المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدالة على وجود الجن والشياطين: - دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بمسائل الاعتقاد

[عيسى النعمي]

فهرس الكتاب

- ‌بصائر

- ‌تقريظ فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن صالح المحمود حفظه الله تعالى

- ‌المقدمة

- ‌ أَهمية الموضوع ، ودوافعُ اختياره:

- ‌ خطة البحث

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأوَّل مفهوم المعارض العقلي المُدَّعى مُناقضته للنُّصوص الشرعية

- ‌المبحث الثاني ظاهر النص الشرعي بين القراءة العصين والقراءة النسقية

- ‌المبحث الثالث تقويض النظرة الاختزالية للسُّنَّة النبوية

- ‌المبحث الرَّابع تزييف دعوى استناد الصحابة رضي الله عنهم إلى المعقول المتمحض في محاكمة النُّصوص

- ‌الفصل الأولدَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عنالأحاديث المتعلّقةِ بحقيقة الإيمان والشفاعة

- ‌المبحث الأولدفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلّقة بحقيقة الإيمان

- ‌المطلب الأول: سَوْق الأحاديث المُدَّعى معارَضتُها للعقل:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على الأَحاديث المتعلقة بحقيقة الإِيمان:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلِّقة بحقيقة الإِيمان

- ‌المبحث الثانيدفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلّقة بالشفاعة

- ‌المطلب الأول: سوق أحاديث الشفاعة

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على أحاديث الشفاعة:

- ‌المطلب الثَّالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن أحاديث الشفاعةِ

- ‌الفصل الثانيدَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عنالأحاديث المتعلّقةِ بتوحيد العبادة

- ‌مبحث:دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث: (لا تُشدّ الرّحال)

- ‌المطلب الأول: سَوْق حديث: (لا تُشدّ الرحال

- ‌المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارِض العقلي عن حديث (لا تُشدّ الرحال)

- ‌المطلب الثالث: دفْع المعارِض العقلي عن حديث (لا تُشدّ الرحال

- ‌الفصل الأول دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن الأحاديث المتعلّقةِ بعصمة الأنبياء

- ‌المبحث الأول دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: سوق ألأحاديث الدالة على سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثَّاني: سوق دعوى المعارض العقلي على أحاديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثَّالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن أحاديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثَّاني دفع دعوى المعارض العقلي عن حديثي شقِّ صدر النبي صلى الله عليه وسلم، وإسلام شيطانه

- ‌المطلب الأوّل: سوق حديثي شقِّ صدر النبي صلى الله عليه وسلم، وإسلام شيطانه

- ‌المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارِض العقلي على حديثَيْ شقّ صدر النبي صلى الله عليه وسلم وإسلام شيطانه

- ‌المبحث الثّالث دفع المعارض العقلي عن حديث (لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات)

- ‌المطلب الأول: سوق حديث (لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات):

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث (لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات)

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث (لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات)

- ‌المبحث الثالث دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث لطم موسى لملك الموت عليه السلام

- ‌المطلب الأوّل: سوق حديث لطم موسى عليه السلام لملك الموت

- ‌المطلب الثَّاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث لطم موسى عليه السلام لملك الموت

- ‌المطلب الثَّالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث لطم موسى عليه السلام لملك الموت

- ‌الفصل الثاني دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن الأحاديث المتعلّقةِ بآيات وبراهين الأنبياء

- ‌المبحث الأول دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بالآيات الحسِّيّة للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثانيدَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن أحاديث انشقاق القمر

- ‌المطلب الثاني: سَوْقُ دعوى المُعارِض العقلي على أحاديث انشقاق القمر:

- ‌المطلب الثالث: دفْع دعوى المعارِض العقلي عن أحاديث انشقاق القمر:

- ‌المبحث الثالثدَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن أحاديث الإسراء والمعراج

- ‌المطلب الأول: سَوْق أحاديث الإسراء والمعراج

- ‌المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارِض العقلي على أحاديث الإسراء والمعراج

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارِض العقلي عن أحاديث الإسراء والمعراج:

- ‌المبحث الرابع دفع دعوى المعارض العقلي عن حادثة (سوخ قدمي فرس سراقة بن مالك رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: سَوْقُ حديث سُراقة بن مالك رضي الله عنه

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حادثة "سوخ قدمي فرس سراقة بن مالك

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حادثة "سوخ قدمي فرس سراقة بن مالك رضي الله عنه

- ‌الفصل الثالث دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بعموم البعثة

- ‌مبحث دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدالة على اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم.بعموم البعثة

- ‌المطلب الأول: سَوْق الأحاديث الدالّة على اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بعموم البعثة:

- ‌المطلب الثاني: سَوْقُ دعوى المُعارِض العقلي على الأحاديث الدَّالة على اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بعموم البعثة:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المُعارِض العقلي عن الأحاديث الدالة على اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بعموم البعثة:

- ‌الفصل الأول دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن أحاديث أشراط السَّاعة

- ‌المبحث الأول دفع دعوى المعارض العقلي عن عموم أحاديث أشراط السَّاعة

- ‌المطلب الأول: سَوْقُ الأحاديث الدّالة على عموم أشراط السَّاعة:

- ‌المطلب الثاني: سوق المعارض العقلي على عموم أحاديث أشراط السَّاعة:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي على عموم أحاديث أشراط السَّاعة:

- ‌المبحث الثَّاني دفع المعارض العقلي عن أحاديث المسيح الدجّال

- ‌المطلب الأول: سوق الأحاديث المتعلِّقة بالدجَّال:

- ‌المطلب الثَّاني: سَوْق دعوى المعارض العقلي على الأحاديث المتعلِّقة بالدجال:

- ‌المطلب الثَّالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المُتعلقة بالدجال:

- ‌المبحث الثالث دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث الجسّاسة

- ‌المطلب الأول: سوق حديث الجساسة:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث الجسّاسة:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث الجساسة:

- ‌المبحث الرابع دفع المعارض العقلي عن أَحاديث نزول المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام

- ‌المطلب الأول: سوق الأحاديث الدالة على نزول المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام

- ‌المطلب الثاني: سوق المعارضات العقلية المدعاة على أحاديث نزول عيسى عليها السلام

- ‌المطلب الثالث: نقض دعوى المعارض العقلي على أحاديث نزول عيسى عليها السلام

- ‌الفصل الثاني دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن الأحاديث المتعلّقة باليوم الآخر

- ‌المبحث الأوَّل دَفْعُ المُعارِضِ العقلِيّ عن أحاديثِ عَذَابِ القَبْر ونَعيمِهِ

- ‌المطلب الأوَّل: سوق أحاديث عذاب القبر و نعيمه:

- ‌المطلب الثاني: سَوْقُ دَعْوَى المعارِض العقليّ على أحاديث عذاب القبر ونعيمه:

- ‌المطلب الثالث: نَقْضُ دعْوَى المعارِض العقلي:

- ‌المبحث الثاني دفع دعوى المعارض العقلي عن أحاديث الميزان

- ‌المطلب الأول: سَوْقُ أحايث الميزان:

- ‌المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارِض العقلي على أحاديث الميزان:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعْوى المعارض العقلي عن أحاديث الميزان:

- ‌المبحث الثالث دفع دَعوى المعارِض العقلي عن أحاديث الصِّراطِ

- ‌المطلب الأول: سَوْق الأحاديث الدَّالة على الصراط:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على أحاديث الصراط:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن أحاديث الصراط:

- ‌المبحث الرابع دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن الأحاديث الدالّة على وجود الجنّة والنّار

- ‌المطلب الأول: سَوْق الأحاديث الدالة على وجود الجنة والنار:

- ‌المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارض العقلي على الأحاديث الدالة على وجود الجنة والنار:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدالة على وجود الجنة والنار:

- ‌المبحث الخامس دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدَّالة على بقاء الجنة والنَّار

- ‌المطلب الأول: سوق الأحاديث الدالة على بقاء الجنة والنار:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على الأحاديث الدالة على بقاء الجنة والنار

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدالة على بقاء الجنة والنار:

- ‌المبحث الأوَّل دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث (احتج آدم وموسى)

- ‌المطلب الأوَّل: سوق حديث (احتج آدم وموسى)

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث: (احتج آدم وموسى عليهما السلام

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث (احتجَّ آدم وموسى عليهما السلام

- ‌المبحث الثَّاني دفْع دَعوى المُعارِض العقلي عن حديث: (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم)

- ‌المطلب الأول: سوق حديث (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم):

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث: (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم)

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث (إنَّ الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم)

- ‌المبحث الثالث دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن حديث: (لا يُدخل أحدًا الجنَّة عمله)

- ‌المطلب الأول: سوق حديث: (لا يُدخل أَحدًا الجنَّة عَملُهُ)

- ‌المطلب الثاني: سَوق دعوى المعارِض العقلِي على حديث: (لا يُدخل أَحدًا الجنَّة عَملُهُ)

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارِض العقلي عن حديث (لا يُدخِل أحدًا الجنَّة عملُه)

- ‌الفصل الأول دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن الأحاديث المتعلّقة بالملائكة والجن والشياطين

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بالملائكة

- ‌المطلب الأول: سوق الأحاديث الدالّة على وجود الملائكة ووجوب الإيمان بهم:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على الأحاديث الدالّة على وجود الملائكة:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدالة على وجود الملائكة:

- ‌المبحث الثاني دَفْع دَعْوى المُعارِض العقلي عن الأحاديث الدالة على وجود الجن والشياطين

- ‌المطلب الأول: سوق الأحاديث الدَّالة على وجود الجن والشَّياطين:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على الأحاديث الدَّالة على وجود الجن والشياطين:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدَّالة على وجود الجن والشياطين:

- ‌الفصل الثاني دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن بقيَّة الأحاديث المتعلّقة بالشيطان

- ‌المبحث الأول دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن حديث: (ما من مولود يولد إلاّ نخسه الشيطان

- ‌المطلب الأول: سَوْق حديث (ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان

- ‌المطلب الثاني: سَوق دعوى المعارض العقلي على حديث (ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان):

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث (ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان):

- ‌المبحث الثاني دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن حديث: (بال الشيطان في أُذنه)

- ‌المطلب الأوَّل: سوق حديث: (بال الشيطان في أُذنه)

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث: «بال الشيطان في أُذُنه»

- ‌المطلب الثالث: دفع المعارض العقلي عن حديث: (بال الشيطان في أُذُنه)

- ‌المبحث الثالث دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن حديث:

- ‌المطلب الأوّل: سَوْق حديث: (إذا سمعتم صياح الدِّيكة فاسألوا الله من فضله .. وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوَّذوا بالله من الشيطان) وحديث: (إذا نودي للصَّلاة أدبر الشيطان وله ضراط

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي عن الحديثين

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن حديث: (إذا سمعتم صياح الدِّيكة فاسألوا الله من فضله .. وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوَّذوا بالله من الشيطان)

- ‌الفصل الثالث دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن الأحاديث المتعلّقة بالرُّؤيا

- ‌المطلب الأوَّل: سوق الأَحاديث المُتعلِّقة بالرُّؤيا:

- ‌المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارض العقلي على أحاديث الرُّؤيا:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن أحاديث الرُّؤيا:

- ‌الفصل الرابع دَفْعُ دَعْوَى المُعَارِضِ العَقْلِيِّ عن بقية الأحاديث المتعلّقة بالغيبيات

- ‌المبحث الأول دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن الأَحاديث الدالة عن: أنّ شدّة الحرّ وشدّة البرد من النار

- ‌المطلب الأوَّل: سوق الأحاديث الدالة على أن شدة الحر والبرد من النار:

- ‌المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على الأَحاديث الدالة على أنّ شدة الحرِّ والبرد من جهنم:

- ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدالة على أنّ شدة الحر والبرد من جهنم:

- ‌المبحث الثاني دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن حديث سجود الشَّمس تحت العرش

- ‌المطلب الأول: سوق حديث: (سجود الشَّمس تحت العرش)

- ‌المطلب الثاني: سوق المعارض العقلي على حديث: سجود الشَّمس تحت العرش

- ‌المطلب الثالث: دَفْع دَعوى المعارِض العقلي عن حديث سجود الشَّمس تحت العرش

- ‌الخاتمة

- ‌قائمة المراجع

- ‌مُلَخَّص الرِّسالة

الفصل: ‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدالة على وجود الجن والشياطين:

‌المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدَّالة على وجود الجن والشياطين:

أمّا الجواب عن الاعتراض الأول؛ فيقال: قد ثبت وجود الجن ثبوتًا ضروريًّا، لا ينكره إلا مكابر. وقد سبق الكشف عن وجه هذه الضرورة. وكيفيَّةُ الجنِّ حقيقةٌ مغيَّبة عن شهود حواسّنا لها، لكن دلّ السمع الذي شهد العقل بصدقه على أن للجنّ أَجسامًا لطيفةً. والإقرار بذلك لا يبطله زعم المنكرين أنّه لو كانوا أجسامًا لطيفة؛ يلزم من ذلك أمران: أن يتمزّقوا عند هبوب الرياح القوية، وألَّا يكون لهم قدرة على الأعمال الشَّاقة = لأَنَّ هذا الزّعم معارَض بمثله. وبيان ذلك أن هؤلاء يقرّون أن الرّياح العاصفة القوية ليست أجسامًا كثيفةً، ومع لَطافَتِها إلا أنّه ثبت بالضَّرورة الحسّية تَدميرها للقرى والمساكن، وإهلاكها للحرث والنَّسل. وقد أضاف الله تبارك وتعالى إليها شيئا من ذلك في كتابه، فقال عز وجل:{فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25)} الأحقاف.

فإذا كانت هذه القدرة حاصلة للريح -بإذن الله-، مع لطافتها؛ فما وجْه المنع من حصولها للجنّ مع تحقُّق ذلك لها بالأدلة الشرعية؟

وها هم الفلاسفة يثبِتون أنّ النار التي تنفصل عن الصواعق تنفُذ في اللّمحة اللّطيفة إلى بواطن الأشجار والحديد، وتخرج من الجانب الآخر

(1)

. فلم تكن لَطَافةُ النَّارِ حائلةً دون نفوذها في الأجسام الكثيفة،

(1)

انظر: "مفاتيح الغيب"(1/ 82).

ص: 718

ولا سببًا في تمزّقها وتبدُّدها. فإذا ثبت ذلك للنار؛ فلِمَ يُمنع أن يقع ذلك للجن، مع لحْظ أن مادة خلقها منها؟

وأمّا الجواب عن الاعتراض الثاني، فيقال: إنه لا يُسلّم لزوم حصول العداوة، أوالصداقة، بمجرّد المخالطة. فإنّ العداوة والصداقة ليستا من قبيل السَّلب والإيجاب اللّذَيْن يمتنعُ ارتفاعُهما معًا، واجتماعهما معًا؛ بل هما ضدّانِ.

والأدلة الشرعية النَّقليَّة والحسيَّة تقضي بحصول أحوالٍ من الإلف أو العداوة والتسلط بالإيذاء من قِبَل الجنّ على الإنس. وهذا أمرٌ مستقرّ معلومٌ. وقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي السائب، أنه دخل على أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في بيته، قال:(فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي، فَجَلَسْتُ أَنْتَظِرُهُ حتى يَقْضِيَ صَلَاتَهُ، فَسَمِعْتُ تَحْرِيكًا في عَرَاجِينَ في نَاحِيَةِ الْبَيْتِ، فَالْتَفَتُّ فإذا حَيَّةٌ، فَوَثَبْتُ لِأَقْتُلَهَا، فَأَشَارَ إليّ أَنْ اجْلِسْ، فَجَلَسْتُ. فلمَّا انْصَرَفَ أَشَارَ إلى بَيْتٍ في الدَّارِ فقال: أَتَرَى هذا الْبَيْتَ؟ فقلت: نعم. قال: كان فيه فَتًى مِنَّا حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ. قال: فَخَرَجْنَا مع رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى الْخَنْدَقِ، فَكَانَ ذلك الْفَتَى يَسْتَأْذِنُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَنْصَافِ النَّهَارِ، فَيَرْجِعُ إلى أَهْلِهِ. فَاسْتَأْذَنَهُ يَوْمًا، فقال له رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (خُذْ عَلَيْكَ سِلَاحَكَ، فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْكَ قُرَيْظَةَ) فَأَخَذَ الرَّجُلُ سِلَاحَهُ، ثُمَّ رَجَعَ؛ فإذا امْرَأَتُهُ بين الْبَابَيْنِ قَائِمَةً، فَأَهْوَى إِلَيْهَا الرُّمْحَ لِيَطْعنَهَا بِهِ، وَأَصَابَتْهُ غَيْرَةٌ، فقالت له: اكْفُفْ عَلَيْكَ رُمْحَكَ، وَادْخُل الْبَيْتَ حتى تَنْظُرَ ما الذي أَخْرَجَنِي، فَدَخَلَ فإذا بِحَيَّةٍ عَظِيمَةٍ مُنْطَوِيَةٍ على الْفِرَاشِ، فَأَهْوَى إِلَيْهَا بِالرُّمْحِ، فَانْتَظَمَهَا بِهِ، ثُمَّ خَرَجَ فَرَكَزَهُ في الدَّارِ، فَاضْطَرَبَتْ عليه، فما يُدْرَى أَيُّهُمَا كان أَسْرَعَ مَوْتًا: الْحَيَّةُ، أَمْ الْفَتَى؟ قال: فَجِئْنَا إلى رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرْنَا ذلك له، وَقُلْنَا: ادْعُ اللَّهَ يُحْيِيهِ لنا.

فقال:

ص: 719

(اسْتَغْفِرُوا لِصَاحِبِكُمْ) ثُمَّ قال: (إِنَّ بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قد أَسْلَمُوا، فإذا رَأَيْتُمْ منهم شيئًا فَآذِنُوهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذلك فَاقْتُلُوهُ، فَإِنَّمَا هو شَيْطَانٌ)

(1)

.

فتبيّن من هذا الحديث أن الجنّ قد يبلغ أذاها إلى القتل. والبراهين على وقوع الأذى أو النفع من الجنّ للإنس كثيرة، والمنصف يقنع بما سبق ذِكره.

والجواب عن الاعتراض الثالث؛ وهو دعواهم: أن طريق إثبات وجود الجنّ إما الحِسّ، وإما الخبر

إلخ.

فيقال: صِدْق النتيجة مرهون بصدق المقدّمات، والمقدمة لم تصدق = فالنتيجة إذن باطلةٌ. وبيان ذلك: أنّه لا يُسلّم لهم بأن الحِسّ لم يدلّ على وجودهم؛ لأن الضَّرورةَ الحسيَّة تقْضي بوجودهم؛ إمّا من جهة معاينة آثارهم، أو من شهود الحسّ لهم مباشرةً، بسماع أصواتهم. والوقائع في ذلك قد استفاضت استفاضةً أغنتْ عن كلّ إسناد؛ فهي من العلم العامّ الذي يقطع العاقل بصدقها.

وكذلك رؤيتهم، فقد صحّ أن النبي صلى الله عليه وسلم رآهم. ورآهم أيضًا بعض أصحابه رضي الله عنهم؛ كأبي هريرة رضي الله عنه عندما وكّله النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة

(2)

. سواءً كانت الرؤية بصورهم التي خلقهم الله عليها - وهذا جائز أن يقع للنبي صلى الله عليه وسلم، أو كانت الرؤية لهم في حال تمثُّلِهم. وأيًّا ما كان؛ فالرؤية ليست منتفيةً عن جميع الخلق؛ كما جاء في الدعوى.

(1)

أخرجه مسلم في: كتاب "السلام" باب "قتل الحيّات وغيرها "(4/ 1756 - رقم [2236]) .

(2)

أخرجه البخاري في: كتاب "الوكالة"، باب " إذا وكّل رجلًا فترك الوكيل شيئًا فأجازه"(455 - رقم [2311]) .

ص: 720

فإن قيل: لو كانت الرُّؤية متحقّقة في بعض الأَحوال؛ فلِمَ لا تكون كذلك في جميع الأحوال؟

والجواب: أَنَّ من حكمة الحكيم العليم أن يبتلي عباده بأمر الجنّ، ليتحقّق الجزاء على الإيمان بهذا الواقع المغيّب، أو عدمه. وانتفاء الرُّؤيةِ في كل حال لا يلزم منه انتفاء الوجود؛ فإنَّ للبصر خاصيَّتَه التي ركّبها الله فيه؛ مِن أنّه لا يُدرك إلا الألوان، وما ليس له لون فلا يُدرِكه. فليس عجْزُه عن إدراك ما لا يتّصف باللَّونيَّة بقاضٍ على انتفاءِ وجوده. فالهواء مثلًا حقيقةٌ موجودةٌ، لا يشكُّ العقلاءُ في وجوده، ومع ذلك فإنّه لا يقع للبصر إدراكه؛ لانتفاء اللونيَّةِ عنه = فعُلِم بذلك أن وجود الأشياء ليس تابعًا لإدراك البصر لها، فضلًا عن إدراك الحسّ لها

(1)

.

وأمّا دعواهم أنّ ثبوت وجود الجنّ بخبر الأنبياء والرسل باطل؛ لأن ثبوت ذلك - بزعمهم- يستدعي الشكّ في معجزاتهم

إلخ

فيقال: كذلك التكذيب بوجودهم - أي: الجنّ - باطل؛ لأنَّ ذلك يستلزم الطعن في نبوة الأنبياء الذين أخبروا بوجودهم

(2)

. هذا من جهة.

ومن جهة أخرى فإن جنس معجزات الأنبياء خارجةٌ عن قُدَر الجنّ والإنس جميعًا، فلا يقع الالتباس بين ما يقع للأنبياء من آيات، وبين ما تستطيعه الجنّ.

وأمّا الجواب عن الاعتراض الرابع: إذا كان الجنُّ موجودين

إلخ.

فيقال: النظر في هذه الدعوى من جهتين:

الجهة الأولى: أن يقال: لا تلازُم بين وجود الجن، وثبوت جهادهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أَو أَصحابه رضي الله عنهم، أَو مع المؤمنين. والرَّابط

(1)

انظر:"الفصل"لابن حزم (5/ 112) .

(2)

انظر: "عالَم الجنّ"(ص 115) .

ص: 721

بينهما بيِّنُ الفساد؛ إذ من الممكن أن يكونوا غير مخاطَبين بالجهاد مع مؤمني الإنس، وقد يكون خطابهم مختصٌّ بقتال مَن كان من جنسهم من الكفّار. وقد ثبت ما يؤيّد ذلك؛ فقد روى أبو نضرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: (أَنَّ رجلًا من الأَنصار خَرَجَ يُصلِّي مع قومه العشاء، فَسَبَتْهُ الجنّ، فَفُقِد، فانطلقَتْ امرأتُه إلى عمر بن الخطّاب رضي الله عنه فقصّت عليه القصّة، فسأل عنه عمر قومَه، فقالوا: نعم، خرج يصلّي ففُقِد. فأمرها أن تتربّص أربع سنين، فلمّا مضت الأربع سنين أتته فأخبرتْه، فسأل قومها، فقالوا: نعم. فأمرها أن تتزوج، فتزوّجت، فجاء زوجُها يخاصم في ذلك إلى عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يغيب أحدكم الزمان الطويل، لا يعلم أهله حياته. فقال له: إنّ لي عذرًا يا أمير المؤمنين، فقال: وما عندك؟ قال خرجتُ أصلّي العشاء، فسَبَتْني الجنّ، فلبثت فيهم زمانًا طويلًا، فغزاهم جنٌّ مؤمنون - أو قال: مسلمون- فقاتلوهم، فظهروا عليهم، فسبوا منهم سبايا، فسبوني فيما سَبَوا منهم، فقالوا: نراك رجلًا مسلما، ولا يحلّ لنا أن نسبيَك. فخيّروني بين المقام، وبين القفول إلى أهلي، فاخترت القفول إلى أهلي

)

(1)

.

فهذا الأثر إذا تأمّلته فإنّه يقوّي ما سلف ذِكْرُه من كون الجن مخاطَبين بجنس الجهاد؛ سواءً كان جهاد مشركي الجنّ - والأثر السابق يقوّي ذلك - أو جهاد مشركي الإنس، وقد استُدل لذلك بما جرى لعمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ حين وجّه جيشًا ورأس عليه سارية بن زنيم لفتح بلاد فارس

وفيه: (فبينما عمر يخطب، فجعل ينادي: يا سارية الجبل. قال عمر: فإنّ لله جندًا تبلّغهم صوتي. فجاء البشير بالفتح، وشاع الخبر في الناس، فسألهم عمر: من أين لكم هذا؟ فقالوا: رأينا

(1)

أخرجه البيهقي في "السنن"(7/ 445 - 446) وصحّحه الألباني في "إرواء الغليل"(6/ 151) .

ص: 722

راكبًا أخبر بذلك. فقال: هذا أبو الهيثم من الجن؛ بريد المؤمنين، وسيأتي بريد الإنس، فأتاهم بريد الإنس بعد أيَّام)

(1)

.

فخبر أبي الهيثم - إنْ صحّ - فإنّه يدلّ على مشاركة مؤمني الجن في الجهاد. لذا قال ابن تيمية معقّبًا على هذا الخبر: (فهؤلاء الجن كانوا مؤمنين مجاهدين في سبيل الله)

(2)

وقال في موطن آخر: (والدلائل الدالّة على هذا الأصل - أي: تكليف الجنّ -، وما في الحديث، والآثار من كون الجنِّ يحجُّون، ويصلُّون، ويجاهدون، وأنهم يعاقَبون على الذَّنْبِ = كثيرة جدًّا)

(3)

.

ولو قدّر انتفاء حصول الجهاد منهم؛ فإن ذلك لا يلزم منه انتفاء وجودهم؛ لانفكاك ما بين المسألتين.

الجهة الثانية في النظر في هذه الدعوى: أَنَّ الأدلَّةَ لا تنهض على إثبات جهاد الجنّ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو مع المؤمنين عمومًا؛ لكنها أيضًا لا تنفي ذلك. فعدم العلم بها ليس علمًا بالعدم، فليس مع الجاحد إلاّ النفي، والنّفي المجرّد خبرٌ عن جهْل الإنسان بالدَّلائل، والواجب فيما لم ينتصب للناظر في قضية دليل نفي أو إثبات =أن يُسرِّحها إلى بُقْعةِ

(1)

أصل الخبر مروي من طرق أخرجها أبو نعيم في "دلائل النبوة"(ص 526) وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(20/ 25) وغيرهما. وقد قال عنها الإمام ابن كثير في "البداية والنهاية"(10/ 176): (فهذه طرق يشدُّ بعضُها بعضًا) . وتعقّبه العلاّمة الألباني بقوله: (وفي هذا نظرٌ؛ فإن أكثر الطرق المشار إليها مدارها على سيف بن عمر، والواقدي. وهما كذّابان. ومدار إحداها على مالك عن نافع به نحوه. قال ابن كثير: ((وفي صحّته من حديث مالك نَظَر))

فتبيَّن ممَّا تقدَّم أَنَّه لايصِحُّ شيءٌ مِن هذه الطُرُقِ إلَّا من طريق ابن عجلان) ((السلسلة الصحيحة)) (3/ 101 - 102) . وأما خبر أبي الهيثم فقد أورده الحافظ ابن حجر في ((الإصابة)) (7/ 451)،وابن تيمية في ((قاعدة عظيمة)) (ص 154 - 155) ولم أقف على إسنادٍ له.

(2)

((قاعدة عظيمة)) لابن تيميَّة (ص 155) .

(3)

"مجموع الفتاوى"لابن تيميَّة (4/ 233 - 237) .

ص: 723

الإمكان إلى أن يتحصَّل له فيه مرجِّح أو مُوجِب، هذا على تقدير انتفاء دليل الإثبات، وإلَاّ فالضَّرورةُ العقليَّةُ تُحتِّم لزوم اليقين بوجودهم؛ لتضافُر الدلائل على ذلك. وترْكُ اليقين الثابت لطروء الشكّ خروجٌ عن سبيل العقلاء.

وبعد بيان ما في تلك المعارضات من وَهَن يبْتَعِد بها عن مُزاحَمة البراهين الشرعية يُشرع في بيان بطلان مَنْ تأوّل الجنّ تأويلًا ليس له حظٌّ من النَّظَر؛ فإِنَّ التأويلَ - كما تقدّم مرارًا - فرعٌ عن الاستحالة في بعض المقامات؛ ولا استحالة في حمل تلك الأدلّة على ما دلَّت عليه.

وما ذهب إليه "محمد عبده" بأنّ الشياطين هي أرْواحٌ تتّصل بأرواح الناس = من زعماته الكبار التي لا يشهد لها دليلٌ؛ بل إن الأخذ بما ذهب إليه أبعد في النقل والعقل. وبيان ذلك؛ أن يقال: إنّ علّة نَفْيه أن يكون للجنّ تمثُّلٌ جسمانيٌّ؛ هو: أنّ الحِسّ يقضي بامتناع ذلك = فلأنْ يكون امتناع أن يكون للجنّ أرواحٌ أَوْلى؛ لعدم تصديق النقل والحسّ لذلك.

وما لم يشهد له النقل والحسّ أَولى بالإبطال مما لم يشهد له الحسّ فقط. وبيان أن الحِسّ لا يشهدُ لهذا التأويل ظاهر، لا يفتقر إلى بيان. وأمّا عدم دلالة النقل على هذا القول؛ فبيانه: أن تلك الدلائل النقلية نعتت الشياطين والجنّ بنعوتٍ يقضي الناظر فيها أن هذه النعوت لا تصلح أن تضاف إلى مجرّد أرواحٍ. فكيف يحمل سماع الأذان الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم: (إنّه لا يسمع مدى صوت المؤذّن جِنٌّ ولا إنسٌ إلاّ شهد له يوم القيامة)

(1)

على أنّه سماعٌ صادرٌ من أرواح؟ فهل من طبيعة الأرواح السماع؟!!.

(1)

تقدّم تخريجه.

ص: 724

وكيف يحمل ما وجده المصطفى صلى الله عليه وسلم من أَثَرِ لُعاب ذلك الجنِّي الذي اعترضه في صلاته = على أنّه لُعابٌ صادرٌ من تلك الأرواح؟!

وما تقدم ينبئك أن أرباب هذه المدرسة يخالفون النصوص؛ بدعوى مخالفتها للعقل، ثم تراهم يقعون في معاطِبَ أشنع في العقول ممّا زعموا الفرار منه.

وحاصل موقف الدكتور "محمد البهي" من الجنّ مضطربٌ، وهذا الاضطراب ناشئ عن مخالفة الضرورة الشرعية؛ فإنّ كلّ من خالفها فلا بدّ أن يقع له شيءٌ من هذا الاضطراب. فحمْله للجن في بعض الموارد على فريق خيِّرٍ من الإنس غريبٍ، وغير معهودٍ = مخالف للحقيقة الشرعية اللغوية العرفية. فإنّ هذا الاستعمال من كِيسِه، لا يُعرف له شاهد في جميع الحقائق الثلاث. فالاستعمال الشرعي لهذا اللفظ يُطلق ويراد به ما هو قسيمٌ للإنس والملائكة. ولم يجْرِ إطلاقه في عامّة ما ورد - بحسب النظر القاصر - على الإنس، ولا على الملائكة؛ إلَّا في موطن واحدٍ في القرآن، قد أشار إليه بعض أهل التفسير، في قوله تعالى:{وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا} الصافات: 158 فقد حمله بعضهم الجِنّة في هذا الموضع =على " الملائكة"

(1)

. فإنَّ صحَّ هذا الحمل، فيبقى أَنَّ الغالب في إطلاق اسم "الجن" على الخَلْق المعروف، ومن المتقرر في الأصول أن الشارع يطلق ألفاظه على عُرْفِه؛ وهو العرف الشرعي، لا على العرف الخاص للمخاطَب. والتقييد بالخاص هنا؛ لأَنَّ هذا العُرفَ تفرّد به - فيما أعلم - "البهيّ" عمّا هو معروف لدى عامَّة الناطقين بالعربية. فأنت ترى الإمام الجوهري رحمه الله حين أراد بيان حقيقة الجنّ العُرفية، قال: (الجنّ: خلافُ الإنس،

(1)

انظر: " جامع البيان " الإمام ابن جرير الطبري (12/ 108) .

ص: 725

الواحد جِنِّي. سُمّيت بذلك؛ لأنّها تَخفى، ولا تُرى)

(1)

. ووهم مخالفته للحقيقة اللغوية: أنّ مادة "جَنَنَ" تدور على ما استتر عن الأبصار. والغَرابة، وحصول الشيء غير المعهود أمران لا تتناولهما هذه المادة. فما علاقة الشيء الغريب وغير المعهود = وهذه المادة؟!

ومحصَّل القول أن الاسترسال في بيان بطلان هذا القول خروجٌ عن حدّ الاعتدال إلى التكلُّف؛ لظهور فساده. ففساده يُغني عن إفساده. وأمّا ذَهابه في بعض المواطن إلى حمْل ما ورد في الشرع من ذِكر الجن على "عالَم غير المرئي" فهو كسابقه. وبطلانه من الوجوه التالية:

1 -

أنه قول لا سلف له فيه، وهو يفتقر إلى دليل يعضده. ولا دليل.

2 -

أنه قصر لفظ "الإنس" على العالَم المرئي، ولفظَ الجن على "العالَم غير المرئي" ومن المعلوم في بدائه الحس أن العالَم المرئي غير مقصور على الإنس؛ بل يعجّ بأصناف المخلوقات. وكذا العالَم غير المرئي، غير مقصور على الجنّ.

(1)

"لسان العرب"(1/ 473) .

ص: 726