المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالث: نقض دعوى المعارض العقلي: - دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بمسائل الاعتقاد

[عيسى النعمي]

فهرس الكتاب

- ‌بصائر

- ‌تقريظ فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن صالح المحمود حفظه الله تعالى

- ‌المقدمة

- ‌ أَهمية الموضوع ، ودوافعُ اختياره:

- ‌ خطة البحث

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأوَّل مفهوم المعارض العقلي المُدَّعى مُناقضته للنُّصوص الشرعية

- ‌المبحث الثاني ظاهر النص الشرعي بين القراءة العصين والقراءة النسقية

- ‌المبحث الثالث تقويض النظرة الاختزالية للسُّنَّة النبوية

- ‌المبحث الرَّابع تزييف دعوى استناد الصحابة رضي الله عنهم إلى المعقول المتمحض في محاكمة النُّصوص

- ‌الفصل الأولدَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عنالأحاديث المتعلّقةِ بحقيقة الإيمان والشفاعة

- ‌المبحث الأولدفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلّقة بحقيقة الإيمان

- ‌المطلب الأول: سَوْق الأحاديث المُدَّعى معارَضتُها للعقل:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على الأَحاديث المتعلقة بحقيقة الإِيمان:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلِّقة بحقيقة الإِيمان

- ‌المبحث الثانيدفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلّقة بالشفاعة

- ‌المطلب الأول: سوق أحاديث الشفاعة

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على أحاديث الشفاعة:

- ‌المطلب الثَّالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن أحاديث الشفاعةِ

- ‌الفصل الثانيدَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عنالأحاديث المتعلّقةِ بتوحيد العبادة

- ‌مبحث:دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث: (لا تُشدّ الرّحال)

- ‌المطلب الأول: سَوْق حديث: (لا تُشدّ الرحال

- ‌المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارِض العقلي عن حديث (لا تُشدّ الرحال)

- ‌المطلب الثالث: دفْع المعارِض العقلي عن حديث (لا تُشدّ الرحال

- ‌الفصل الأول دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن الأحاديث المتعلّقةِ بعصمة الأنبياء

- ‌المبحث الأول دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: سوق ألأحاديث الدالة على سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثَّاني: سوق دعوى المعارض العقلي على أحاديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثَّالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن أحاديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثَّاني دفع دعوى المعارض العقلي عن حديثي شقِّ صدر النبي صلى الله عليه وسلم، وإسلام شيطانه

- ‌المطلب الأوّل: سوق حديثي شقِّ صدر النبي صلى الله عليه وسلم، وإسلام شيطانه

- ‌المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارِض العقلي على حديثَيْ شقّ صدر النبي صلى الله عليه وسلم وإسلام شيطانه

- ‌المبحث الثّالث دفع المعارض العقلي عن حديث (لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات)

- ‌المطلب الأول: سوق حديث (لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات):

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث (لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات)

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث (لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات)

- ‌المبحث الثالث دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث لطم موسى لملك الموت عليه السلام

- ‌المطلب الأوّل: سوق حديث لطم موسى عليه السلام لملك الموت

- ‌المطلب الثَّاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث لطم موسى عليه السلام لملك الموت

- ‌المطلب الثَّالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث لطم موسى عليه السلام لملك الموت

- ‌الفصل الثاني دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن الأحاديث المتعلّقةِ بآيات وبراهين الأنبياء

- ‌المبحث الأول دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بالآيات الحسِّيّة للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثانيدَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن أحاديث انشقاق القمر

- ‌المطلب الثاني: سَوْقُ دعوى المُعارِض العقلي على أحاديث انشقاق القمر:

- ‌المطلب الثالث: دفْع دعوى المعارِض العقلي عن أحاديث انشقاق القمر:

- ‌المبحث الثالثدَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن أحاديث الإسراء والمعراج

- ‌المطلب الأول: سَوْق أحاديث الإسراء والمعراج

- ‌المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارِض العقلي على أحاديث الإسراء والمعراج

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارِض العقلي عن أحاديث الإسراء والمعراج:

- ‌المبحث الرابع دفع دعوى المعارض العقلي عن حادثة (سوخ قدمي فرس سراقة بن مالك رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: سَوْقُ حديث سُراقة بن مالك رضي الله عنه

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حادثة "سوخ قدمي فرس سراقة بن مالك

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حادثة "سوخ قدمي فرس سراقة بن مالك رضي الله عنه

- ‌الفصل الثالث دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بعموم البعثة

- ‌مبحث دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدالة على اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم.بعموم البعثة

- ‌المطلب الأول: سَوْق الأحاديث الدالّة على اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بعموم البعثة:

- ‌المطلب الثاني: سَوْقُ دعوى المُعارِض العقلي على الأحاديث الدَّالة على اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بعموم البعثة:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المُعارِض العقلي عن الأحاديث الدالة على اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بعموم البعثة:

- ‌الفصل الأول دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن أحاديث أشراط السَّاعة

- ‌المبحث الأول دفع دعوى المعارض العقلي عن عموم أحاديث أشراط السَّاعة

- ‌المطلب الأول: سَوْقُ الأحاديث الدّالة على عموم أشراط السَّاعة:

- ‌المطلب الثاني: سوق المعارض العقلي على عموم أحاديث أشراط السَّاعة:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي على عموم أحاديث أشراط السَّاعة:

- ‌المبحث الثَّاني دفع المعارض العقلي عن أحاديث المسيح الدجّال

- ‌المطلب الأول: سوق الأحاديث المتعلِّقة بالدجَّال:

- ‌المطلب الثَّاني: سَوْق دعوى المعارض العقلي على الأحاديث المتعلِّقة بالدجال:

- ‌المطلب الثَّالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المُتعلقة بالدجال:

- ‌المبحث الثالث دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث الجسّاسة

- ‌المطلب الأول: سوق حديث الجساسة:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث الجسّاسة:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث الجساسة:

- ‌المبحث الرابع دفع المعارض العقلي عن أَحاديث نزول المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام

- ‌المطلب الأول: سوق الأحاديث الدالة على نزول المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام

- ‌المطلب الثاني: سوق المعارضات العقلية المدعاة على أحاديث نزول عيسى عليها السلام

- ‌المطلب الثالث: نقض دعوى المعارض العقلي على أحاديث نزول عيسى عليها السلام

- ‌الفصل الثاني دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن الأحاديث المتعلّقة باليوم الآخر

- ‌المبحث الأوَّل دَفْعُ المُعارِضِ العقلِيّ عن أحاديثِ عَذَابِ القَبْر ونَعيمِهِ

- ‌المطلب الأوَّل: سوق أحاديث عذاب القبر و نعيمه:

- ‌المطلب الثاني: سَوْقُ دَعْوَى المعارِض العقليّ على أحاديث عذاب القبر ونعيمه:

- ‌المطلب الثالث: نَقْضُ دعْوَى المعارِض العقلي:

- ‌المبحث الثاني دفع دعوى المعارض العقلي عن أحاديث الميزان

- ‌المطلب الأول: سَوْقُ أحايث الميزان:

- ‌المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارِض العقلي على أحاديث الميزان:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعْوى المعارض العقلي عن أحاديث الميزان:

- ‌المبحث الثالث دفع دَعوى المعارِض العقلي عن أحاديث الصِّراطِ

- ‌المطلب الأول: سَوْق الأحاديث الدَّالة على الصراط:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على أحاديث الصراط:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن أحاديث الصراط:

- ‌المبحث الرابع دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن الأحاديث الدالّة على وجود الجنّة والنّار

- ‌المطلب الأول: سَوْق الأحاديث الدالة على وجود الجنة والنار:

- ‌المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارض العقلي على الأحاديث الدالة على وجود الجنة والنار:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدالة على وجود الجنة والنار:

- ‌المبحث الخامس دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدَّالة على بقاء الجنة والنَّار

- ‌المطلب الأول: سوق الأحاديث الدالة على بقاء الجنة والنار:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على الأحاديث الدالة على بقاء الجنة والنار

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدالة على بقاء الجنة والنار:

- ‌المبحث الأوَّل دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث (احتج آدم وموسى)

- ‌المطلب الأوَّل: سوق حديث (احتج آدم وموسى)

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث: (احتج آدم وموسى عليهما السلام

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث (احتجَّ آدم وموسى عليهما السلام

- ‌المبحث الثَّاني دفْع دَعوى المُعارِض العقلي عن حديث: (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم)

- ‌المطلب الأول: سوق حديث (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم):

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث: (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم)

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث (إنَّ الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم)

- ‌المبحث الثالث دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن حديث: (لا يُدخل أحدًا الجنَّة عمله)

- ‌المطلب الأول: سوق حديث: (لا يُدخل أَحدًا الجنَّة عَملُهُ)

- ‌المطلب الثاني: سَوق دعوى المعارِض العقلِي على حديث: (لا يُدخل أَحدًا الجنَّة عَملُهُ)

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارِض العقلي عن حديث (لا يُدخِل أحدًا الجنَّة عملُه)

- ‌الفصل الأول دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن الأحاديث المتعلّقة بالملائكة والجن والشياطين

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بالملائكة

- ‌المطلب الأول: سوق الأحاديث الدالّة على وجود الملائكة ووجوب الإيمان بهم:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على الأحاديث الدالّة على وجود الملائكة:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدالة على وجود الملائكة:

- ‌المبحث الثاني دَفْع دَعْوى المُعارِض العقلي عن الأحاديث الدالة على وجود الجن والشياطين

- ‌المطلب الأول: سوق الأحاديث الدَّالة على وجود الجن والشَّياطين:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على الأحاديث الدَّالة على وجود الجن والشياطين:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدَّالة على وجود الجن والشياطين:

- ‌الفصل الثاني دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن بقيَّة الأحاديث المتعلّقة بالشيطان

- ‌المبحث الأول دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن حديث: (ما من مولود يولد إلاّ نخسه الشيطان

- ‌المطلب الأول: سَوْق حديث (ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان

- ‌المطلب الثاني: سَوق دعوى المعارض العقلي على حديث (ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان):

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث (ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان):

- ‌المبحث الثاني دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن حديث: (بال الشيطان في أُذنه)

- ‌المطلب الأوَّل: سوق حديث: (بال الشيطان في أُذنه)

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث: «بال الشيطان في أُذُنه»

- ‌المطلب الثالث: دفع المعارض العقلي عن حديث: (بال الشيطان في أُذُنه)

- ‌المبحث الثالث دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن حديث:

- ‌المطلب الأوّل: سَوْق حديث: (إذا سمعتم صياح الدِّيكة فاسألوا الله من فضله .. وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوَّذوا بالله من الشيطان) وحديث: (إذا نودي للصَّلاة أدبر الشيطان وله ضراط

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي عن الحديثين

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث: (إذا سمعتم صياح الدِّيكة فاسألوا الله من فضله .. وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوَّذوا بالله من الشيطان)

- ‌الفصل الثالث دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن الأحاديث المتعلّقة بالرُّؤيا

- ‌المطلب الأوَّل: سوق الأَحاديث المُتعلِّقة بالرُّؤيا:

- ‌المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارض العقلي على أحاديث الرُّؤيا:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن أحاديث الرُّؤيا:

- ‌الفصل الرابع دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن بقية الأحاديث المتعلّقة بالغيبيات

- ‌المبحث الأول دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن الأَحاديث الدالة عن: أنّ شدّة الحرّ وشدّة البرد من النار

- ‌المطلب الأوَّل: سوق الأحاديث الدالة على أن شدة الحر والبرد من النار:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على الأَحاديث الدالة على أنّ شدة الحرِّ والبرد من جهنم:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدالة على أنّ شدة الحر والبرد من جهنم:

- ‌المبحث الثاني دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن حديث سجود الشَّمس تحت العرش

- ‌المطلب الأول: سوق حديث: (سجود الشَّمس تحت العرش)

- ‌المطلب الثاني: سوق المعارض العقلي على حديث: سجود الشَّمس تحت العرش

- ‌المطلب الثالث: دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن حديث سجود الشَّمس تحت العرش

- ‌الخاتمة

- ‌قائمة المراجع

- ‌مُلَخَّص الرِّسالة

الفصل: ‌المطلب الثالث: نقض دعوى المعارض العقلي:

‌المطلب الثالث: نَقْضُ دعْوَى المعارِض العقلي:

والجواب عمّا ادّعَوْهُ من الضرورة العقلية؛ فيما يأتي:

أوّلًا: أهل الإيمان يوقنون بصدْقِ ما أخبر به الشارِع، وأنّه على حقيقته، وأنّه مُحالٌ طروء الكَذِبِ في أخباره. والدلائل العقلية قد انعقدت على صِدْق ما أخبروا به = فوجبَ حَمْلُ ما تضافرتْ عليه النصوص، ودلّت عليه الأخبار من عذاب القَبْر ونعيمه، وحصول السؤال للميت من المَلَكَيْنِ = على الحقيقة. والإيمان بذلك هو من الإيمان بالغيب؛ الذي هو من أخصّ خصائص أهل الإيمان، وهو الفيصل بينهم وبين الكافرين، وهو مدار الابتلاء.

فأهل السُّنَّة ومَن تبعهُم في ذلك: أقَرّوا بهذه الأخبار، وصدّقوها، وأَجْرَوْها على حقائقها، وآمنوا بأنّ لله الحكمة البالغة في ذلك، يفعل ما يشاء، من عقابٍ، ونعيمٍ = فقاعدةُ أهل السنة والجماعة التي فارقوا بها شراذم المبتدعة والضُّلاّل، والتي طردوها في جميع أبواب الدين أصولهِ وفروعِهِ = أنه لا تقوم قدَمُ الإسلام إلاّ على ظَهْرِ التسليم والاستسلام.

ثانيًا: أنه ليس هناك ما يُحيلُ ذلك؛ لا من جهة الدَّلائل النَّقلية، ولا من جهة الدَّلائل العقلية. فعذاب القَبْر ونعيمه ثابتٌ في الأَخْبَارِ، وليس في بدايه العقل ما يدفعه. بل تلك الأخبارُ موافقة لأحكامِه أتمّ الموافقة.

ثالثًا: أنّ دعواهم استحالة حصول العذاب للمقبور، وقد صار جثة هامدةً، أو في حال انتقاض بِنْيَتِه، مع انتفاء الحياة عنه = دعوى لا تخلو إمّا أن يُقصد بها استحالة حصول العذاب للمقبور، ووقوع المساءلة والخطاب؛ في حين أن الحياةَ منتفيةٌ عنه؛ فهذا قد يُسلَّم لهم لدلالة الشَّرعِ على تعلُّق العذاب والنعيم بالرُّوح والبدن.

ص: 528

وإمّا أَن يُراد بها منعُهم حصولَ هذه الحياة للمقبور؛ ليجري عليه العذاب والنعيم، والمساءلة والخطاب =فهذا باطل؛ لأنّ النصوص قد أبانتْ أن الرُّوح تُعاد إلى الميت، فيلزم من ذلك التصديقُ بما وراء ذلك من السؤال والخطابِ، والعذاب والنعيم للمقبور.

والبراهين على حصول هذه الحياة كثيرةٌ:

منها: ما جاء في الصحيحين من حديث أنس عن أبي طلحة، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرَ يوم بدرٍ بأربعةٍ وعشرين رجلًا من صناديد قُريشٍ، فقُذِفوا في طَوِيِّ من أطواءِ بدرٍ خبيثٍ مُخْبِثٍ. وكان إذا ظهر على قومٍ أقامَ بالعَرصة ثلاثَ ليالٍ، فلمّا كان يوم بدرٍ اليومُ الثالثُ أمرَ براحلتِهِ، فشُدَّ عليها رحلُها، ثم مشى وتبعه أصحابُه، وقالوا: ما نُرى ينطلِق إلاّ لبعض حاجتِه، حتّى قام على شَفَةِ الرَّكيِّ، فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم:(يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان، أيَسُرّكم أنكم أطعتم الله ورسولَه؟ فإنّا قد وجدنا ما وعدنا ربُّنا حقًّا، فهل وجدتم ما وعد ربُّكم حقًّا؟) قال: فقال عُمَرُ: يا رسول الله، ما تُكلِّم من أجْسادٍ لا أرواح لها؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسْمَعَ لما أقولُ منهم) قال قتادةُ: أحياهم الله حتى أسْمَعَهم قولَه؛ توبيخًا، وتصغيرًا، ونَقِيمَةً، وحسْرةً، وندمًا)

(1)

.

فقول قتادة راوي الحديث: (أحياهم الله حتى أسمعَهم قولَه

) فيه دليلٌ على حصول السماع لأهل القليب، وأنّ ذلك بعد عودة الرُّوح للبدن.

فإن قيل: هذه دعوى منكم يُبْطِلُها استشكالُ عُمَرَ رضي الله عنه، حين قال:

(1)

أخرجه البخاري، كتاب المغازي، باب:"قتل أبي جهل"(5/ 76 - رقم [3976]) ومسلم مختصرا في: كتاب"الجنَّة وصفة نعيمها"باب"عرض مقعد الميت من الجنَّة أو النَّار عليه"(4/ 2204 - رقم [2875]) .

ص: 529

يا رسول الله، ما تُكلِّمُ من أجسادٍ لا أرواح لها؟ وانصراف النبي صلى الله عليه وسلم عن الجواب عن سؤاله إلى قوله:(ما أنتم بأسمع لما أقول منهم) = حجّة واضحة على إقراره لعُمَرَ على أن هذه الأجساد لا حياة فيها.

فيقال: إنّ جواب النبي صلى الله عليه وسلم لعُمَرَ حين استشكل سماع أهل القليب؛ لظنّه أن تلك الأجساد لا حياة فيها = بقوله: (ما أنتم بأسمع لما أقول منهم) يتحصّل منه أمران:

الأول: الردّ على عمر رضي الله عنه فيما توهّمه من عدم عودة الرُّوح لتلك الأجساد.

الثاني: بيان أنّهم أسمَعُ للخطاب من الأحياء؛ لكون تلك الحياة تختلف عن الحياة في الدنيا.

سَلَّمْنا أنّ الأمر محتملٌ، والحديث لا يدلّ دلالةً قاطعةً على المراد، وأن هذا مُؤَدَّى اجتهادٍ وفَهْمٍ فَهِمَه الرَّاوي = لكن لا يمنع أنّ اجتهادَه مؤسَّس على النصّ الذي هو قاطعٌ في دلالته على المقصود؛ وهو حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازةِ رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القَبْر ولَمَّا يُلحَد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجلسْنا حولَه وكأنّ على رءوسنا الطيرَ، وفي يدِه عودٌ ينكت في الأرض، فرفع رأسه فقال:(استعيذوا بالله من عذاب القَبْر - مرّتين أو ثلاثًا -) ثم قال: (إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء، بيضُ الوجوه

) الحديث. والشاهد فيه قوله بعد ذلك: (فتُعادُ روحه في جسده، فيأتيه ملَكَان، فيُجلسانه، فيقولان له: مَن ربك؟

) الحديث

(1)

(1)

أخرجه أحمد في مسنده (18063) وقال الهيثمي في"مجموع الزوائد"(3/ 50): رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. وحسَّنه شيخُ الإسلام ابن تيمية في"حكم أهل القبور"(13) .

ص: 530

قال الإمام ابن القيم رحمه الله معلِّقًا على هذا الحديث: (فقد كفانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر هذه المسألة، وأغنانا عن أقوال الناس؛ حيث صرّح بإعادة الرُّوح إليه)

(1)

.

ومَنْعُ أبي محمد ابن حزمٍ رحمه الله من عودة الرُّوح إلى جسد الميت، يحتمِلُ حقًّا وباطلًا.

فأمّا الحقُّ: فامتناعُ عودة الحياة المعهودة في الدنيا إلى البدن، تلك العودة التي تُدبِّرُ فيها الرُّوح البدنَ، وتحتاج معها إلى طعامٍ وشراب = فالعودةُ بهذا المعنى خطأٌ، كما قال.

وأمّا المعنى الباطل الذي يحتمله كلامه =فمنْعُه من إعادة الرُّوح إلى البدن إعادةً غير الإعادة المألوفة في الدنيا؛ ليجري للميت السؤال والامتحان. = فهذه الإعادة حقّ. والدليل أَبانَ عن ذلك، والعقلُ لا يُحِيلُه. ومنْعُ ابنِ حزْم لها خطأٌ، ولا رَيْب

(2)

.

وقد أورد الإمام ابنُ رجب رحمه الله آثارًا كثيرةً عن السَّلف، تشهدُ لحديث البراء بن عازب رضي الله عنه، وأعقَب ذلك بقوله: (فهؤلاء السلف كلهم صرّحوا بأن الرُّوح تُعاد إلى البدن عند السؤال، وصرّح بمثل ذلك طوائفُ من الفقهاء والمتكلّمين من أصحابنا وغيرهم؛ كالقاضي أبي يعلى، وغيره. وأنكر ذلك طائفةٌ؛ منهم: ابن حزم، وغيره. وذكر أن السؤال للروح خاصّة، وكذلك سماع الخطاب، وأنكر أن تعاد الرُّوح للجسد في القَبْر؛ للعذاب، وغيره.

وقالوا: لو كان ذلك حقًّا لَلَزِم أن يموت الإنسان ثلاث مرات، ويحيا ثلاث مرات، والقُرآن دلّ على أنهما موتتان وحياتان

(3)

= وهذا

(1)

"الرُّوح"(61) .

(2)

المصدر السابق (64) .

(3)

يشيرون إلى قوله تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} غافر: 11.

ص: 531

ضعيفٌ جِدًّا؛ فإن حياة الرُّوح ليست حياة تامّةً مستقلّة كالحياة الدنيا، كالحياة الآخرة بعد البعث، وإنّما فيها نوع اتصالٍ بالبَدَنِ، بحيث يحصل شعور للبدن، وإحساس بالنعيم والعذاب، وغيرهما. وليس هو حياة تامّةً؛ حتى يكون انفصالُ الرُّوح به موتًا تامًّا، وإنما هو شبيهٌ بانفصال روح النائم عنه، ورجوعها إليه؛ فإن ذلك يُسمّى موتًا وحياةً)

(1)

.

وأما اشتراط سلامة البِنْيَةِ وعدم انتقاضها، ليصح حلول الرُّوح فيها = فهذا مدفوعٌ، ولا يُسلَّم لهم. من وجهين:

الأول: أنّ البِنْيَةَ لا تنتقض بالموت نفسه، فقد يبقى بعضُ الموتى في قبورهم على بِنْيتِهم زمانًا، ولا يتغير حالهم. وقد ثبتَ النصّ بتخصيص بعضهم بذلك؛ كالأنبياء عليهم السلام، للحديث الثابت من حديث أَوْس بن أَوس رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثِروا عليّ من الصلاة فيه، فإنّ صلاتكم معروضةٌ عليّ) قال: فقالوا: يا رسول الله، وكيف تُعرَضُ صلاتُنا عليكَ وقد أَرمْتَ؟ قال: يقولون: بَلِيْتَ. قال: (إنّ الله تبارك وتعالى حرّم على الأرضِ أجسادَ الأنبياء)

(2)

. والشهداءُ؛ على قولٍ لبعض أهل العلم

(3)

.

الثاني: إنّه وإن انتقضت بعض البنية؛ فلا يمنع هذا الانتقاض من

(1)

"أهوال القبور"(152 - 153) .

(2)

أخرجه أبو داود في السنن، كتاب الصلاة، باب: الاستغفار (2/ 124 رقم [1531]) والنسائي في"السُّنن" كتاب"الجمعة"،باب"إكثار الصلاة على النبي يوم الجمعة"(3/ 91)،وابن ماجه في: كتاب"إقامة الصلاة"، باب"في فضل الجمعة" (2/ 8 رقم [1085]) والحاكم في مستدركه (1/ 278) وقال عنه:(هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يُخرِجاه)،وصحَّحه النَّووي في "الأَذكار"(210)،وابن قيِّم الجوزيَّة في "جلاء الأَفهام"(150)، والألباني في "صحيح سنن أَبي داود"(1/ 290) .

(3)

انظر:"التذكرة"للقرطبي (1/ 415)،و "مشارع الأشواق" لابن النّحاس (2/ 700 - ومابعدها)، والتمهيد (6/ 328) .

ص: 532

حلول الرُّوح بالباقي من بدن الميت، ولهذا فإِنَّه من المشاهَد قطع يدي الحيوان ورجليه، وهو حيّ

(1)

.

وقد عقد الإمام البيهقي رحمه الله بابًا في كتابه «إثبات عذاب القبر» وَسَمَه بِـ "باب جواز الحياة في جزءٍ منفرد، وأن البنية ليست من شرط الحياة، كما أنها ليست من شرط الحيّ، وفي ذلك جواز تعذيب الأجزاء المتفرقة "

(2)

. فالله قادرٌ على كلّ شيء {إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)} يس: 82

فمَنْ منع من ذلك فيتجه النظر معه إلى إقامة الدَّلائل على كمال قُدرة الرب تبارك وتعالى، فإنّ مَنْ خلق الإنسان، ونفخ فيه الرُّوح، قادرٌ على إعادة الرُّوح إلى جميع البدن، وإلى بعض أجزائه، وكلاهما في متعلق قدرة الرب سواء.

[بطلان دعوى أحالة الضرورة الحسية]

وأما البرهان على بُطلان استنادِهم إلى ما ادّعوا أنّه من الضرورة الحسية = فيُجمَل في القضايا التالية:

القضيَّة الأولى: أن إنكار المنكِر باستناده إلى هذه الدعوى = نابعٌ عن جهْله بحقيقة نفسه، وحقيقة الدَّلائل الشرعية. فأمّا جهله بحقيقة نفسه = فوجْهُه أن ما وهبه الله تعالى له من نعمة الحواس مناسبٌ لضعفه، وعجزه، فكانت حواسّه على قدْره في الخَلق، ومهما جاهد الإنسانُ للبلوغ بها إلى حدٍّ يفوق طبيعتها البشرية المتّصفة بالنقص والعجز = فَلنْ يُفْلح. لأن هذا قَسْمُه الذي اختاره الله له. وهذا القَسْم والخلقة جارية على مقتضى حكمة الله تبارك وتعالى، العالِم بوجوه المصالح، وأَفنان الخيور.

فكم من أمرٍ محسوسٍ يجري بين يدي العبد، وحواسّه تعجزُ عن دركه والإحاطة بِكُنْهِهِ.

(1)

"الإيضاح" لابن الزَّاغوني (561) .

(2)

"إثبات عذاب القَبْر"(70) .

ص: 533

فإن قيل: كيف يكون محسوسًا، وحواسُّنا تعجزُ عن إدراكِه؟ فإن ذلك تناقضٌ؛ إذْ نتيجةُ ذلك = أن تلك الأمور محسوسة، وهي غير محسوسة!!

فالجواب: ليس ثَمَّة تناقض؛ لأن كونَها محسوسة مبنيٌّ على كونها موجودة، وكل موجود محسوس. والمراد بقولنا: أنّ كلّ موجودٍ محسوسٌ = أي: من شأنِه أن يُحَسّ، فالإمكانُ غير متعذّر، مادام هو موجودٌ؛ لا أنَّ الإحساس به يتحصّل الآن أو في كل وقت. وأمّا برهان وجود تلك الأمور التي يعجز المرء عن الإحساس بها، إدْراكُنا لآثارها، وإحساسُنا بها، والعقل يتجه إلى تطلُّب المؤثر، والمسبّب، والعلّة؛ وهذا هو مقتضى البدهيّات العقلية.

وأمّا جَهْلُه بالحقائق الشرعية؛ فإن الحقيقة الشرعية دلّت على أن الإنسان مركّب من نفسٍ وبدن، وانقسام الدُّورِ إلى ثلاثٍ: دار الدنيا، ودار البَرْزَخ، ودار القرار. ولكل واحدةٍ من هذا الدور لها أحكامها التي تختصّ بها عن غيرها.

فالله تعالى جعل أحكام الدنيا على الأبدان، والأرواحُ تبع لها؛ ولذا أناط الأحكام الشرعية على ما يظهر من اللسان والجوارح، وإنْ أضْمرت النفوسُ خلافَه.

وجعل أحكام البَرْزَخ على الأرواح، والأبدانُ تبع لها، وتجري أحكامُه على الأرواح، فتسري على الأبدان؛ نعيمًا، أو عذابًا بحسَب تعلُّقها به

(1)

.

وجعل أحكام دار القرار على الأرواح والأبدان معًا.

فمَنْ مَاثَل بين هذه الدُّور في الأحكام، وساوى بينها، فقدْ خالَف

(1)

انظر: "الرُّوح" لابن القيم (92) .

ص: 534

مقتضى البراهين الشرعية، والدلائل العقلية؛ إذْ العقل - المنوّرُ بنور الله - يمنعُ من الجمع بين المُختلفات، كما أنّه يأبى التفريق بين المتماثلات.

فإذا عُلِم اختلافُ الدُّور، واختلافُ أحكامها = زالَ الإشكال، وانقشعت حُجُب الحيرة، واستبان له (أنّ النار التي في القَبْر، والخُضرةَ؛ ليست من نار الدنيا، ولا زرع الدنيا، وإنّما هي من نار الآخرة، وخُضْرتِها. وهي أشدّ من نار الدنيا، فلا يحس بها أهل الدنيا؛ فإن الله يحمي عليه ذلك التراب والحجارة من تحته، حتى تكون أعظم حَرًّا من جمر الدُّنيا، ولو مَسَّها أهل الدنيا لم يحسوا بذلك. وقُدرة الرب تعالى أوسعُ وأعجبُ من ذلك، وقد أرانا الله من آيات قُدرته في هذه الدار ما هو أعجب من ذلك بكثير)

(1)

.

ومن قدرة الله تبارك وتعالى أنْ صرَفَ أبصارنا وأسماعنا عن إدراك ما يحصل للمدفونين؛ رحمةً بعباده، لعلمه تبارك وتعالى أن قُدَرَهم لا تثبت على رؤية العذاب وسماعه، واختبارًا لهم؛ إذْ لو كان الغيبُ شهادةً لآمَن كل الناس، ولزال أصل الجزاء، ولما حصل التمايُز بين المؤمنين والكافرين.

وإذا كان في مقدور الإنسان أن يضع بين عيني الميت الزئبقَ، وعلى صدره الدخن، ثم يُضجعُه، ويردّ الزئبق والدُّخن إلى مكانهما. وكان في مقدوره كذلك: أن يعمّق القَبْر، ويوسعه؛ حتى يُقام الميتُ فيه قيامًا، فضلًا عن القعود = فإنَّ الربّ تبارك وتعالى (أبْسَط منّا قُدرةً، وأوسعُ منّا قوّةً، وأسْرع فعلًا، وأحصى حسابًا {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)} يس. ولا ربَّ لمن يدّعي الإسلامَ إلاّ مَنْ هذه صفتُه. فإذا كشفنا عن ذلك ردّ الله سبحانه الأمرَ على ما كان)

(2)

.

(1)

المصدر السابق (96) .

(2)

"التذكرة" للقرطبي (1/ 372) .

ص: 535

وليس من المُحال أيضًا أن يحصُل العذابُ والنعيم للميت الذي لم يُوَارَ في رَمْسِهِ، وأن يأتيه الملكان فيسألانِه، من غير أن يسمع أو يشاهدَ مَنْ بِحضْرته سؤالهما وجوابَه.

فهذا جبريل كان ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوحي، والصحابة حوله، وبجواره، فلا يسمعون، ولا يرون من ذلك شيئًا.

ومَثَلُ ما يحصل للميتِ مثلُ يحصُل للنائم في منامِه؛ من العذاب، أو النعيم الذي يشعر به، ولا يشعر به مَن حوله. مع لَحْظِ البون الشاسع الذي بينهما.

والذي ينعقد القلبُ عليه: أنّ ما يجري للميت من صنوف العذاب والنعيم؛ ليس من جنس المعهود في هذا العالَم. يقول الإمام ابن القيم رحمه الله:

(وسرّ المسألة: أنّ الضيق، والإضاءة، والخُضرة، والنار؛ ليس من جنس المعهود في هذا العالَم. والله سبحانه إنَّما أشْهد بني آدم في هذه الدّار ما كان فيها ومنها، فأمّا ما كان من أمر الآخرة فقد أسبل عليهم الغطاء؛ ليكون الإقرارُ به، والإيمان به سببًا لسعادتهم)

(1)

.

(1)

الرُّوح (103) . وانظر: "الإيضاح" لابن الزاغوني (564)،و "القبس "لابن العربي (1/ 385)،و" كشف المُشكِل" لابن الجوزي (2/ 85)،و" فتح الباري "لابن حجر (3/ 301)،و "إثبات عذاب القَبْر" للبيهقي (76) .

ص: 536