثّالث دفع المعارض العقلي عن حديث (لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات)

- ‌المطلب الأول: سوق حديث (لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات):

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث (لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات)

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث (لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات)

- ‌المبحث الثالث دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث لطم موسى لملك الموت عليه السلام

- ‌المطلب الأوّل: سوق حديث لطم موسى عليه السلام لملك الموت

- ‌المطلب الثَّاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث لطم موسى عليه السلام لملك الموت

- ‌المطلب الثَّالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث لطم موسى عليه السلام لملك الموت

- ‌الفصل الثاني دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن الأحاديث المتعلّقةِ بآيات وبراهين الأنبياء

- ‌المبحث الأول دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بالآيات الحسِّيّة للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثانيدَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن أحاديث انشقاق القمر

- ‌المطلب الثاني: سَوْقُ دعوى المُعارِض العقلي على أحاديث انشقاق القمر:

- ‌المطلب الثالث: دفْع دعوى المعارِض العقلي عن أحاديث انشقاق القمر:

- ‌المبحث الثالثدَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن أحاديث الإسراء والمعراج

- ‌المطلب الأول: سَوْق أحاديث الإسراء والمعراج

- ‌المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارِض العقلي على أحاديث الإسراء والمعراج

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارِض العقلي عن أحاديث الإسراء والمعراج:

- ‌المبحث الرابع دفع دعوى المعارض العقلي عن حادثة (سوخ قدمي فرس سراقة بن مالك رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: سَوْقُ حديث سُراقة بن مالك رضي الله عنه

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حادثة "سوخ قدمي فرس سراقة بن مالك

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حادثة "سوخ قدمي فرس سراقة بن مالك رضي الله عنه

- ‌الفصل الثالث دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بعموم البعثة

- ‌مبحث دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدالة على اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم.بعموم البعثة

- ‌المطلب الأول: سَوْق الأحاديث الدالّة على اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بعموم البعثة:

- ‌المطلب الثاني: سَوْقُ دعوى المُعارِض العقلي على الأحاديث الدَّالة على اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بعموم البعثة:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المُعارِض العقلي عن الأحاديث الدالة على اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بعموم البعثة:

- ‌الفصل الأول دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن أحاديث أشراط السَّاعة

- ‌المبحث الأول دفع دعوى المعارض العقلي عن عموم أحاديث أشراط السَّاعة

- ‌المطلب الأول: سَوْقُ الأحاديث الدّالة على عموم أشراط السَّاعة:

- ‌المطلب الثاني: سوق المعارض العقلي على عموم أحاديث أشراط السَّاعة:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي على عموم أحاديث أشراط السَّاعة:

- ‌المبحث الثَّاني دفع المعارض العقلي عن أحاديث المسيح الدجّال

- ‌المطلب الأول: سوق الأحاديث المتعلِّقة بالدجَّال:

- ‌المطلب الثَّاني: سَوْق دعوى المعارض العقلي على الأحاديث المتعلِّقة بالدجال:

- ‌المطلب الثَّالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المُتعلقة بالدجال:

- ‌المبحث الثالث دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث الجسّاسة

- ‌المطلب الأول: سوق حديث الجساسة:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث الجسّاسة:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث الجساسة:

- ‌المبحث الرابع دفع المعارض العقلي عن أَحاديث نزول المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام

- ‌المطلب الأول: سوق الأحاديث الدالة على نزول المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام

- ‌المطلب الثاني: سوق المعارضات العقلية المدعاة على أحاديث نزول عيسى عليها السلام

- ‌المطلب الثالث: نقض دعوى المعارض العقلي على أحاديث نزول عيسى عليها السلام

- ‌الفصل الثاني دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن الأحاديث المتعلّقة باليوم الآخر

- ‌المبحث الأوَّل دَفْعُ المُعارِضِ العقلِيّ عن أحاديثِ عَذَابِ القَبْر ونَعيمِهِ

- ‌المطلب الأوَّل: سوق أحاديث عذاب القبر و نعيمه:

- ‌المطلب الثاني: سَوْقُ دَعْوَى المعارِض العقليّ على أحاديث عذاب القبر ونعيمه:

- ‌المطلب الثالث: نَقْضُ دعْوَى المعارِض العقلي:

- ‌المبحث الثاني دفع دعوى المعارض العقلي عن أحاديث الميزان

- ‌المطلب الأول: سَوْقُ أحايث الميزان:

- ‌المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارِض العقلي على أحاديث الميزان:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعْوى المعارض العقلي عن أحاديث الميزان:

- ‌المبحث الثالث دفع دَعوى المعارِض العقلي عن أحاديث الصِّراطِ

- ‌المطلب الأول: سَوْق الأحاديث الدَّالة على الصراط:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على أحاديث الصراط:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن أحاديث الصراط:

- ‌المبحث الرابع دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن الأحاديث الدالّة على وجود الجنّة والنّار

- ‌المطلب الأول: سَوْق الأحاديث الدالة على وجود الجنة والنار:

- ‌المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارض العقلي على الأحاديث الدالة على وجود الجنة والنار:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدالة على وجود الجنة والنار:

- ‌المبحث الخامس دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدَّالة على بقاء الجنة والنَّار

- ‌المطلب الأول: سوق الأحاديث الدالة على بقاء الجنة والنار:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على الأحاديث الدالة على بقاء الجنة والنار

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدالة على بقاء الجنة والنار:

- ‌المبحث الأوَّل دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث (احتج آدم وموسى)

- ‌المطلب الأوَّل: سوق حديث (احتج آدم وموسى)

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث: (احتج آدم وموسى عليهما السلام

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث (احتجَّ آدم وموسى عليهما السلام

- ‌المبحث الثَّاني دفْع دَعوى المُعارِض العقلي عن حديث: (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم)

- ‌المطلب الأول: سوق حديث (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم):

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث: (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم)

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث (إنَّ الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم)

- ‌المبحث الثالث دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن حديث: (لا يُدخل أحدًا الجنَّة عمله)

- ‌المطلب الأول: سوق حديث: (لا يُدخل أَحدًا الجنَّة عَملُهُ)

- ‌المطلب الثاني: سَوق دعوى المعارِض العقلِي على حديث: (لا يُدخل أَحدًا الجنَّة عَملُهُ)

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارِض العقلي عن حديث (لا يُدخِل أحدًا الجنَّة عملُه)

- ‌الفصل الأول دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن الأحاديث المتعلّقة بالملائكة والجن والشياطين

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بالملائكة

- ‌المطلب الأول: سوق الأحاديث الدالّة على وجود الملائكة ووجوب الإيمان بهم:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على الأحاديث الدالّة على وجود الملائكة:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدالة على وجود الملائكة:

- ‌المبحث الثاني دَفْع دَعْوى المُعارِض العقلي عن الأحاديث الدالة على وجود الجن والشياطين

- ‌المطلب الأول: سوق الأحاديث الدَّالة على وجود الجن والشَّياطين:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على الأحاديث الدَّالة على وجود الجن والشياطين:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدَّالة على وجود الجن والشياطين:

- ‌الفصل الثاني دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن بقيَّة الأحاديث المتعلّقة بالشيطان

- ‌المبحث الأول دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن حديث: (ما من مولود يولد إلاّ نخسه الشيطان

- ‌المطلب الأول: سَوْق حديث (ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان

- ‌المطلب الثاني: سَوق دعوى المعارض العقلي على حديث (ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان):

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث (ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان):

- ‌المبحث الثاني دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن حديث: (بال الشيطان في أُذنه)

- ‌المطلب الأوَّل: سوق حديث: (بال الشيطان في أُذنه)

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث: «بال الشيطان في أُذُنه»

- ‌المطلب الثالث: دفع المعارض العقلي عن حديث: (بال الشيطان في أُذُنه)

- ‌المبحث الثالث دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن حديث:

- ‌المطلب الأوّل: سَوْق حديث: (إذا سمعتم صياح الدِّيكة فاسألوا الله من فضله .. وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوَّذوا بالله من الشيطان) وحديث: (إذا نودي للصَّلاة أدبر الشيطان وله ضراط

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي عن الحديثين

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث: (إذا سمعتم صياح الدِّيكة فاسألوا الله من فضله .. وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوَّذوا بالله من الشيطان)

- ‌الفصل الثالث دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن الأحاديث المتعلّقة بالرُّؤيا

- ‌المطلب الأوَّل: سوق الأَحاديث المُتعلِّقة بالرُّؤيا:

- ‌المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارض العقلي على أحاديث الرُّؤيا:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن أحاديث الرُّؤيا:

- ‌الفصل الرابع دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن بقية الأحاديث المتعلّقة بالغيبيات

- ‌المبحث الأول دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن الأَحاديث الدالة عن: أنّ شدّة الحرّ وشدّة البرد من النار

- ‌المطلب الأوَّل: سوق الأحاديث الدالة على أن شدة الحر والبرد من النار:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على الأَحاديث الدالة على أنّ شدة الحرِّ والبرد من جهنم:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدالة على أنّ شدة الحر والبرد من جهنم:

- ‌المبحث الثاني دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن حديث سجود الشَّمس تحت العرش

- ‌المطلب الأول: سوق حديث: (سجود الشَّمس تحت العرش)

- ‌المطلب الثاني: سوق المعارض العقلي على حديث: سجود الشَّمس تحت العرش

- ‌المطلب الثالث: دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن حديث سجود الشَّمس تحت العرش

- ‌الخاتمة

- ‌قائمة المراجع

- ‌مُلَخَّص الرِّسالة

الفصل: ‌المطلب الأول: سوق حديث لطم موسى عليه السلام لملك الموت

‌المطلب الأوّل: سوق حديث لطم موسى عليه السلام لملك الموت

.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أُرسِل ملك الموت إلى موسى عليهما السلام فلمَّا جاءه صكَّه

(1)

، وفقأ عينه

(2)

، فرجع إلى ربِّه فقال: أرسلتني إلى عبدٍ لا يريد الموت.

قال: فردَّ الله عينه، وقال: ارْجِعْ إليه، فقلْ له: يَضع يده على متن ثَور، فله بما غطَّت يدُهُ بكُلِّ شعرةٍ سنة، قال: أَي ربّ! ثمَّ مَه؟

قال: ثم الموتُ.

قال: فالآن. فسأل الله أن يُدنيه من الأَرض المقدَّسة رمية بحجر.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كنتُ ثَمَّ لأريتكم قبره إلى جانب الطريق تحت الكثيب الأحمر) متفق عليه.

(3)

* * *

تمهيد:

أجاب أهل العلم رحمهم الله عن عما يُشكل من فعل نبي الله موسى عليه السلام = بعدة أجوبة، وهي كالتَّالي:

الأوَّل: أن ما فعله كَليمُ الله موسى مع ملك الموت عليه السلام هو من قبيل الامتحان والابتلاء للملك ومن قبيل العبادة للَّاطم = إذ لا يبعد أن

(1)

صَكَّه: أي لَطَمَه على عينه = "مجمع بحار الأنوار" للفتَّني (3/ 338)

(2)

فَقَأ عينه: الفقء: الشَقُّ والبخص -أي القلع -، والمعنى: قلع عين الملك.=انظر: المصدر السابق (4/ 160)

(3)

أخرجه البخاري كتاب "أحاديث الأنبياء " باب"وفاة موسى وذكْرُهُ بعدُ"(700 - رقم [3407]) ومسلم كتاب "الفضائل" باب "من فضائل موسى صلى الله عليه وسلم "(4/ 1842 - رقم [2372]) واللفظ له.

ص: 294

يكون الله قد أذن له بذلك

(1)

وهذا القول ذهب إليه ابن عقيل الحنبلي رحمه الله.

(2)

وقد ضَعَّف هذا القولَ الأئمَّةُ ولم يرتضوه، وسبب تَضْعيفِهم له أنَّ الإشكال قائمٌ في علة صدور سبب الامتحان من موسى عليه السلام، وممَّن ضعف هذا القول الإمام القرطبي رحمه الله حيث قال:(ومنهم من قال: كان ذلك ابتلاءً وامتحانًا لملك الموت، فإنَّ الله يمتحنُ خلقه بما شاء = وهذا ليس بجواب فإنَّه إِنَّما وقع الإشكال في صدور سبب هذا الامتحان من موسى، وكيف يجوز مثل هذ؟)

(3)

الثاني: أنَّ العينَ التي فقأها موسى عليه السلام عين متخيلة لا حقيقة. وهذا القول ذهب إليه ابن قتيبة رحمه الله

(4)

.

وهذا القول إن أَراد به الإمام ابن قتيبة أن العين التي فُقأت ليست هي العين التي ركَّبَها الله في أصل خِلْقة المَلَك، وإِنَّما هي العين البشرية التي جاء الملك في صورتها= فهذا هو ما يدلُّ عليه ظاهر الحديث.

وأمَّا إن كان مراده رحمه الله أنَّ العين التي فُقِأت هي عين متخيله ليست متجسدة ولا محسوسة = فهذا يبعد فَهمُه من الحديث، وظاهر الحديث بخلافه؛ لأنَّ في الحديث (فردَّ الله إليه عينه) مما يدلُّ أَنَّها العين المحسوسة التي جاء الملك في صورتها، وقد أنكر الإمام القرطبي ما ذهب إليه ابن قتيبة، فقال: (وقد اختلفت أقوال علمائنا في تأويل الحديث.

فقال بعضهم: كانت عينًا مُتَخيَّلةً لاحقيقة، ومنهم من قال: هي

(1)

انظر: "مشكل الحديث" لابن فورك (315)، و"شرح صحيح مسلم" للإمام النووي (15/ 129)

(2)

انظر "كشف المشكل" لابن الجوزي (3/ 443)، و"المفهم" للقرطبي (6/ 221)

(3)

"المفهم"(6/ 221)

(4)

"مختلف الحديث"لابن قتيبة (335)

ص: 295

معنوية وإِنَّما فقأها بالحُجَّة = وهذان قولان لايلتفت إليهما لظهور فسادهما وخصوصًا الأوَّل؛ فإنَّه يؤدي إلى أن ما يراه الأنبياءُ من صور الملائكة لا حقيقة له، وهو قول باطل بالنُّصُوص المنقولة والأدلة المعقولة .. )

(1)

والذي يتوجّه: حمل كلام الإمام ابن قتيبة رحمه الله عليه هو كونه أراد أن موسى عليه السلام إِنَّما فقأ العين البشرية التي جاء الملك متجسدًا فيها؛ لأنَّ كلام أهل العلم ينبغي أن يحمل على أحسن محامله، إن كان الكلام يحتمل ذلك. وإن كانت مادة الإِشكال لم تَزل باقية بهذا التَّوجيه؛ إذ حتَّى لو سُلِّم بأنَّ العين التي فقأها موسى عليه السلام هي العين المُتخيَّلة لا الحقيقية =فإنَّه يبقى تحريرُ الإِشكالِ لصدور ذلك منه مُرْسَلًا لم يحظَ بجواب يَحسمه.

القول الثالث: أن موسى عليه السلام خَفِي عليه أنَّ الذي جاءه هو ملك الموت، والأنبياء قد يخفى عليهم مثل ذلك فإبراهيمُ الخليل عليه السلام، جاءه ملائكة الله فحسب أنهم ضيوف من الإنس، ومما يدل على ذلك مجيئه إليهم {بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (70)} هود.

وهذا نبي الله لوط عليه السلام لم يتبين له بادئ الأمر أنَّهم ملائكة الله، فقال لقومه {يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (78)} هود.

وهذا نبي الله داود عليه السلام أصغى إلى الملائكة الذين دخلوا عليه فظن أنهم بشر، ولم يكن يعلم حقيقةَ أَمرهم {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى

(1)

"المُفهم" للقرطبي (6/ 221)

ص: 296

بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22)} ص.

ولقد كان جبريل عليه السلام يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صورة بشرية كما يدل عليه حديث عمر بن خطاب وغيره، فالرسل قد يخفى عليهم مثل ذلك.

وإِنَّما صكَّ موسى الملكَ ولطمهُ؛ لأنَّه رأى رجلًا (تسور عليه منزله ومحل أهله بغير إذنه، وطلب سلب روحه، وقد

ثبت في الشرع إباحةُ دفعِ الصَّائل بكل ممكن وإن آلَ إلى قتله)

(1)

فلمَّا رأى موسى عليه السلام ذاك الرَّجل، وقد خَفِي عليه أَنَّه مَلَكُ الموت مع قول الملك: أجبْ ربَّك، وقد تجرَّد في هذا القول عما يدل على كونه من عند الله، وعمَّا يبرهن على حقيقته الملكية= وقع من نبيِّ الله موسى عليه السلام ما وقع.

وهذ القول ذهب إليه "الإمام ابن خزيمة "

(2)

، والإمام "أَبو بكرٍ محمد بن إسحاق الكلاباذي"

(3)

، والإمامُ ابن حبان

(4)

، و"الحافظُ ابن حجر العسقلاني"

(5)

، و"الإمام الخطَّابي"

(6)

، و"الإمام المازري"

(7)

،

(1)

"توضيح طرق الرشاد لحسم مادة الإلحاد" للقاضي محمد العلوي (198 - 199)

(2)

انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (15/ 129)، و"فتح الباري"لابن حجر (6/ 546) وغيرهم.

(3)

"بحر الفوائد"(359) والكلاباذي (؟ -380 هـ): هو محمد بن إبراهيم بن يعقوب، أبو بكر الكلاباذي البخاري، من حفاظ الحديث، من تصانيفه:"التعرف على مذهب أهل التصوّف"=انظر "الأعلام"(5/ 295)

(4)

انظر: "صحيح ابن حِبَّان"(14/ 112 - 116 - بترتيب ابن بلبان)

(5)

انظر: "فتح البَّاري"لابن حجر (6/ 546)

(6)

انظر: المصدر السابق، نفس الجزء والصفحة.

(7)

"إكمال المعلم"للقاضي عياض (7/ 352) المازري (453 - 536 هـ): هو محمد بن علي بن عمر التميمي المازري، أحد أئمة المالكية حافظ نظَّار، واسع الباع في العلم والاطِّلاع، من تصانيفه:"إيضاح المحصول من برهان الأصول"، و"الكشف والإنباء على المترجم بالإحياء"=انظر:"شجرة النور الزكيَّة"(1/ 127)

ص: 297

و"القاضي عياض"

(1)

، ومن المتأخرين "القاضي محمد العلوي"

(2)

.

يقول الإمام ابن حبان: (إنّ الله جل وعلا بعثَ رسولَ الله معلمًا لخلقهِ، فأنزل موضع الإبانة عن مراده، فبلغ رسالته، وبيَّن عن آياتهِ بألفاظٍ مُجْملةٍ ومُفسّرةٍ، عَقِلها عنه أَصحابُه، أو بعضهم، وهذا الخبر من الأَخبار التي يُدرك معناه من لم يحرمْ التوفيقَ لإصابة الحقّ، وذاك أنَّ الله جل وعلا أَرسلَ ملكُ الموت إلى موسى رسالةَ ابتلاءٍ واختبارٍ، وأَمَرَهُ أن يقول له: أَجب ربك أمرَ اختبارٍ وابتلاءٍ، لا أمرًا يريد الله جل وعلا إمضاءَهُ كما أمر خليله صلى الله على نبينا وعليه، بذبح ابنه أَمرَ اختبارٍ وابتلاءٍ دون الأمر الذي أراد الله جل وعلا إمضاءَه، فلما عَزم على ذبح ابنه وتلَّه للجبين فداه بالذبح العظيم.

وقد بعث الله جل وعلا الملائكة إلى رسله في صور لا يعرفونها .. فكان مجيء ملك الموت إلى موسى على غير الصورة التي كان يعرفه موسى عليه السلام عليها، وكان موسى غيورًا فرأى في داره رجلًا لم يعرفْهُ فَشَال يدهُ فلطَمَهُ، فَأتَتْ لطمتُهُ على فقء عينه التي في الصورة التي يتصور بها، لا الصورة التي خلقه الله عليها.

ولما كان من شريعتنا: أنَّ من فقأ عين الدَّاخلِ داره بغير إذْنهِ، أو النَّاظرِ إلى بيتهِ بغير جُناحٍ على فاعله، و لا حَرَجَ على مرتكبه؛ للأخبار الجمَّةِ الواردة فيه

كان جائزًا اتِّفاقُ هذه الشريعة بشريعة موسى بإسقاط الحرج عمن فقأ عين الداخل دار بغير إذنه فكان استعمالُ موسى هذا الفعل مباحًا له، و لا حرج عليه في فعله.

(1)

المصدر السابق (7/ 353)

(2)

"توضيح طرق الرشاد"للعلوي (197 - وما بعدها) ومحمد العلوي (1288 - 1367 هـ): هو محمد بن أحمد بن إدريس بن الشريف العلوي، تولَّى القضاء عدة مرات بالقطر المغربي، من تصانيفه:"إتحاف النُّبهاءالأكياس بتحرير فائدة مناقشة الأوصياء"، و"تقييد على أوائل شرح البخاري"=انظر:"مقدمة تحقيق توضيح طرق الرشاد".

ص: 298

فلما رجع ملك الموت إلى ربه وأخبره بما كان من موسى فيه، أمره ثانيا بأمر آخر أمر اختبار وابتلاء -كما ذكرنا قبل- إذ قال الله له: قل له: إن شئتَ فضع يدك على متن ثور فَلَكَ بكلِّ ماغطت يدُكَ بكل شعرة سنة، فلمَّا عَلم موسى كليم الله أنه ملك الموت وأنه جاءه بالرسالة من عند الله = طابت نفسُهُ بالموت، ولم يسْتمهل، وقال: فالآن.

فلو كانت المرَّةُ الأولى عرفه موسى أنه ملك الموت لاستعمل ما استعمل في المرة الأخرى عند تيقُّنِهِ، وعلمه به، ضد قول من زعم أنَّ أصحاب الحديث حمالةُ الحطب ورعاةُ الليل يجمعون ما لاينتفعون به، ويروون ما لا يؤجرون عليه، ويقولون بما يبطله الإسلامُ جهلًا منه لمعاني الأخبار، وترك التفقُّهِ في الآثار معتمدًا منه على رأيه المنكوس، وقياسه المعكوس)

(1)

وهذا التوجيه مع جلالة القائلين به = إِلَّا أنَّ سِياج التَكلُّفِ مُحيطٌ به، وذلك من جهة تقدير ما لا يدل عليه النَّصُّ، فأين البرهان المُصحِّح لدعوى تَسوُّر ملك الموت منزل نبي الله موسى عليه السلام بلا استئذان؟.

القول الثالث: أنَّ موسى عليه السلام عَرَفَ أنَّ الذي جاءه هو ملك الموت، وأنه جاءه ليقبض روحه، لكن مجيئه كان مجئ الجازم لقبض روحه و لا يبعدُ أن يكون المستقر عند جمع الأنبياء أنهم يُخيَّرون قبل ذلك بين أن يبقوا، وبين أن تقبض أرواحهم، وهذا هو الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال:(إنَّه لم يُقبض نبي قط حتى يرى مقعده من الجنة ثم يُخيَّر)

(2)

لذا لما رأى موسى مخالفة الملك للمستقر عنده بادر إلى دفعه بأن لطمه.

(1)

"صحيح ابن حبان"(14/ 114 - 116 - بترتيب ابن بلبان)

(2)

ص: 299

وهذا القول استظهره القرطبي رحمه الله فقال: (وقد أظهر لي ذو الطَّولِ والإِفْضَال وجهًا حسنًا يحسِمُ مادةَ الإشكال وهو أنَّ موسى عرف ملك الموت وأنه جاء ليقبض روحه لكنه جاء مجيء الجازم بأنه قد أمر بقبض روحه من غير تخيير، وعند موسى ما قد نص عليه نبينا صلى الله عليه وسلم «إن الله تعالى لايقبض روح نبي حتى يخيره» فلمَّا جاءه على غير الوجه الذي أُعلم به بادر بشهامته وقوة نفسه إلى تأديب ملك الموت فلطَمَه فانفقأت عينُه امتحانًا لملك الموت إذ لم يصرِّحْ بالتخيير، ومما يدلُّ على صحة هذا أنَّه لما رجع إليه ملك الموت فخيره بين الموت والحياة اختار الموت، واستسلم= وهذا الوجه -إن شاء الله - أحسن ماقيل فيه وأسلم)

.

لكن يقال: الإشكال مازال قائمًا؛ إذ إن هذا التوجيه لا يليق بجناب نبي الله موسى عليه السلام؛ فعدم تخييره لا يستلزم استطالته على الملك باللطم؛ لأنَّ الملك رسول ربِّ العالمين يقوم بإنفاذ ما طُلب منه، فالإشكال قد يزداد بهذا التوجيه ولا يندفع.

الأوَّل: لم أَر -بحسب اطلاعي - من اعترض على هذا التوجيه خلافًا للتوجيهات الأُخرى فكلها فوِّقت لها سهام النَّقد والاعتراض.

الثَّاني: جلالة القائلين به في العلم، والدِّيانة، والتحقيق. وهذا مما يستأنسُ به، ويرجِحُ بكفة هذا التوجيه، ويكفي كما سبق أنَّ من القائلين به إمام الأئمة ابن خزيمة، وابن حبان. وغيرهما من أَرباب التحقيق والرُّسوخ العلمي.

الثَّالث: وجاهةُ القولِ في نَفْسه، وتَمَشِّيه مع المُحْكم المعلوم من سُموِّ أَخلاق الأَنبياء، وصَلَابةِ ديانتهم، وتحاميهم عمَّا يقبحُ.

فإذا تقرَّر هذا عُلم بطلان ما اعترض به أولئك الطاعنون على هذا الحديث، وكان الّذي يقتضيه التحقيق هو عدم التسارع لردِّ السُّنن بمجرد انقداح الشُّبه، وتوارد الإشكالات، فلو أنّ كلَّ حديث استُشْكِل متنُه، ولم تُحِط العقول الكليلة بمعناه، رُدَّ بمقتضى ذلك ولم يقبل=لعُطِّلتِ السُّنن.

(1)

ص: 300

وقد انقسم هؤلاء الرَّادون لظاهر هذا الحديث إلى قسمين:

القسم الأول: من ردَّ الحديث ردًّا مطلقًا ولم يقبله؛ بسبب قيام ذلك المُعارض عنده.

القسم الثاني: من لم يرد الحديث من جهة ثبوته، ولكنه أَعمل فيه آلة التأويل حتى أخرج مادلَّ عليه الحديث من المعاني الحقَّة إلى صور مجازيةٍ تخالفُ ظاهرَهُ.

وكلا الفريقين غَلِط غلطًا بيِّنًا، في ظنهم استحالة ما دلَّ عليه الحديث من المعاني التي لا تحمل في طياتها أي معنى يُحيله العقل، وقبل بيان وجه الغَلَطِ الدَّاخل على المانعين لدلالة هذا الحديث، لابد من سِياق أَحرف مقالة أَصحاب كل قسم مما سبق ذكره، ومن ثَمَّ تقام البراهين على بطلان ما أَحالوه.

فأمَّا أَصحابُ القسمِ الأوَّلِ:

فلم أقف- حسب اطلاعي- على تعيين لشخص، أو طائفة ممن ذهب إلى ردِّ هذا الحديث من المتقدمين، وإِنَّما غاية ما ذكره الأئمةُ رحمهم الله حين تعرضهم لهذا الحديث وردِّهم على الطاعنين فيه، أن المنكرين لهذا الحديث من الملاحدة، وممن وقفت على نعته لهم بذلك من العلماء الإمام المازري رحمه الله، ووصفهم الإمام ابن خزيمة رحمه الله بـ "المبتدعة" وأَغفل تعيين طائفة بعينها.

(1)

وأما المنكرون لهذا الحديث من المتأخرين:

فكـ"أمين أحسن الإصلاحي الهندي" حيث كتب مقالًا يدافع فيه عن الأستاذ أبي الأعلى المودودي، وأورد تحت عنوان " مفهوم الدراسة

(1)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (6/ 546)

ص: 301

النقدية للحديث" ثلاثةً من الأحاديث منها هذا الحديث ثم ردَّها بقوله: (وتمسُّ الحاجةُ إلى النقد حيث نرى حديثًا يحيك في الصدر بمجرد سماعه ويخالف " مُسمَّيات الدِّين" و" معروفات الشريعة" ويأباه العقل العام في أول وهلة)

(1)

فهذا الحديث مما يخالف معروفات الشريعة ويأباه العقل العام بزعمه.

ومن المنكرين لهذا الحديث: الشيخ محمد الغزالي رحمه الله، ومما قاله بصدد الطعن في هذا الحديث: (وقد وقع لي وأنا بالجزائر أَنَّ طالبًا سألني: أصحيح أن موسى عليه السلام فقأ عين ملك الموت عندما جاء لقبض روحه بعدما استوفى أجله؟ فقلت له متبرِّمًا: الحديث مروي عن أبي هريرة وقد جادل البعض في صحته.

وعدتُ لنفسي أفكر: إنَّ الحديثَ صحيحُ السَّنَدِ لكن متنه يثير الرِّيبة؛ إذ يفيد أن موسى يكره الموت ولا يحب لقاءَ الله بعدما انتهى أجله، وهذا المعنى مرفوضٌ بالنسبةِ إلى الصالحين فكيف بأنبياء الله؟ وكيف بواحد من أولي العزم؟ إن كراهيته للموت بعدما جاء مَلَكُهُ أمرٌ مستغرب!

ثم هل الملائكة تعرض لهم العاهات التي تعرض للبشر من عَمَى أَو عَور؟ ذاك بعيد .. ومن وصم منكر الحديث بالإلحاد

(2)

فهو يستطيل في أعراض المسلمين. والحق أن في متنه علةً قادحةً تنزل به عن رُّتبة الصِّحةِ.

ورفضه أو قبوله خلاف فكري وليس خلافًا عقائديًا، والعلة في المتن يبصرها المحققون تخفى على أصحاب الفكر السطحي ..

(1)

نقلًا عن "زوابع في وجه السُّنَّة" لصلاح الدين مقبول أحمد (226) وانظر: "موقف الجماعة الإسلامية من الحديث النبوي" للعلَّامة محمد إسماعيل السَّلَفي (113 - 116)

(2)

يعني به الإمام المازري!

ص: 302

وقد رفض الأئمةُ أحاديثَ صحَّ سندُها واعتلَّ متنها فلم تستكمل بهذا الخلل شروط الصحة .. )

(1)

وممن أنكره من العصريين الدكتور "مصطفى محمود" الذي خَبَط خَبطْ عشواء أبان عن مقدار علمه؛ حيث توهّم أنَّ خبر المَلَك مع موسى عليه السلام من كيْس البخاريِّ رحمه الله وأَنَّه المختلق لهذا الخبر!!

فقال: (ونقف معًا أمام الحديث الذي رواه البخاريُّ عن سيدنا موسى حينما قضى ربُّنا عليه الموتَ، وأرسل له ملك الموت لقبض روحه .. ماذا قال لنا البخاري، قال: إنَّ موسى رفض أن يموت وضرب ملك الموت على عينه ففقأها فرجع ملك الموت إلى ربِّه فرد له بصره =كيف يجوز هذا، والقرآن يقول في قطع لا لبس فيه: {إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (4)} نوح: 4 .... إنَّ الحديث واضحُ الزَّيفِ. ومثله كثير في البخاري)

(2)

فهذه إشارة لبعض أقاويل المنكريين لهذا الحديث.

وأما أصحاب القسم الثاني:

ممن سلك مَسْلك التَّأويل لبعض ما تضمنه الحديث؛ فحاصل ما ذكروه: أن معنى: "فقأ عينه" جَارٍ على سَنَنِ العرب في التَّوسع في الخطاب والاستعارة؛ وعليه فمعنى "فقأ عينه"، أي: أبطل حجته، مأخوذ من قول علي رضي الله عنه "أنا فقأت عين الفتنة"، وهذا المعنى مال إليه ابن فورك رحمه الله

(3)

، وسيأتي بيان فساد التأويل -بحول الله تعالى-.

* * *

(1)

"السُّنَّة النبويَّة"للغزالي (34 - 36)

(2)

"الشفاعة"لمصطفى محمود (114 - 115)

(3)

انظر: "مشكل الحديث"لابن فَورك (315)

ص: 303